(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
قيل المجادلة: هي المناظرة و مقابلة الحجة بالحجة، وكشف الشبه لدى من تجادله بالأدلة المقنعة والبراهين الواضحة ....
حسب هذا التعريف للمجادلة من كلام العرف, فان كل اطياف المذاهب الاسلامية انما تمارس الجدل للوصول الى الحق وهذا جدال محمود في نظرهم فكل طائفة تدعي انها تمارس الجدال وتأول القرءان لاظهار الحق !!!!
لكن نرى ان الله تعالى ذم المجادلة في كتابه العزيز في مواطن متعددة ومنها قوله تعالى:
{ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا } (سورة الكهف 56)
وقال الله تعالى:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } (سورة الحج 3 - 4)
وقال:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ } (سورة الحج 8)
{ مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ } (سورة غافر 4)
{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } (سورة غافر 5)
وفي المقابل نرى أن للتدبر والبحث والنقاش فى آيات الله تعالى منهجا يراد به الوصول للحق, فإن للجدال فى آيات الله طريق للوصول الى الحق
{ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (سورة العنْكبوت 46)
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
ونرى أن الله تعالى يقول أن الذين يجادلون فى آيات الله هم فقط الكافرون
(مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا: غافر 4 )
وأن غرضهم من الجدال هو مصادرة الحق وليس البحث عن الحق
(وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ: غافر 5 ) ، ( وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ: الكهف 56 )، وأنهم يجادلون فى آيات الله تعالى بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ : الحج 8 )ولذلك فلابد من الإعراض عنهم (وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ : الحج 68 ) وأن إطاعهم المؤمنون وانخرطوا معهم فى جدال فقد أصبحوا مثلهم مشركين
(وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُون : الأنعام 121 ) .
– فقد استمر هذا الجدال ليومنا هذا دون الوصول لنتيجة ، بل أسفر عن وصول إلى التوقف وغلق باب الإجتهاد ، ثم تحول الأمر إلى تقليد ثم إلى جمود وتخلف فى العصور التالية وهبط بالمسلمين إلى نقطة الصفر !!!
والصفر الذى إنتهت إليه حالة الاسلام والمسلمين لا تزال نفس الجدل العقيم والخلاف الأبدى حول نفس القضايا . ووصل الخلاف بين المسلمين إلى منطقة ( اللا حل ) في توحيد المسلمين وكل طائفة تعزز اراء علماء المذهب لديها في جدالهم بالتي هي احسن في نظرهم جميعا
ولا توجد أمة فى عصرنا الراهن مثل الامة الاسلامية فى تمتعهم بعشرات الأصفار ، هم صفر فى البحث العلمي وصفر فى التقدم وفى الأنتاج وصفر فى الحضارة وحقوق الأنسان وفى الديمقراطية ، وفى إستخدام البترول، وفى إستخدام نعمة وفرة الموارد البشرية والطبيعية ...
ومع كل هذه الأصفار فهم أكثر الأمم حركة وحيوية فى الجدال بالتي هي احسن في نظرهم .
واختارت الامم الغير مسلمة النظر وأن تسير فى الأرض وتكتشف العالم ، دون أن تعرف أن السير فى الأرض فريضة إسلامية أمر بها القرآن الكريم ، ثم اختارت أوربا المنهج التجريبى فى بحث العلوم الطبيعية – دون أن تعرف أنه المنهج الذى دعا إليه القرآن الكريم
والقرآن الكريم بين يدى المسلمين ولكنهم اتخذوه مهجورا ، لا يلجأون إليه إلا للجدل فى آياته وانتقاء بعضها فى حروبهم الفكرية والسياسية فانتهى بهم الحال والجدال الى القاع .
وهم حتى فى ذلك القاع لا يزالون يجادلون فى آيات الله جل وعلا لاظهار الحق ودحض الباطل.
.فهل عرف المسلمين والعرب ومن يتكلمون العربية معنى كلمة الجدال والمجادلة ؟؟؟؟؟؟ وما هو الجدال الحميد وجدال المذموم ؟؟؟
والسلام عليكم
تعليق