نــصــر القــــرءان
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
النصر نصران :
النصر الاول :هو نصر المنظومة العقائدية
النصر الثاني : هو نصر العقائديين (المسلمون)
النصر الاول الذي يدور حول موضوعية النصر في المنظومة العقائدية يحتاج الى معالجة داخل دائرة ايمانية نقية حيث سيجد الباحث (المؤمن) من خلال تفاعليته العقلانية في العقيدة ان العقيدة منصورة بكينونتها وهي لا تحتاج الى ناصرين ينصرونها وبذلك سوف تتضح معالم موضوعية النصر في العقيدة وذلك من خلال رؤيا دقيقة للنظم العقائدية التي تتصف بصفة (الحق) وتلك الصفة سوف تجعل كل ما يبنى من نظم مخالفة لنظم العقيدة ما هي الا انشطة خاسرة خسران مطلق . بتلك الرؤيا تتضح معالم نصر المنظومة العقائدية ويرى الباحث في موضوعية النصر ان حاكمية الاحكام الشرعية والتعاليم العقائدية انما هي افضل وانجح واحكم مسارب للنشاط الانساني مهما تقلب النشاط الانساني مبتعدا عن النظم العقائدية او مقتربا منها .
هذه السطور لا تختص بالبحث العلمي الدقيق ولكنها تطرح نتاجات فكرية سهلة الانزلاق في قنوات الفهم ولا تحمل دقائق علمية فالحقيقة العلمية ودقائقها يجب ان يتصدى لها حشد محتشد في علوم القرءان ويقوم بتثويرها. من ذلك فان الكلام عن منصورية المنظومة العقائدية سوف تنحى منحى عام وشامل دون ان تضع للتفاصيل العلمية مدخلا فكريا للمتابع بل ستجعل من المتابع راغبا في البحث عن المداخل التذكيرية المثورة في العقل . نسوق لذلك مثلا :
الصلاة في المنظومة العقائدية هي نشاط يتم فيه ترابط عقلاني محض بين الخالق والمخلوق (الانسان) وهذه الرابطة (صلة) غير معروفة بتكوينتها لان العقل لا يزال من مجاهيل العلم وهو (العقل) الان يعتبر حافة علمية عصية على العلماء ولكن المنظومة العقائدية وضعت تلك الصلة (الصلاة) وفق منهج منسكي محدد تتم فيه صلة الانسان بالخالق ... تلك الوصلة هي وصلة عقلانية وبما ان العقل غير معروف فان الراصد للمنظومة العقائدية سوف ينظر الى المنسك بحركاته وشروطه المادية المعروفه دون ان يرى حقيقة ما يجري في ذلك النشاط . منصورية المنظومة العقائدية سوف تتألق كثيرا اذا ما عرفت الحقائق المرتبطة بتكوينة الصلاة المنسكية المعروفة ولكن تلك المنصورية سوف يتم تجييرها الى المصلي فيكون منصورا بالمنظومة العقائدية التي التصق بها وفعّل منظومتها .. لن يكون ذلك النصر شبحا لا يرى بل نصر المصلين حقيقة تلمسها العقول الباحثة عن الحق لترى سيخ العقل المصاحب للنهضة المعاصرة عندما نرصد المجتمعات او الجماعات التي لم تفعّل الصلاة في انشطتها فساخت العقول سيخا شديدا .
السيخ العقلي لن يظهر في ترابط الجماعات والمجتمعات التي هجرت الصلاة بل يمكن ان يلاحظ في الامراض المستشرية في تلك المجتمعات وجميعها امراض عقلانية وليست امراض جرثومية معروفة ففي مرض (الزايهايمر) الذي سجل نسبة وبائية في بعض دول اوربا نجد ان السيخ في العقل وليس في الجسد ... مرض السرطان هو سيخ في عقل الخلية في جسد المصاب بالسرطان .. ضغط الدم والسكري (امراض العصر) ما هي الا امراض عقلانية تصيب الجسد وهي من ثوابت علمية معروفة فمن يتعرض الى ازمة نفسية حادة يرتفع عنده ضغط الدم ومن يتعرض الى خوف شديد يصاب بمرض السكري وتلك الثوابت السريرية تمنح الراصد الحق في وصف تلك الامراض بصفتها (سيخ العقل) رغم ان اثاراها مادية تظهر في جسد المريض .
