كيف اشترى الله الانفس ؟!
من أجل ترسيخ نظم العباده علميا
{ إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرءانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (سورة التوبة 111)
من المؤكد ان النص الشريف اعلاه يصيب العقل بـ حيرة كبيرة عند تدبره فكيف تباع الانفس وحامل النفس لا يخرج من حيازتها ! .. وكيف تباع الاموال ؟ .. هل باستبدال عملة كما في سوق تبادل العملات ؟؟ ام ماذا ؟ وهل بيع الانفس صفة تتعلق بها صفة القتال (يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) فهل الخروج للجهاد في سبيل الله (معارك مع الكفار) صفة قائمة في كل زمن وفي كل جيل من اجيال المسلمين وهل يستمر قتال الكفار بالسيف والقوة بلا توقف ؟؟ فكيف تم صلح الحديبية الشهير ؟؟ وكيف اطلق الرسول اهل مكة بعد فتحها (اذهبوا انتم الطلقاء) ولماذا لم يقتلهم جميعا ؟ فقتلهم واجب بموجب النص اعلاه وهم اعداء حقيقيون لـ الاسلام ولرسالته الشريفة !
من تلك الرجرجات الفكرية في القرءان (تدبر القرءان) يضطر الباحث في القرءان ان يبحث عن الصفات وليس عن مظاهر النص كما هو دارج في منطق الناس واول سؤال يقدمه الباحث لعقلانيته (كيف تباع النفس لله ؟) و (كيف يستلم الله المبيع) و (هل يستلم الله النفس بصفته مشتري ؟) و (كيف يستلمها ؟)
من تلك التساؤلات الفطرية يتدبر الباحث صفة الشراء من قبل الله (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) وهو عرض قدمه الله (ايجاب منه) للمؤمنين في شراء الانفس والاموال فكيف يقوم المؤمن باصدار (القبول) ليتم عقد البيع والشراء بموجب احكام البيوع التي اختص الانسان وحده حصرا في ممارستها فالانسان هو المخلوق الوحيد الذي يمارس عملية البيع والشراء السلعي والخدمي وهو شأن يعرفه كل حامل عقل ويمكن ادراكه بالفطرة المجرده فكيف تتم عملية بيع الشخص نفسه وامواله لله سبحانه ؟؟ هل الله يمتلك مخازن مثلا لايداع النفس المشتراة فيها ؟؟ وماذا يفعل الله بالنفوس حين يشتريها ؟؟ هل يستثمرها ؟ هل لله وكلاء يمارسون الشراء وكالة عنه ؟ وكيف يتم شراء اموال المؤمنين وكيف يتم تسليمها لله على انها عين المبيع !!
القرءان مبين وصفته انه (ذي ذكر) وعلينا ان نعتصر عقولنا لنتذكر ءاي القرءان في يومياتنا ومساحة حياتنا لنرى عملية البيع والشراء تلك لـ الانفس والاموال فيرى المتذكر كيف تقوم الذكرى من قرءان نزل لبشر يبشرهم (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
بيع الانفس :
{ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } (سورة الفجر 27)
{ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً } (سورة الفجر 28)
{ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي } (سورة الفجر 29)
{ وَادْخُلِي جَنَّتِي } (سورة الفجر 30)
