بأمر الله يفسق المترفون ! كيف ؟
من أجل تحصين عقل حامل القرءان
{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } (سورة الإسراء 16)
لفظ (فسق) هو جذر عربي ورد مع كثير من تخريجاته قرابة 60 مره في القرءان وقد عرفه الناس انه الفعل المخالف لاحكام الشرع واوامر الله سبحانه او الاعراف والعادات الامينة التي لا تتقاطع مع الشرع الا ان بيان الاية 16 من سورة الاسراء جعل ذلك المستقر الفكري للفسق في زواية فكرية حرجة وذلك عندما نقرأ فيها ان الله سبحانه (يأمر المترفين بالفسوق) فيكون حكما علينا ان نعالج ذلك النص لتحصين عقولنا لنبحث عن العلة العلمية القرءانية لمعرفة (كيف ذو الاسماء الحسنى ـ الله ــ يأمر المترفين بالفسق) وهو سبحانه يقدحه في القرءان!! انها صفة ينزه عنها (الخالق) كما سترينا مفاصل هذه التذكرة القرءانية
لفظ (فسق) في علم الحرف القرءاني يعني (فاعلية ربط متنحية لـ فعل بديل غالب) ويمكننا ان نطبق هذا الرشاد الحرفي على صفات فسق شهيرة بين الناس مثل الشهوة الجنسية وهي (فعل غالب) في طبائع البشر الا إنها فسق حين (ترتبط بفعل ربط متنحي) عن اصول البشر والدين بين الزاني والزانية ومثله ايضا حين يسعى طالب الرزق وهو (فعل غالب) الا انه يربط فاعليته الغالبة تلك بـ (فاعلية متنحية) عن اصول البشر والدين فيجعل رزقه في السرقة (محترف) ومثله الرشوة وابتزاز الغير بالتهديد والكذب والنفاق والعدوان لهدف غير حميد والامثلة كثيرة لا تعد الا ان معيار ادراك الفسق انه (فعل رابط متنحي) عن طبيعة العقل وعن احكام المجتمع (العرف الامين) او احكام الدين (الشريعة)
أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ... مترفيها من جذر عربي (رف) وهو في بناء عربي بسيط ( رف .. رفرف .. رأف .. رأفه .. رفه .. رفاه .. رفاهية .. ترفيه .. ترف .. أترف .. مترف .. وو)
لفظ (رف) في علم الحرف يعني (فعل يستبدل الوسيلة) فيكون لفظ (مترف) في القصد العربي (فعل يستبدل مشغل وسيلة المحتوى) وتلك الصفة مشهورة في المترفين فهم (لا يشغلون الوسيلة) بفعل منهم بل يستبدلون ذلك الفعل بفعل تابعيهم او موظفيهم وهم يأمرون ولا يفعلون شيئا فيكون مترفا
المترفون (اداة إلهية) حسب النص الشريف (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) وهو شأن معروف في زماننا فترى مثلا قادة دول يمارسون صفة الفسق (العلمي) ويقومون بتفعيل صفة (الولاء للوطن) في المواطنين وهم (عملاء) لخطة سوداء ضد الوطن وهم يعلمون !! فهو (فسق) لانه (فاعلية ربط متنحية لـ فعل بديل غالب المحتوى) ففعل القائد ضد الوطن (فعل ربط متنحي) عن هدفه هو لانه عميل ولكن يستبدله في حزب او ثورة او تمرد او انقلاب عسكري مدعيا غير ما يضمر فهو (فاسق) وهنا تكمن حكمة الخالق في خلقه لان القائد لو قام بتفعيل (رابط غير متنحي) وهي دعوة الحق لله فلن يستجيب له الا القليل وجمهور من المنافقين وعندما تكون الدعوة لـ شريك من شركاء الله فان دعوته مستجابة من قبل الداعي فالداعي المترف (فاسق) ودعوته (فسق) فكان الامر الالهي العادل ان تكون عقوبة الفاسقين بايدي فاسقة من مترف فيها لان المترف قد استبدل فعله الاصولي بفعل