سيخ العقل وصف غير معرف في علوم العصر لان العقل غير معروف اساسا ولكن الاطار العام الذي يضع فيه الراصد الباحث رصده يستطيع ان يفرق بين العقلانية عندما تتزن او عندما تسيخ . هل الباغية المومس تمتلك عقلانية متزنة ..؟ غالبا ما تكون الباغيات جميلات وهن مطلوبات كأميرات في منازل الزوجية ولكن سيخ عقلهن جعلهن باغيات .. اذن انها مراصد سهلة ويمكن ان يكون رصدها بميزان فكري تستخدمه الجماهير كلها ولا يحتاج الى اجهزة مختبرية او الى فريق احصاء علمي . السرطان جنون خلوي معروف والجسم السليم خالي من الخلايا السرطانية فهو سليم عقلانيا وهو رصد يسير يستطيع الباحث ان ينظر اليه وان يراه دون الحاجة الى مختبر يتكون من اجهزة علمية بل يحتاج الى مختبر فكري تغيب عنه التقنيات المعاصرة ويبقى يفيض نتاجا هادفا يمكن ان يكون مماسك يمسك بها الحقيقة . فسيخ العقل هو فارقة تفرق بين العقل الموزون والعقل المجنون سواء في جنون خلوي او فايروس ايدز او في اعصار مدمر او في جنون بقر او في غيره من الانحرافات البايولوجية او البيئية او المرضية وانشطة لم يكتشف سيخها بعد والتي ابتليت بها المجتمعات المتحضرة واشهرها زواج الرجل بالرجل والانثى بالانثى فهو سيخ عقلاني خطير انتشر في مجتمعات تصف نفسها بالحضارة .
من تلك الاثارات الفكرية المحددة نرصد موضوعية نصر المنظومة العقائدية حيث تلتصق صفة النصر بالنظم التي اقرتها العقيدة فتكون العقيدة بنظمها منصورة
انتصار المنظومة العقائدية هو نصر تكويني فهي لا تحتاج الى ناصرين بل الباحثين عن النصر في حاجة اليها
النصر الثاني وهو نصر العقائديين وهو ينقسم الى قسمين لا ثالث لهما :
الاول : الانتصار الفردي
الثاني : الانتصار الجماعي
النصر الاول متحقق يقينا بمجرد تطبيق نظم العقيدة ويحصد المنتصر غلة نصره بدوام تطبيقه لمنظومة العقيدة في واجباتها وممنوعاتها ومستحباتها ومكروه اعمالها فهو طود شامخ من النظم يصاحب نشاط الانسان وهو لا يزال في رحم امه بل قبل ان يكون فعقد الزواج بين الام والاب بصحيحه وتمامية تطبيق الحكم الشرعي ومشروعية الاغذية التي تتناولها الام الحامل ينتج اولادا صالحين جسدا وعقلا ومستقبلا وهكذا تبقى الاحكام والنظم العقائدية تصاحب الفرد في طفولته وصباه وشبابه وكهولته وشيبته حتى يلتحد الى ربه .. من طبق الاحكام فاز وانتصر ومن غفل عنها خاب وانكسر .
انه النصر الفردي الذي لا يمكن اعارته او اهدائه للاخرين بما فيهم اقرب الناس فلا شفاعة حتى للزوجة والابن فزوجة لوط اصابها العذاب وابن نوح اصابه الغرق فسفينة النجاة ما حملت غير المؤمنين وهي بطاقة نصر تكوينية تفرضها فرضا منظومة العقيدة على مريديها والمستمسكين بعروتها الوثقى .
الانتصار الثاني هو النصر الجماعي الذي يرنو اليه كل من اسلم .. انه نصر عام وشامل وهو يمكن ان يعار الى غير المؤمنين فيحصل غير المؤمنين على ذلك النصر ويحوزون ثماره الا انهم يفقدون النصر الاول وهو النصر الفردي بل يتبجحون بدنيا سرعان ما تزول ... يحدث عندما نرصد الانتصارات التي سجلها المسلمون والتي تحولت بعد حين الى نصر يخص الملوك دون الجماهير فاصبح الملوك يتحدثون بالاسلام وهم عنه ابعد الناس فشربوا النبيذ واستخدموا الجواري بافراط وامتلأت لياليهم بالمجون وتعاملوا مع بيت المال كما يتعامل الاباطرة فيمنحون شاعرا ماجنا الاف الدنانير مقابل بيت شعر في مديح او في قصيدة ثناء لغير الله بل لهم ويحدثنا تاريخهم عن هول ما قاموا في مخالفة احكام الله .
تقسيم النصر الى نصرين له ما يبرره فالاول (النصر الفردي) نصر لا يمكن اعارته لغير المنصور والثاني (النصر الجماعي) يمكن اعارته للغير بل يمكن اغتصابه وحيازته في اهداف لا ترتبط بالمنظومة العقائدية بل المنظومة تمقتها وتمنع تنشيطها فالعرب جميعا منتصرون بالاسلام لان الاسلام فيهم وبلسانهم والقرءان بلغتهم فسجل ذلك لهم فوزا عظيما ولكن ..!!! ذلك شريف مكه الفائز بالاسلام وعروبته تحالف مع الجيش البريطاني لاحتلال بلاد الشام ضد العثمانيين وما كان فوزه في شرف مكة الا بعروبته واسلاميته التي دفعته الى اغتصاب ذلك النصر ليسلمه الى اجنبي احتل البلاد . ومثل ذلك كثير وبذلك يرى الباحث عن النصر ان النصر يؤتى ولكن اذا اصبح مشاعا (نصر جماعي) فانه سيغتصب ولسوف يتمنطق به اخرون لا يستحقون النصر وهو موضوعنا المباشر لعنوان محاولتنا هذه
نصر القرءان :
ما من مسلم الا ويضع القرءان تاجا على رأسه وهو هوية اسلامية مشاعة بشكل شبه تام .. اذا انتصر القرءان فان النصر سيشمل كل المسلمين بلا استثناء ... هل في ذلك عدلا الهيا ..؟؟؟ القرءان لا ينصر الا فئة محدودة متفرقة غير مجتمعة فان احرقوه فهو ناصر ومنصور وان مزقوه فهو ناصر ومنصور فلا يستطيع احد ان يوقف نصر القرءان عندما يحرق او يمزق او يبول عليه احدهم فالقرءان ليس في رسمه بل في دستورية نظمه التي جاء بها فهو ليس صحف مطهرة بل هو قرءان مقروء . ولا يحتاج المسلم اكثر من اية واحدة من القرءان ليثبت يقينا ما يقول
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَاراً) (الاسراء:82)
النص القرءاني المسطور من كتاب لا ريب فيه هو تحليل ملزم لموضوعية النصر بالقرءان ولو ان النصر الفردي فعال في مجتمعنا الاسلامي لكثر المنتصرون ولتحول النصر الفردي الى نصر جماعي من خلال جمهور المنتصرين المستحقين للنصر .
من ذلك لا بد ان يرى الباحث عن النصر ان النصر الجماعي متوقف وان توقفه مبني على بناء كينونة حملة النصر وليس تقصيرا في منظومة العقيدة بل قصورا في جمع حملة العقيدة فالمنتصرين فيهم قلة قليلة ولا منتدى يجمعهم فهم فرادى في مجتمعاتهم لا تجمعهم رابطة دنيوية ليرى الناس نصرهم بل ان نصرهم محتوم بمنصورية نظم العقيدة لهم وان الاية 82 من سورة الاسراء ليست الوحيدة التي تؤكد هذه الضابطة الفكرية التي يجب ان ينضبط بها عقل الباحث عن النصر .
يتبع ..
تعليق