الغنى والفقر وجهان لـ كتاب مكتوب
من أجل بيان نظم الخلق في الملكية الفردية
{ قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (سورة آل عمران 26)
العقل البشري على اطلاقه يسعى لـ الغنى والاستثناءات نادرة عند قليل قليل من الناس يمثلون انحرافا عن طبائع خلق البشر التي فطرها الله في خلق بني ءادم وقد جاء وصف تلك الطبيعة الخلقية في القرءان
{ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا ءادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى } (سورة طه 120)
الله سبحانه خلق كل النعم مباحة لجميع الادميين الا ان (الملكية) الفردية او الجمعية او المؤسساتية هي الاستثناء على القاعدة الراسخة في الخلق ويمكن ان ندرك تلك الراشدة الفكرية في الملكية المباحة مثل الهواء والماء والرمال وشئون اخرى مثل حق السير على الارض اينما كان له هدفا في المشي الا ان (الملكية الخاصة) تمنع الانسان من استخدام حقه الطبيعي وتصاعدت الملكية الخاصة بيد (الملوك) اولا ومن ثم زحفت للاشخاص والكيانات كالدولة الحديثة (ملكية اموال الدوله) وما هي الا اموال مباحة (ارض الله) ولا وراث لها الا لحائز يصلحها
{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } (سورة الأنبياء 105)
ذلك القانون تم تعطيله من قبل البشر فهنلك مالك افسد الارض التي يحوزها بعد ان كانت صالحة ولكنه يبقى مالكا لها وفق اجازة شرعية في الدين وهي محطة فكرية ساخنة في هذه التذكرة تحتاج الى معالجة في مقام تذكيري لاحق
اذا كان كل الخلق مباح لكل المخلوقات خصوصا بني ءادم مثل الماء والهواء والزرع وكل شيء تنتجه الطبيعة وهو غير مملوك لاحد فكيف نعالج ملكية (الرقيق) حيث الملكية الخاصة لم تشمل الارض والحيوان والامتعة بل شملت الانسان لـ الانسان وباجازة شرعية ونقرأ
{ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } (سورة النحل 75)
عَبْدًا مَمْلُوكًا ..... فمن اين نبعت تلك الملكية وكيف نفتح مغاليق تلك الخانقة الفكرية في الملكية ونحن نعلم ان ما قبل الحضارة كان الذي يوصف بالغني بحجم ملكيته للمال من ذهب او غذاء او اراضي او عبيد !! كما جاء معيار الغنى في نص قرءاني
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ } (سورة القصص 76)
حين تدبر النص يتضح ان مثل قارون اتصف بانه يكنز الاموال وراء اقفال لها مفاتيح يصعب على اولي القوة حملها !! قارون في المثل القرءاني (فاسد) حسب النص التالي
{ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } (سورة القصص من الاية 77)
والنص يشير الى ان (مال قارون) الكبير أوتي من الله
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ } (سورة القصص من الاية 76)
وَءاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ ..... ذلك الاتيان يتطابق مع نص الاية 26 من ءال عمران (قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ) وهل لنا ان نعرف (الكيفية) والاسباب (العلمية) عندما يؤتي الله الملك لمن يشاء مثل قارون والذي وصف قرءانيا انه {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } ؟ والسؤال الفكري الذي يحتاج الى الرشاد هو (هل الله لا يعرف عباده ؟!) فيؤتيهم المال الكثير وهو يعلم بغيهم على قومهم (فَبَغَى عَلَيْهِمْ) والله القائل
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (سورة الحشر 18)
ألم يكن الله خبيرا بما يعمل قارون قبل ان يعمل !!؟
القرءان يذكرنا إن الله يعلم وهو سبحانه يدفعه للغنى ونقرأ
{ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } (سورة المدثر 9 - 18)
النص الشريف يؤكد بوضوح بالغ ان المال حين يؤتى للعبد (الكافر) او (الظالم) او (الفاسد) لن يكون على علم من الغني بل يؤتى المال من عند الله وذلك ما اكده النص في مثل قارون (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) والله يقول (وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا) (وَءاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ) !!