فاسق حين كان عميلا ويدعو لغير الله فيكون فسقا في فسق فيحصل دمار القرية وهلاكها ونرى وضوح في النص الشريف ان القرية التي حق عليها الهلاك فيها (مترفين) وليس (مترف واحد) واذا كان لكل مترف (فعل ربط متنحي ) فان صراعا مهلكا لتلك القرية سيقوم حتى تدمر شر تدمير ولنسأل الاوطان التي فيها (مترفين) يدعون الى الباطل على انه الحق فاستقطبوا امثالهم كل حسب رغباته او ميوله وسمي ذلك بمسمى (الديمقراطية) و (حرية الرأي) و (حرية المعتقد) فكان ويكون حال منظور في زمننا وحين نعود للماضي سنجد مثله كثير وقرى كثيرة هلكت , فما هي القرية في القرءان ؟ هل هي وحدة سكنية مثل مدينة او وطن او ماذا ؟
لفظ (قرية) على عربة اللسان العربي المبين من جذر (قر) وهي في البناء العربي (قر .. أقر .. يقر .. قرار .. مقر .. قرأ .. قرا .. قرى .. قري .. قريه .. قرية .. قرير وووو ) ... قريه (بالهاء وليس بالتاء) تعني (دائمية فعل ربط متنحي الحيازه) فالقريه التقليديه انما هي ارض خصصت لسكن اناس نحوا انفسهم من مزارعهم ليسكنوا في قريه .. ومثلها الفكر الحزبي فالمتحزبون بفكر في قريه فكريه تعني (ديمومة فاعلية ربط متنحية عن بقية الافكار فانفردت ـــ بحيز فكري فهي قريه قروا فيها) لتكون وسيلتهم في قرية فكرهم ... فهم قرروا أو أقروا ان يؤمنوا بافكار حزبهم اي (قريتهم)
الترشيد العلمي لـ الاية الشريفة مبين الوصف ان الدمار والهلاك يقوم في قرية ظالمة كافرة حق عليها الدمار (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً) فهم ليسوا صالحين بل مرشحين لعذاب الله فكان المترفون اداة تغويمهم ففسق المترفون وفسقوا في من حقت عليهم الضلالة واذا اردنا ان نرى (قرى الاحزاب) فاين احزاب الامس مثل النازية والشيوعية واين نزعات الفكر الاسلامية واسلامنا ممزق بامتيار ومثلها النصرانية واليهودية وغيرها فان سجلت نجاحا نسبيا الا ان كينونتها ممزقة ولم يبق منها سوى الاسماء اما الافكار فهي مندثرة او جامدة والاسماء باقية
الله سبحانه وتعالى منزه من الامر بالفسق بل تفعيل صفة الفسق نفسها في جمهور فاسق وهو (عقاب نوعي) يتحكم به الله سبحانه وقد ورد (العقاب والثواب النوعي) في القرءان بشكل واضح
{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) } (سورة الزلزلة 7 - 8)
النص الشريف يبين (الكم والنوع) في الثواب والعقاب (مثقال ذرة خير او شر)
التذكرة رفعت وغايتها مع العنوان (من اجل حصانة العقل) في اسوأ فترة يحتاج فيها الانسان حصانته العقلية من اجل الانتباه الى الدعاة وذوي الابواق من كل حدب وصوب فقد تكاثرت النداءات والدعوات والترويجات الفكرية بشكل حاد ومستمر بـ التكاثر حيث اسهمت الشبكة الدولية وتقنيات برامجياتها المختلفة الى انتشار مسارب فكرية في كل مفاصل الحياة بدءا من خصوصيات المنازل الى خصوصيات المجتمعات والاديان والعقائد والحرية الفكرية وعناوين لا تحصى تعالج الخطأ بخطأ اكبر منه وهو الفسق بكينونته ونسمع القرءان وفيه موعظة لا يفرط بها
{ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } (سورة الأَنعام 116 - 117)
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
تعليق