تويت
النصر في الضياع الفكري
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
اصعب الصراعات الفكرية هي تلك التي تتعارض مع الامزجة ...
من اجل ذلك فان مطلبنا الرئيس في هذه الاثارة هو المطالبة بمهادنة مع محبي كرة القدم لان الاثارة الفكرية ستكون قاسية على الامزجة التي تحب تلك اللعبة .
التعادل الفكري سيكون في وصف الحضارة في لعبة اسمها لعبة كرة القدم ... !!
عندما انتصرت روسيا على المانيا في الحرب الثانية كان وعاء النصر مليئا بالمفاخر والبطولات وقدسية تحرير الارض الروسية من الاحتلال ..
عندما يبحث الفكر المتعادل عن انتصار روسي على المانيا بهدفين مقابل هدف واحد ..!! اين يكون وعاء النصر ..؟؟
اين الثقل الفكري في مسجلات النصر ..؟؟
هل تحررت ارض ..!! هل اكتشفت روسيا علاجا للسرطان ..!! هل تم بناء الاعجوبة الثامنة في روسيا ...!!
ليس اكثر من هدفين ...!!!
قلت لاحد المفكرين ... لا اعرف ما هما الهدفان الذي احرزتهما روسيا على المانيا لتسجل نصرا عظيما ..؟؟؟ هل ذلك يعني تحرير مدينتان مثلا من احتلال الماني في عالمية ثالثة لم اسمع عنها ..؟؟
قاجابني ذلك المفكر قائلا ... انك جاهل بحضارتنا المعاصرة ولا تعرف رقيها فان الهدف هو في دخول كرة جلدية في مستطيل له ثلاثة اضلع من انبوب حديدي وضلعه الرابع هي ارض الملعب ..؟؟
قلت له اريد ان اعرف موضوعية النصر لذلك اتسائل عن النصر الروسي على المانيا لانكم وصفتموه بالنصر التاريخي ..!!
فقال لي محدثي .. اسمع ... ان حضارتنا وصلت لاوجها فاصبح النصر تصنعه اقدام اللاعبين !!!
فقلت له كم عددهم ... فقال احد عشر لكل فريق ... فقلت له اقدام احد عشر لاعبا تصنع نصرا دوليا ..!! تلك حضارة متطورة اذن ...
لم يكن الاستهجان الفكري مقصودا في المحاورة المفترضة في هذه السطور بل مفروضا على العقل عندما يرى شعوبا تقف على بكرة ابيها من اجل كرة تدخل بين ثلاث اعمدة ...
تهز الشباك ... بل تهز مشاعر جماهير لا توصف بالحجم ولا بميزان عقلي يمكن معادلته ..؟؟
كنت مسافرا في احدى العواصم ... انتصر فريقها الوطني على فريقي الوطني وانا في تلك العاصمة في رحلة عمل ... لم استطع النوم حتى الصباح من اجل هدف حققه الفريق الوطني .. لم يكن هدفا كرويا ... بل انفجارا شعبيا يعجز العقل عن ربطه في مضامين فكرية راشدة .
شعب فقد رشده ... من اجل هدف وطني ..؟؟؟ اطلاقات نار ... حوادث سير ... هرج ومرج ... من اجل كرة وطنية في هدف معادي ..!!
اتهمت نفسي بالتطرف وقررت ان انزل الى الشارع لاشارك الامة العظيمة بنصرها العظيم ..!!
سرعان ما استوقفني هاجس فكري ... انا لست من الامة المنتصرة لان فريقي الوطني هو الخاسر ... انا عدو هذه الجماهير الهائجة اذن ... ربما سيمزقني ذلك الفرح الغامر ولسوف يمزق المنتصرون جسدي ...
مع كل مخاوفي الا اني حاربت افكاري ونزلت في رصيف الفندق وكان منتسبوا الفندق يرقصون ... انهم يعرفون جنسيتي ... فنادوا باعلى اصواتهم .. هذا من الخاسرين ... وكان اطلاق الرصاص في اوجه ...
ولكن احدا لم يوجه رصاصة الى جسدي ...
بل كانوا يوجهون الرصاص الى السماء ...!!
فعرفت انهم انتصروا على السماء ..!!
وليس على فريقي الوطني ...!!!
فعجبت ... وعجبت ... لان النصر يأتي من السماء ... وهم يطلقون النار في السماء ..!!
وفي اليوم التالي ودعوا فريقي الوطني بمراسيم فخمة ... ووزعت ادارة الفندق الحلوى وشملني مذاقها ...
وخرجت ادور في دوارات تلك العاصمة ابحث عن اثرا للنصر فلم اجد شيئا منه فقد اصبح النصر رمزا لأمة تعشق الرموز حتى ولو كان وثنا فرعونيا !!!
تلك حجيتنا في كلام صعب يطلب الهدنة من عشاق لعبة ... لعبة ... !! اسمها .. كرة قدم ... !!!
الحاج عبود الخالدي
تعليق