تبقى الازمة الفكرية المصاحبة لهذه التذكرة تبحث عن حقيقة كونية في (حيازة المال) لفرد صالح وءاخر غير صالح وفي نفس الوقت نرصد الفقر في فرد صالح وءاخر غير صالح وفي نفس المساحة الفكرية نرصد (وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ) حيث تم ربط (العز و الذل) بظاهرة حيازة المال وذلك شأن معروف فكلما كان المال اكثر كانت صفة (العز) اكثر تألقا في المجتمع وكلما كان (الفقر) متدني كلما كانت صفة (الذل) صحبة الفقير المعدم ماليا , البحث عن القانون الالهي في تلك الادارة الجبارة يحتاج الى وسعة بيانية تختص بالممارسة والادوات التي تستخدم في طلب الرزق فـ فالمال مصدر للعز والرفاه والفقر مصدر للذل والهوان وهو يصيب الناس سواء كانوا صالحين او فاسدين والهدف من تلك المحاولة التذكيرية هو البحث عن (سبل النجاة) عند ظاهرة الغنى وعند ظاهرة الفقر
من نصوص قرءانية قرأنا تذكرة عن إتيان المال لعباد هم على (عقوبة) مثل قارون ومثل من يرهقه الله صعودا ولكن جاء ايضا ان هنلك رزق للذين احسنوا
{ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } (سورة النور 38)
من تلك التوفيقات التي تحملها انظمة الخالق في الخلق علينا ان نبحث عن مستقر تطبيقي يقي المتقي بنظم الله من الفقر اي (الوقاية من الذل) وهو مسرب عقلاني وتنفيذي لـ (التقوية بانظمة الله) والتي تدفع العابد الى حيازة (العز) وهو (الغنى) على ان يكون مستقر وثابت وليس مثل غنى قارون الذي خسف به الله الارض ! وذلك المنهج يدفع (طالب الرزق) الى البحث عن (رزق مأتي من الله) سواء كان (كنوز) ذا مفاتيح ثقيلة مثل قارون او غنى بسيط يغني العابد من الفاقة والذل على ان يكون طلب العابد مطابق لسنن الله النافذة وقد بين القرءان منهجا عاما لتلك الحيثية الخطيرة في عز الانسان او ذله بسبب المال ونقرأ
{ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (سورة التوبة 109)
وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ... واضح من النص الشريف أن رضوان الله مرتبط بمبدأ نافذ في (غير الظالمين) اما الظالمون فهم لا يهتدون الى رضوانه ومن تلك النقطة الجوهرية في التذكرة الشريفة تبدأ رحلة الوصول الى (العز) او رحلة السقوط في حياض (الذل) الا ان هنلك ضبابية فكرية في رحلة الوصول الى اصول (رضوان الله) خصوصا في زمن التحضر وعلى ان لا يكون مؤشر رضوان الله هو في (الغنى) حصرا لان العز في غنى المال مرشح للانتزاع حسب القانون الالهي التبليغي في القرءان لان (الانيهار) على شفا جرف نار جهنم انما هو قانون يعالج الظالمين وهم في مملكتهم الظالمة كما هو مثل قارون رغم صعوده المرهق (وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا) , (وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا) , (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا)