متوالية ءايات رباعية تقيم العلم في عملية رجوع النفس عندما تطمئن الى الرب برضاها لعبادة الله فيتم الدخول لـ جنة الله وهو تأكيد لاخر الاية 111 من سورة التوبة (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
الله سبحانه ليس له بلاط او عرش مرئي او مكان مادي يمكن ان نرجع اليه ولكن بيقين مطلق ان خلق الله متاح بين ايدينا فعندما نركب سيارة مرسيدس مثلا انما نتصل بما صنعت شركة مرسيدس وعندما نأكل ونلبس ونشرب ونسكن في ما خلق الله لتلك الممارسات من أكل وشرب وملبس ومسكن انما رجعنا الى الله عابدين له وليس لغيره من الصناع بل صنعة الله
{ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ } (سورة الأنبياء 80)
وذلك هو من مثل سليمان (سلامة الفعل + سلامة اداة الفعل) فليس كل من لبس لباسا كان عابدا لله بل الذي لبس لباسا من خامته صنع الله يكون قد عبد الله فيأمن سوء ما خلق البشر من مواد تركيبية بشرية التركيب صنع منها خيطا ونسيجا يكون مرتديها قد عبد شيطنة الانسان ولم يكن عابدا لله
حين يكون المريض راجعا الى الله بنفس مطمئنة فان الله يهديه او يرسل اليه من يهديه الى استطباب طبيعي هو من خلق الله في عشبة او ممارسة تنجيه من مرضه وله بشرى حين باع نفسه لله والله المشتري وقد دفع الله ثمن الشراء مسبقا فقد احتوت نظم الله الاجمالية تغطية عامة شاملة لحاجة البشر فلم يترك ربنا علة مرضية الا وخلق لها الدواء الذي ينبت الكثير الكثير منه دون زراعة (عشب بري) ينمو في الجبال والسهول والصحارى يعلن عن كينونته والبشر يعرفون مرابط علله مع مرابط علل الامراض كما جعل الله في جسد البشر انظمة مناعة تقيهم العدوى من الامراض خصوصا حين يحافظ الآدمي على جسده من الضعف والتصدع ونقرأ وجه ءاخر من وجوه النص القرءاني
{ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } (سورة النور 26)
وان كان القانون في الاية الشريفة اعلاه ينطبق على الزيجات البشرية الا انه قانون عام يتطابق مع زيجات كل شيء في المأكل والمشرب والملبس والمسكن فمن يتزوج (يعاشر زوجه) ومن يأكل (يعاشر مأكله) ومن يستطبب (يعاشر دوائه) والقانون في النص الشريف اعلاه يبين تلك الزوجية بشكل مطلق فمن خبثت نفسه كان له رديف في الخبائث (معشر) ومن طابت نفسه كان لها رديف من الطيبات (معشر) وهنا تقوم تذكرة البيع للنفوس من باع نفسه لله يكون الله قد اشترى تلك النفس بشكل مسبق واعد لها ما تحتاج من خلقه كثمن لبيع نفسه لله فيحق له حين يعاشر ما خلق الله في قضاء حاجاته ان يقول (اياك اعبد واياك استعين) ومن يتلقف ادوية صنعها البشر يكون قد رفض بيع نفسه لله وباع نفسه لمنظمة سيئة الوصف من ورائها كارتلات سيئة الوصف ايضا وبشكل مشهور لجميع الناس بلا استثناء مع الاحترام البالغ للكوادر الطبية التي تؤدي يمينا (قسما) قانونيا في الحفاظ على صحة مرضاهم !! فهم صادقون في ما اقسموا به واقسموا عليه الا ان مرضاهم ما باعوا انفسهم لله بل باعوها لمؤسسات دوائية يعرفون جذورها !!
