بسم ءلله الرحمان الرحيم
عبقري ومجنون
العبقرية في نظري نوع من الجنون الحميد، والتوحد الطوعي، والهوس الشخصي .. فمن أهم شروط العبقرية مخالفة المألوف، وكسر القواعد، والانفصال عن الواقع، وتقديم الخيال على الحقيقة , وجميعها شروط يصعب توفرها في إنسان سوي يتواءم مع المجتمع..
وأنا شخصيا من المغرمين بشخصية العبقري المجنون والعالم المخبول في السينما وروايات الخيال العلمي.. وهي شخصيا تمنحنا مساحة كبيرة من الخيال الجامح والأحداث غير المتوقعة واحتمالات وقوع التقنيات الخطيرة في أيدي مجنونة.. فوحدهم العلماء المجانين من يفكرون بالسفر عبر الزمن والصعود للمريخ واستنساخ الإنسان وإلغاء الجاذبية والغوص لباطن الأرض ومواجهة مخلوقات فضائية متوحشة...
ورغم أن التاريخ يزخر بشخصيات حقيقية لعلماء مجانين (ورغم أن كثيرا من الأفكار العلمية المجنونة تحولت لتقنيات حقيقية ومستخدمه) إلا أنني سأقتصر اليوم على مواصفات "العالم المجنون" في روايات الخيال وأفلام السينما..
ومن واقع خبرتي المتواضعة يبدو العالم المجنون في السينما بالذات صاحب فكر مشوش، وشعر ثائر، وعينين براقتين ، ونظارة مثل قعر الفنجان. وهو إما يعمل بشكل مستقل لتحقيق حلم لا يستوعبه عامة الناس، أو تحت إشراف حكومة ديكتاتورية تسعى للإضرار بالآخرين. ورغم أن شخصيته كانت حاضرة منذ القدم من خلال ساحر القرية أو كيميائي الملك، إلا أنها برزت بشكل واضح وعصري بعد الحرب العالمية الثانية .. ففي تلك الفترة اكتشفت فضائع الأطباء النازيين (الذين قاموا بتجارب قاسية على أسرى الحرب) كما تصاعدت حمى التفجيرات النووية، والتنافس الفضائي، وفوز أمريكا بسباق القمر، ووصول المسابير الروسية الى المريخ ناهيك عن مطاردة علماء هتلر الذين هربوا بعد سقوط ألمانيا ...
ومن الروايات والأفلام التي أتذكرها شخصيا (وتتمحور حول شخصية مجنونة) : رواية "رجل تحت الصفر" للدكتور مصطفى محمود التي تدور حول عالم مجنون يدعى شاهين تستولي عليه فكرة تحويل جسده إلى موجات لاسلكية تنتقل عبر الأثير..
ورواية "العنكبوت" حيث يسعى بطل الرواية لكشف سر مادة الاكتوميسين في دماغ الانسان ودورها في تناسخ الأرواح..
وكذلك "قاهر الزمن" حيث يسعى البطل إلى تجميد نفسه والاستيقاظ بعد قرون (وهي رواية لم أقرأها شخصيا ولكنني شاهدتها في فيلم)..
أيضا هناك رواية "المتوحش" لفرانك بيرت حيث ينجح البطل في تحويل القردة إلى غوريلات عملاقة بحجم المباني (وهي رواية تذكرنا بتهجين الحيوانات في جزيرة نوا)..
وكذلك شخصية العبقري المشوش في رواية "العودة للمستقبل" التي تحولت الى سلسلة أفلام مشهورة في عقد الثمانينيات..
وشخصية فيلم "الذبابة" حيث ينجح في نقل البشر لاسلكيا (ولكن ذبابة طائشة تنتقل مع بطل الرواية وتندمج مع موروثاته الجسدية)...
أما في رواية "الرجل المجوف" الذي يخوض تجربة الاختفاء عن الأنظار ثم يروقه الوضع ويرفض العودة لنطاق الرؤية مجددا !
والطبيب المجنون "فرانشكتاين" الذي يحاول إحياء الموتى بواسطة البرق (وهي رواية كتبتها ماري أشلي لأول مرة عام 1818 وظهرت في السينما أكثر من 27 مرة آخرها عام 1991).
... وهذه كلها ليست سوى نماذج قليلة وأمثلة بسيطة لعلماء مجانين شكلوا محورا لروايات وأفلام مشهورة . ومن خلال دراسة أجريت في بريطانيا ل 1000 فيلم رعب اتضح أن التوجه الشرير (للعالم المجنون) استحوذ على 30% من هذه الأفلام في حين لم يستحوذ الجانب الايجابي إلا على 11% !!
.. ورغم أن البشرية تدين في انجازاتها الخارقة إلى لمسة الجنون هذه ، ما يزال عامة الناس يحملون خوفا دفينا من تداعيات الانحراف العلمي ووقوع التقنيات الخارقة في الأيدي غير المناسبة، وبالتالي يمكن القول إن شخصية العالم المجنون ليست سوى "تجسيدا" لخوفنا من انهيار الحدود الأخلاقية في زمن يشهد طفرة تقنية لا تخضع سوى لمنطق المال والمصلحة الشخصية ..
ومثل كل الطغاة في التاريخ غالبا ما ينتمي "العالم المجنون" إلى جنس الذكور !!
ندلي بدلونا فنقول:
اظن ان العباقرة يستخدمون جزء من المخ لا يستخدم عند باقي البشر ونتيجة استخدامه يأتي بالإختراعات و اشياء اخرى...اذكر فلم لعالم رياضيات كان يعاني من الهلوسة و رؤية اناس غير حقيقيه ولكنه استطاع ان يتغلب على هذه الهلوسة..احب العلم و العلماء و جنون السينما بالنسبه لي يعد الاسخف والاكثر سذاجه! لانه واقعيا غير فعال.
جنون العلم هو من يجب ان يستحوذ على اهتمام كتابنا وطلابنا
والعبقرية ليست حكرا على الاختراعات العلمية المادية، فهي تشمل العلوم الانسانية وهي باعتقادي الاهم، فالحياة بدون قانون ونظام واخلاق وجمال وفنون...لا تحتمل ولا تسمى حياة. والعبقري لا يمكن ان يكون مجنونا، الا عند الجاهلين الذين لا يكادون يفقهون حديثا.
ولا غرابة ان يكتب لنا االحاج عبود الخالدي كل مرة تذكرة هي أغرب من الغراب نفسه .
العبقرية العربية تستمد جذورها من الواقع وليس من الخيال
العبقرية هي الإنتباه حقا كل مرة إنهم موسى العقل والسماء السادسه المضطلع دوما بكل أمر ذي بال في سلم يرتقي الى السماء السابعة او الطور الشريف الإبراهيمي
تجدها متمثله في امثالهم ومنها قولهم*
فجعت الذيب ولا قتله
ويقصدون بها ان فجعت الذيب تكفي عن مطاردته*
فدوي الفجعه تجعل الذيب يهرب الى عالم الوهم والخيال ويعيش فيه بقية عمره
شكرا لكم جميعا سادتي الكرام حسن إنصاتكم وتفاعلكم وتعليقاتكم