دخول

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بين الارادة والمشيئة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بين الارادة والمشيئة

    الارادة والمشيئة : هل يوجد بينهما تضاد ام تناقض ام ترادف ام تقاطع ؟؟؟؟
    وجه الي احد تلاميذي بالبريد الرقمي هذا البحث ، نقله من مكان ما في الشبكة العنكبوتية ، ويطلب رأينا فيه ؟
    أحببت اشراككم في الموضوع لنصل معا باذن الله الى توافق حواري بنـّـــــــــــــاء في الفقه واللغة او فقه اللغة ، والله الموفق وهو الهادي الى سواء السبيل . واليكم البحث المنقول /:

    الحقيقة أن الإرادة إن كانت صادقة، كان تطبيق الإنسان على تنفيذ الأشياء وتطبيق المشيئة وتنفيذها والتضحية بالأشياء الغالية على النفس التي تعترض غاية إرادته والوصول إلى تحقيقها.

    أما إن كانت مجرد أمنية، فإن الإنسان متى جوبه بشيء غالٍ على نفسه ليضحي به من أجل نوالها، فإنه يتراجع عن إرادته ويتنازل عنها، فهي ليست إرادة صادقة، بل من الأماني والله يقول: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} سورة النساء (123).

    وبالعامي: (كلمة ياريت عمرها ما كانت تعمر بيت).

    وهناك أمثال أجنبية تقول: (لو كانت الأماني خيولاً لامتطاها الشحاذون).

    أما المشيئة: مشتقة من كلمة الشيء والمشيئة معيار الإرادة ومقياس صدقها أو عدمه فإن لم يشأ التضحية فمعناه أن الإرادة خالية من الصدق وهذه الإرادة لن تتحقق (إن السفينة لا تمشي على اليبس) وإن كانت الإرادة صادقة سعى لها سعيها وضحى بكل غالي وثمين لتحقيق الإرادة. فكيف تتم الإرادة بدون مستلزماتها؟

    فالله منذ الأزل أراد الخير والسعادة والجنات لكافة المخلوقات دون استثناء ولكنه لم يجبرهم على الخير إجباراً بل منحهم الخير اختياراً وترك الأمر لإرادتهم ولمشيئتهم .

    وما من إنسان إلا ويريد الخير لنفسه وجر المنفعة لصالحه وجلب كل ما هو مستحسن بنظره، حتى إن الكثير من الناس يريدون أن يصبحوا من الصالحين ليكسبوا الجنات .

    فالإرادة: مجرد طلب أمر ما وهذا لا يغني صاحبه شيئاً ولتحقيق الطلب هناك عدة أشياء يجب أن يقوم بها ومستلزماتها عليه تأمينها فإن سعى وجدَّ واجتهد وضحى بكل غالٍ وثمين في سبيل نيل مراده فهذه المشيئة نقول عن صاحبها أنه شاء.

    فالمشيئة: مبنية على عدة أشياء عليه أن يأتي بها تدل على عزمه الصحيح وصدقه للوصول لما يريده .

    فالمشيئة تكشف الإرادة إن كانت صادقة فالعمل والسعي والتضحيات جميع ذلك يكشف الإرادة الصادقة .

    أما إن كانت إرادة غير صادقة مجرد أمنية حلوة ترى صاحبها يتقاعس عن بذل أي جهد ويتمسك بالأشياء التي تمثل مشتهيات النفس من مال، أو سيارات... الخ. ولا يضحي بشيء في سبيلها.

    أما من كانت إرادته قوية وصادقة يضحي بكل غالي وثمين على قلبه حتى ولو تعرض في سبيل نيل مراده إلى الموت والتضحية بحياته فتراه غير مبالٍ ولا مكترث إلا للشيء الذي أراده وهو كذلك دائم التفكير بمراده، يدبر، يرسم الخطط ويحاول ويحاول ولا يفتر عن الإلحاح ليحصل على ما يريد ويبذل ما بوسعه من جهد وعمل دؤوب هنا نقول عنه أنه قد شاء.

    فالمشيئة: هي الصدق والتصميم والسعي والاجتهاد لتنفيذ الإرادة إن كانت الإرادة صادقة.

    والأمر ينطبق لمن طلب الدنيا وطلب الآخرة، قال تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً{18} وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ..}: فهل تكفي الإرادة المجردة للحصول على جنات الآخرة؟ !.

    كلا لا تكفي فأتمّ الله قوله: {..وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ..}: ضحى، بذل اجتهد، وجدَّ، وجاهد، وكان سعيه مبني على إيمان حقيقي بالله، وإيمان بلا عمل سحاب بلا مطر، فتكون الإرادة غير صادقة تماماً، فلابدّ من العمل.

    {..فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً{19} كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً} سورة الإسراء.
    التعديل الأخير تم بواسطة ; الساعة 11-19-2010, 11:42 PM.

  • #2
    د. محمد فتحي الحريري

    جميل ماأوردت أخي الكريم...وتبقى التضحية من أجل الهدف تتناسب طرديا مع حجم الهدف...فماذا لو كان الهدف رضا الله وسعادة البشرية في الدنيا وثواب من رب كريم في جنة عرضها كعرض السماوات والأرض مخلدا فيها...

