القرءان قرئين
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
لم يتصدى الفكر الاسلامي لمعالجة لفظ (القرءان) وتعاملت مدرسة العقيدة مع لفظ القرءان بصفته اسم مسمى في القرءان يحمل مضامين ما بين دفتيه .
الاسم يقوم بيننا كبشر بطريقين :
الاول : ان يكون الاسم دليل المضمون المسى فنسمي هذه المدينة (نجف) مثلا لانها ارض مرتفعة او نسمي هذه الالة (سيارة) لانها تسير
الثاني : الاتفاق على الاسم ليكون معرفا فنسمي شارع في مدينة باسم (شارع المنصور) او نسمي باخرة باسم (تدمر) وهي وسيلة تعريفية او نسمي فلان باسم (زيد)
الباحث في القرءان لا يقبل عقله بالطريقة الثانية للتسمية لان الله هو المتكلم وحكمته البالغة لا تسمح ليتفق مع غيره لتسمية القرءان قرءان او ان يضع له اسما تعريفيا مجردا من مضمونه
من هذه التثويرة في القرءان يقوم العلم بتسميته لمعرفة القصد الالهي من تلك التسمية . مصداقية لحديث شريف (من اراد العلم فليثور في القرءان)
القرءان هو مجموعة الفاظ لا غير .. فهو لا يحوي على رسوم او جداول او معادلات حسابية فهو لفظ مترابط
اللفظ يصدر من المتكلم دائما وهي بداهة عقل يدركها العاقل الراصد الى كينونة اللفظ
اذن يكون اللفظ حصرا هو مداليل قصد المتكلم وبما ان المتكلم هو الله فان تلك المداليل اللفظية تقع في مقاصد قائلها وهو الله سبحانه وهنا يقوم قرء اول في القرءان
سمع العرب القرءان فادركوا الفاظه بموجب مقاصدهم في الالفاظ فقام قرء ثان في القرءان
فقرءان ربنا قرئين :
الاول : عندما تكون مقاصد الالفاظ عائديتها لله سبحانه
الثاني : عندما يكون اللفظ دليل قصد السامعين
فقام الاسم القرءاني في مضمونه التكويني بقرئين الاول فيه مقاصد الله والثاني مقاصد السامعين فاصبح اسما للقرءان (قرء + قرء)
فهو يرفع وينصب بتحريك اخر اللفظ مثله مثل لفظ (عدنان) فهو لفظ يدل على (عدن + عدن) فيكون عدنان ولا ينصب فنقول (شاهدت عدنان) بفتح النون ولا نقول (شاهدت عدنين) لانه اسم وليس مثنى ومثله عندما تقول (هذا عدنان) ولا تقول (هذان عدنين) لان العقل يتعامل عربيا مع اسم وليس مثنى
مثله القرءان فنقول (هذا القرءان) ولا نقول (هذين قرئين) لان التعامل العقلاني مع اسم تكويني يحمل صفة واحدة لا تنفصل (قرء + قرء)
تلك حكمة القرءان البالغة حتى في اسمه
اذا اخذنا قرء مقاصد الله في مثل للتوضيح مع لفظ (محراب ) سنجد ان المحراب هو موقع صلاة المصلي
(فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ)(آل عمران: من الآية39)
وعندما نزيد بحثا في مقاصد الله في المحراب نجد ان للمحراب مدخل ومخرج وسور
( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ ) .. (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ ) ... (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ) (صّ:21)
في مقاصدنا نحن او العرب الاقدمين لا يوجد للمحراب مدخل او مخرج او سور ، عند هذه النقطة تقوم فارقة العلم القرءاني
يقوم العلم عندما يعود القرءان الى اولياته التكوينية في مقاصد الله فيكون الفعل (تأويل) وهو لا يعني تفسير كما هو سائد من فكر بيننا بل يعني البديء باول تكوينة للقرءان في رصد مقاصد المتكلم وهو الله وعدم الاتكاء على مقاصد السامعين للقرءان
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ) (آل عمران:7)
الله يعلم تأويله : فهل الله يفسر القرءان !!!
فما هو تأويله !! هل يمكن ان يكون في العودة الى اولياته !!
وما هي اولياته ..؟
هل يمكن ان تكون في مقاصد الله في اللفظ دون مقاصد السامعين !!
هل يمكن ان نعتبر ان مقاصد السامعين للفظ قرءاني هي المتشابهات ..؟؟
وما اكثرهن في تفسير القرءان !!!
وما اعدمهن في مقاصد الله !!!
فاذا قرءناه فاتبع قرءانه * ثم ان علينا بيانه ـ القيامه ـ
تلك معادلة فكرية مثارة في قرءان الله في زمن معاصر
الحاج عبود الخالدي
تعليق