محنة ( الغَنـَمْ ) بـ صومعة ( الحـَضرْ )
لم يكن من الصدفة ان تكون اول مهنة امتهنها سيد الخلق سيدنا رسول الله عليه ازكى الصلاة والسلام رعاية الاغنام وتربيتها ، فالاغنام والبدن والمواشي وجودها مع الانسان يحمل سر دفين ، ورعايتها او امتهان تربيتها لا يحظى به الا اشراف القوم ذوي الذوق الانساني الرفيع ، بل فقط وجودها في مكان ما يحمل لذلك المكان دفئ وسكينة عجيبة ، والاطباء اصبحوا ينصحون من تدهورت صحته ان يذهب للعيش قرب بيت بدوي به حظيرة اغنام وماشية ، فصحبتها تقي من امراض شتى كمرض السرطان ، ضيق التنفس ..الخ.
ولكن محنة الاغنام في حاوية الحضر محنة لا تضاهيها اي محنة !!
جاء التحضر ، وجائت معه المدينة الحضرية ...!! اصبحت تربية الاغنام داخل اسوارها ملعونة ..محرمة ...ونكرة !! فرائحة الاغنام عفنة واوبارها قذرة لاتصلح لشوارع تزف سيارات فاخرة ،و عمارات زجاجية ساطعة ..ونساء ورجال بعطور رائحتها فائقة .
ما اشد ازمتك ايها الانسان بـ حضارة الدجال !!
حقاً على الاغنام ان تهجر صوامعكم الحضرية !! فحضارتكم حضارة عوراء صماء لاروح فيها ولا سكينة .
شكرا لك ايتها الجارة الطيبة التي كانت محنتك مع اغنامك في صومعة ( الحضر ) دافعا لكتابة هذه الكلمات .
فلمسكن جارتنا حديقة خلفية تطل مباشرة على فضاء الجبل ، وبالجبل بعض البيوت القروية وبها تربية الاغنام مرخص لها ومتاحة لانه مسكن قروي بعيدا عن الحضر .
فماكان من تلك الجارة الا ان تفكر بتربية بضعة اغنام لايتعدون خمسة في حديقة بيتها المطلة على الجبل مباشرة !! وماكادت تفعل حتى ترامت عليها الشكاوي من كل حدب وصوب ، فرائحة الاغنام تصل الى السكان وهم سكان حضر وليس سكان بدو او جبل !!
وصلت الشكاوي الى مجلس الحي ، فماكان منه الا ان يرسل انذار بضرورة اغلاء الاغنام من المكان !! فالناس تشتكي رائحة البدو.
ومازالت محنة الاغنام عالقة .. واني حقيقة ساتاسى ان ازالوا تلك الاغنام من مكان حديقتهم ، فلقد كان تواجدهم ضمن الحي يضيف اليه دفئا وهدوءا وسكينة .
اسفي على (حضر ) قطّع اوصال الانسان مع ارضه وزرعه وبيئته .
السلام عليكم
تعليق