    شكرا لك

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      اثارة مباركة في بيان مبين باذن الله

      اي راصدة لوصفين تنطلق الفوارق في اكثر من اتجاه حسب بؤرة الرصد فيكون الفكر (مثلا) منطلقا في موضوعية الصفتان او في نفاذهما او في ضرورتهما وهكذا يمكن الحصول على الفارقات حسب نوعية الناظور المسلط على الصفات المطروحة للبيان

      المشيئة في صدق ما جاء به تحليل فضيلة الدكتور الحريري الكريم فهي من لفظ (شيء) والشيء هو مفردة في التكوين فلن تكون الاشياء خارج التكوين المخلوق ابدا ويدعم تلك الراشدة نص كريم


      (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (الأنعام:102)

      (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82)


      النص يؤكد ان كل شيء هو (مخلوق) وما بعد الخلق فهو (عدم) وهو يعني (لا شيء) والنص الشريف يؤكد ان الارادة قبل الشيء (اذا اراد ... شيئا) فتكون الارادة مستحكمة قبل قيام المشيئة (المشيئة بنت الارادة) ووليدتها فان قامت المشيئة قبل الارادة فذلك لا يتوافق مع دستورية التذكير القرءاني في النص الشريف اعلاه



      عناصر الارادة هي ادوات عقلية فعالة في العقل وكل نشاط مادي لا بد ان يسبقه نشاط عقلي حتى في شربة ماء


      عناصر المشيئة هي ادوات تنفيذية يجب ان تكون ممكنة الحيازة



      فمن (شاء) اتخذ الى ربه سبيلا ... ادوات نفاذ (سبيل الله) قائمة (مخلوقة) تنقصها (ارادة) الساعي اليها (شاء) فمشيئة العبد في ولوج سبيل الله يجب ان تسبقها الفاعلية العقلانية (ارادة) .. ونتيجة المخاض الفكري تكون ان



      (المشيئة) هي وليدة (الارادة)



      عسى ان تكون اثارتنا المتواضعة نافعة في ميدانها الفكري



      سلام عليكم


      قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

      قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

      تعليق


      • #4
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


        في[شرح العقيدة الواسطية ص49]

        قال الإمام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية سابقاً رحمه الله تعالى :

        (... الإرادة إرادتان : كونية قدرية ، وشرعية دينية . وأما المشيئة فلم ترد في النصوص إلا كونية قدرية فلا تنقسم )

        في [قطف الجنى الداني ص101]

        قال الشيخ العلامة عبد المحسن العباد : (والفرق بين المشيئة والإرادة : أن المشيئة لم تأت في الكتاب والسنة إلاّ لمعنى كوني قدري ، وأما الإرادة فإنها تأتي لمعنى كوني ومعنى ديني شرعي ...)

        وفي [دعوة التوحيد وسهام المغرضين ص45 _ أصلها محاضرة_ ]

        قال الشيخ العلامة صالح الفوزان عندما سُئل السؤال التالي : ما الفرق بين المشيئة والإرادة ؟ فأجاب حفظه الله تعالى بقوله : ( الإرادة أعم من المشيئة ، لأن الإرادة تنقسم إلى قسمين : إرادة كونية ، وإرادة دينية شرعية . أما المشيئة فلا تكون إلا كونية ولا يوجد مشيئة شرعية )

        وفي [تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي ص153]

        قال الشيخ عبدالرزاق العباد : ( في قول المصنف : { والمشيئة والإرادة } إشارة إلى أنه ثمة فرق بين الأمرين ، فالمشيئة دائماً وأبداً كونية ، والإرادة منقسمة إلى كونية قدرية ، وشرعية دينية )


        من أمثلة مجيء الإرادة بالمعنى الكوني القدري :

        قوله تعالى : { فعال لما يريد }

        وقوله تعالى : { وإذا أردنا أن نُهلك قرية }

        وقوله تعالى : { إن كان الله يريد أن يغويكم } .


        ومن أمثلة مجيء الإرادة بالمعنى الشرعي الديني :

        قوله تعالى : { والله يريد أن يتوب عليكم }

        وقوله تعالى : { يريد الله بكم اليسر }


        أما المشيئة فلا تأتي في النصوص بمعنى الإرادة الشرعية، بل لا تأتي إلا بمعنى الإرادة الكونية القدرية ، ومن أمثلة ذلك :

        قوله تعالى : { لمن شاء منكم أن يستقم * وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين }

        وقوله تعالى : { من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم } .


        تحياتي

        تعليق


        • #5
          بارك الله بالاقلام الصادقة المخلصة التي أثرت النقاش والحوار الفكري

          وهو اهم هدف لنا في هذا المنتدى العتيد

          نثير الفكر ونعصف الاذهان للوصول الى الحق ان شاء الله تعالى

          شكرا للاخ الاستاذ الفاضل النزال

          والحاج المكرم الباحث الجليل الخالدي

          والاستاذ الباحث الكريم الاخ السلمان

          والباب لم يوصد - سادتي - ولا زال الحوار مفتوحا

          بارك الله بكم ووفقكم لكل مكرمـــة ...

