الحب بين الذكر والأنثى فطرة
خلق
خلق
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
عندما يكون العقل الفعال قادرا على تعريف نفسه بصفته الانسانية يستطيع ان يرى من فطرته في الخلق اشياء عديدة قد تغير من مساره الفكري اما من يتفاعل عقله دون المرور بقناة تعريفية تعرفه بصفته الانسانية فيكون العقل غافلا عن الفطرة ولن يرى سوى مكعبات من الفكر يتصورها جاهزة ويتعامل معها بصفتها الجاهزة ولا يستطيع ربطها بفطرة الخلق ..!!
الحب ... هو واحد من الانشطة العقلية التي ينشط بها العقل الانساني ولا تنغلق باب الحب في العقل الانساني فهي حارة كبيرة من حارات العقل البشري وتمتلك قنوات لا حصر لها كلها تقع في ركن من اركان العقل تحت لفظ (الحب) وتشمل حب كل شيء حتى ولو كان سلبيا فكثير من المارقين يحبون انشطة الاعتداء على الناس واخرين يحبون الخروج على النظم ومنهم من يحب لعب القمار واخر يحب الزهور وهذا يحب تربية الطيور ولكن موضوعنا سينحسر في الحب بين الذكر والانثى لانه الاكثر تأثيرا في فاعليات العقل البشري ويبرز عند الانسان مع اكتمال بنائه الجسدي حيث يبدأ كلا الجنسين بحب الاخر وفق منظومة فطرية يستوجب التعرف عليها لحماية العقل من الانجرار الفائق نحو سلبيات قد تؤثر في حياة الانسان لفترات زمن قد تستهلك طول حياته ..!! كما ان للحب المتبادل بين الجنسين ضوابط شرعية هي مرابط تربط الانسان بسنن الخلق تجعل من العقل العابد لله حذرا في تنقية علاقته مع خالقه وعدم تدنيسها بما لا يرضي الله .
ونبدأ بالحب بين الجنسين كفطرة خلق فطرها الله في الانسان ... ورد في خارطة الخالق (القرءان) لفظ (الود) بديلا عن لفظ (الحب) عندما يكون بين الجنسين وبموجب النص التالي
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)
الله سبحانه وتعالى يؤكد لنا ضرورة التفكر وقد ربط ضرورة التفكر في اخر الاية (ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ... ونتفكر ... عسى ان نتذكر ... فالقرءان مذكر ..
ما الفرق بين (الحب والود) ... سنرى كيف القرءان يذكرنا ..!! سنرى ان فاعلية القرءان في عقولنا ان نصوصه ستكون (سبب للذكرى) ..؟ ومنها ... سنجد ان لفظ (الحب) يستخدمه اللسان العربي عندما يكون الفعل العقلاني في الحب من طرف واحد وليس من طرفين ... هذا يحب طعم البرتقال ... فهل البرتقال يحب من يحبه ..؟؟ هذا يحب الشتاء ... فهل الشتاء يحب محبيه ..؟؟ وهذا يحب اقتناء القطع الأثرية .. فهل القطع الأثرية تحب عشاقها ..؟؟ ولو دار الانسان في حارة الحب في عقله واتى على كمالها فلسوف يجد ان لفظ الحب في اللسان العربي المبين يقوم في مقاصد الحب من طرف واحد وجاء في القرءان
(لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (التوبة:108)
في هذا النص الشريف وضع الله مقاصده في (الحب) عندما يكون (رجال يحبون التطهر) فالطهر لا يشترط فيه ان يحبهم فيأتي الحب اليهم من الله وهنا نجد طرفين للحب لا يلتقيان في وعاء واحد (الاول) هو الرجال وهم يحبون التطهر ... (الثاني) هو الله وهو يحب الرجال وليس (التطهر) أي يحب (الرجال) بصفتهم حيث نجد ان موضوعية (الحب) لا تلتقي فالرجال يحبون (التطهر) والله يحب (الرجال) المتطهرين حيث نجد الفاصلة التكوينية لموضوعية الحب كلفظ في اللسان العربي المبين مقروئة بلسان القرءان العربي المبين .. وفي النص التالي تظهر الفاصلة التذكيرية بشكل اعمق
(وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا )(الحشر: من الآية9)
نجد هنا وضوحا بالغا يؤكد ان لفظ (الحب) يستخدم موضوعيا دون ان يكون له تفعيل تبادلي فالمؤمنون (يحبون) من (هاجر اليهم) ... وهم لا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا وهو تأكيد ان (الحب) لا يمتلك فاعلية تبادلية .. فهو من طرف واحد
الود .... هو حب منقلب السريان وهو يساوي (أحبك فتحبني) و (تحبني فاحبك) فينقلب يقينا في اللسان العربي المبين الى لفظ (ود) والذي جاء تأكيدة في القرءان (وجعل بينكم) مودة ورحمة ... فان لم تكن (بينكم) وهي التبادلية العقلانية فان الود يكون (حب) وهو من طرف واحد (غير تبادلي) وبالتالي يفقد جزء خطير من كينونته في (الجعل) الا وهي (الرحمة) حيث يؤكد لنا ربنا ان (الود بين الحبيبين) وهما الزوجان مقرون بتبادلية الحب فيقترن بهما الرحمة (وجعل بينكم مودة ورحمة) ومثل هذا الجعل لا يفترق ليكون الود في واد والرحمة في واد اخر بل تشير خارطة الخالق الى اقترانهما في الجعل فيكون :
ان لم يكن الحب تبادليا (ود) فان الرحمة سوف لن يكون لها اثر بينهما ويخضع المجتمعان على حب غير متبادل الى قوانين صناعية تصنعها الدنيا كما هي ريشة في مهب رياح مرة في مزرعة رياحين ومرة في حقل شوك ومرة في صحراء ولا احد يستطيع التحكم بها لانها غير مرتبطة بنظم التكوين بل مرتبطة بنظم صنعها الانسان بارادته العوجاء التي ان اثمرت فثمرتها ستكون خارج منظومة الرحمة وذلك لسقوط الاقتران التكويني ...
