السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الحق تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين: {وَإنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون}.
وقد أجمعت كتب التفسير على أن المقصود ببيت العنكبوت في هذه الآيات هو البيت المادي، بمعنى المسكن الذي تتخذه العنكبوت سكنا لها، ووصفه المفسرون بأنه لا يغني عن العنكبوت شيئا، وهو أضعف البيوت لا يقيها حرا ولا بردا، ولا بيت أضعف ولا أوهن منه لتفاهته وحقارته، ولا يرى شيء يدانيه في الوهن فيما تتخذه الهوام. ولا يستطيع أحد أن يدعي بأن بيتا من البيوت هو أوهن منه، وإلا كان مخالفا لصريح النص القرآني.
ذلكم هو البيت الفلسطيني الذي يعاني من مختلف أنواع الضعف وألوانه. ومن شدة ضعفه وتمزقه وتهتكه يخجل المرء من إطلاق لفظ البيت عليه. ولم يكن يخطر ببالي أن أبرز هذا المصطلح لعدم صلاحيته أصلا، لولا أني سمعت عن حشد كبير من الشخصيات الحزبية والمستقلة، وبحضور قياديين كبار من حركات "فتح" و"حماس" و"الجهاد الاسلامي" وجهات أخرى قد التأم في بيروت بغية التوصل الى الاتفاق على مجموعة من النقاط المشتركة، ليتم التوصل إلى وضع "خريطة طريق" لجمع البيت الفلسطيني الذي تحولت جدرانه نوافذ عدة، ومشرعة على خلافات شتى. وقد تمخض عن ذلك الحشد اندلاع الاشتباكات المسلحة في مخيم عين الحلوة قبل أيام، تزامنا مع أحداث سياسية، ابتداءً من حل اللجنة الأمنية، ثم زيارة عباس إلى لبنان، كما وتخللها لقاءات مكثفة بين الفصائل الفاعلة بالمخيم مع مسؤولين سياسيين وأمنيين لبنانيين واجتماعات في السفارة الفلسطينية في بيروت، حيث كان العنوان الأبرز لتلك اللقاءات إشكالية وطبيعة قيادة اللجنة الأمنية، وقضية تسليم المطلوبين للدولة اللبنانية... علماً أن الاشتباكات التي استخدمت فيها الرشاشات والقذائف في جغرافيا ضيقة مكتظة بالسكان، كانت عبثية في ظاهرها، تداخلت فيها المحاور والمتاريس من وسط المخيم إلى شماله، أدت لسقوط قتيلٍ وسبعة جرحى وترويع وتشريد للآمنين، ناهيك عن الأضرار المادية وتعطل المصالح والمدارس والخدمات في المخيم، وكأن هذا هو بالفعل ما ينقص اللاجئ الفلسطيني في لبنان فوق حرمانه من أبسط الحقوق الآدمية من تملك وعمل، وكأنه ينقصه مزيدٌ من نكد العيش فوق ضنكه!
عن أي بيت فلسطيني يتحدثون؟ أهو البيت الذي يسكنه الفلسطينيون في مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان والضفة والقطاع منذ سبعين عاما؟ أم هو البيت الذي يسكنه الفلسطينيون في مخيمات النزوح في الأردن والضفة وغزة؟ أم هو البيت الذي يعيش الفلسطينيون فيه في الشتات فيما يعرف بالدول العربية أو الإسلامية أو قارات أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية وأوروبا وإفريقيا وأستراليا وأنتارتيكا في القطب الجنوبي من الكرة الأرضية؟ أم تراهم يقصدون الفلسطينيين الذين بقوا في بيوتهم في بعض المدن والقرى والبادية فيما يعرف بعرب 48 أو فلسطينيي الداخل؟ عن أي بيت يتحدثون؟ ومن هم الفلسطينييون الذين يراد جمعهم في هذا البيت المزعوم؟ وكيف سيتم تنفيذ خريطة الطريق الموهومة لجمع شتات هذا الشعب الممزق في ذلك البيت الممزق كل ممزق؟ وقد أصابهم ما هو أشد بأسا مما أصاب سكان بيت سبأ اليمني لما أعرضوا وأرسل الله عليهم سيل العرم:
{فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.
بعد أن كانوا يعيشون في سعادة ورخاء ونعمة هي آية من آيات الله عز وجل لهم، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ}.
لقد كان الفلسطينيون يعيشون في سعادة ورخاء ونعمة في ظل الدولة الإسلامية العثمانية، وكانوا جزءً لا يتجزأ من الأمة الإسلامية داخل البيت الإسلامي الواحد القوي الآمن، وكانت فلسطين وأقصاها وسكانها جواهر مكنونة في حضن الأمة الإسلامية يدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة، كيف لا؟ وهو قبلتهم الأولى وفيها المسجد الثاني بعد المسجد الحرام، ناهيكم عن موقعها الرابط بين الشام ومصر، وساحلها الاستراتيجي ومكانتها في قلوب أصحاب الأديان جميعا! فلما أعرضوا كما أعرض المسلمون الآخرون، أرسل الله عليهم طوفان سيل العرم من المهاجرين اليهود، وطوفان الحرب العالمية الأولى بجناحيه البريطاني والفرنسي، ثم الإعصار الأميركي، ثم التهجير والتقسيم والقتل والتشريد، ثم النزوح والإحتلال، ثم المقاومة المقاولة، ثم الجهاد المناسبي، ثم بدعة الدولة الفلسطينية، ثم الانتفاضتين وما أدراك ما الانتفاضتان، ثم الصراعات الفصائلية والاقتتال الداخلي، ثم القيادات السياسية الخائنة التي فرطت بالأرض والعرض والمقدسات والأراضي الوقفية، وساومت على الكرامة والمياه والوهاد والهضاب والسهول والجبال، ثم التنازل والتنسيق الأمني، ثم سجن الأتقياء، وتكريم الفاسقين والفاسقات في لبنان وغيرها، ويا جبل ما يهزك ريح.
إن القول الفصل في البيت الفلسطيني أنه أقوى قليلا من بيت العنكبوت، ولن يزداد قوة ما دام فلسطينيا، بل لا بد من تغيير شكل بنائه، وعزل القائمين على خريطة طريق جمعه، والبدء بترميمه على الأسس الإسلامية، لا على الأسس الدولية أو الوطنية أو القومية أو المصلحية أو غير ذلك من خيوط البناء الواهية. بل بما صلح به أمر السبأيين الذين أخرج الله منهم الخزرجيين فنصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقام الدولة الإسلامية الأولى، ثم عادوا إلى اليمن فاتحين. ففلسطين أرض إسلامية، وقضيتها ليست قضية أهلها بل قضية كل المسلمين الذين سيقيمون دولة خلافتهم الحقيقية الثانية الراشدة على منهاج النبوة، وسيحررون فلسطين وكشمير وباقي بلاد المسلمين، وسيدفنون حلول أميركا والمنظمة الدولية وأوروبا ومعهم حكام العرب والمسلمين وزعامات فلسطين في قبر عميق في أريحا باعتبارها أخفض نقطة على وجه الأرض، وسيُجعل هذا القبر العميق في تلك البقعة العميقة مزارا تاريخيا، يحمل كل من يزوره سبع حصيات ليرجمه كما يُرجم إبليس، وكما رجمت العرب قبر أبي رغال.
السلام عليكم
يقول الحق تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين: {وَإنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون}.
وقد أجمعت كتب التفسير على أن المقصود ببيت العنكبوت في هذه الآيات هو البيت المادي، بمعنى المسكن الذي تتخذه العنكبوت سكنا لها، ووصفه المفسرون بأنه لا يغني عن العنكبوت شيئا، وهو أضعف البيوت لا يقيها حرا ولا بردا، ولا بيت أضعف ولا أوهن منه لتفاهته وحقارته، ولا يرى شيء يدانيه في الوهن فيما تتخذه الهوام. ولا يستطيع أحد أن يدعي بأن بيتا من البيوت هو أوهن منه، وإلا كان مخالفا لصريح النص القرآني.
ذلكم هو البيت الفلسطيني الذي يعاني من مختلف أنواع الضعف وألوانه. ومن شدة ضعفه وتمزقه وتهتكه يخجل المرء من إطلاق لفظ البيت عليه. ولم يكن يخطر ببالي أن أبرز هذا المصطلح لعدم صلاحيته أصلا، لولا أني سمعت عن حشد كبير من الشخصيات الحزبية والمستقلة، وبحضور قياديين كبار من حركات "فتح" و"حماس" و"الجهاد الاسلامي" وجهات أخرى قد التأم في بيروت بغية التوصل الى الاتفاق على مجموعة من النقاط المشتركة، ليتم التوصل إلى وضع "خريطة طريق" لجمع البيت الفلسطيني الذي تحولت جدرانه نوافذ عدة، ومشرعة على خلافات شتى. وقد تمخض عن ذلك الحشد اندلاع الاشتباكات المسلحة في مخيم عين الحلوة قبل أيام، تزامنا مع أحداث سياسية، ابتداءً من حل اللجنة الأمنية، ثم زيارة عباس إلى لبنان، كما وتخللها لقاءات مكثفة بين الفصائل الفاعلة بالمخيم مع مسؤولين سياسيين وأمنيين لبنانيين واجتماعات في السفارة الفلسطينية في بيروت، حيث كان العنوان الأبرز لتلك اللقاءات إشكالية وطبيعة قيادة اللجنة الأمنية، وقضية تسليم المطلوبين للدولة اللبنانية... علماً أن الاشتباكات التي استخدمت فيها الرشاشات والقذائف في جغرافيا ضيقة مكتظة بالسكان، كانت عبثية في ظاهرها، تداخلت فيها المحاور والمتاريس من وسط المخيم إلى شماله، أدت لسقوط قتيلٍ وسبعة جرحى وترويع وتشريد للآمنين، ناهيك عن الأضرار المادية وتعطل المصالح والمدارس والخدمات في المخيم، وكأن هذا هو بالفعل ما ينقص اللاجئ الفلسطيني في لبنان فوق حرمانه من أبسط الحقوق الآدمية من تملك وعمل، وكأنه ينقصه مزيدٌ من نكد العيش فوق ضنكه!