ربنا اياك نعبد واياك نستعين .. ذلك الوصف هو جزء مركزي من اركان الصلاة في قراءة سورة الفاتحة في صلاة المصلين ولكن هنلك وضوح في الغالبية الساحقة من افعال المصلين عندما يمرضون يعبدون مؤسسات الدواء وبها يستعينون !! والقلة من المصلين انما يستعينون بطيبات خلق الله فهم (طيبون) فينالون (طب اجسادهم) لان الطيبات لهم وهم لها بموجب نص القرءان وبشارته ان لهم الجنة وهي (حاوية الجني) يجنون خير ما فعلوا حين عبدوا الله واستعانوا به على تصدعات اجسادهم وذلك هو الشراء الذي اشتراه الله لانفس المؤمنين (طالبي الامان بــ الله)
شراء الاموال :
عند تدبر النص الشريف وهو امر لازم بحكم القرءان { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرءانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } ندرك بيقين واضح ومبين ان طالب الامان بــ الله عليه ان يعاهد نفسه ان لا ينفق من ماله درهم واحد الا في مرضاة الله حصرا فيأمن الشر ويعاشر الخير فيكون قد اودع ماله عند الله وما هو الا وكيل امين عليه فتراه ينفق امواله في سبيل الله
التذكرة اللفظية لنص (في سبيل الله) تكررت في القرءان قرابة 70 مره حسب الاحصاء الالكتروني وذلك يدل على ان (سبيل الله) له مسارب كثيره ومهمه خصوصا في الانفاق الا ان المدرسة التقليدية لتفسير القرءان حصرت ذلك السبيل في افعال معدودة لا تزيد عن عدد اصابع اليدين في (الجهاد القتالي + الصدقات + الزكاة + فعل الخيرات + اليتيم + ذوي القربى + ابن السبيل + المؤلفة قلوبهم + في الرقاب + والعاملين عليها ..) وقد حصر بعض المفسرين مستحقي الانفاق في سبيل الله بما اسموه (اصحاب السهام الستة) والذي وردت صفاتهم في النص الشريف
{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } (سورة التوبة 60)
ومنهم من جعل الزكاة جزء من الصدقات ومنهم من فصل بينهما الا ان نصوصا قرءانية اخرى وكثيرة رفعت الحصر عن سبل الانفاق
{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } (سورة البقرة 3)
الذين يقيمون الصلاة تم حصر صفتهم تفسيريا باقامة صلاة المنسك الا ان من يشرب ماءا غير معقم بعقاقير التعقيم انما يقيم الصلة بالله والذي يلبس ثوبا من قطن او صوف انما يقيم الصلة بما خلق الله فهو من المبشرين ببيعه نفسه لله ان له الجنة يحوي منها خيرات ربه فينجو من السوء والفساد وهو (الامان بنظم الله) وهو عين (الايمان بالله)
القتال : عرفناه من بحوث المعهد انه (وقف فاعليه لوقف فاعلية اخرى) فقتل المعتدي ليس لغرض ازهاق روحه بل لوقف عدوانه فهو وقف فاعليه لتتوقف فاعلية اخرى وبذلك نقرأ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ... فهم النص تفسيريا على انهم يقاتلون فيقتلون العدو والعدو يقتلهم الا ان فطرة العقل ترفض ذلك التخريج التفسيري لان النص اكد القتل المزدوج فربما لا يقتلون احد ولا يقتلهم العدو الا ان تحريك اللفظ لغويا بالحركات جعله يفهم على انه قتل متبادل الا ان الفعل يفهم وفق علم الحرف القرءاني عندما يستبدل حرف الفاء (فيقتلون) بحرف الواو (ويقتلون) فهي صفتان في القتل الاولى (فـ يقتلون) وهي تعني استبدال فاعلية القتل اي (وقف الفاعلية) بفاعلية غيرها مثلما يستبدل الانسان ثيابه من انسجة تركيبية بولمرية بثياب اخرى من خامة طبيعية فيكون تحت صفة (فــ يقتلون) اما الصفة الثانية (و يقتلون) فان فاعلية القتل ستكون مختلفة في الرابط وليس باستبدال الفعل كما في الصفة الاولى ومثلها حين يقتل المجاهد في سبيل الله (رابط) فاعلية القتل بنظم الحضارة و(يربط) الانسان حاجاته بنظم الهية ويقتل مرابط حاجاته بسنن سنها البشر مثل الانتماء الوطني فالارض لا تخلق بشرا ويقتل رابط العداء بينه وبين حملة المذاهب الاخرى لان رابطه مع سنن الله وفيها ان لا سلطان له على معتقدات الاخرين فيقتل في نفسه رغبة مرابط العدوان على حملة المذاهب الاخرى لان الله يقول