          تعليق


          • #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            حياك الله اخي فضيلة الدكتور محمد الحريري ولندائك وصلة اعتزاز منا في رغبة دوام الحوار ولن تكون باب مؤصدة ففيه تقام التذكرة وتتفتح بوابات العقل المفطور على (الذكرى) من خالقه

            الحواريون حواريين حتى تتنزل عليهم (مائدة) سماوية تكون عيدا لهم كما كان الحواريون مع عيسى عليه السلام في مثل قرءاني شريف لا يعقله الا العالمون

            حواريون من (حور) ومائدة من ( مد .. مائد .. مائدة) فحين يكون الطعام (ممدود) يكون (مائدة) ولتكن (مائدة) الفاظ لو (تشاءون) فالامر خاضع (لارادتكم) الكريمة لان (المشيئة) وليدة (الارادة)

            ناورت فيها لنقترب الى سبل النجاة من شر يومنا الـ (لعين)

            سلام عليك



            قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

            قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

            تعليق


            • #7
              شكر ومباركة

              الشكر لكم اخي الحاج عبود
              لا يزال الله يزيدنا بكم ثقة
              ماد ، يميد فهو مائد وهي مائدة
              تضطرب الافكار وتميد شرقا وغربا
              مثلما تضطرب الاجسام حين توضع المائدة متجهة نحوها بكامل ارادتها
              ولو شاء أصحاب هذه الاجسام للجموها فاذا هي جامدة
              بعد ان كانت مائدة
              شكري ايها الاخ المفضال وتجلتي ولنا عودة - طبعا - والله يوفقكم أخي ........

              تعليق


              • #8
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                حياك ربي اخي فضيلة الدكتور محمد الحريري وبارك ربي في حواركم الكريم

                اللسان العربي المبين موجود في فطرة العقل الا اننا هجرنا ما فـَطرنا عليه ربنا وسعينا في ما لا يغني عربيتنا بل يزيدها فقرا وهجنة

                انسان اليوم يمتلك مساحة استخدام لفظي لا تتناسب مع مساحة الامس البسيطة والتي لم يكن الانسان فيها بحاجة الى مثل هذا الكم الهائل الذي بحيازتنا الناطقة في يومنا المعاصر ولم يكن (نطق القلم) فعالا في الزمن الماضي فكل الناس اميين بالقلم الا استثناءا لبعضهم فكان اسياد العرب لا يرسلون اولادهم الى تعلم فصاحة العربية الى جامعات علم لغوي بل يرسلونهم الى بطون الصحراء لتتألق الفطرة العربية فيهم فتفصح السنتهم فطرة ..!!

                القرءان سيكون صحراء عقولنا لننهل من فطرة النطق ما فطره الله في عقولنا

                سلام عليكم
                قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

                قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

                تعليق


                • #9
                  نعم مولاي ،،،،،،،،،،،

                  ألم يتربّ الامام الشافعي رحمه الله في بوادي هُــذيــل ؟؟؟؟؟؟؟

                  نتابع واياكم منتوجات الاخوة الكرام الصحراوية

                  والله الهادي .........

                  تعليق


                  • #10
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    جزاكم الله عنا وعن الاسلام كل خير ، كانت مائدة حوارية قيمة تثري الفكر وتغني العقل
                    في مقتبس لفضيلة الحاج عبود الخالدي نقرأ : عن المد ...والمائدة


                    حواريون من (حور) ومائدة من ( مد .. مائد .. مائدة) فحين يكون الطعام (ممدود) يكون (مائدة) ولتكن (مائدة) الفاظ لو (تشاءون) فالامر خاضع (لارادتكم) الكريمة لان (المشيئة) وليدة (الارادة)


                    فاذا كانت (مائدة) من اشتقاق جدر ( مد) ..فكيف نقوم الفرق بين لفظ ( مدائن ) ولفظ ( مائدة ) ..لتخصصهما بنفس لفظ ( مد ) كجدر
                    فهذه ( مائدة ) من مد وتلك أيضا ( مدائن ) من مد ؟
                    الآية : يقول الحق تعالى ( قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ) الاعراف (111)


                    2ـالمد هو بمفهوم ( الامتداد ) اي ضد السكون .. فهو الشيء الممتد
                    مصداقا لقوله تعالى في آية ( الظل) : (
                    أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45)الفرقان

                    كيف يمكننا فهم دلاله هذا الامر على ضوء الاية الكريمة في لفظ ( فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع )
                    مصداقا لقوله تعالى (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ )الحج 15

                    وأيضا في لفظي ( مداد البحر ) ..(
                    قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ) الكهف (109)

                    وشكرا كبيرا لكل متابعة واغناء كل حوار
                    جزاكم الله بكل خير
                    سلام عليكم


                    .................................................
                    سقوط ألآلـِهـَه
                    من أجل بيان الشاهد والمشهود في شهادة ان لا إله الا الله

                    سقوط ألآلـِهـَه

                    تعليق


                    • #11
                      رد: بين الارادة والمشيئة

                      تأملات في إرادة الله وإرادة الإنسان ...
                      بسم الله الرحمن الرحيم

                      في محاضرة ألقاها بألمانيا حول العلاقة بين العقل والإيمان.
                      قال بابا الفاتيكان بنديكت الـ16
                      ( إن العقيدة المسيحية تقوم على المنطق لكن العقيدة الإسلامية تقوم على أساس أن إرادة الله لا تخضع لمحاكمة العقل أو المنطق.)

                      بعيد عن الشجب والتنديد بما قاله البابا .. نريد الوقوف هنا بهدوء ..
                      لتحديد معني شامل ومنطقي للمقصود (( بإرادة الله ))
                      والمقصود (( بإرادة الإنسان )) ..
                      1/وهل إذا أمكن تحديد تام للمقصود بإرادة الله فهل يمكن إخضاعها للعقل؟
                      2/ أم إن إرادة الله يجب أن تكون فوق العقل والمنطق والقانون؟ ..
                      3/ وما هي المساحة المشتركة بين إرادة الله وإرادة الإنسان؟

                      يمكن القول كرد على 1/
                      يجب أن تكون إرادة الله تعالى فوق العقل والمنطق والقانون ..

                      وعلى 2/
                      ان الإرادة الكاملة تستلزم المعرفة المطلقة او الاحاطة الكاملة بالعلم و عقل يستطيع فهم هذا العلم و اتخاذ القرارات بناء على هذا العلم المطلق هذا لايتوافر للبشر
                      فلا يبقى لنا كبشر الا التصرف فى حدود علمنا و عقلنا و قدرتنا المحدودين

                      و اخيرا قال الله سبحانه و تعالى
                      {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}

                      ولكن :
                      المشكلة إنه لا يوجد إتجاه واحد لإرادة الله فيما يخص بالإنسان ...

                      قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)

                      في حين إن إرادة البشر في إتجاه واحد فقط

                      بمعني إنه إذا أراد الله أن تنتهي قصة عاشقين مثلاً بالزواج السعيد و الأبناء الصالحين ...
                      فهنا إلتقت إرادة الله مع إرادة البشر .

                      و لكن إذا كانت إرادة الله في موت شاب صغير في السن ...
                      فلا أعتقد أن تلتقي هنا إرادة الله مع إرادة البشر.
                      أما بالنسبة لأرادة , أو مشيئة الله
                      فقد تعلمنا منذ الصغر بأن الله سبحانه و تعالى مشيئته هى بغير حساب ....

                      و بما انه من المنطقى أنه لا توجد قوة الهية أخرى تحاسب هنا .

                      فبالتأكيد كلمة " حساب " هنا المقصود بها هى التساؤل , أو الفهم الأنسانى ....

                      هذا ما فهمته منذ الصغر... ربما نرى توضيح مختلف.
                      - فى الحوارات "الفلسفية" العلمية الشهيرة بين "إينشتين" و " بور " ،

                      تلك الحوارات البديعة التى أثارها إعتراض أينشتين على نظرية " ميكانيكا الكم " وتفسيرها للعالم " ربما نعود لها لاحقا بالتفصيل" .....ولكن .....

                      كان( أينشتين) معترضا تماما على التفسير العشوائى لحركة الجزيئات الذى أوردته نظرية الكم .....

                      وكان -أينشتين - مصرا على أنه يوجد تفسير علمى منطقى ممنهج ومرتب لهذه الحركة
                      ( كما أورد هو فى نظريته النسبية العامة)
                      لكننا فقط لم نفهمه بعد .....
                      وأضاف أن العشوائية غير واردة فى الكون ....
                      بينما أصر العالم بور
                      ((( تكتب خطأً فى الترجمة العربية بوهر )))
                      على الدفاع عن نظرية الكم :

                      وفى معرض هذه المراسلات والمناقشات ... قال أينشتين لبور:

                      - إن الله لا يلعب النرد!

                      فرد بور على أينشتين :

                      - ولكنك لا تستطيع أن تملى على الله ماذا يفعل!

                      إذا البحث فى (- أو بالأحرى محاولة فهم - ) " عمل الله " هى قضية قديمة - حديثة يتجدد طرحها - على مستويات علمية وفلسفية ومنطقية وفكرية ودينية مختلفة :

                      ويقينا - فإن أول خبر وصلنا عن طرح هذا الموضوع " فهم عمل الله"
                      كان فى سؤال الملائكة " الاستفهامى " لله عز وجل حينماأخبرهم أنه - سبحانه - جاعل فى الأرض خليفة : فتساءلت الملائكة عن حكمة الله فى ذلك
                      وعلمهم أن أى " مستخلف " فى الأرض يسفك الدماء ..... فما الحاجة إليه وهم يسبحون ويقدسون ؟


                      "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً

                      قَالُو اْأَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَتَعْلَمُونَ"
                      البقرة "30"
                      تلك الكلمات القليلة نطقت بها الملائكة تعكس بشكل واقعي كامل الخلفية المعرفية ل ألله تعالي عن الإنسان والذي لم يكن قد خلق من بعد ..
                      ف الله لم يخبر الملائكة عن نيته في إرسال نبي الله موسي أو إبراهيم أو محمد أو عيسي للإنسانية ..
                      ولم يسألهم من قبل عندما أراد خلق العالم وإحداث كامل الخلق ..
                      ولم يسألهم أيضا كم من المياه يجب تنزيلها من السماء للأرض ..
                      وكم يجب أن تكون سرعة الأرض حول الشمس ..
                      ولم يسألهم ماذا يجب أن يذكر في القرآن وماذا لا يجب ذكره .

                      جميع تلك الأمور قررها الله بمشيئته الحرة
                      دون إستشارة أو حتى إخبار الملائكة عن ارادته في تنفيذ تلك الأمور ..
                      فالله لم يخبر الملائكة يوما بأنه سيختار سيدنا محمد ليكون رسولا للعالمين ..
                      ولكنه أبلغهم بعزمه على خلق (( بشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر )) ليكون خليفة له على الأرض .
                      فكان رد الملائكة ..
                      قَالُو اْأَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَتَعْلَمُونَ .
                      والملائكة هي مخلوقات لا تعلم الغيب ..
                      والمفترض أنها لا تعلم ماذا يعني خلق (( بشــــــــــــــــــــر )) ..
                      فعندما أخبرهم الله بأنه سيخلق بشرا من طين ليكون خليفة على الأرض ..
                      كان من المفترض أن يسألوا الله (( وما البشر ؟!ربااه ) فعندئذ يشرح لهم الله ماذا يقصد بالبشر .
                      ولكن رد الملائكة على الله بأن البشر يسفكون الدماء ومفسدون في الأرض يدل على معرفة الملائكة الكاملة ب مالمقصود بمعني كلمة (( بشــــــــــــــــــــــــر )) ..؟

