منسك الصلاة بين الفرض و الاستحباب
بسم الله الرحمن الرحيم
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) ......... تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)} ... البقرة
{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)} ... الحج
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اعتاد المسلمون على تأدية الصلاة باعتبارها فرضا و منسكا تعبديا منقولا بالفعل المتواتر عن النبي صلى الله عليه و سلم من 17 ركعة مقسمة على 05 مواقيت في اليوم .. و ما عدا تلك الصلوات الخمس فمستحبة هي و لا إثم على تاركيها ... فيما الإثم كل الإثم على من ترك الصلاة المفروضة من خمس صلوات يوميا حتى قيل فيما قيل على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم أن العهد بيننا و بينهم الصلاة و من تركها فقد كفر ... إلا أن التارك للصلوات المستحبة لا يعد كافرا في ميزان و معيار الكفر و الإيمان الإسلامي التقليدي ...
نعتقد أنه و قبل أن نناقش في تقسيم الصلاة إلى مفروضة و مستحبة فعلينا أن نناقش و نبحث عن السبب الذي من أجله تقام الصلاة بشكل عام و هو في اعتقادنا سبب كل شيء و هو قيام الحاجة إلى ذلك الشيء فكل شيء لا يقوم إلا بقيام الحاجة إليه و كذلك الصلاة لا تقوم إلا بقيام الحاجة إليها سواء أكانت الصلاة مفروضة أو مستحبة ...
فالصلاة المستحبة على سبيل المثال لا تقوم إلا بقيامة الحاجة إليها مثل صلاة الاستسقاء و التي لا تقوم إلى بقيام حاجة القوم إلى السقيا و في حال قيام السقيا قيمومة مثلى تفي و تلبي حاجات الناس للماء لا تقوم صلاة الاستسقاء مثلها مثل صلاة الاستخارة التي تقوم من أجل تغليب الخيار الأمثل على خيارات متعددة في مخيرة المخير و كذلك و كذلك ...
الصلاة المفروضة أيضا لا تقوم إلا بقيام الحاجة إليها فلا صلاة مفروضة تقام في الليل لانعدام شرط الحاجة إليها و المرتبط ارتباطا تكوينا بالشمس
{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)} ... الإسراء
قرءان الفجر هو ( قرء+ قرء) الفجر و هو يعني بينان للفجر باعتبار البيانين الذين يقيمها الفجر هما رابطا المشهد العام لقيام الصلاة ...
و في الفجر انفجار تكويني نتيجة الالتقاء التكويني بين خيطين صدفين و هما :
- خيط أبيض و هو الخارج من حيز القبض الشمسي
- خيط أسود و هو المكون الرئيسي لخامة النسيجي الأرضي
عند الالتقاء التكويني للخيطين الصدفين تحدث ظاهرة الفجر و هو انفجار متواصل و ممتد بامتداد مساحة بزوغ الشمس على كوكب الأرض من مطلعها إلى مغربها و ما بعده إلى حين توقف الإمداد الموجي الشمسي مع وقت العشاء ..
ذلك الانفجار الحاصل بين الخيطين مثله مثل أي انفجار يعرفه الناس كحدث يخلف شظايا تكون من جنس مكونات الانفجار ...
إذا رجعنا إلى الصلاة المستحبة و عللنا سبب قيامها و الحاجة إليها كصلاة الاستخارة مثلا لوجدنا أن السبب الأعمق هو وقاية المستخير من سوء الاختيار و كذلك في صلاة الاستسقاء التي تقوم لوقاية القوم من سوء الجفاف المحتمل
فيكون السبب الأسمى في قيام الصلاة عموما هو توفير وسيلة للوقاية من الحدث السيئ قبل وقوعه فالوقاية خير من العلاج كما يقولون و قد قال الله سبحانه و تعالى {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)}... النساء
ذهبت مراشد الناس و مفاهيمهم لكلمة (موقوتا) على أنها تعني الوقت و الزمن و هو مذهب موفق إلى حد كبير بل و كبير جدا سواء أكانت الصلاة مفروضة أو مستحبة ... فالصلاة لا تؤدي وظيفتها في الوقاية من سوء الحدث إلا أذا أقيمت قبل التزامن الزمني مع طبيعة و موضوعية الحدث فالمستخير مثلا لن تؤدي صلاة الاستخارة وظيفتها التكوينية إن لم يكن هناك حاجة للاستخارة و كذلك صلاة الاستقاء كمثال ءاخر و التي لن تكون ذا جدوى استسقائية في قيام السقيا بشكل طبيعي و موزون يحقق احتياجات القوم للماء .