عن أي بيت فلسطيني يتحدثون؟ أهو البيت الذي يسكنه الفلسطينيون في مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان والضفة والقطاع منذ سبعين عاما؟ أم هو البيت الذي يسكنه الفلسطينيون في مخيمات النزوح في الأردن والضفة وغزة؟ أم هو البيت الذي يعيش الفلسطينيون فيه في الشتات فيما يعرف بالدول العربية أو الإسلامية أو قارات أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية وأوروبا وإفريقيا وأستراليا وأنتارتيكا في القطب الجنوبي من الكرة الأرضية؟ أم تراهم يقصدون الفلسطينيين الذين بقوا في بيوتهم في بعض المدن والقرى والبادية فيما يعرف بعرب 48 أو فلسطينيي الداخل؟ عن أي بيت يتحدثون؟ ومن هم الفلسطينييون الذين يراد جمعهم في هذا البيت المزعوم؟ وكيف سيتم تنفيذ خريطة الطريق الموهومة لجمع شتات هذا الشعب الممزق في ذلك البيت الممزق كل ممزق؟ وقد أصابهم ما هو أشد بأسا مما أصاب سكان بيت سبأ اليمني لما أعرضوا وأرسل الله عليهم سيل العرم:
{فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.
بعد أن كانوا يعيشون في سعادة ورخاء ونعمة هي آية من آيات الله عز وجل لهم، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ}.
لقد كان الفلسطينيون يعيشون في سعادة ورخاء ونعمة في ظل الدولة الإسلامية العثمانية، وكانوا جزءً لا يتجزأ من الأمة الإسلامية داخل البيت الإسلامي الواحد القوي الآمن، وكانت فلسطين وأقصاها وسكانها جواهر مكنونة في حضن الأمة الإسلامية يدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة، كيف لا؟ وهو قبلتهم الأولى وفيها المسجد الثاني بعد المسجد الحرام، ناهيكم عن موقعها الرابط بين الشام ومصر، وساحلها الاستراتيجي ومكانتها في قلوب أصحاب الأديان جميعا! فلما أعرضوا كما أعرض المسلمون الآخرون، أرسل الله عليهم طوفان سيل العرم من المهاجرين اليهود، وطوفان الحرب العالمية الأولى بجناحيه البريطاني والفرنسي، ثم الإعصار الأميركي، ثم التهجير والتقسيم والقتل والتشريد، ثم النزوح والإحتلال، ثم المقاومة المقاولة، ثم الجهاد المناسبي، ثم بدعة الدولة الفلسطينية، ثم الانتفاضتين وما أدراك ما الانتفاضتان، ثم الصراعات الفصائلية والاقتتال الداخلي، ثم القيادات السياسية الخائنة التي فرطت بالأرض والعرض والمقدسات والأراضي الوقفية، وساومت على الكرامة والمياه والوهاد والهضاب والسهول والجبال، ثم التنازل والتنسيق الأمني، ثم سجن الأتقياء، وتكريم الفاسقين والفاسقات في لبنان وغيرها، ويا جبل ما يهزك ريح.
إن القول الفصل في البيت الفلسطيني أنه أقوى قليلا من بيت العنكبوت، ولن يزداد قوة ما دام فلسطينيا، بل لا بد من تغيير شكل بنائه، وعزل القائمين على خريطة طريق جمعه، والبدء بترميمه على الأسس الإسلامية، لا على الأسس الدولية أو الوطنية أو القومية أو المصلحية أو غير ذلك من خيوط البناء الواهية. بل بما صلح به أمر السبأيين الذين أخرج الله منهم الخزرجيين فنصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقام الدولة الإسلامية الأولى، ثم عادوا إلى اليمن فاتحين. ففلسطين أرض إسلامية، وقضيتها ليست قضية أهلها بل قضية كل المسلمين الذين سيقيمون دولة خلافتهم الحقيقية الثانية الراشدة على منهاج النبوة، وسيحررون فلسطين وكشمير وباقي بلاد المسلمين، وسيدفنون حلول أميركا والمنظمة الدولية وأوروبا ومعهم حكام العرب والمسلمين وزعامات فلسطين في قبر عميق في أريحا باعتبارها أخفض نقطة على وجه الأرض، وسيُجعل هذا القبر العميق في تلك البقعة العميقة مزارا تاريخيا، يحمل كل من يزوره سبع حصيات ليرجمه كما يُرجم إبليس، وكما رجمت العرب قبر أبي رغال.
السلام عليكم
تعليق