صفة البركة في بيان القرءان
من أجل الوصول الى اصول بركات الله
{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } (سورة الأَعراف 96)
اكثر الاستخدامات الاسلامية للفظ (بركة) يقوم في التحية الاسلامية المنتشرة كثيرا (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) والكل يعلم ان البركة هي صفة حميدة ولكن لا تتوفر ابعاد محددة لتلك الصفة المباركة فهي اما الرزق الوفير او الحظ الحسن فيقال هذا رجل (مبارك) او قد توصف للغني المؤمن او من للذي لا يحتاج الاخرين ويقال في حق الرجل المتعبد الصالح انه (مبارك) ويقال في مناسبات الافراح والنجاح المدرسي والزواج والانجاب وسكن دار جديدة او عمل جديد (مبروك) باذن الله ولكن روابط صفة البركة غير معروفة عند اكثر الناس
{ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } (سورة هود 48)
بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ ... ارتباط مبين في مثل نوح بين سلام من الله وبركات عليه وعلى من معه ... من هذه التذكرة تتضح ان البركة لها رابط إلهي هو (سلام) وجاء الرسم القرءاني (بسلم منا وبركت) دون اضافة ألف الفاعلية لكلا اللفظين
لفظ (سلم) في علم الحرف القرءاني يعني (مشغل غالب النقل) لان في السلم أمان وفي الأمان يكون كل شيء غالب اي حتمي النفاذ لانه (ءامن) وذلك في كل نشاط بشري أمين ... لفظ (بركت) في علم الحرف يعني (احتواء قابض) لـ (ماسكة وسيله) وذلك يعني أن الذي تحل عليه البركة انما تتاح له (حاوية قبض) يقبضها في حيازته وهي (قابضة) بدلالة حرف الباء وهي (ماسكة) بدلالة حرف الكاف لـ وسيلة خلق لان كل وسيلة تكون حصرا من خلق إلهي في زرع او صنع او اي نشاط ءاخر مع التأكيد الفكري ان (الوسيلة) المرجوة هي خلق إلهي دائما فالمخلوق غير قادر على خلق الوسيلة بل استثمارها فقط ذلك لان (الوسيلة) هي مجمل نظم الخلق في فيزياء او كيمياء او خلق عضوي او بتفاعلها وترابطها جميعا كما في تنفس الانسان والحيوان والنبات فهي وسيلة تجمع نظم الخلق في الفيزياء والكيمياء او الحراك عضوي ... من ذلك التثوير الفكري يتضح ان البركة الإلهية هي (قابضة) حيازة يحوزها المبروك فتمسك صفة غالبة لها مشغل ينتقل من نظم الله الى من حلت عليه البركة ونتيجتها (سلم) وهو مشغل نقل غالب
لفظ الـ (بركة) من جذر عربي (برك) وهو جذر لا يحمل تخريجات كثيرة رغم ان الاستخدام العربي يحمل ايضا ما يختلف عن مفاهيمنا للبركة مثل (بركة الماء) فلفظ (برك) في علم الحرف القرءاني يعني (ماسكة قبض وسيله) والقبض هنا قبض حيازه وحين يكون مبني على عربة عربية فطرية فنقول (برك .. يبرك .. بروك .. بركة .. بركه .. أبرك .. يبارك .. مبارك .. مبروك ... بركات .. ووو)
برك ... لفظ لـ فعل يستخدم في وضعية جسدية يقال لها (القرفصاء) حين يثني الشخص ساقيه ليجلس عليهما ويستخدم ذلك الوضع لاغراص التصويب بالسهم او بالبندقية وهو انما (يقبض ماسكة وسيله) وهي (التصويب الدقيق) نحو الهدف (فيزياء) وكذلك يستخدم لفظ (بـِركة) بكسر الباء وهي تعني حفرة ماء كبيرة وهي ايضا (حاوية قبض ماسكة وسيلة) وهي وسيلة الاحتفاظ بالماء داخل البركة ولن يهدر ويتشتت
ورد لفظ (بركات) في القرءان في ثلاث مواقع فقط الاول في سورة الاعراف الآية 96 (بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) والثاني في سورة هود الآية 48 اختصت بمثل نوح (بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ) وفي الموقع الثالث ورد لفظ وبركاته في سورة هود ايضا وفي مثل ابراهيم
{ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } (سورة هود 73)
من تلك النوص الشريفة الثلاث يتضح ان (البركة والبركات) هي صفة لـ عطاء إلهي حميد متجدد (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وهو (دائم الربط) بدلالة حرف الواو والهاء في لفظ (وَبَرَكَاتُهُ) الوارد في القرءان .. فالبركه اذن هي (ماسكه) (قابضه) لـ (وسيلة إلهية دائمه) اي ان المبروك او ءال البيت الابراهيمي او المؤمنين بمعية نوح ومن بعده من أمم تحل فيهم بركات الله وبذلك تتضح مفعلات البركة الإلهية وهو (الإيمان) اي التأمين بنظم إلهية فقط كما جاء في سورة الاعراف ءاية 96 وكما جاء في سورة هود ءايه 48 وايضا في سورة هود ءايه 73 والخاصه بالصفة الابراهيمية والتي ستكون مفتاح لـ (القابضة الماسكة) لـ الوسيلة وهي (البركة) حيث الابراهيمية هي البراء من كل شيء والتوجه الحقيقي لله بدون شائبه من مفاعلات ومنتجات بشرية صنعها الانسان ولم يخلقها الله
{ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (سورة الأَنعام 79)
التوجه في العقل يعقبه التطبيق والنفاذ هي في (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) وهي فطرة الخلق اجمالا في السماوات والارض بلا شراكه (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وهو مدرك فطري لا يحتاج الى ما قيل في التأريخ او ما يقال هنا او فتوى من مفتي او نصيحة من خطيب وهي ببساطه تقوم في العقل ومثلها حين يسأل الشخص نفسه (هل اصلي على ارض من الخرسانه ؟) فيكون جواب العقل (لا ..! لان الخرسانة ليست من فطرة خلق الله بل من صنع بشري) ومثلها حين نأكل مواد عضوية خلقها الله او نشرك معها مواد صناعية صنعها البشر مثل دقيق القمح + (بيكاربونات الصوديم) في الخبز المعاصر فهل ذلك من فطرة الخلق ؟؟ وهل ذلك يتطابق مع (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ؟ ولكن !!
اين نمسك بالبركات التي وعدنا الله بها في مؤمني معية نوح الهاربين الناجين من سوء قومهم و نمسكها في البيت الابراهيمي (وسيلة ابراهيم البريء من قومه) او أهل القرى الذين ءامنوا { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) وعندها نمسك بالبركات بيقين عقلي لا ريب فيه
صلاح الجسد وتأهيل الولد وضبط الرزق (من السماء) وفطرة المأكل والمشرب والملبس والمسكن وفق طبيعة ما خلق الله بلا شراكة مع مصنوعات تفسد على الفرد أمنه وأمانه والتصرفات جميعا مثلها بما يستوجب ان ترتبط برابط مبين من خلق إلهي وذلك يشمل كل شيء وعندها نرى ما وعد ربنا في قرءانه (خارطة الخلق) وبيقين العابد
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (سورة النحل 97)
وفي البركة حماية إلهية
{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } (سورة طه 112)
{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ } (سورة الرعد 11)
لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ .... تلك المعقبات هي نظم إلهية نافذة وفعالة تتابع المؤمن وتتابع الكافر او المشرك وهي ليست خفية بل مرئية لمن يريد ان يراها ويبحث عن اصولها في من يعرفهم من حوله ويعرف صفات تصرفاتهم ويدرك من هو مشمول بالرحمة والبركات ومن هو مشمول باللعنة والعثرات !! انها قوانين إلهية مرئية ببصيرة المؤمن لـ تدخل عقل المؤمن وتدير شؤونه بصفات حسنة سليمة وتدخل كل خلية في جسد كل مؤمن وغير المؤمن فتعمر جسد طالب الامان ومثلها تدخل في كيان كل كافر ومشرك وفاسد فتدمره وهنلك حراك لنظم إلهية (هادية) للخير ويعرفها الناس ويسمونها (توفيق حسن) و منظومة إلهية (ضالة) تضل الانسان لان الله بمكنونات خلقه يمتلك ادوات خلق فـ يهدي ويضل ويعرفها الناس في صفات تسمى (النحس) او (سوء الحض) او (توفيق إلهي سيء)
{ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } (سورة النحل 37)
{ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } (سورة طه 123)
{ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } (سورة النساء 88)
سطورنا تحمل دعوة للتعرف على البركات من خلال (فحص الناس) من معارفهم والمقتربين منهم على ان تكون أدوات الفحص ليست في الغنى والمال والجاه فهي قد تكون عقوبة وتحتاج لثقافة صبر واطلاع على سنن الله في إدارة العباد
{ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا } (سورة المدثر 14 - 17)
البركة عطاء إلهي (حميد مجيد) ومن يسعى للبركة انما يمسك بكينونة السعادة والسكينة على ان يكون من (المستحقين) لها فتكون بركه دائمه و(سعيد) , من يدرك ان لا إستحقاق له (توفيق سيء) فعليه ان يراجع كل ما يعرفه عن نفسه لـ يصحو ويتوب ويستغفر ليكون من المستحقين لان ابواب السماء لا تغلق إلا حين يغرق غير المستحق في ذنوب لا مغفرة لها لانها عبرت الذروة !! وتلك المعالجة أقيمت من نصوص قرءانية دستورية
{ إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (سورة النساء 48)
{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } (سورة التوبة 80)
{ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } (سورة المنافقون 6)
ما كان لتلك السطور ان تقوم الا من خلال مشهد قاسي يمر به المسلمون القائلون دوما (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وكثير منهم لم يتصفوا بالسلم والسلام ولم تجد البركات في ساحتهم الا قليلا
بعض نصوص من القرءان لا تحتاج الى تفسير تأريخي او معاصر :
{ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } (سورة البقرة 130 – 131)
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } (سورة البقرة 204 - 207)
اكثر الاستخدامات الاسلامية للفظ (بركة) يقوم في التحية الاسلامية المنتشرة كثيرا (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) والكل يعلم ان البركة هي صفة حميدة ولكن لا تتوفر ابعاد محددة لتلك الصفة المباركة فهي اما الرزق الوفير او الحظ الحسن فيقال هذا رجل (مبارك) او قد توصف للغني المؤمن او من للذي لا يحتاج الاخرين ويقال في حق الرجل المتعبد الصالح انه (مبارك) ويقال في مناسبات الافراح والنجاح المدرسي والزواج والانجاب وسكن دار جديدة او عمل جديد (مبروك) باذن الله ولكن روابط صفة البركة غير معروفة عند اكثر الناس
{ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } (سورة هود 48)
بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ ... ارتباط مبين في مثل نوح بين سلام من الله وبركات عليه وعلى من معه ... من هذه التذكرة تتضح ان البركة لها رابط إلهي هو (سلام) وجاء الرسم القرءاني (بسلم منا وبركت) دون اضافة ألف الفاعلية لكلا اللفظين
لفظ (سلم) في علم الحرف القرءاني يعني (مشغل غالب النقل) لان في السلم أمان وفي الأمان يكون كل شيء غالب اي حتمي النفاذ لانه (ءامن) وذلك في كل نشاط بشري أمين ... لفظ (بركت) في علم الحرف يعني (احتواء قابض) لـ (ماسكة وسيله) وذلك يعني أن الذي تحل عليه البركة انما تتاح له (حاوية قبض) يقبضها في حيازته وهي (قابضة) بدلالة حرف الباء وهي (ماسكة) بدلالة حرف الكاف لـ وسيلة خلق لان كل وسيلة تكون حصرا من خلق إلهي في زرع او صنع او اي نشاط ءاخر مع التأكيد الفكري ان (الوسيلة) المرجوة هي خلق إلهي دائما فالمخلوق غير قادر على خلق الوسيلة بل استثمارها فقط ذلك لان (الوسيلة) هي مجمل نظم الخلق في فيزياء او كيمياء او خلق عضوي او بتفاعلها وترابطها جميعا كما في تنفس الانسان والحيوان والنبات فهي وسيلة تجمع نظم الخلق في الفيزياء والكيمياء او الحراك عضوي ... من ذلك التثوير الفكري يتضح ان البركة الإلهية هي (قابضة) حيازة يحوزها المبروك فتمسك صفة غالبة لها مشغل ينتقل من نظم الله الى من حلت عليه البركة ونتيجتها (سلم) وهو مشغل نقل غالب
لفظ الـ (بركة) من جذر عربي (برك) وهو جذر لا يحمل تخريجات كثيرة رغم ان الاستخدام العربي يحمل ايضا ما يختلف عن مفاهيمنا للبركة مثل (بركة الماء) فلفظ (برك) في علم الحرف القرءاني يعني (ماسكة قبض وسيله) والقبض هنا قبض حيازه وحين يكون مبني على عربة عربية فطرية فنقول (برك .. يبرك .. بروك .. بركة .. بركه .. أبرك .. يبارك .. مبارك .. مبروك ... بركات .. ووو)
برك ... لفظ لـ فعل يستخدم في وضعية جسدية يقال لها (القرفصاء) حين يثني الشخص ساقيه ليجلس عليهما ويستخدم ذلك الوضع لاغراص التصويب بالسهم او بالبندقية وهو انما (يقبض ماسكة وسيله) وهي (التصويب الدقيق) نحو الهدف (فيزياء) وكذلك يستخدم لفظ (بـِركة) بكسر الباء وهي تعني حفرة ماء كبيرة وهي ايضا (حاوية قبض ماسكة وسيلة) وهي وسيلة الاحتفاظ بالماء داخل البركة ولن يهدر ويتشتت
ورد لفظ (بركات) في القرءان في ثلاث مواقع فقط الاول في سورة الاعراف الآية 96 (بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) والثاني في سورة هود الآية 48 اختصت بمثل نوح (بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ) وفي الموقع الثالث ورد لفظ وبركاته في سورة هود ايضا وفي مثل ابراهيم
{ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } (سورة هود 73)
من تلك النوص الشريفة الثلاث يتضح ان (البركة والبركات) هي صفة لـ عطاء إلهي حميد متجدد (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وهو (دائم الربط) بدلالة حرف الواو والهاء في لفظ (وَبَرَكَاتُهُ) الوارد في القرءان .. فالبركه اذن هي (ماسكه) (قابضه) لـ (وسيلة إلهية دائمه) اي ان المبروك او ءال البيت الابراهيمي او المؤمنين بمعية نوح ومن بعده من أمم تحل فيهم بركات الله وبذلك تتضح مفعلات البركة الإلهية وهو (الإيمان) اي التأمين بنظم إلهية فقط كما جاء في سورة الاعراف ءاية 96 وكما جاء في سورة هود ءايه 48 وايضا في سورة هود ءايه 73 والخاصه بالصفة الابراهيمية والتي ستكون مفتاح لـ (القابضة الماسكة) لـ الوسيلة وهي (البركة) حيث الابراهيمية هي البراء من كل شيء والتوجه الحقيقي لله بدون شائبه من مفاعلات ومنتجات بشرية صنعها الانسان ولم يخلقها الله
{ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (سورة الأَنعام 79)
التوجه في العقل يعقبه التطبيق والنفاذ هي في (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) وهي فطرة الخلق اجمالا في السماوات والارض بلا شراكه (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وهو مدرك فطري لا يحتاج الى ما قيل في التأريخ او ما يقال هنا او فتوى من مفتي او نصيحة من خطيب وهي ببساطه تقوم في العقل ومثلها حين يسأل الشخص نفسه (هل اصلي على ارض من الخرسانه ؟) فيكون جواب العقل (لا ..! لان الخرسانة ليست من فطرة خلق الله بل من صنع بشري) ومثلها حين نأكل مواد عضوية خلقها الله او نشرك معها مواد صناعية صنعها البشر مثل دقيق القمح + (بيكاربونات الصوديم) في الخبز المعاصر فهل ذلك من فطرة الخلق ؟؟ وهل ذلك يتطابق مع (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ؟ ولكن !!
