سر العقل والسماوات السبع ـ السماء الثالثة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
العضو كوحدة من وحدات الكائن الحي هو الاكثر فهما بين الناس فكل الناس تعرف الكثير من الاعضاء الظاهرة كالأذن والعين والكف واللسان .. كما تعرف الكثير عن الاعضاء الداخلية من خلال التعرف على الاجزاء الداخلية للحيوانات المذبوحة واستخدام تلك الاعضاء كمادة غذائية كالكبد والكليتين والقلب وغيرها .. والناس جميعا يعرفون ان هنلك اختلافا جوهريا بين تلك الاعضاء حسب وظيفة كل عضو ولعل مدارك السابقين كانت واضحة من خلال اختلاف مذاق كل عضو منها عندما تكون غذاءا لهم .
العلم الحديث امعن كثيرا في دراسة الاعضاء وذلك من خلال معالجة الامراض التي تصيبها وقد وصلت المدرسة العلمية ذروتها في زمننا المعاصر حيث تقدمت البحوث في البايولوجيا وبحوث الفيزياء الحياتية كثيرا وبقيت ولسوف تبقى مجاهيل هذه المستعمرة العلمية هي الاكثر غموضا بسبب الرصد المادي لوظائف العضو وغياب أي راصدة عقلانية عدا بعض الاشارات التي لم تغن الحاجات العلمية ..
السماء الثالثة .. عقلانية العضو .. من الامور المعروفة والشهيرة جدا الا انها غير ملتصقة بخارطة الخالق في السماوات السبع ... العلم والناس لا يعرفون ان تلك العقلانية هي سماء ثالثة في ترتيب مستويات العقل لان مرابط القرءان اللفظية مربوطة في التاريخ فاصبح القرءان لا يمتلك مرابط متجددة مع الحركة العلمية لكي يرى الناس ان عقلانية العضو بصفاتها هي سماء ثالثة وبقي لفظ السماء في الفهم مربوط بمرابط الفهم القديمة في كونها طبقات مادية جغرافية وكأنها بناية من سبع طوابق ..!! ذلك ما كان له مبررا في التاريخ وليس مبررا في زماننا فالسابقون لم يعرفوا المادة الا من خلال الماء والهواء والتراب والنار ولا يعرفون كيف تكون الصفات الغالبة كما نعرف اليوم الاوكسجين وتركيبات الذرة .. اذن فالقرءان يؤكد لنا انه كتاب مذخور يلبي متطلبات البشر في كل الدهور وربما سيأتي يوم على البشرية يرون في السماوات السبع علوما اكبر بكثير من علومنا المعاصرة عندما يتقدمون في مفاهيمهم لرابطة الصفات الغالبة ...
عقلانية العضو هي اعلى مستوى عقلاني عند النبات .. النبات يمتلك ثلاث مستويات للعقل فقط وبسبب ذلك كان النبات قادرا على تعويض ما يقطع منه بشكل يختلف عن بقية المخلوقات ذات المستويات الاربعة وذلك لعدم وجود مستوى عقلي رابع يتحكم بالعضو الذي هو من مستوى ثالث ...
النبات يتكاثر من خلال أي عضو من اعضائه او من خلال بذوره .. رغم ان تلك ظاهرة غير عامة ولكنها ممكنة مختبريا فيمكن تكاثر المخلوق النباتي جميعا من خلال جذوره او ورقه او ساقه والدليل هو في الممارسات التقنية النباتية الحديثة من خلال الزراعة النسيجية التي تتعامل في التكاثر على انسجة النبات ... الانسان ما كان يعرف ظروف كل انبات وكثيرا من النباتات عرف الناس تكاثرها من خلال السيقان واخرى من خلال الجذور واخرى من خلال الاوراق .. ورغم ان الانبات بوسيلة البذور هي قاعدة عامة في الانبات ولكننا نرى ان النباتات الهجينة تنتج بذورا كما هي النباتات غير الهجينة الا انها بذور غير قابلة للأنبات وتلك صفة في مختلف النباتات المهجنة ... ويتم تكاثر النباتات المهجنة من خلال الترقيع او الاقلام وطرق متعددة يعرفها ذوي الاختاصاص .
استطاع العلماء قراءة الجينات الخلوية فاكتشفوا ان الجين يحمل كافة البيانات الوراثية للمخلوق وهي فعالة في كل خلية من جسد المخلوق الا ان الخلية عندما تكون في مستعمرة عضو معين فانها تقوم بالغاء برنامجها الاجمالي وتقوم بتفعيل البرنامج الخاص بالعضو فقط .. كذلك لوحظ ان جينات خلايا المخلوقات الطفيلية تحمل كافة البرنامج الوراثي لمضيفها وبالتالي فان التطفل يحمل في طياته موردا علميا مهما ...