                      ثم تعقيبهم على ما قوله عن البشر من سلبيات بقولهم (( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )) يدل بأن الملائكة والتي أعترضت على خلق البشر وتوالي الخلافة على الأرض وقفت في موقف مضاد لهذا البشر وكأنهم كانوا يريدون هم الخلافة على الأرض لأنفسهم .. حيث وضعوا أنفسهم في مقارنة مع البشر عندما قالوا عن البشر بأنهم سافكين دماء وفاسدون بينما نحن نسبح لك ونقدس .. .


                      وقبل أن نخوض فى هذا الموضوع محاولين الفهم - غير متجاوزين لقدرنا أو لمقامنا المعلوم - مقرين بأن المولى عز وجل " لا يسأل عما يفعل " .....

                      أود أن أشير أنه منذ أمس تردنى - بوسائل مختلفة - تعليقات حول ماقاله البابا الكاثوليكى {جوزيف راتزنجر} .....بعد الترجمه
                      وآراءه ليست جديدة بل هى متكررة ومذاعة ومعروفة منذ أن كان أسقفا للتعليم فى الفاتيكان وربما قبل ذلك ....

                      وقد تراوحت هذه التعليقات من تمحيص موضوعى لكلام البابا إلى صب الغضب على علماء المسلمين وحكامهم
                      المهم أننى هنا لن أنساق وراء مشاعر الغضب ......
                      وأتناول مفهوم " مشيئة الرب "
                      فى المسيحية ...
                      والتى يدعى البابا أنها متوافقة مع العقل والمنطق .....
                      ربما لاحقا فى هذا الموضوع يمكننا فعل ذلك .....
                      وربما أيضا يمكننا تناولها على وجه التخصيص فى " الكاثوليكية "
                      والتى هى باعتراف الكثيريين من أساقفة كنيسته السابقين والحاليين ....
                      " عقيدة شديدة الغموض " تحتاج إلى أن يمس الروح القدس قلبك لتفهمها !!!؟؟؟؟؟

                      إذا ما يعنينى هنا هو محاولة فهم " مشيئة الله " بمقاربة إسلامية .....
                      حتى لا يلتبس الأمر على البعض ويصدق أن كلام البابا- دون الدخول فى النوايا - صحيح !

                      والسؤل هنا .

                      ما الحكمة الإلهية من السيناريوا الإلهي مثلاً
                      بجعل إبراهيم في النار ؟بينما النمرود على كرسي العرش . ؟؟

                      ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد(29)

                      من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد(46)

                      ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد(10)

                      ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد(51)

                      ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد(182)
                      ليس بظلام للعبيد ..
                      فما معني أن تولد مريضا أو
                      صاحب عاهة بدنية مستديمة تعيق حركة حياتك .. أو تولد لأسرة فقيرة لا تجد أمك حتى لبن لإرضاعك ..
                      بينما يولد غيرك معافي سليما لأبوين يتمتعان بكل أسباب الرافهية التي تجعل من حياتك أسهل ما يمكن . مقابل مولود أخر ومن حبله السري رضع كل أسباب الشقاء وإلي ان يموت .

                      فالله ليس ظلاما للعبيد ..
                      وهذا قانون مطلق ..
                      ولا يحابي أحد على أحد ..
                      فجميعنا أمامه مجرد خلق ..
                      فعلى أي أساس خلق مولود جميل معافى لأبوين أثرياء .. بينما على الجانب الأخر خلق مولود أخر مصاب بكل أسباب الشقاء منذ لحظة ميلاده إلي لحظة وفاة؟؟!

                      كيف يمكن تفسير هذا الأمر من خلال قوله
                      أنه ليس ظلاما بالعبيد ؟؟

                      كيف يمكن الوصول للخلفية والحثيات التي بني عليها الله حكمه بشأن المولود الأول والمولود الثاني .
                      ولماذا لم يوفر لكل منهما نفس أسباب ومقومات الحياة حتى يتعاظم معني إسمه (( العدل )) وأنه ليس بظلاما للعبيد .. ؟؟!
                      فالمولودان الصغيران لم يرتكبا ذنبا واحد وهم في بطن أمهم وكلاهما لازال لوح أبيض خالي من أي ذنب .
                      فعلى أي حكم خلق الله هذا المولودان .
                      أحدهما محروم العمر الكله والأخر منعم مستريح العمر كله ؟؟!.

                      فكيف إذا كفر الأول بسبب حرمانه ..
                      بينما عبد الله الثاني حق عبادته لأنه يشعر بوجوده في كل نعمة أغداقها الله عليه بلا سبب .
                      كيف يمكن تفسير هذا الأمر من خلال المشيئة الإلهية التي تعترف صراحا ب{
                      إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا(30)
                      فالله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر .. لأنه خبيرا بصيرا .. لأنه خبير خلق مولود فقيرا محتاجا طيلة حياته .. وخلق مولود أخر منعم وبسط له الرزق طيلة حياته .

