صفة الهلاك في القرءان
من أجل بيان نظم الله العقابيه
من أجل بيان نظم الله العقابيه
جاء لفظ الهلاك في القرءان ولكل تخريجاته نحو 80 مره وقد استقر في مقاصدنا انه (الموت او الدمار)
{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ } (سورة النساء من الايه 176)
{ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ } (سورة الأَنْفال من الايه 42)
ويتضح بشكل كبير ان صفة الهلاك تعني الموت في امرؤ هلك وفي ليهلك من هلك عن بينه ويحي من حيي واذا عرفنا القصد الشريف للفظ (هلك) لعرفنا الصفة التكوينيه لـ الهلاك فهو قد يكون (الموت) او الدمار الشامل او ان يكون غير ذلك وهو الاصعب في الصفه
{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } (سورة الإسراء 16)
في النص الشريف يتضح ان (هلاك القريه) هو مسرب لـ (دمار القريه) فهو لا يعني (الموت) كما في النصوص السابقه وغيرها بل يعني صفة غير الموت او قبل الموت فعندما يتم أمر (مترفيها) ليفسقوا فيها فيكون مترفيها احياء ليفسقوا فيها فهم احياء الا ان صفة الهلاك تكون صحبة المترفين فلو كان مترفيها صالحين فلا يمكن ان يفسقوا بل هم مشمولين بعقاب الهلاك المؤدي الى الدمار ومن ذلك يتضح ان لفظ (هلك) المتكرر في القرءان بنسبه مميزه يحتاج الى تدبر وتبصره ذلك لان الهلاك يحمل صفه غير حميده وعلى طالب الامان ان يتجنب تلك الصفة ويعتزل اسبابها ليحصل على سبل النجاة من الدمار
لفظ (هلك) في علم الحرف القرءاني يعني (ماسكه دائمة النقل) وبمثل ذلك الوصف فان (هلك) تعني عدم استمرار كل ماسكه في مجتمع القرية ونسميه في معارفنا اضطراب كل شيء او ارتباك كل شيء وبذلك ينحسر النمو والتنامي ويفقد المجتمع استقراره فيكون (الدمار)
هلك .. بقصد (الموت) تعني (ماسكه دائمه منقوله) وهو نقل نفي الديمومه وهي الروح التي تديم الحياة فيقال (فارق الحياة) اي ماسكة الحياة نفيت عنه ويقال (انتقل الى جوار ربه) .
من ذلك يتضح ان هلاك القرية وتدميرها يؤتى من خلال امر الهي يحرك (المترفين) ليفسقوا فيها وهذا حاصل في كثير من المجتمعات البشريه وعلينا ان نرصد مترفيها وهم (اسياد القريه) سواء كانوا ضمن حكام مدينه او اقليم او دوله حديثه او كانوا طبقة التجار والصناعيين او كانوا ذوي الثراء او ذو الجاه الواسع فهم المأمرون امرا تكوينيا دستوريا بموجب نظم الخلق الالهي ليفسقوا في تلك القرية
المترفون حين يفسقون لتهلك القرية فذلك لا يعني نجاتهم من الهلاك بل هم مشمولين بالهلاك ايضا لان العدل الالهي في امرهم بالفسق هو نتيجة استحقاق لذلك المنصب غير الحميد بسبب افعالهم وحبهم وشهوتهم لـ الفسق فكانوا مؤهلين للفسق لانهم خارج رضوان الله في ترفهم سواء كان ترف معيشي او ترف تنفيذي (ترف المقدره)
ترف .. لفظ في علم الحرف القرءاني يعني (فاعليه تستبدل محتوى الوسيله) مثلها مثل (الاحتكار) فالناشط في امر واسع يخص المجتمع عليه ان يسعى لمجتمعه رفاها لسداد حاجاتهم الا ان (المحتكر) انما يسعى ليتسلط على (حاجات الناس) فيكون قد استبدل فاعلية محتوى وسيلته في سداد حاجات الناس بايسر السبل بديل غير حميد ومثله من يمتلك مالا استنفذ ربحه من قريته الا انه ينقل ذلك المال لقرية اخرى فيحرم قريته من خير نشأ منها في غناه ومثلهم من يجمع مالا كثيرا فيستثمره في اسواق البورصة والاسهم والسندات وكان عليه ان يزيد من حجم مشاريعه في قريته ليستفيد اهل القرية الذين كانوا سببا في كثرة ماله والامثله على صفة (المترف) كثيرة جدا ولا تسعها سطور فمن يغش في سلعته سواء كان تاجرا او صانعا لها انما يستبدل فاعلية محتوى وسيلته في التجارة او الصنع او الحرفة ... الا ان مقاصدنا لـ المترفين انحسرت في ذوي المال والنفوذ متصورين ان المترفين هم الذين يعيشون في وسعة واسعة من العيش الهانيء
فسق المترفين الموصوفوين في السطور اعلاه والتي اعتمدت على جذر مقاصد الله الشريفة (حرف القرءان) والفاظه نراها كحالة ظاهرة في مجتمعنا المعاصر بما يختلف عن الانظمة القروية البسيطة والمتواضعة فـي الزمن السابق فـ المترفين اليوم اكثر عدة واشد فسقا من مترفي زمن ما قبل التحضر والسبب ان (محتوى) الوسيلة تزايد بشكل مفرط مما تسبب في وسعة صفة المترفين وتزايدت مراكزهم في الحياة العصرية .. هلاك القرى قائم في زمننا بشكل كبير فلا قرية مستقرة يشهد لها العقل بالاستقرار فتلك الدول المتحضرة وما فيها من ارهاب وقتل مجتمعي وظلم مجتمعي ما يندى له جبين انسانية الانسان ويمكن ان نرصد تلك الصفة غير الحميدة من الهلاك في حجم الاسلحة الفتاكة التي تنتجها الدول الموصوفة بـ (المترفة) مع حجم الفتن الاقليميه والدولية والمجتمعية فنحن نعيش في دنيا غير أمينه باتجاهات لا حصر لها من صفات الامان فان وجدنا مثل أمان المجتمع الامريكي او الاوربي او غيرها من المجتمعات الا ان الامان الراقي والمنشود مفقود في تلك المجتمعات فمن ينجب اولادا فهم ليسوا اولاده بل هم اولاد الوطن وان عاش احدهم يوما من عمره فان اليوم التالي لن يكون صالحا حيث تحول الانسان الى (عتلة بايولوجية) تديرها ماكنة متحضرة في كل مفصل من مفاصل الحياة ويبقى البدوي في منطقة نائية ينعم بمختلف انواع الامان التي لا حصر رغم انه متواضع المسكن والمأكل والمشرب والملبس الا انه ليس في قريه موعوده بالهلاك والتدمير !!
{ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ } (سورة الحجر 4)
الحاج عبود الخالدي
تعليق