رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ
من أجل قيامة النص القرءاني في زمن العلم
(وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (لأعراف:143)
ارني ... انظر ... اليك ... حيث طلب موسى الجمع بين فعلين يفصلهما ويبينهما الخطاب القرءاني بموجب خامته المركزية (لسان عربي مبين) وفيه فارقة تفرق بين فاعلية الرؤيا وفاعلية النظر حيث تم الاخبار المقدس لحملة القرءان ان رؤيا الله لا تؤتى بشكل مباشر (ولكن) يمكن (النظر) الى مخلوقاته (جبل) فان استقر ستقوم الرؤيا (فان استقر مكانه فسوف تراني) ... !!! لا يمكن ان تكون تلك المعالجة (سردية) في وظيفتها المطلقة ذلك لانها تفقد حكمة الطلب وتفقد حكمة معالجة الطلب الا ان النص الشريف يدفع عقل الباحث الى استحلاب مركزا من مراكز علوم العقل ... ونرى
رأى ... لفظ عربي يفيد الرؤيا في مقاصدنا فنقول (رأيت الناس يتبضعون في السوق) و (حين رأى خالد صديقه سلم عليه) ويقول احدهم (رأيت رأيا يهم الناس) والرأي لا يرى بالعين الا ان الناس حين يتبضعون يراهم الراصد بعينه وخالد رأى صديقه بعينه الا ان (الرأي) لا يرى بالعين فهو (عقلاني) وليس (مادي)
نظر ... لفظ عربي يفيد الادراك المادي فالناس ينظرون الأشياء (فيرونها) ولبعض الناس (وجهة نظر فيما يرون) حيث تدفعنا فطرة العقل العربي الى فارقة تفرق الرؤيا عن النظر فيكون النظر (ماديا) والرؤيا (عقلانية) فيكون (التبضع) نتيجة عقلية (بناء نتيجة في العقل) ساهم (النظر) في بناء ذلك النتاج فالراصد (شاهد) الناس (نظر اليهم) في السوق وعرف (عرفان عقلي) انهم يتبضعون فجائت الرؤيا عقلا لفعل التبضع فجاء السرد (رأيت الناس يتبضعون في السوق) وحين رأى خالد صديقه فذلك بناء عقلي من (نظر) مادي للصديق الا ان الصداقة هي صفة عقلانية مستقرة وهي التي احتواها فعل الرؤيا في العقل فكان أن (رأى خالد صديقه) ... من تلك الرجرجة العقلية في حياض النص الشريف وفطرة اللسان العربي في العقل يتضح ان :
الرؤيا ... هي وسيلة عقلية يساهم فيها النظر او لا يساهم ففـي (الرأي) لا يحتاج العقل الى (نظر) مادي في قيامه
النظر ... هو وسيلة مدرك مادي يتم بناؤه في العقل ومنه (النظرية) او (وجهة نظر)
لفظ (رأى) في علم الحرف القرءاني هو (فاعلية وسيلة تكوينية)
لفظ (نظر) في علم الحرف القرءاني هو (وسيلة تبادلية تناقلية الصفة خارج الحيازة) فالشيء عندما يختفي ولا يظهر حيزه فهو لا يكون منظورا وان ظهر نصف حيزه فيكون النظر للخارج من الحيازة ولا يشمل النظر للشيء المخفي بل يستدل عليه استدلالا ..
تلك الفاعليات (رؤيا ونظر) يقوم بها وعاء المساس العقلي (موسى) حيث يتم تجريد شخوص المثل القرءاني من الصفة السردية للحدث من اجل قراءة المادة العلمية في النص وهي تخص علوم العقل وخالقها
وعاء المساس العقلي (موسى) يستخدم وسيلته التكوينية في العقل لـ (يرى) ربه وهو القابض لوسيلته وهو الذي صنع موسى لنفسه
(واصطنعتك لنفسي ـ طه 41)
سر العقل في موسى
فتكون عملية (تكليم موسى) هي في ربط مرابط المقاصد فيه حيث فاعلية الكلام في مدركات فطرية هو (ربط مقاصد) والقول في تكوينته هو نقل المقاصد وربطها من عقل القائل الى عقل السامع فيترادف (الكلام والقول) في فاعلية عقلانية هي من حيثيات علوم العقل وتكوينته ومنها قال وعاء المساس العقلي (موسى) الذي كان في ميقات يخلو فيه العقل (وعاء المساس العقلي) ليتسائل عن صانعه (ربه) وهو القابض لوسيلته ومن تلك التساؤلات محاولة رؤية الله والنظر اليه لان (رب موسى) هو الله سبحانه ..