عندما قام العلماء بنقل خلية من عضو هو لسان ضفدع ثم زرعوا تلك الخلية في عين ذلك الضفدع حيث لاحظوا ان الخلية المنزوعة من اللسان بادرت الى الغاء هويتها السابقة في عضو اللسان ونشطت في العين تحت هوية عضو العين .. ذلك يؤكد هيمنة عقلانية العضو في جسد المخلوق رغم ان العلماء يعرفون جيدا ان البناء الخلوي هو بناء موحد ولكنه يتخصص في الاعضاء وقد تعززت تلك النظم المعرفية عند التعامل مع خلايا اولية غير متخصصة اطلق عليها اسم (الخلايا الجذعية) والتي تعتبر خلايا خام لم تمارس اختصاصا عضويا بعد ...
الخلايا الجذعية يمكن ان تسجل الاحرف العقلانية الاولى في فصل سماء الخلية وسماء العضو حيث استطاع العلماء زراعة الخلايا الجذعية الخام في الاعضاء المتضررة وحصلوا على نتائج مرموقة وبذلك يستطيع العلم بتقنياته ان يصنع بديلا للعضو المتضرر من خلال الخلايا الجذعية ولكن بعد ان يعرفوا حقيقة منظومة الخلق فقد ورد في القرءان مفتاح علمي في مثل بقرة بني اسرائيل التي ذبحت تحت مواصفات مثبتة ثم قال الله (اضربوه ببعضها) وكان الضرب ببعض من البقرة المذبوحة لغرض احياء ذاكرة القتيل ..!!
سماء العضو سماء واسعة المرابط تمثل كيان المخلوقات بمجملها وان عملية فهم منظومة العضو في تلك السماء تعني تسجيل قفزة معرفية عظمى ويستطيع العلماء ان يرصدوا سنن الخلق عند الحيوان تحت منطوق السماء الثالثة وليس تحت منطوق المادة الكونية وبذلك يستطيع العلم ان يقدم للبشرية منظومة الدفاع العضوي من خلال الدخول على المنظومة العضوية وليس الخلوية وبالتالي يمكن معالجة الكثير من العوارض والامراض ويصل العلم الى مراتب عليا اكثر يقينا من مراتب العلم القائمة الموصوفة بالشك والحيرة من القراءات التي يقرأها العلماء لخارطة المخلوق .
وجد العلماء ازمة في السرطان عندما يكون ذا عدوى عضوية واحتاروا في انتقال السرطان من رئة الى رئة اخرى في حين تكون الخلايا السرطانية ذات عدوى جنونية لكامل الجسد الا ان الانتقال العدائي الاسرع يكون بين الاعضاء المتناظرة ... كما في سرطان الثدي مما يؤكد ان العدوى السرطانية ذات رابط عقلاني مجهول في مدرسة الماديين ولكنه مسطور في خارطة الخالق في وعاء السماء الثالثة
عندما يرصد العلماء اعضاء الجسد لا يضعون منهجيتهم العلمية ان تلك الاعضاء تقع تحت منظومة واحدة هي السماء الثالثة ويرصدون النشاط الوظيفي للاعضاء بصفة مستقلة وان وضعوا رابطا علميا فهم يصرون على الرابط المادي بين الاعضاء ويفتقدون الى الرابط العقلاني الذي يربط عقلانية الكلية بعقلانية الكبد وتبقى مراصدهم محصورة في المادة الكونية كالهرمون او الوظيفة التي تؤديها الاعضاء .. ذلك لانهم لا يعرفون منظومة العقل التي نسطر منها الف باء علم عظيم مذخور في القرءان
يظهر ذلك الترابط العقلاني على طاولة الماديين في عمليات الرفض للاجزاء المزروعة حيث يقع منطوق (الرفض) تحت عنوان (عقلاني) ... وهو تصرف عقلاني محض اذ ان العضو المستبدل يحمل نفس صفات العضو المنزوع والعلماء يقتربون من تلك الرابطة العقلانية من خلال التطابق النسيجي الذي يرصدون اثره ماديا الا انهم يمسكون بالاثر ولا يمسكون بالمؤثر وهو في الوعاء العقلاني (السماء الثالثة)
في عقلانية العضو يظهر جليا الترابط بين السماوات الثلاث المادية والخلوية والعضوية وعندما يريد الباحث ان يربط بين تلك السماوات الثلاث فان الترابط بينها يجب ان يقرأ في خارطة الخالق وان الترابط المادي وحده لا يكفي لمعرفة اسرار التكوين وذلك ما يتحصل استدلالا في مدرسة الماديين عندما يتوقف العقل العلمي متحجرا ازاء حافات علمية محيرة غير معروفة مثل مرض السرطان وامراض الدم عموما وكثيرا من الايات الالهية في نراها في انفسنا وفي الآفاق وكلها تعلن عجز العقل الانساني في رصد حقيقة الخلق في الناظور المادي (الصنمية) وفي نفس الوقت يحمل الفكر العقائدي دعوة العلماء الى مصدرية العلم الالهي
( إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)(النور: من الآية40)
الانغماس المادي في الخلق هي صنمية العصر التي غفل عنها العلماء وحتى المسلمون انفسهم وعلماؤهم ... المادة في الطب وفي عقاقير الطب وفي العمليات الجراحية كلها من مصدر صنمي واحد وان عبادة ذلك الصنم لم يكن في مختبرات العلم فقط بل السائرون في ذلك الدرب جميعا صنميون وهم لا يشعرون
الحاج عبود الخالدي
تعليق