اين نمسك بالبركات التي وعدنا الله بها في مؤمني معية نوح الهاربين الناجين من سوء قومهم و نمسكها في البيت الابراهيمي (وسيلة ابراهيم البريء من قومه) او أهل القرى الذين ءامنوا { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) وعندها نمسك بالبركات بيقين عقلي لا ريب فيه
صلاح الجسد وتأهيل الولد وضبط الرزق (من السماء) وفطرة المأكل والمشرب والملبس والمسكن وفق طبيعة ما خلق الله بلا شراكة مع مصنوعات تفسد على الفرد أمنه وأمانه والتصرفات جميعا مثلها بما يستوجب ان ترتبط برابط مبين من خلق إلهي وذلك يشمل كل شيء وعندها نرى ما وعد ربنا في قرءانه (خارطة الخلق) وبيقين العابد
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (سورة النحل 97)
وفي البركة حماية إلهية
{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } (سورة طه 112)
{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ } (سورة الرعد 11)
لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ .... تلك المعقبات هي نظم إلهية نافذة وفعالة تتابع المؤمن وتتابع الكافر او المشرك وهي ليست خفية بل مرئية لمن يريد ان يراها ويبحث عن اصولها في من يعرفهم من حوله ويعرف صفات تصرفاتهم ويدرك من هو مشمول بالرحمة والبركات ومن هو مشمول باللعنة والعثرات !! انها قوانين إلهية مرئية ببصيرة المؤمن لـ تدخل عقل المؤمن وتدير شؤونه بصفات حسنة سليمة وتدخل كل خلية في جسد كل مؤمن وغير المؤمن فتعمر جسد طالب الامان ومثلها تدخل في كيان كل كافر ومشرك وفاسد فتدمره وهنلك حراك لنظم إلهية (هادية) للخير ويعرفها الناس ويسمونها (توفيق حسن) و منظومة إلهية (ضالة) تضل الانسان لان الله بمكنونات خلقه يمتلك ادوات خلق فـ يهدي ويضل ويعرفها الناس في صفات تسمى (النحس) او (سوء الحض) او (توفيق إلهي سيء)
{ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } (سورة النحل 37)
{ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } (سورة طه 123)
{ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } (سورة النساء 88)
سطورنا تحمل دعوة للتعرف على البركات من خلال (فحص الناس) من معارفهم والمقتربين منهم على ان تكون أدوات الفحص ليست في الغنى والمال والجاه فهي قد تكون عقوبة وتحتاج لثقافة صبر واطلاع على سنن الله في إدارة العباد
{ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا } (سورة المدثر 14 - 17)
البركة عطاء إلهي (حميد مجيد) ومن يسعى للبركة انما يمسك بكينونة السعادة والسكينة على ان يكون من (المستحقين) لها فتكون بركه دائمه و(سعيد) , من يدرك ان لا إستحقاق له (توفيق سيء) فعليه ان يراجع كل ما يعرفه عن نفسه لـ يصحو ويتوب ويستغفر ليكون من المستحقين لان ابواب السماء لا تغلق إلا حين يغرق غير المستحق في ذنوب لا مغفرة لها لانها عبرت الذروة !! وتلك المعالجة أقيمت من نصوص قرءانية دستورية
{ إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (سورة النساء 48)
{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } (سورة التوبة 80)
{ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } (سورة المنافقون 6)
ما كان لتلك السطور ان تقوم الا من خلال مشهد قاسي يمر به المسلمون القائلون دوما (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وكثير منهم لم يتصفوا بالسلم والسلام ولم تجد البركات في ساحتهم الا قليلا
بعض نصوص من القرءان لا تحتاج الى تفسير تأريخي او معاصر :
{ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } (سورة البقرة 130 – 131)
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } (سورة البقرة 204 - 207)
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
تعليق