نستخلص من ذلك ان الحب الذي يسعى اليه الجنسين وفق فطرة الخلق ان لم يكن تبادلي (ود) فهو سيفتقد الى الرحمة وعندما تخلوا الانشطة من الرحمة فان غضبة الله ستكون الاكثر حضورا بسبب غياب الرحمن الرحيم من ساحة الفعل سواء الفعل العقلاني او الفعل المادي بالزواج او تغطية الفطرة الجنسية دون انضباط تكويني بالسفاح او الزنا حيث تكون غضبة الله واضحة ...
فطرة الحب بين الجنسين تستمد وقودها من سنن الخلق التكوينية حيث تكون صفة الذكورة فعالة في الانثى والصفة الانثوية فعالة عند الذكر وبينهما تبادلية فان لم تقترن بسببها التكويني (لتسكنوا اليها) فهي تفقد الرحمة يقينا فيكون الود او الحب التبادلي خارج سنن الخلق ويعتبر التفعيل التبادلي المنزوع عنه سببه التكويني (السكينة) قد فقد الرحمة وهو فعل يخرج الفاعل من سنن الخلق ويتصف بصفة الشيطنة ونجده كثيرا في العلاقات الجنسية غير الشرعية وهي الصداقات التي تفتقد صفة السكينة فتفقد الرحمة عندما تكون الانوثة سلعة والذكورة سلعة لارضاء رغبات شخصية (صداقة الجنسين) او التي يطلقون عليها (بوي فريند) في حضارة العصر ولعل فقدان السكينة واضحا بينهم لانه لم يكن هدف الصداقة لغرض السكينة بل لغرض تغطية حاجة فطرية خارج سنة التكوين (الفطرة) فتفتقد وتضيع الرحمة بينهما بشكل واضح في مثل تلك العلائق التي يعرف الجميع انها علائق عارضة (موقتة) او (متقلبة) لا تمتلك (السكينة) التي امر الله ان تكون عنوان للقاء الجنسين او بشكل ادق (سببا) لربط الجنسين ببعضهما لغرض اغناء منظومة حياتية تمتص مؤثرات الفطرة الجنسية لكلا الجنسين ...
من ذلك التفكر الملزم الذي طلبه الله منا في اياته نجد ان تعويم الحب في الجنس الاخر يمثل مخاطر ضياع ويشمل الضياع احلى ما يمتلكه الانسان في علاقة الجنسين ببعضهما حيث يكون الضياع عندما تتدهور الايام بفقدان (الرحمة) بين الحبيبين لانهما خارج سنن التكوين ويوم يفقد الانسان الرحمة يفسد كل شيء كما نراه الان في المجتمعات التي اطلقت العلاقة بين الجنسين وفق نظم يصنعها البشر في اكبر خارجة على سنن التكوين (شيطنة) ..
بين الجنسين سبب تكويني وهو السكينة (لتسكنوا اليها) ونتيجته كانت عملية (جعل) يمتلك نظم تكوين حاسمة وهي في بناء عقلاني لا يخضع لصناعة الانسان بل تتولاه فاعلية التكوين كما هي عناصر المادة التي اوجدتها نظم التكوين ومثلها (مودة) وهي نتاج لنظم في الخلق أي ان لها (مشغل) يشغل الود تنتجه لفعل (السكينة) بين الجنسين ويرتبط بمشغل الود (رحمة) وهي ايضا لها مشغل مرتبط بمشغل الود بدلالة الرابط (و) الذي يربط (مودة) مع الرحمة أي ان الرحمة تقوم من مشغل الود بين الجنسين ... من المؤكد ان مثل هذه الحقائق التكوينية لو يطلع عليها أي زوجان يتعبها اقترانهما ويعيدان حساباتهما في علاقتهما الزوجية فان تغييرا تكوينيا سوف يحدث حيث ستتجلى ايات الله وسننه في الخلق عند تطبيق سننه التي ان عمل الانسان خارجها فانه انما يحرق نفسه بنفسه وهو لا يدري ان حكومة الله تتمركز على حافات سنن الخلق فمن اخترق تلك الحافات تبدأ سنن تكوينية اخرى بحرق الآدمي الخارج من سنن الخلق فتكون النار التي اعدت للكافرين بسنن الخلق والتي تكررت في الذكر الحكيم كثيرا والناس يظنون انها حصرا بعد يوم القيامة ...!!. قرءان يتلى حق تلاوته . فيه ايات مفصلات ..
تلك اثارة تذكيرية ... تذكر الانسان ... لان القرءان مذكر ... عسى ان تنفع الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق