ولاية التاريخ .... في رؤى الحاضر
الماضي وما افرزه من نتاج أثْر بشكل قطعي على كل مجريات حاضرنا ، يمكن القول بأننا نسخة من رؤى وافكار اجدادنا الماضيين ، فخياراتنا اليوم تتحرك ضمن مساحة فكرية حُدْدت مسافاتها بأدوات الماضي !!!!
تتجلى هذه الصورة الماضوية بحاضرنا الذي نعيشه اليوم ، وبالذات ما يتعلق بخياراتنا العقائدية ، فكم أحد منا اختار معتقداً لم يتم وفق متبنيات (مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا ) ؟؟؟؟
وكم أحد منا أستطاع ان يشغل ماكنة العقل في تحديد خياره العقائدي بعيداً عن رؤى الماضي ونتاجه ؟؟؟؟.
لماذا نعيب على قريش خيارهم العقائدي -كفرهم بالرسول- القائم على متبنيات (مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا ) ونحن في القرن العشرين سائرون على نفس تلك المنهجية في تحديد خيارنا العقائدي ؟؟
كم من أختار الاسلام بعقلانية الحاضر دون أفرازات عقول الماضيين وخياراتهم ؟ أليس هو نذيراً للاحياء في قوله تعالى {لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ } ، فلماذا نساوي بين عقولنا وعقول الاموات في خياراتنا العقائدية والله يقول {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ }فاطر22 .
أن كان الخاتم ( صلوات الله عليه ) لايُسمع من في القبور وهو الخاتم أشرف الخلق اجمعين فما بالنا نحن وقد جعلنا من قبور ألموتى (أصناماً) نحج اليهم يومياً ونقدم لهم القرابين والنذورات !!! اليس تلك بعينها ( المساواة بين الاحياء والاموات ) ، أليس تلك هي بعينها ( أسماع من في القبور ) !!!!
رُبَ سائل يسأل ، وما العيب في اختيار دين الاسلام الذي ارتضاه الله لنا وفق منهجية (مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا ) ، فالدين هو (الاسلام ) والمنهجية هي منهجية (سبيل المؤمنين ) الذين سبقونا في الايمان ؟؟؟؟
أقول هنا تحديداً تكمن تلك المساواة المقيتة بعينها ، المساواة العقلية بين عقول الاموات وعقول الاحياء ستجعل من ( ولاية التاريخ ) شرعاً (لم ينزل الله به سلطانا ) يؤثر في خيارات (الاحياء) بل ويمسخ (عقلانيتهم ) القائمة في عقولهم ويجعل منهم أجساداً فقط تتحرك بعقول (الموتى) !!!!
لو أمعنا النظر جيدا بما يجري اليوم من أحداث لوجدنا رابط (الموتى) قائمٌ فيها أن لم يكن محركها الوحيد ، هذا يعني ان (ولاية التاريخ ) قائمة في كل خيار عقائدي نتحرك في دائرته ، بل ورؤى الحاضر هي بعينها خيارات (الماضيين ) لكن بصورة وحُلة القرن العشرين !!!!
تعليق