                      فما المقصود هنا بقوله (( خبير وأنه لا يظلم العبيد ))؟؟
                      {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)

                      أعدت قراءة الأية الكريمة مرة أخري و لفت نظري كلمة ( بيدك الخير ) ...
                      أليس سياق الأية يجعل من المنطقي ( بالنسبة لعقل الإنسان )
                      أن تختتم الأية بجملة ( بيدك الخير و الشر ؟ ) ....
                      لماذا أنهي الله أية تتحدث عن نزع الملك و ذل من يشاء الله
                      ( و هو شر في المفهوم الإنساني ) بأنه بيده الخير ؟؟

                      هل هذا يشبه - من ناحية المبدأ - عقوبة الأب لإبنه من أجل التقويم ... ؟
                      و التي هي خير و يراها الإبن شراً لقصور إدراكه ؟

                      **

                      فمعايير الخير والشر بالنسبة ل لله تختلف عن معايير الخير والشر بالنسبة للإنسان ذات الفكر المحدود والرؤية القاصرة .
                      فالله يحكم ويقنن الخير والشر لكل فرد وأيضا لكل أمة من خلال علم مسبق بهذا الفرد وهذه الأمة ..
                      علم مسبق هو الذي جعل الله أن يعطي الملك للنمرود بينما ترك إبراهيم ليرمي في النار .
                      الحديث عن إرادة الله و المساحة المشتركة بينها و بين إرادة الإنسان
                      هو حديث يعيد إنتاج المسألة الجدليّة العويصة التى تشغل الإنسان منذ قديم الأزل
                      {حول التسيير و التخيير و تداخلهما بخصوص السلوك الإنسانى.}

                      بالطبع فإن هناك مدرسة الإرادة الحرة التى ترتكز على إعتقاد فلسفي تدعمه في الكثير من الأحيان مدارس فلسفية و دينية متنوعة ,
                      حيث يقول ذلك الإعتقاد الفلسفى
                      { بأن سلوك الإنسان و تصرفاته تنبع من إرادته الحرة بالكامل , إلا أنه ضمن التفسير الديني (الدينى بالمطلق) للقضية ,
                      فإن المدارس الدينية التي تؤمن بهذا المبدأ تقول
                      أن الله لا يفرض خيارات معينة على الإنسان و أن الانسان حرّ و بالتالي مسؤول عن كافة تصرفاته
                      (و بذلك تكون هذه هى علّة تكليفه و محاسبته في يوم القيامة الأخروي)....
                      و بالطبع فإن العقائد الدينية التي تنظر إلى مفهوم الربوبيّة على أن
                      لله قدرة على التحكم بكل شيء
                      تؤمن أن الله قادرعلى منع الإنسان من تنفيذ إرادته و إنشاء ظروف خارجية تعيق حدوث أمور معينة , و لكن مع ذلك فإن حرية الإنسان غير مقيّدة (و هذا خيار الله تعالى.... فالله اختار أن يجعل الإنسان خليفته على الأرض حسب فهمنا كمسلمين ,و هو - أى الإنسان - مكلّف مسؤول عن أفعاله بالحرية التي منحها الله له .


                      العلاقة بين إرادة الله و إرادة الإنسان علاقة متشابكة ,
                      و قد كان باستطاعة الله عزّ وجل بالطبع أن يخلق الإنسان بطبيعة معصومة من الخطأ أو أن يجعله مسيراً بالخلق نحو الخير حتى تكون إرادة الإنسان من إرادة خالقه,
                      و لكن في هذه الحالة ما كان الإنسان ليستحق أن يكافأ ( لأنه لم يدخل امتحاناً لينجح فيه....و لذلك خلقه الله بإرادة حرة و سمح للشيطان أن يجرّبه)....
                      إلا أن تلك الإرادة الحرّة إنما هى إرادة غير كاملة لأنها تخضع من جهة أخرى لإرادة الله الذى يسيّر الكثير من أمور الإنسان حسب إرادته هو و حسب ما فطر الإنسان عليه من خلال إرادته هو للإنسان الذى خلقه

                      وأعتقد أن العلاقة بين إرادة الله و إرادة الإنسان تخضع فى سبيل فهمها لكثير من الأطروحات التى ربّما تفوق قدرة البشر على الفهم ,
                      و منها على سبيل المثال أطروحة تداخل القضاء و القدر من جهة و
                      السلوك الإنسانى الواعى الحرّ من جهة اخرى.

                      إذا البحث فى (- أو بالأحرى محاولة فهم - ) " عمل الله " هى قضية قديمة - حديثة يتجدد طرحها - على مستويات علمية وفلسفية ومنطقية وفكرية ودينية مختلفة :

                      ويقينا - فإن أول خبر وصلنا عن طرح هذا الموضوع " فهم عمل الله" كان فى سؤال الملائكة " الاستفهامى " لله عز وجل حينماأخبرهم أنه - سبحانه - جاعل فى الأرض خليفة :
                      فتساءلت الملائكة عن حكمة الله فى ذلك وعلمهم أن أى " مستخلف " فى الأرض يسفك الدماء .....
                      فما الحاجة إليه وهم يسبحون ويقدسون ؟



                      "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً

                      قَالُو اْأَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَتَعْلَمُونَ"
                      .

                      ومن الأمور كثيرة الوضوح لمشيئة الله هي علاقة الله مع بني إسرائيل .

                      اقتباس:
                      وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا(4)فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا(5)ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا(6)إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا(7)عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا(8)
                      هذه الأية الكريمة .. توضوح بشكل تفصيلي مشيئة الله .. وتظهر أيضا بعض الحروف والجمل بالسيناريوا الإلهي ..