{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا } (سورة المدثر 11)
سبل الله لا تعد ولا تحصى وكلها تحتاج الى جهد (جهاد) في ذلك السبيل وليس غيره ونحن في زمن الحضارة نغبط الاولين قبل الحضارة لانهم كانوا خاضعين باغلبية ساحقه لطبيعة خلق الله ولا توجد شياطين من الانس وسنن شيطانية تعبث بطبيعة الخلق وتقوم بتغويم الناس بما صنعوا وينشئون (المعابد) لعبادة شياطينهم مثل (الشوارع المعبدة) التي يعبد الناس عليها شيطنة السيارات وبما ان الله سبحانه كان حافظا للذكر فاسموا (بفطرة النطق المتصلة بخلق الله) الشوارع التي تسير عليها السيارات بـ شوارع (معبدة) لتلك العبودية الحضارية ونرى ذلك بفطرتنا التي خلقها الله حين نكون في معابد شيطانيه على تلك الشوارع (المعبدة) فلولا تلك الشوارع المعبده والعريضة لما استطعنا ان نعبد سيارات عصرنا ولم نكن لنكفر بالانعام التي سخرها لنا ربنا لنستوي على ظهورها !! ذلك لان المدن القديمة فيها ازقة لا تصلح لسير السيارات بل كانت تصلح لسير انعام الركوب (خيل , بغال , حمير , ابل) ولكن فرعون زماننا خرم المدن طولا وعرضا ليصنع شوارع معبدة فيها !!
يقوم تساءل في عقل الباحث عن عبادة الله والاستعانه به في وسيلة التنقل بواسطة الانعام فهي مفقوده بالكامل خصوصا في المدن الكبيرة فكيف يخرق العابد لله عبادة الله والاستعانة بغير الله باستخدام السيارات ووسائط النقل الحديث .؟؟ فيكون القرءان مجيبا على تلك التساؤلات الحرجة التي تقوم في العقل
{ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } (سورة البقرة 286)
وَاعْفُ عَنَّا .. فالعفو الالهي صحبة لما لا طاقة له به فيكون مضطرا وعلى العبد ان يزيد من طاقته هو حين يخرج من المدينة الكبيرة الى مدينة صغيرة فتزداد طاقة تحمله وتقل مخالفاته تحت الاضطرار فينال عفو الله وعندها يستطيع عبادة الله اي يستطيع ان يبيع نفسه لله وكلما صغرت المدينة كلما كانت عبادة الله اقوى والاستعانة به امر متاح اكثر فاكثر حتى ورد في القرءان ما هو اكثر علمية لتلك المعالجة عندما نقرأ ملة ابراهيم في القرءان
{ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } (سورة إِبراهيم 37)
فيثور عقل الباحث ان ربي ما الحكمة ان يكون الواد الابراهيمي المرشح للسكن يتصف بصفة (غير ذي زرع) وعند تدبر النص يتضح ان المقاصد الشريفة تقع في صفة (غير ذي ناس) لان الزرع حين يكون في مكان ما يكون الناس ففي الصحارى والبحار والجبال الصخرية الوعرة لا يوجد زرع فلا يوجد ناس وعند تلك النقطة يثور عقل الباحث ايضا ان تلك الممارسة لواد غير ذي زرع (غير ذي ناس) شأن صعب وقاسي لغاية قصوى خصوصا عند ذوي المال القليل حيث الدولة الحديثة لا تسمح لمواطنيها ان يتخذوا من الاراضي الخالية سكنا لهم لان ملكية ارض الوطن الباطلة للدولة وليس لله وذلك ما اكده النص الشريف
{ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ } (سورة الزخرف 51)
دائرة اموال الدوله في اي مصر هي ملك للدولة (وزارة المالية) ولا يحق لمن هب ليطبق ملة ابراهيم ان يتخذ من الاراضي الخالية خارج المدن ارضا ليسكن فيها وهي غير ذي زرع وغير ذي ناس !! وبالتالي فان الصبر على مبدأ (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) ويعبد الله وهو يركب السيارة (اضطرارا) وهو كافر بها ولا يعبدها كما يعبدها الغافلون عن حقيقتها فله في نظم الله خصوصية المضطر والحفظ الالهي كما سنرى
{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي ءادَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ } (سورة يس 60)