من تلك البيانات الدستورية القرءانية يتضح ان طالب (الخروج من الفاقة) هو نفسه (طالب الدخول الى الغنى) ومهما كان طموحه متواضعا في الغنى او طموح متعالي غير محدود فعليه ان يتقوى باساس يبنى بناءا بوحدات بناء مصفوفة بمتانة وبلا ثغرات في ذلك الرضوان الالهي (بلا مخالفات او هفوات) على ان تكون مفردات البناء وادواته متصلة بما سمي في النص القرءاني رضوان الله (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ) وذلك يعني ان وسيلة (الغنى) لا بد ان تكون نابعة من (شأن الهي) في أمانها وصفتها ان لا تتقاطع مع طبائع الخلق التي فطرها الله في كل شيء ومثل ذلك الرشاد ليس بـ (اعجاز) يعجز طالب الغنى او طالب الخروج من الفقر !! بل هو (هداية عامة شاملة) تتحول الى (هدي مفصلي) يخص كل وحدة من وحدات بناء الاساس بل يشمل ايضا كل اداة تستخدم في البناء فمن يريد ان يؤسس مشروعا ما عليه ان لا يفكر بتوفير رأس المال كأداة للمشروع من خلال قرض ربوي لا يرضي الله او ان ينشيء مشروعه على ارض قد تكون مغتصبة وعليه ان يمحص شرعيتها لان مشروعه مبني على اسس ترضي الله فالخطأ والخطيئة في بناء الاساس لا ترضي الله اي لا تتطابق مع طبيعة سنن الله
وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .... الظلم غالبا ما يكون (تصرف عقلي) + (تصرف مادي) لان معيار الظلم ضبابي في زمن الحضارة فمن تصرف تصرفا عقليا ظالما انقلب الى تصرفا ماديا لان اصل التصرفات تبدأ في رحم العقل وتنتقل الى التصرف المادي وبما ان طلب الغنى او طلب ازاحة الفقر هي تصرفات مطلبية عقلية الا انها تنقلب الى تصرفات مادية وهنا تقوم قائمة (الضباب) في الرؤيا العقلية التي تنشيء (الظلم) فيكون قد (أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى) على جرف ينهار في نار جهنم !! فالرؤيا العقلية لمطلب الرزق هي الاساس في منشأة الرزق لطرفي نقيضان في الصفة (تقوى الله) و (انهيار في نار)
الحضارة المعاصرة طورت نظم الرزق وفتحت بوابات ما كان لها وجود فعال في سنن الاولين وكذلك قامت الدولة الحديثة بالتدخل في شؤون الناس بشكل واسع ادى الى ضياع سنن الاولين التي بنيت في اكثريتها الساحقة على نظم أمينه لا تتقاطع مع سنن الله في البيع والشراء والصنع والزرع وغيرها من المستجدات الحضارية ولا ننسى ان مصادر الرزق في الزمن الحضاري مبرمجة من قبل الدولة وقوانيها في الصناعة والزراعة والحرفية وملكية الارض وغيرها من اصناف الملكية فتحولت الانشطة الى معيار (قانوني) وضاع المعيار الشرعي في كثير من المفاصل او ان توأمة المعيار القانوني مع المعيار الشرعي اصبح صعب جدا لان قوانين الدولة لم تتخذ من الحكم الشرعي قاعدة لانطلاق قوانينها كما في ملكية الارض وملكية الاشياء عموما فـ إنسان اليوم فقد الكثير من صلاحياته واضطر الى مواكبة القوانين الحديثة حتى في الشؤون التي بني اساسها على رضوان الله مثل (أملاك الوقف) و (الانشطة الخيرية) حيث تتسلط الدولة على ادارتها ولا ننسى ان (الرقيق) ممنوع بموجب القوانين الحديثة (عبد مملوك) الا ان (بيع الاعضاء البشرية) هو رق جزئي مؤقت وهنلك مثله من يبيع جزءا من دمه ويقبض عليه ثمنا وهنلك من تبيع بيضة من رحمها وءاخر يبيع حيامنه وكل ذلك يجيزه القانون تحت مصطلح (المتبرع) او (المتطوع) بل توجد هنلك عبودية بشرية مجتزأة في كثير من الممارسات الحديثة غير بيع الاعضاء مثل المتطوعين لتجارب الادوية والمتطوعين للقتال رسميا او على مسرب ما سمي بـ (المرتزقة) وهنلك ملكية مؤقتة يومية او شهرية او دائمية من خلال (الاجر) اليومي او الشهري وهي صورة من صور الملكية الفردية للانسان ولكن الاختلاف في فلسفة الرابط اما المضمون فهو يصب في نفس رافد (عَبْدًا مَمْلُوكًا) ولن ننسى مماليك مصر حين صاروا ملوكا !!