الله سبحانه يبرمج تلك الصفة المتسائلة في العقل فطريا عن (الرب) وهو (رب موسى) وهو (رب وعاء المساس العقلي) أي تكوينته وحقيقة العقل ومشغله وحيثيات خلقه وهي من مجاهيل المعرفة الانسانية في كافة مراحل تطور الانسان حضاريا بما فيه زمن التقنيات المعاصر والتي لم يستطع العقل البشري اختراقها لغاية اليوم الا ان خارطة الخلق (القرءان) تمنح حملة القرءان فرصة اظهار علوم العقل من خلال النص القرءاني الا ان القرءان مهجور في علومه رغم قدسية النصوص بين يدي حملته
رؤيا خالق العقل (رب موسى) لا تتحصل الا من خلال (نظر) الجبل والجبل في علم الحرف القرءاني هو (ناقلية احتواء قابض) وهي حركية تحتوي قابض وهي المادة الكونية عموما ومنها الجبل الذي نعرفه حيث يقوم الجبل في تكوينته من خلال ناقلية ما في باطن الارض (بركان) حيث تم احتواء قبض محتويات المادة المنصهرة في شكل الجبل الذي نعرفه ومثله ذرة أي عنصر فهي من ميزونات تجمعت على شكل نيوترونات وبروتونات والكترونات مقبوضة في (الذرة) فهي كـ (الجبل) في الوصف العميق الذي يرصد تكوينة الذرة وهي تتصف بانها غير مستقرة بل دوارة تدور ولها شحنات (مقبوضة) في حيزها (حاويتها) ... موسى (وعاء المساس العقلي) ينظر الى تلك المادة الكونية غير المستقرة والله سبحانه (الخالق) يتجلى في تلك الحقيقة (من خلقها) ومن جعلها (متفردة) في قبضها لكينونتها (حاوية مستقلة) رغم انها غير مستقرة ..!! ذلك التساؤل قال به العالم المشلول الذي قيل عنه انه خليفة نيوتن وهو (ستيفن هوكنغ) اذ يرى ان ميزونات المادة الكونية الدوارة حول مركز (مقبوضة) في حيز (جبل) فتسائل ما الذي يجعلها غير مشتته (متامسكه) ولماذا تدور باتجاه عقرب الساعة وبما ان (رب عقل ستيفن) لم يتجلى للجبل في تلك التساؤلات لانه لا يبحث عن الخالق بل يبحث عن حقيقة تكوين الذرة فانه ذهب برأيه الى ان هنلك مادة ضديدة تمسك بالمادة التي بين ايدينا وافترض ان تلك المادة (المجهولة) تمتلك ميزونات معاكسة بالشحنة وتدور عكس دوران الميزونات التي نعرفها (مع عقارب الساعة) مما يجعلها (مقبوضة) في حاويتها (جبل) وبما انه اغتر بذلك النتاج فقدم نصيحة على شكل مزحة قال فيها (ان لكل شيء ندركه لا بد ان يكون له ضديد فالمنضدة لها ضديد والاشياء كلها لها ضديد وانا وانت لنا اضداد فان شاهدت ضديدك يوما فلا تصافحه لانكما ستتحولان الى ومضة من نار ...) جاء ذلك في كتيب (موجز تاريخ الزمن) لـ (ستيفن هوكنغ) لان وعاء مساسه العقلي لم يكن في (ميقات) مع ربه ولم يكن ربه كليما له ليربط له مرابط المقاصد ... الا ان وعاء المساس العقلي في دائرة الايمان انما يرى تلك المعالجات لمعرفة حقائق التكوين ليرى الله فيها عندما (يتجلى رب موسى للجبل) فلو ان (ستيفن هوكنغ) دار في دائرة ايمانية لعرف ان ذلك هو الله وليس المادة الضديدة كما ادعى ورغم ذلك فان ذلك الفيزيائي العبقري في الفيزياء احتار في الزمن لانه (ليس جبل) واحتار كيف يرسم للزمن ضديد في عقله فقال ما معناه (ان تلك المعضلات العلمية لا يمكن حلها ما لم نفهم النظم المسيحية ..!!)
موسى (وعاء المساس العقلي) صعق حين تجلى ربه للجبل فالله سبحانه جعل الجبل (دكا) وهو من (دكة) يستعين بها الجالس ودكا هي مستقر عقلي حيث كان الجبل غير المستقر (دكة عقل) لموسى فـ (خر صعقا) ذلك لان حركية المادة (عدم استقرارها) هو دليل (دكا) وجود مشغل يشغلها والا كيف تدور وفي فطرتنا نقول (صعقت حين عرفت الحقيقة) فكان ان (خر موسى صعقا) ولفظ (الخر) هو وسيلة سريان فاعليه وعندما تكون في حيز مادي يكون (خير) وعندما (خر موسى) انما امسك خيرا حين اصبح (أول المؤمنين) وذلك لا يعني ان الاولوية زمنية وما كان قبله مؤمنا ... بل يعني ان تلك النقطة هي أول اولويات الايمان وهي اعمق نقطة يكون فيها للايمان بالرب (رويا ونظر) حيث يجتمع العقل والمادة لرؤية الله (فان استقر مكانه فسوف تراني) حيث حصلت الرؤيا العقلية لله من خلال (نظر) الى حقيقة المادة الكونية وهي اول لبنة من لبنات الخلق (ميزونات تدور) ولا احد يعرف مشغلها وعندما يتجلى الله لها يكون وعاء المساس العقلي صعقا (فلما افاق قال سبحانك تبت اليك) والافاقة في ربط (الرؤيا بالنظر) في المادة الكونية (جبل) وهي الافاقة من صعقة الغفلة التي كان عليها وعاء المساس العقلي (موسى)
نأمل ان لا تؤخذ تلك السطور مأخذ التفسير ذلك لان التفسير هو القول بالرأي في القرءان وهو من مصدر وتر من الله ويحمل مقاصد الله ولا رأي فيه بل تلك سطور تذكيرية تذكر من يمر عليها بما يكتب التوفيق في الذكرى ... الذكرى هي التي تقيم في العقل مرابطه العقلانية تلك فاعلية مرتبطة بادارة الهية مباشرة وبموجب نص شريف
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
نسأل الله ان يكون حظ كل من يمر هنا الذكرى فالذكرى تنفع المؤمنين
الحاج عبود الخالدي
تعليق