تويت
بسم ءلله الرحمان الرحيم
العقل وذراع الحداد
دراسة جديدة خرجت من بريطانيا تقول أن ممارسة الألعاب الذهنية (كالشطرنج والبنجو والمسابقات الثقافية) تساعد العقل على الاحتفاظ بحيوته لعمر متقدم. فبمقارنة مجموعتين من الشيوخ، الأولى أدمنت هذا النوع من الألعاب والأخرى لم تلقها أي بال اتضح أن المجموعة الأولى - مقارنة بالثانية - حافظت على ذكائها لعمر متقدم، وعانت من خرف الشيخوخة بنسبة أقل، وتذكرت أحداثاً نسيتها المجموعة الأخرى (حسب موقع ananova)!
وهذه النتيجة تضاف إلى دراسات كثيرة سابقة تساند هذا الرأي وتؤيده؛ فمن المعروف أن الأعضاء البشرية تقوى بكثرة الممارسة وتضعف بقلة الاستعمال؛ فعضلات الجسم مثلاً تقوى بزيادة الجهد والتمرين وتترهل بقلة العمل والاسترخاء. وهذه النتيجة قد تظهر بشكل طبيعي (وليس بالضرورة من خلال التمارين) إذا وضعنا أنفسنا في ظروف تستوجب ذلك؛ فذراع الحداد مثلاً تنمو وتتضخم (بلا قصد مسبق) لأن عمله يتطلب الطرق المستمر على المعادن. ويتمتع سعاة البريد ومضيفو المطاعم بجسم رشيق وفخذين قويتين بسبب المشي المستمر. كما يتمتع صيادو اللؤلؤ بصدر وسيع ورئتين قويتين بفضل الغوص الدائم "وكتم النفس".
ودماغ الإنسان بدوره يزداد قوة وذكاء بازدياد التمارين العقلية والمواقف الذهنية التي يواجهها. فهناك بيئات طبيعية تنشط عقل الطفل بلا قصد منه (كما يحدث لذراع الحداد). فوجود الطفل في بيئة علمية نشيطة يفتح مداركه ويرفع مستواه الذهني بدون أن يشعر. ووجود الكتب حوله يشجعه على فتحها ومحاولة فهمها. وحين يدمن على الاطلاع يزيد ذكاؤه بالتدريج ويرى روابط وتوافيق ذهنية لا تتاح لأقرانه.
أما ممارسة الهوايات والألعاب الذهنية الصعبة فتزيد من تدفق الدم إلى الرأس (كما اتضح من خلال أجهزة الرنين المغناطيسي). والتعود على حل المشاكل الذهنية يساعد على وضع المشاكل الحقيقية في "قوالب" يسهل العودة إليها لاحقاً!
وكما أن هناك تمارين لزيادة العضلات وشد القوام، سأقترح عليك "تمارين ذهنية" لشحذ العقل وتنمية الذكاء:
أولاً: ابحث في داخلك عن الهواية الذهنية التي تميل إليها أكثر من غيرها ومارسها باستمرار (حتى لو كانت الكلمات المتقاطعة)!
ثانياً: التزم يومياً بوقت معين للاطلاع ولا تعتذر بقلة الوقت (حتى لو فعلت ذلك من خلال الصحف اليومية)!
ثالثاً: وحين تقرأ لا تقبل الأمور على علاتها بل تأملها جيداً وابحث عن المتناقضات فيها فهذا من شأنه تنمية التفكير الانتقادي لديك)!
رابعاً: احرص على أن تكون ثقافتك (متوازية، وشاملة) لأن التركيز على جانب واحد يضعك في قوقعة من الالتزام وتقديس المصدر. كما أن التخصص في فرع وحيد يجعلك لا ترى سواه ولا تستطيع مقارنته أو دمجه مع غيره.
خامساً: احتكاك بالثقافات والحضارات الأخرى يوسع من مداركك ويجعلك أكثر فهماً وتقديراً لعادات وطبائع الشعوب المختلفة.. وإتقان لغة أجنبية جديدة بمثابة فتح نافذة كبيرة على عالم مختلف تماماً!
سادساً: اختلاطك الدائم بالعلماء والأذكياء والموهوبين يجعلك (بقصد أو بدون قصد) تقتبس مزاياهم الذهنية الراقية وتطور أسلوبك في التفكير والاستنباط.
سابعاً: ومع هذا أنصحك بعدم التعصب للرأي أو التسليم بسهولة كي لا "تؤجر" عقلك أو تحيطه بسياج ثقيل.
وأخيراً: لا تنس أن التحيز، والاعتقاد المسبق، والتطرف في الرأي، وإقحام العواطف، وإنكار المغيبات، وضعف النقد، وقلة المصادر.. كلها من المعوقات التي تحول دون التفكير بشكل سليم والحكم بشكل منطقي!
.. وغني عن القول أن الاستعداد الوراثي أمر لا يمكن تجاهله بهذا الخصوص ولكن تحفيز الذهن بهذه الطريقة قادر على تعويض معظم النقص ورفع أي مستوى
تحياتي لكم جميعا
السلام عليكم