كلمة موقوتا من جذر (وق) و في البناء ( وقت ، وقوت ، موقوت ، موقوتا ) ... فيكون على هذا مفهوم الصلاة بشكل عام (مفروضة أو مستحبة)
أنها وسيلة تأمين الوقاية من سوء الحدث قبل وقوعه في ساحة المحدث ... و إذا وقع الحدث في ساحة المحدث فإن صفة الوقاية في الصلاة لن تقوم فيكون المصلون الذي يقيمون الصلاة بشكل عام بوصفهم السابقون للواقعة قبل وقوعها قد فعلوا الصفة الفعالة للصلاة في الوقاية من سوء الحدث قبل حدوثه ... سواء أكانت الصلاة مفروضة أو مستحبة ..
{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)} ... الإسراء
وتكون قيامة صلاة الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء سابقة لحدث الفجر المتزامن مع حدث الانفجار في مركزيته القطرية المتزامنة مع طبيعة الإمداد الشمسي في الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء لتقوم الصلاة بوظيفتها في وقاية المصلي من سوء الانفجار ...
إذا لم تقم الصلاة كسابقة للحدث و أقيمت في تزامن زمني مع الحدث فإن للصلاة وظيفة أخرى في إيتاء الزكاة لأصحاب اليمين بإنهاء الفحشاء و المنكر من ساحتهم ... سواء أكانت الصلاة مفروضة أو مستحبة
فصلاة الاستخارة إذا ما أقيمت قبل اتخاذ القرار في إتباع أو تنفيذ خيار معين من كم الخيارات المعروضة على المختار فإنها ستكون وسيلة وقاية للمخير من سوء الخيارات المتعددة ... أما و إذا أقيمت صلاة الاستخارة و المختار في تزامن زمني مع تنفيذه لخيار من الخيارات المحتملة التي يرى فيها المختار بأن خياره المنفذ هو الخيار الأمثل فإن صلاة الاستخارة ستكون ذات صفة نهي عن الفحشاء و المنكر في تغليب الخيار الأمثل على مجمل الخيارات ما لم تنتج نتائج للخيار الذي نفذه المخير تنتهي معها أي وسيلة لتغليب الخيار الأمثل ...
إذا ما رجعنا إلا الصلاة المفروضة و المرتبطة ارتباطا تكوينيا بطبيعة التأجيج الموجي الشمسي و عالجناها بالمفهوم الوقائي للصلاة فإن الوقاية التي تقيمها الصلاة هي وقاية للمرابط العقلانية حصرا و ليست وقاية للمرابط المادية التي يمكن أن تتصدع بفعل فرط النشاط الموجي الشمسي كأن يصاب الإنسان بصداع ناتج عن ضربة شمس كما يقال أو يصاب الإنسان بالتهابات جلدية ناتجة عن ارتفاع فاحش لدرجة الحرارة ...