لا يوجد عدو مبين اكثر بيانا من سيارات عصرنا فقد اعلنت منظمة الصحة الدولية بيانا احصائيا عن عدد القتلى بحوادث السيارات عام 2018 بـ اكثر من 35 مليون شخص غالبيتهم الساحقة من غير المسنين والرقم هو رقم كارثي وبائي او بيئي ولكن الناس عشقوا طاغوت السرعة فعبدوا السيارات في معبدها (شوارع معبدة)
من تلك الهمهمات الفكرية الحرجة يستطيع الباحث ادراك حرج المؤمنين الذين لا يستطيعون بيع انفسهم بالكامل لمشتري هو الله سبحانه وكذلك بيع اموالهم فالناس تشتري بتلك الاموال التي يريدون ان يشتريها الله سيارات عصرية مجبرين على استخدامها الا ان الامل الكبير هو ان الله سبحانه لا يهمل حقوق عبده (البائع نفسه) لربه العابد لربه والمستعين به في كل شيء الا تلك الاشياء التي تفوق طاقته وتعلوا فوق وسعة تلك النفس المأمورة بالعبادة ونسمع القرءان
{ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِوَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } (سورة البقرة 286)
{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ } (سورة الأنبياء 94)
فليعمل كل حامل نفس على بيع نفسه وامواله فالله قد اشترى الانفس والاموال بموجب نظام جبار وحكيم وفيه بشرى من الله وان حصلت عقبات لا يمكن اجتيازها فان الله يمـّكن العبد من المغفرة ويمنحه العفو لاصلاح ذات نفسه { وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } فمن يركب السيارة او يشتريها جبرا له ان يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم فيخف عنه السوء بل يحفظه من الشياطين بموجب قانون دستوري
{ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } (سورة الأنبياء 82)
ذلك الوعد الشريف يحتاج الى تفعيل الصفة السليمانية (سلامة الفعل + سلامة اداة الفعل) فيكون محفوظا بامر الهي وان استخدم الشياطين ومنها السيارات ولعل سلامة الفعل وسلامة اداة الفعل من الشؤون المسيطر عليها في زمن الحضارة وفي زحمة السيارات
الله سبحانه في مكنون خلقه قد دفع ثمن شراء انفسنا واموالنا (إن كنا مؤمنين) مسبقا حين نشر لنا في الارض ما ينفعنا من طيبات مأكل ووسيلة مشرب وملبس ومسكن ونقل أمين فاذا بعنا انفسنا واموالنا لله فان الله قد (اشترى مسبقا) انفسنا واموالنا بمجرد الايمان به (التأمين بما خلق حصرا) وانفاق الاموال (بما يرضى حصرا) وان اي حيود يؤثر في تلك البيعة لـ الانفس والاموال الا ما اضطررنا عليه لان الله لا يكلف نفسا الا وسعها فاي ضرر (ضر) يحصل عند (الاضطرار) فالله قد تكفل به رحمة منه بعباده لانه القائل (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِه واعف عنا)
{ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا } (سورة الإسراء 56)
{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } (سورة النمل 62)
أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ !!! ... ومن يحصي ألهة التحضر !!! تدخل نفوسنا وبيوتنا وعقول اولادنا دون ان ندري !! بل مجبرون عليها من قبل فرعون زماننا بكل وزاراته وفروعه !!
ما كانت تلك السطور وليدة بساط بحث ناعم النسيج بل كان بساطها خشن موخز شديد الوخز بسبب الاحتقان الحضاري الشديد بما يسيء لـ الآدميين على وجه الارض جميعا ولكن ءاخر دعوى المؤمنين أن (الحمد لله) وتعني ان (اللاحدود لله) لان الله يشغل كل (حد) ليكون (حمد) فلا تغلق ابوابه مهما مكر اهل الارض مكرا سيئا فالمكر السيء لا يحيق الا باهله
{ اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلًا } (سورة فاطر 43)
تلك تذكرة لمن شاء ذكر
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
تعليق