                      اقتباس:
                      وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا(104)


                      إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا(7)
                      فهل تحقق السيناريوا الإلهي .. هل ترجمت الجمل الإلهية التي ذكرها منذ 1400 عام خلال الخمسين عاما الماضية .. كيف قرء أجدادنا عام 1900 هذه الآيات وكيف قرائها أبائنا عام 1950 .. وكيف نقرئها اليوم .. وكيف سيقرائها أبنائنا عام 2050 .

                      أجدادنا كانوا يقرؤنها دون تحديد أو تخيل لدولة إسرائيل التي جاء بها الله لفيفا من جميع أنحاء العالم لتستقر في فلسطين .

                      وآبائنا قرؤها وفهموها وإسرائيل أمام أعينهم عام 1950

                      ونحن نقرئها اليوم ونؤكد بأن المسجد المقصود هنا هو المسجد الآقصي .والذي تحت يد إسرائيل اليوم .

                      وغدا عام 2050 .. سيقرائها أحفادنا وهم يرون المسجد الحرام تحت سيطرة إسرائيل قبل عام 2050 ..
                      ويتهمون أجدادهم أي نحن اليوم بالتغفيل العظيم وأننا لم نفهم أبعاد الآية والسيناريو الإلهي .


                      وكما تركنا أجدادنا من قبل دون تحذير لما قد يحدث عام 1950 ..
                      سنترك أحفادنا نحن أيضا دون تحذير لما سيحدث عام 2050 .

                      وعلى ما يبدو يا أعزائى أن موضوع " الأرادة الألهية و الفهم الأنسانى " تلك و التى وردت فى المحاضرة البابوية ....
                      على ما يبدو أنها جزء من محاضرة معقدة عن الخلفية الفلسفية الأغريقية فى العقيدة الكاثوليكية مقارنة بالخلفيات الفلسفية الأخرى .....
                      و قد استشهد البابا بأبن حزم و فلسفته فى محاضرته تلك.


                      و لكي نستطيع تماما وضع الموضوع فى سياقه ,خاصة و ان تلك المحاضرة ألقيت على مجموعة خاصة من حملة الشهادات العليا الفلسفية و اللاهوتية فى الجامعة الألمانية.... و لم تلقى على عوام الناس.
                      نذكر بنبذة صغيرة عن
                      إبن حزم - هو أبو محمد علي بن حزم الأندلسي المولود بقرطبة-
                      كان بالأساس فلكيّاً و فقيهاً و أديباً (و لذا كان يطلق عليه إسم "أديب الفقهاء")
                      و كان كذلك شاعراً (قيل أنه كان من أسرع من يقول الشعر على بديهته) ,
                      ولم يكن له فى الفلسفة سوى بعض الرسائل
                      و مؤلّف واحد ضخم هو بالواقع مؤلّف فلسفى حتى و إن كان الجميع يصنفه على أنه كتاب فى العقيدة و الملل, و ربّما كان تعدد نشاط و تنوّع إنتاج الرجل هو السبب فى عدم تسليط الضوء بما يكفى على فلسفته التى توارت أمام مؤلّفاته الفلكيّة التى خلص من خلالها إلى
                      كرويّة الأرض إستناداً إلى مرجعيّة قرآنيّة ,
                      و أمام مؤلفاته الأدبية التى كان أشهرها "طوق الحمامة فى الألفة و الآلاف" (و هو المؤلّف الذى قرأته كاملاً له فى مراهقتى و رأيته منذ ذلك الحين أروع كتاب درس الحب في العصر الوسيط في الشرق والغرب في صراحة ووضوح و من أول الكتب التي أخرجت للناس في الحب و أذكر أنه إشتمل على 30 باب - مع ملاحظة أنه كان قد كتبه فى منفاه الذى أوصله إليه اللغط الذى أثاره فقهياً و فلسفياً حتى تم إعتباره محدِثاً فى الدين على أساس أنه وُصِف بأنه زائد الإجتهاد - , أما فى مجال تخصص إبن حزم الأساسى كفقيه و كرجل دين ,
                      فرغم ما قيل عنه على أساس أنه مجتهد بالكامل و خارج عمّا كان متفق عليه من المذاهب مما أدى إلى نفيه على أساس أنه يحدِث فى الدين , فإن من يقرأ له أكبر مؤلفاته الفقهيّة "المحلى" فإنه يكتشف إلتزامه الشديد بالمرجعية الإسلامية من نصوص القرآن و السنة ,

                      بخصوص فلسفة إبن حزم فستجده فى كتاب " الفصل فى الملل و الأهواء و النحل" , و وجه الشبه الظاهرى بين منظوره الفلسفى فى هذا المؤلّف و بين الأرسطاطاليّة و الأفلاطونيّة الإغريقيّة يكمن فى محاربة إبن حزم للأوهام و ردّه كل الأحداث إلى أسبابها الطبيعيّة, حيث أورد فى مؤلّفه هذا - و المصنّف على أنه من أكبر الأعمال الفلسفيّة التى تتناول العلاقة بين الإيمان و المادة - البراهين المنتجة عن المقدمات الحسية على حسب قيام البراهين التي لا تخون أصلاً مخرجها إلى ما أخرجت له ,و شرح بالتفصيل كيف أنه لا يصح منه إلا ما صححت تلك البراهين فقط.