تلك الوسعة في البيانات الجانبية يراد منها توضيح صورة (فكرية) فارقة بين (الحكم الشرعي) و (الحكم القانوني) فالكثير من الممارسات التي حرمت شرعا اجيزت قانونا مثل الفائدة المصرفية الربوية وكذلك هنلك انشطة تمارسها الدولة في (الاستملاك القانوني) لاموال الناس سواء الاملاك الثابتة كالعقارات والمصانع او الاملاك المنقوله ومن ثم اعاة بيعها للناس وهي ذات جذر (يغضب الله) لان المصادرة المالية اجراء حكومي وليس له رابط شرعي ذلك لان (نزع الملكية) اختص به الله سبحانه (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ) وهو يعني ان استخدام ذلك المال المنزوع قسرا يقع في الجهة المعاكسة تماما لـ (رضوان الله) وكثير من الناس يقتنون الاشياء المصادرة ويقومون بتشغيلها كـ (اداة للرزق)
معايير رضوان الله تمتلك دستورا شرعيا ذو موصوفات ابتعدت كثيرا عن ناصيتها الشرعية بسبب الحضارة فمن يستثمر امواله في انتاج المشروبات الغازية او بعض المشاريع الغذائية غير ملزم بالتطبيقات الشرعية (هذا حلال وهذا حرام) بل يلزم نفسه بتطبيق التعليمات الصحية والمقاييس الرسمية ليأمن استمرار مشروعه تحت غطاء رسمي (نافذ) متصورا ان امر الله (غير نافذ) ضمن فلسفة يرتضيها لنفسه وان ابلغته (مثلا) بما حصل لـ (قارون) وما ورد في القرءان من انهيار في نار جهنم فهو وصف يقرأ للثواب لا للتطيبق !!
يستطيع كل فرد يتابع هذه السطور ان يرصد قانون الله في اشخاص سقطوا وانهاروا انهيارا كبيرا وهو يعرفهم ويعرف مخالفتهم ويعرف غناهم وعزهم وقد خرجوا من دائرة (العز) الى موصوف (الذل) ونزعت اموالهم منهم فاصبحوا فقراء بعد ان كانوا اغنياء والاجدر به ان يربط بين انهيارهم ومخالفاتهم لسنن الله فيدرك قانون الله فيهم حيث جاء في القرءان (أمر إلهي) في ذلك المنهج الاستبصاري حين نقرأ النص التالي :
{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ } (سورة النمل 69)
فمن يرضي السلطان ويغضب الله ليكون غنيا فهو (مجرم) بحق نفسه (ظلم نفسه) وعقوبته (عاقبته) ستكون كتابا يقرأه (المجرم) إن اراد التوبة ويقرأه المكلف عموما وهو يطبق امر الله (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ) ليس ليزداد معرفة بانظمة الله حصرا بل لـ يبحث عن النجاة ولا يقع وقعة من انهار في نار جهنم !!
الرصد البحثي الذي تطالب به هذه السطور لن يكون حصرا في المال والجاه (العز) بل على الراصد ان يعي صفة (الفقر) و (الذل) وفق مجمل المعايير وليس المال والعز حصرا فكثير من الاغنياء اصيبوا بالشلل الجسدي فهم في (فقر صحي شديد ) اي (إنهيار صحي) ومنهم من مات وترك ماله بلا وريث (انهيار العز) ومنهم ابتلي بهلاك اعزائهم او اولادهم بقسوة (انهيار الاحبة والاولاد) ومنهم من فقد عقله (انهيار العقل) ومنهم ومنهم وصفات قد لا تنتهي تصب في صفة الذل والفقر من علو عالي بعد ان ارهقه الله صعودا !!
لا خير في مال يصاحبه فقر في الصحة ولا خير في عز بلا سعاده { وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } فان امتلك العبد اسباب في الغنى والعز فالله يمتلك الاسباب كلها وكذلك يمتلك (الثواب والعقاب) وقد وضع نظم جبارة (جبار) ونظم قهرية (قهار) تركس المخالف في عاقبته وترفع الذين احسنوا (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)
{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } (سورة الأَعراف 32)
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ
تعليق