الصيام فطرة خلق يحملها العقل البشري ولكل الاديان
من اجل بيان سنن التكوين في الصيام
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (سورة البقرة 183)الكتاب هو ما كتبه الله في الخلق وهو مدرك فطري يعرفه حامل اللسان العربي لانه لسان مبين (واضح) الا ان الموروث التفسيري جعل مفهوم (كتاب الله) انه (القرءان) ورغم ان القرءان هو مفصل من مفاصل ما كتبه الله في الخلق الا ان كل صغيرة وكبيرة في الخلق هي كتاب كتبه الله في الخلق ونقرأ
{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } (سورة الأَنعام 59)
الذين ءامنوا معرفين بانهم (المؤمنون) وصفاتهم في ثقافة الفقه الموروث ان الايمان هو ما وقر في القلب في توحيد الله والاعتراف بربويته الا ان اللسان العربي المبين يتعامل مع لفظ الايمان على انه من تخريجات جذر (أمن) ومنه الامان والتأمين فاذا كانت ادوات الامان الهية المنشأ والنفاذ فانه الايمان بالله واذا كانت ادوات الامان من دون الله ومن غير الله فانه ليس بامان ولا ايمان بالله كما هو طالب الامان بالادويه الكيميائيه مثلا فهي ادوات أمان جيء بها من دون الله ومن غير الله فـ ندرك يقينا ان تناول الادوية يقوم لطلب الامان من الامراض التي تصيب الناس الا ان طالب الامان انما استخدم ادوات غير الهية المنشأ فكان لـ الادويه ما كان بين الناس في زمن اشتهر بامراضه الفتاكه والمزمنه مثل السكري وضغط الدم وغيرها وهي مظاهر يترجمها العقل الفطري بصفة (اللاأمان)
الذين ءامنوا كتب عليهم الصيام كما كتب على الذين من قبلهم .. فاذا عرفنا ان الكتاب يعني ما كتبه الله في الخلق فعلينا ان نتدبر النص لمعرفة (الذين من قبلكم) فمن هم ؟؟ السابقون ؟؟ ومن هم ؟؟
قبلكم ... لفظ من جذر (قبل) وهو يحمل مقاصد القبول ويحمل مقاصد ظرف الزمان (ماضي) الا ان الباحث عن الرابط (العلمي) من النصوص الشريفة عليه ان يتعامل مع لفظ (قبل) بقصديه (الماضي) و (القبول) ذلك لان ارتباط المقاصد بحروف النطق هي سنة الهية كتبها الله على الانسان الناطق الذي انطقه الله , ولغرض بيان مقاصد الله سبحانه في لفظ (قبل) لاستخدامه من قبل الانسان الناطق فلا بد من فرض حرفية القرءان الملزمة لحملته لانها خامة النطق وهي خامة اللسان العربي المبين (الواضح)
لفظ (قبل) في علم الحرف القرءاني يعني (نقل فاعلية ربط متنحية القبض) فاذا كانت المقاصد في (من قبل) في الماضي فـ فاعلية الربط متنحية القبض يقينا لانها وقعت في الماضي , واذا كانت المقاصد في (القبول) وليس على مقاصد الماضي فالقبول يولد في العقل وقد كان متنحي القبض يقينا فالقبول لا يصدر على قبول سابق بل القبول يمثل فاعلية ربط متنحية القبض فقبضت بالقبول ففي الزواج مثلا يقوم (القبول) وقد كان متنحيا قبل الزواج لذلك فان لفظ (قبل) علميا يعني (نقل فاعلية ربط متنحية القبض) سواء كان في قصد (الماضي) او في قصد الرضا (القبول)
اذا عالجنا ذلك الترشيد العلمي للفظ (قبل) وفق مفهومنا للماضي فان الصيام قائما في السابقين سواء كان في قوم نوح الذين اخبرنا الله في قرءانه اننا خلفاء لهم { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } او في قبولنا لمنسك الصيام بصفته قبول (فطري) مودع في عقل الانسان دون غيره لان المخلوقات الاخرى لا تمتلك فاعلية الصوم وليس من سننها لان الله لم يودع فيها سنة الصوم رغم ان بعض الحيوانات تسبت في الشتاء الا انه ليس على قيمومة الصوم فالحيوانات السابته مثل الاسماك او بعض اصناف الدببه او الضفادع في بعض الاقاليم وغيرها انما تمارس السبات لمعالجة برودة الاجواء والحفاظ على حياتها من الهلاك اما الصوم فهو لغرض اعادة تأهيل مرابط الجسد عند الانسان لهدف صحي محض
نظرة في كتاب الصيام مع علوم الله المثلى
كما كتب على الذين من قبلكم ... نص شريف يبين ان (علة الصيام) مكتوبه على الذين (من قبلكم) في الماضي او في قبولكم مثلما نقول في منطقنا (كتب عليكم الخدمة الالزاميه في الجيش الوطني كما كتبت على الذين تطوعوا من قبلكم للخدمة في الجيش)
من السطور الموجزة اعلاه نقرأ النص القرءاني العظيم
{ إِنَّهُ لَقُرءانٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ } (سورة الواقعة 77 - 78)
ففي الكتاب المكنون نرى ان سنة الصوم ومنسكه موجود في كل الديانات البشريه سواء الديانات السماويه او غير السماويه مثل البوذيه والهندوسيه وغيرها رغم اختلاف طرق الصوم في ميقاته وفي اسلوبه وفي الامساك الكلي عن الاكل والشرب او الامتناع الجزئي او الاختلاف في مواقيته السنويه او مواقيته اليوميه ومدة الصيام فهي (فطرة عقل بشري) كتب الله فيها الصيام والاكثر شهرة من ذلك كله هو ممارسة (الريجيم) الحضاريه التي شملت الاغلبية الساحقه من البشر فهي ممارسه لشكل من اشكال الصيام بالامتناع عن المأكل او المشرب نوعا او كماً لاغراض (صحية) محض سواء استخدمت للتنحيف او لغرض الوصول الى العنفوان الصحي
الصيام سنة خلق مودعه في فطرة العقل البشري عموما عندما يتعرف عليها الصائم فـ يدرك اهميتها القصوى سواء قام اهله او مجتمعه بتثقيفه لـ منسك الصوم او كان علمانيا لا يتصل بالدين باصرة صلاح الا ان الاتصال بالعقل عند العاقل يدرك بفطرته التي اودعها الله فيه ان الصيام ضروره من اجل تعديل صحة الانسان او وقف تدهورها في ابسط طموح
{ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } (سورة القيامة 14 - 15)
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى ان تكون ولايته لغير الله
تعليق