العدوان الفكري على الملائكة
من أجل فجر يوم اسلامي جديد
(مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة:98) من أجل فجر يوم اسلامي جديد
النص الشريف يذكرنا ذكرى غاية في الاهمية وهي ذكرى ملزمة تلزم كل عقل حكيم ومضمونها يقع في موضوعية (العدوان) مع ملائكة الله فلا احد يعرفها لكي يعاديها .. لن يكون جبريل وميكال معروفين ماديا لكي يقوم معهما العداء .... عدو الله يمكن ان يكون له موضوعا عدائيا في ساحة مرئية مثل مؤهلي الالحاد الذين يعادون الله علنا ... عداء الرسل له موضوعية تكاد تكون معروفة عند ذوي العقائد غير الرسالية ... اما الملائكة فان موضوعية عدائها مفقودة تماما ... وفي مبالغة فكرية حين يكون للملائكة اسماء (جبريل وميكال) ليكون لهم موضوعية عدوانية يمكن ان يمسك بها العقل من قريب او بعيد .
تدبر النص القرءاني واجب تكليفي لقاريء القرءان وهو منهج مهم في القرءان يضع لكل نص شريف مفتاح عقلاني في عملية التدبر ولعلنا نمسك بحقيقة المفتاح العقلي في عملية التدبر من خلال تدبر نص صريح في القرءان
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرءانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)
فالتدبر القرءاني يصاحبه قفل قرءاني يحتاج الى مفتاح يفتح مدارك العقل من اجل فهم رسالة إلهية مؤكدة يقينا موجهة لحامل القرءان فان اهملها حامل القرءان فعليه ان يستحي من الله ذلك لان طبيعة الانسان ان يحترم رسالة من يرسل اليه رساله فيفتحها خجلا من مرسلها وعليه ان يقرأ الرسالة ليكون ءأدميا بحق مرسل الرسالة وتلك نصوص رسالة إلهية وفي كل نص مضمون تخصصي في رسالة إلهية الى حملة القرءان وتحتاج الى مفتاح لاي اقفال قد تظهر على مقالب الفكر (قلوب) ليمسك حامل القرءان بمضمون الرسالة الإلهية الموجهة اليه فيرى في عدوانية الملائكة قفل فكري يستوجب فتحه والله يعلم ان عباده لا يتصلون بالملائكة لكي يعادونهم فكيف جاءت الرسالة بحكمتها المؤكدة واين مفتاح التدبر لمثل هذا النص ..!!؟؟
الملائكة وميكال وجبريل هي مسميات حملها الفكر الاسلامي وليس لها وجود تطبيقي مرئي بين الناس ولا توجد حاوية مادية محددة يمكن التعامل فيها مع مخلوق الملائكة عدا مساحة فكرية سطرها القرءان وتحدث بها الاسلام عن حقيقة وجود مخلوق الملائكة ككائن مكلف بتكاليف خلق ضمن منظومة الخلق التي احسن الخالق نظامها ..