                      - بالنسبة لما أورده فهى أيضا أمثلة عن حكمة المشيئة الالهية التى قد نفهمها أحيانا أو لاندركها فى كثير من الأحيان...
                      ولكن جوهر الموضوع كما أفهم هو إرتباط مراد الله بالعقلانية فى الإسلام .

                      ..... أعتقد أن الإشارة إلى إبن حزم بالذات - كانت عن عمد -
                      حيث أن البابا بندكتوس منذ أن كان أسقفا للتعليم - من أشد المؤمنين {بالتوموية} الجديدة ( فلسفة أوروبية جديدة تحاول المصالحة بين اللاهوت المسيحى والفلسفة العقلانية بصفة عامة )
                      والتى بنيت على فكر{ توما الاكوينى والقديس أوجستين} .....
                      واللذان كانا بدورهما يحاولان
                      (عمل مصالحة بين فكر اللاهوت المسيحى وبين موروثات فلسفات أفلاطون وأرسطو وغيرهما)
                      والتى تحدت الفكر اللاهوتى المسيحى وضربته فى مقتل.


                      وكما نعلم فإن علماء الكلام والفلاسفة المسلمين تأثروا كثيرا بكتابات أفلاطون وأرسطو وآخرين من فلاسفة الإغريق واليونان .....
                      ونتيجة لهذا التأثر "الأعمى" فى كثير من الأحيان دارت خلافات ومناقشات حادة وعنيفة بينهم وبين علماء الدين المسلمين خصوصا حول الأسماء والصفات الإلهية وتأويلها وكذلك تفسير - الإرادة لإلهية - والجبر والإختيار ......
                      وكان التأثير الأكبرمن نظرية الكليات عند أرسطو واللتى أثرت فى الكثيريين من الفلاسفة المسلمين والمتكلمين.....

                      وبالرغم من أن ابن حزم هو صاحب المذهب الظاهرى الذى عارض المذاهب الفقهية الأربعة وأنكر عليهم لجؤهم للقياس الفقهى أو الإستنباط .....
                      وتشدد فى التمسك بظاهر النص من قرآن أو سنة فقط ..... فقد دخل ابن حزم ساحة الجدال الدينى الفلسفى فجأة وبطريقة مجهولة حتى الآن
                      وطور ملامح لمذهب فقهى جديد كان من أهم أسسه نظرية فلسفية جديدة سماها المذهب الأسمى .... وضع فيها الأساس لحل إشكاليات الأسماء والصفات والإرادة الإلهية والجبر والإختيار ....
                      وهاجم فيه وانتقد بشدة وعمق ومنطق نظريات أرسطو فى الكليات بل وضربها فى مقتل- وهى أساس لفكر توما الإكوينى- .......
                      ( ولهذا تم ذكره بالسلب فى محاضرة البابا).

                      وأعتقد أنه من المهم أن نذكر أن مذهب إبن حزم فى الأسمى كان أساسا فكريا لما أنتجه الفقيه إبن تيمية وكذلك إبن خلدون وغيرهما من فكر فلسفى إسلامى قدم حلولا لكثير من الإشكالات اللتى أثيرت بسبب التماس مع الفلسفة الإغريقية واليونانية.
                      وربنا الرحمن الرحيم أعلى وأعلم
                      وهو الهادي الى صرط مستقيم
                      لاتستبدلو ولاية ءلله تعالى بالولايات الجاهلية

                      تعليق


                      • #12
                        رد: بين الارادة والمشيئة

                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                        اخي الفاضل وليد راضي .. نحن نبحث عن العلة والمعلول في قرءان ربنا ولا نستعين بالمقالات المطولة التي سطر سطورها بشر الا اذا كانت معلولة بعلة علمية كما في العلوم المادية المعاصرة

                        { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } (سورة الإِنْسان 30)

                        { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (سورة التكوير 29)

                        بعد هذا الدستور القرءاني تسقط كل الافكار وتموت كل ارادة الانسان في عبودية الخالق

                        { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (سورة الذاريات 56)

                        فما من ملحد او كافر او منافق او صالح او معتدي الا خاضع في مشيئته الى مشيئة الله بشكل مباشر فالسارق انما انحرف عن الصراط بامر ربه فكانت مشيئة الله ان يسرق مالا لمن يستحق عليه أن يسرق ماله

                        { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)
                        فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَاوَتَقْوَاهَا } (سورة الشمس 7 - 8)

                        الفجور هو الهام إلهي
                        فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا

                        والتقوى الهام إلهي
                        فَأَلْهَمَهَا تَقْوَاهَا

                        ذلك هو الخالق سبحانه ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) اللفظ (يعلم) تعني (يشغل عله) فهو سبحانه الذي يشغل علة خائنة الاعين وما تخفي صدور البشر من قرارات (صادره) من منقلباتهم الفكرية

                        كذلك وساوس النفس حين يكلم الانسان نفسه في عقله وهو الله الذي يشغل علتها (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ
                        وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) .. (
                        وَنَعْلَمُ) تعني في علم الحرف (مشغل رابط) لـ (ناقل تبادلي لفعل منتج) وانتاج اما ان خيرا او شرا حسب ما كانت مشيئة الله في ذلك التعليم

                        ما يبقى للعبد من خيار الا (البدايه) فمن يعمل مثقال ذرة خير ومن يعمل مثقال ذرة شر

                        سنن الله والخديعة

                        السلام عليكم
                        قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

                        قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

                        تعليق

                        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 5 زوار)
                        يعمل...
                        X