و إذا ما اتفقنا على دستورية حاكمة لقانون ذي القرنين لقيامة الصلاة بصفتها الوقائية أو بصفتها الإصلاحية و أنها الصلاة خاضعة لردم ذي القرنين لفساد يأجوج و مأجوج و الذي كان مطلب القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا و هم المنبئين بعسر النشاط العقلاني لديهم بسبب الفساد الموجي ليأجوج و مأجوج سواء أكان الفساد الموجي فساد طبيعيا من مصدر كوني أو كان الفساد الموجي فساد مصطنعا
فإن معرفة مقومات الردم تقوم بمعرفة آلية الحراك لذي القرنين مع السبب أو المؤثر من بداياته و هو الشمس سواء أكانت الشمس طبيعية كونية أو كانت شمسا مصطنعة أفسدت الحرث و النسل بأمواجها المؤججة في كامل مساحة الأرض
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)} ... الكهف
مغرب الشمس هو ما غرب عن وجه الشمس من نشاط موجي لا يؤمن بالآخرة متحصن بالحماية الشمسية له في عين حمئة أو في عين الحماية الشمسية و هو منقسم إلى قسمين :
1- نشاط موجي شمسي كافر يحتاج إلى تعذيب مثله مثل تعذيب الماء المالح ليصير عذبا و الموجة الكافرة الواجب تعذيبها هي الموجة الذكيرية (المغناطيسية)
2- نشاط موجي شمسي يؤمن العمل الصلح و هي الموجة الضوئية و التي نحتاج للارتباط بها برابط (و) + (ضوء) = وضوء
فتكون الصلاة بصفتها الوقائية التي تسبق الحدث ذات فعلين وفق قانون الحراك لذي القرنين
1- السماح للموجة الضوئية بالمرور من خلال ربطها برابط الوضوء
2- حجب الموجة الذكيرية (المغناطيسية) من خلال حجاب مستور يتفعل بقراءة القرءان في الصلاة
{....أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) .... فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)}
أجعل بينكم و بينهم ردما = جعلنا بينك و بين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا
ذلك الحجاب المستور الذي يقيمه الردم يقوم بحجب للأمواج الذكيرية عن المصلي فيكون المصلي في مأمن من الأمواج التي تؤثر بالسلب على مرابطه العقلانية في الذاكرة
هذا ما تفعله الصلاة عموما في تعاملها مع الأمواج الذكيرية الصادرة من شمس طبيعية فماذا لو كانت الشمس الحامية للأمواج المغناطيسية الذكيرية شمسا مصطنعة قد عاثت فساد في الأرض بكاملها ليلا و نهارا فأي صلاة تلك التي يمكن أن تقيم ردما و حجابا يستر المصلي طيلة يومه ليلا و نهارا
الأمواج المغناطيسية الشمسية و إن كانت مصطنعة فإنها تخضع تكوينيا للقطب الشمسي الكوني و في قيام الحاجة إلى تعذيبها تقوم الحاجة في ردها إلى ربها ليعذبها عذابا نكرا و ذلك لا يقوم إلا بقيامة رابط مع الشمس الكونية كما يقام الرابط مع ضوء الشمس بالوضوء
{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)} ... الشمس
ربط الشمس = ربط ضحاها .... و القمر هو المكلف بتلاوة العقد الرابط مع الشمس حين إقامة الرابط مع ضحاها ...
و كما يمكننا التساؤل مع كم السطور المتواضعة التي سطرناها أن ما هو وجه الاستحباب في صلاة الضحى بل ما هو وجه الحاجة إليها في كم الحاجات التي ترتبط قيامة الصلاة فيها بقيام الحاجة إليها ...
{وَالضُّحَى (1) وَالَيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} ... الضحى
و ربط الضحى = ربط اليل إذا سجى .... و منه يكون
ربط الشمس = ربط ضحاها = ربط اليل إذا سجى
إذا توصلنا إلى معرفة وجه الإستحباب في صلاة الضحى فعلينا أن نبحث عن سورة أو ءايات تقرأ في صلاة الضحى لتؤدي الصلاة فعلها التكويني مع الشمس و التي نعتقد أنها ستكون في الركعة الأولى بالفاتحة و سورة الطارق و الركعة الثانية بالفاتحة و سورة الضحى
... و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
تعليق