فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً ... من هم ؟
من أجل تطبيقات قرءانية معاصرة
{ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا ءخَرِينَ } (سورة المؤمنون 41 - 42)
قيل في ذلك النص تفسيريا ان الذين اخذتهم الصيحة فجعلهم الله غثاء هم قوم عاشوا من بعد نوح ولكن لا يعرفون من هم ويظنون انهم قوم ثمود الذين اهلكوا بالطاغية وقيل ان الصيحة هي الصاعقة وقيل ان (غثاء) هي عندما تحولوا الى ركام كالعيدان الخاوية او مثل ذلك وقيل ان بعدا للقوم الظالمين تعني الكافرين فالله ابعدهم بموتهم
بالتأكيد جئنا بامثال مقتضبة من بعض التفسيرات ليس لغرض مخالفتها بل لغرض بيان الفرق بين (المادة العلمية) اليقينية التي نسعى اليها في القرءان لغرض تطبيقها في زمننا والمادة التفسيرية التي تدور حول اللغز القرءاني بصفته (قصة حدثت في التأريخ) وهي ذات موعظة يفهم منها (تهديد) و (وعيد) إلهي لمن لا يؤمن به ومثل تلك المعالجة الفكرية لن تنفع في شيء تطبيقي يبين لنا حقيقة (صفتهم) التي تسببت في الغضب الالهي لنتجنب ما وعد ربنا من وعيد للقوم الظالمين وعلينا ان نبحث في صفة الظلم الذي تسبب في جعلهم (غثاء) فما فائدة موعظة التهديد والوعيد ونحن لا نعرف الصفة التي اغضبت الله سبحانه !
صفة (غثاء) ان كانت في التأريخ ان الناس تحولوا الى ركام وعيدان خاوية او مثل ذلك فهي غير قابله للتطبيق فكل الناس حين تموت بلا دفن او بدفن يتحولون الى ركام وعظام خاوية ولا بد ان يكون للمثل الشريف (تصريف معاصر) لـ صفة (غثاء) سنحاول بيانها ونتفكر في (فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فهل ابعدهم الله بالموت ؟؟ فالموت حق والكل يموتون تباعا ! وبذلك لا يمكننا ادراك صفة البعد تلك الا حين ندرك صفة (غثاء) لان الله (جعلهم غثاء) فعقبوتهم في (غثاء) وليس في موتهم حسب التدبر القرءاني في العقل المستقل
لفظ (غثاء) في علم الحرف القرءاني يعني (مكون فاعليه) (يطلق فاعليه ـــ حيز متنحي)
لنبحث في هذا الرشاد المبني على حرفية النص وهل له تطبيق معاصر فما هو (المكون الفعال) الذي (يطلق فاعلية) لـ (حيز متنحي) والتنحية تعني انها تغادر (المكون الفعال) بعد ان (اطلق الفاعلية)
سنرى ادناه ممارسات معاصرة ينطبق عليها الرشاد البحثي المسطور اعلاه
أ ـ ملف توليد الكهرباء الذي يدور بواسطة محرك وقودي او بقوة شلال او بقوة رياح فيكون مطابق لصفة (مكون فعال) فذلك المكون الدوار (الفعال) يطلق فاعلية تيار الكهرباء (سيل من الالكترونات) تمر عبر السلك النحاسي لتشغيل الاجهزة التي تعمل بالكهرباء في حيز متنحي عن المولد الدوار اي ان الكهرباء يغادر مصدره (حيز متنحي) وما اكثر مولدات الكهرباء في الارض وهو غثاء
ب ــ المرسل الموجي في الاتصالات هو جهاز الكتروني فعال (يطلق موجه) تذهب خارج حيز الجهاز (تغادر الجهاز) اي تتنحى الى جهاز المستقبل وهو اصبح اليوم بين ايدي كبارنا وصغارنا (الهاتف المحمول) وهو غثاء
