وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ
من أجل معرفة مرابط الدين
{ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } (سورة الأَعراف 198)
ثقافة الدين عند المسلمين (حصرا) دون غيرهم من حملة الاديان حملت نوعا من التكاليف الدينيه بما يختلف عن الاديان التي سبقته الا وهي ثقافة الجهاد من اجل أسلمة الاخر بشكل قسري رغم ان الاسلام نزل لاول مره في مجتمع مكه وكان لكل قبيلة فيها إله يمثله صنم منتصب في حرم مكه الا ان صراعا دينيا لم يجري بينهم وكل عابد كان يعبد صنمه في مكان واحد دون اي صراع ديني الا ان ثقافة دين الاسلام حملت ما هو مختلف فـ غير المسلم يعتبر عدو لـ الاسلام وعدو للمسلم في اغرب ما حملت ثقافة المسلمين قديما واستمر مسجلا امتدادا نافذا في الاجيال اللاحقة ومنه زمننا المعاصر من خلال ثقافة دينيه تم اجترارها من التاريخ بدءا بشعارات الفتوحات الاسلاميه وكان اكبرها (فتح مكه) على ان الدعوة الاسلامية هي (دعوة سيف) ناسين ومتناسين (صلح الحديبيه) والذي لم يقيم عند المسلمين ثقافة (المصالحة) بل قامت ثقافة مغايرة من خلال ترسيخ واجب المسلمين في ممارسة الجهاد لـ (اسلمة الناس) اجمعين كرها او طوعا الا ان نص الاية وكأنه يزرع (اليأس) في قلوب حملة تلك الثقافة الدينية حين نقرأ سنة التكوين في ذلك النص (وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون) !!
زحزحة العقل عن تلك الثقافة المأساويه لا تقوم الا حين يتم اتخاذ القرءان دستورا يعلو ويفوق الثقافة التأريخية لـ الاسلام سواء كانت في تفسير ءايات القرءان او في الروايات التي التحقت باسباب النزول فان كان لـ نزول القرءان سببا في ماضيه الا ان حاضرنا لا يرتبط بتلك الاسباب جزءا او كلا لانها (اسباب مجتمعية) تتغير بفناء المجتمعات لترثها مجتمعات اخرى مرتبطة باسباب مختلفة تفرضها طبيعة المجتمعات المتعاقبة وبذلك يتضح أن استمرارية الاسلام لا تحمل سبب بداياته باي شكل من الاشكال واوضح صوره نراها اليوم ان مكه ليس فيها اصنام معاصرة !! وقد اكدت نصوص القرءان تلك الصفة
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْءانُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } (سورة المائدة 101)
بيان مبين من قرءان مبين يؤكد اعفاء اسباب النزول (حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْءانُ تُبْدَ لَكُمْ) والاكثر وضوحا في بنية العقيدة الاسلاميه ما جاء في القرءان من تحديد لمسار المكلف المسلم في أسلمة غيره من غير المسلمين
{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا } (سورة المدثر 11)
ءاية مستقلة في دستور قرءاني تحمل استقلالية أمر الهي لا يمكن تناسيه او تأويله في غير اولياته خصوصا ان (هدي الاخر) قد تم حصره بيد الله دون غيره من البشر مهما بلغ ذلك البشر من قربى لله سبحانه
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } (سورة النحل 36 - 37)
ذلك ان الله (يهدي ويضل) وان الهدى والضلاله تمر عبر نظام إلهي النشأة والنفاذ بدءا بالهدى { قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ } وانتهاءا بالضلالة { وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ } واذا قرأنا القرءان فهو يهدي للتي هي اقوم
{ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } (سورة النساء 88)
فاذا كان الله (يضلل عبده) فهل يتمكن عبد غيره ليهديه وهنا تتوضح وظيفة الاية الشريفة في سورة الاعراف
وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ
{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } (سورة النحل 125)
قاعدة البيانات المنشورة في علوم الله المثلى رسخت أن لفظ (أعلم) لا يعني (المعرفة بالشيء) بل يعني (مشغل مكون العله) فالله سبحانه هو (مشغل العلة) لـ المهتدي و لـ الضال وهو القائل ذرني ومن خلقت وحيدا ولكن التكليف ان يسعى المكلف الى عدم الكتمان في ما يهدي اليه ربنا { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ }
من لا يسلم ومن لا يؤمن ومن لايتقي ومن لا يقيم الصلاة ومن يكون ملحدا او بوذيا او هندوسيا او يهوديا او ان يكون مسلما على مذهب زيد او مذهب عمر لا يلزم المسلم بهدايته او ترشيد دين الاسلام له الا بموافقته المباشرة ونسمع القرءان وننصت له
{ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا } (سورة مريم 43)
وذلك الرشاد من (ملة ابراهيم) الراسخة في دستورية القرءان وهي تخص اقرب الناس لابراهيم (اباه) طالبا منه أن (اتبعني) ولم يحاربه او يقسو عليه في الكلام ونقرأ في دستورية ملة ابراهيم التي من رغب عنها سفيه العقل
{ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا } (سورة مريم 48 - 49)
ذلك الرشاد الفكري (اعتزال الكافرين بالله) سواء كانوا كفرة دين او كفرة مذهب هو سنة ابراهيميه ملزمه لمن يريد ان يخرج من صفة (سفه النفس) التي الحقها الله بالراغب عن ملة ابراهيم
{ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } (سورة البقرة 130)
ورغم اليأس الذي تزرعه بيانات النص الشريف (تراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون) نقرأ ما هو اكثر يأسا
{ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ } (سورة الأَعراف 193)
ولكن ....
{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } (سورة الذاريات 55)
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
تعليق