الملائكة اذن هي مخلوقات متواجدة في ساحة فكرية عقائدية محض وليس لها تفاعلية مرئية في ميدان مادي فيكون مفتاح النص الشريف هو منع العداء الفكري في واحة عقائدية فمن كان عدو الملائكة انما سيكون عدو فكر عقائدي يخص الملائكة حتى وان سمي باسماء غير مدركة المضمون مثل (ميكال وجبريل) وتلك الامثال يضربها الله في القرءان ليتفكر بها الناس وحملة القرءان هم المرشحين للتفكر فيكونون امة وسطا بين الامم يمنحون البشرية فرصة التعرف على الرسالة الإلهية للبشر عموما
العدوان ضد الملائكة هو عدوان فكري محض يختص بواحة عقائدية محض فالله يمنع حامل القرءان ان يقيم عدائية فكرية في مادة عقائدية وان لم يعرف مضامينها مثل مخلوق الملائكة ذلك لان الله سبحانه هو المتصل مع العـُبـّاد فكل عابد انما هو متصل بربه ولا يحق لاي عابد اخر ان يتدخل في صلة متصلة بالله لان في ذلك سيكون عدوان على الله وعلى رسله بتبعية فكرية تعترض على برامجية الله في خلقه
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (المدثر:11)
فمن لم يترك الله وحيدا مع خلقه انما يقوم بعدوانية على الله نفسه لانه تدخل بما لا يرضي الله وخالف امرا رساليا واضحا الا ان الناس عنه غافلون
(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56)
عندما يدور الواحد منا على الشبكة الدولية ليرى هوية المسلمين في فرقهم سيجد حقيقة فرقتهم القاسية وكل ذي فرقة عدواني فكريا على غيره فيتدخل في عبادة الاخر وصلته مع الله وكأن الله بغافل عما يعملون وهو الذي يعلم ما يعملون اكثر من الله او حريصا على العباد اكثر حرصا من الله وكأن الله غير قادر على هدايتهم وهو انما بشر بفكره المحدود يكون القادر على هداية حامل الفكر الاخر ومن هذا الموقع سيكون المتأسلم المهاجم هو عدو الله يقينا لانه تدخل في شؤون الهية محض
( فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) الشورى (15)
دساتير الله والاسلام تتعرض للعداء حين يقوم داعية تكفيري وخطيب هجومي معتقدا ان الله طلب من الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في صومعة دين فيكون ما يحمله من فكر هو المعيار الحق لكل فكر ديني اخر فاي فكر يحمله غيره يجب ان يصادق عليه هو بما يحمل من فكر وبالتالي اصبح كل داعية هو رسول سماوي في عجينة عقائدية متباغضة حتى في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تحول الى صيغة بغضاء مجتمعية بما اتصف من صفة عدوانية تحت ناصية فكرية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر باختصاص يختص بشؤون الدين والمعتقدات وبين ايدينا موانع تمنع محاربة الفكر العقائدي بمسمياته ومضامينه وان كانت غير معروفة للاخر.... الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقيد سبل الاتصال بالله ويبرمجها كما يبرمج الداعية سبيله بل الامر بالمعروف يتخذ صيغ مدنية في محاربة وتقويم الاعوجاج في النشاط البشري فمن لا يعلم اولاده القرءاة والكتابة او مهنة حرفية فانه محل للامر بالمعروف ومن يسيء لاولاده او ابن يسيء لابيه انما يخضع للامر بالامر بالمعروف وكثيرة هي النواهي والاوامر بما لا تزرع الكراهية والبغضاء تكون لغرض قيام النظم النبيلة فلو ذهبنا الى اليابان فلسوف نرى ان اكتافهم لا تتداعك بينها مهما بلغ الزحام الاوج عندهم فكل منهم له حدود لا تتعدى على الاخر ..!!
العداء الفكري في النظم العقائدية يعني عداء لله لانه دخول على تخصص الهي وحامل القرءان عليه ان يقرأ
(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون:6)
وضع النص في رف سردي يخص خصوصية قريش ورسول الله عليه افضل الصلاة والسلام وتناسى كثير من المسلمين ان القرءان رسالة وليس لسرد حكايات وان كانت قصصا فهي لا تخص شخوصها بل تتصل برسالة الهية وتحتها قوانين لله .... دعاة الدين يتخذون منبرا فكريا معاديا على الفكرالعقائدي عند الاخر ولا يقفون عند هذا النص موقفا سليما مع ربهم فهم في عدوان فكري مع الله نفسه فيما لم يحسنوا فيه امرا إلهيا ..!! لو كان تصرفهم شخصي الاثر والمؤثر فهو معصية صغرى وان كانت كبيرة كما في شرب الخمر الا ان العدوان الفكري العقائدي يؤثر في برنامج الله في خلقه وهو معصية تعبر سقف الاثر الشخصي كشارب الخمر الى اثر عام يتسبب في نتائج سلبية كثيرة يحمل وزرها الداعي العدواني على الفكر العقائدي عند الغير وهو يظن انه يحسن صنعا ..!!!
تلك تذكرة فمن شاء ذكر ومن شاء هجر وقل
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
والله أعلم بالمهتدين
الحاج عبود الخالدي
تعليق