ج ــ وسائل النقل الحديث بمختلف اصنافها هي (مكون فعال) تطلق فاعلية (السير) و (الطيران) لنقل الاشخاص لـ نقطة متنحية عن منطلق الفاعلية او نقل بضائع وتنحيتها من مصدر صناعتها او زراعتها وهي غثاء
د ــ المكننة الحديثة حيث كل ماكنة توصف انها (مكون فعال) يطلق فاعلية تصنيعية تتنحى من المصنع للمستهلكين والله يقول { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } ونحن في زمن (ما عملته مكائنهم) وليس ايديهم وكذلك ندرك ان الالة الحديثة تصدر صوتا يتنحى منها ليؤذي من حولها (ضجيج) وثبت في مؤسسة الطب ان الاصوات المتزايدة تسبب ارتفاع ضغط الدم وهو غثاء
هذا الجعل (غثاء) ابتلينا به تصاعديا من خلال (جعل الهي) فلو لم يشأ الله ان تقوم الحضاره فهي لن تقوم لان الله بيده ملكوت كل شيء منذ بدأت الحضارة المادية الحديثة ولكنه (غثاء) ظهر معه ما يسمى بـ (أمراض العصر) فالناس لا تأمن على صحتها في كل مراحل عمرها من الجنين لغاية الشيخوخة
{ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى } (سورة الأَعلى 4 - 5)
المرعى تم فهمه تفسيريا ومجتمعيا على انه العشب الذي يصلح مأكل للحيوانات والمواشي ولكن حين نمنطق مأكل الحيوان نرى شيئا مختلفا فحين نضع حشائش الحيوان في مخزن لا نسمي المخزن مرعى !! لان فيه عشب !! فلفظ (المرعى) في علم الحرف القرءاني يعني (فاعلية مكون) لـ (منتج منقول) لـ (وسيلة تشغيلية) ولو رشدنا ذلك البيان لوجدنا ان (فاعلية مكون) هي نفسها (مكون فعال) وان صفة (منتج منقول) هي نفسها (اطلاق فاعلية نقل) لـ (وسيلة تشغيليه ) كما في توليد الكهرباء واجهزة الاتصالات ووسائل النقل الحديث
لفظ (احوى) يعني في علم الحرف (فاعلية مكون لرابط فائق) ولو ركزنا مراشدنا على صناعة الكهرباء وصناعة الاتصالات ووسائل النقل والمكننة الحديثة فهي قامت وانتشرت تحت صفات (مكونات) (فائقة الربط) حيث ارتبط بها الناس بشكل فائق جدا جدا فهي اذهلت الاجيال المتعاقبه لان الله (اخرجها) حين (اخرج المرعى) فهي خرجت من سنن خلق ومنهج خلق إلهي فالله اخرج مكوناتها ومكنونها التكويني ولكنه سبحانه جعلها (غثاء) ففائقيتها حملتها متون تأريخ بديء الحضارة لليوم في براءات اختراع واكتشافات رفعت مكتشفيها وابداعات رفعت مبتدعيها وجاءت بربح كبير وعجالة في كل شيء في السفر والمكننه وهي ترتبط بهالة ضخمة من البهرج والتباهي بكل مفصل اقامته الحضارة فجعلت الناس تخرج من دين الله الى ديدن الحضارة فهي (احوى) ولكنها في عملية (جعل) لصفة (غثاء)
استخدم لفظ (غثاء) في منطق الناطقين بالعربية في صفة (الغثيان) وهو الارتجاع غير الحميد لما في المعده فمن يخطيء في مأكله يصيبه الغثيان (غثاء) وهو عملية جعل الهي والبشرية الان في غثيان مبين في (امراض عصرية) و (بيئة متهورة متدهورة) ومشاكل انسانية لا حلول لها تفتك بالناس وتقض مضاجعهم
فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .... تلك المقومات الظالمة (المهلكة) ذهبت بعيدا في الصلاحيات التي منحها الله لخليفته في ارضه مثلما امتلك الشخص صلاحية الاكل وأكل ما جعلته نظم الله يصاب بالغثيان فيتقيء ما أكل وهو معذب !!
الازمة التي تصاحب هذه التذكرة في نص (فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وقد جاء في القرءان صفة الابعاد في
قوم نوح { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } (سورة هود 44)
في قوم هود { أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }
في قوم مدين وثمود { كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } (سورة هود 95)
تكذيب رسائل الله { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } (سورة المؤمنون 44)
اصبحنا الان في زمن حضاري بعيدين جدا عن سنن الله الامينة والرجعة اليها صعبة وقاسية او قد تكون مستحيلة في بعض مفاصل حياتنا العصرية فلا تستطيع البشرية جمعا او فرادى ان تعود للخيل والبغال والحمير للسفر ولا تستطيع ان تعود لزمن الحمام الزاجل او البريد اليدوي لغرض الاتصالات ولا يستطيع الناس ان يعيشوا بدون كهرباء لان الله ابعدهم عن سننه المتصفة بـ الامان رغم رسائل الله المتواترة في بيئة متدهورة وامراض عصرية تزداد شراسة من حيث النوع والتزايد ونحن الان والاجيال اللاحقة تنتظر اخطارا تزيد من حجم المعاناة والاسى لاننا بعيدون عن نظم الله والله ابعدنا عنها بنظم حاكمة نحن متورطون بها لانه الله (حاكم حكيم بالحق) فجعلنا نكوي انفسنا بايدينا
تلك ذكرى قد تنفع من يبحث عن الامان ليكون من المؤمنين بنظم الله وسننه الامينة ليكون من الفئة الناجية فلكل عقوبة إلهية شاملة هنلك من يكتب لهم ربهم النجاة استثناء
صيحة التحضر اخذتنا الى بعد بعيد (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ) ولو اردنا ان نفهم عملية الاخذ بالحق فهي في بعد هذه التذكرة واضحة مبينه وكأن حكم الله ان (تركتم سنني الامينة فتركتكم لسننكم المدمرة) وهو الحق بعينه ونراه في اعرافنا (من لا يريديني لا اريده) فالله سبحانه غني عن العالمين
شهدنا (صيحة الحضارة) في مشهد جارف جرف الاغلبية الساحقة من الناس في الخمسينات من القرن الماضي في بلدنا وبقيت الصيحة الحضارية تأخذ الجميع وكأنها تيار جارف حتى مات جيل المعارضين للحضارة الاوائل فماتت معهم المعارضة ولا تزال الصيحة تأخذ كل جيل ينمو ويشب شبوته مع كل جديد مستحدث !! فنرى جيلنا كيف يتسارع ليقتني اخر اصدار للهواتف والتلفزيونات والثلاجات وذلك يعني ان الصيحة التي تأخذنا لا تزال سارية فاصبح ويصبح الجميع في غثاء وغثيان والقلة من الناس من يضرب الكف بالكف حسرة على ما تمر به البشرية في كل مكان
الحاج عبود الخالدي
صيحة التحضر اخذتنا الى بعد بعيد (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ) ولو اردنا ان نفهم عملية الاخذ بالحق فهي في بعد هذه التذكرة واضحة مبينه وكأن حكم الله ان (تركتم سنني الامينة فتركتكم لسننكم المدمرة) وهو الحق بعينه ونراه في اعرافنا (من لا يريديني لا اريده) فالله سبحانه غني عن العالمين
شهدنا (صيحة الحضارة) في مشهد جارف جرف الاغلبية الساحقة من الناس في الخمسينات من القرن الماضي في بلدنا وبقيت الصيحة الحضارية تأخذ الجميع وكأنها تيار جارف حتى مات جيل المعارضين للحضارة الاوائل فماتت معهم المعارضة ولا تزال الصيحة تأخذ كل جيل ينمو ويشب شبوته مع كل جديد مستحدث !! فنرى جيلنا كيف يتسارع ليقتني اخر اصدار للهواتف والتلفزيونات والثلاجات وذلك يعني ان الصيحة التي تأخذنا لا تزال سارية فاصبح ويصبح الجميع في غثاء وغثيان والقلة من الناس من يضرب الكف بالكف حسرة على ما تمر به البشرية في كل مكان
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
تعليق