لا خير في أمة تأكل ما لا تزرع وتلبس ما لا تصنع
ذاكرة عراقية قاسية
منذ قيام ثورة تموز عام 1958 بدأ الثوار يهاجمون المستثمر الزراعي (الإقطاع) بشكل مباشر وبموجب النهج الثوري الجمهوري الذي قام على انقاض نظام ملكي دستوري فكانت شعارات محاربة الاقطاع متوائمة مع غليان الجماهير الناتج من الفساد الحكومي في العهد الملكي بصفته المتهم بصناعة طبقية الإقطاع والراعي له ولم تنتبه الجماهير العراقية وقتها الى ان الإعلام كان يهاجم شخصية الاقطاع في ءأدميته بصفته مصاص دماء الشعب باعتبار وجوده وجود مصطنع صفته كاي صفة كارثية مجتمعية كما ركز الاعلام على ان الاقطاع سبب مباشر لفقر الفقراء من خلال (ظلم) الجماهير .... استمر ذلك النهج الإعلامي مع توسيع دائرة الهجوم الذي يستهدف انسانية الانسان ضد أي منتج صناعي او زراعي او أي ناشط تجاري ويصفهم بصفة مصاصي دماء الناس ولا يزال الاعلام لغاية اليوم ينقر على نفس الطبول الموروثة رغم التحول الديمقراطي فكانت ولا تزال سموم ذلك الاعلام فعالة وعلى مدى اكثر من خمسين عاما يزرع الكره بين (المنتج والمستهلك) حيث يعتمد الاعلام المبرمج اسلوب تفريغ الصفة الأءدمية من المستثمر العراقي في كافة المجالات ولم يسلم منه حتى البائع المتجول واصحاب الحرف المهنية البسيطة وحملات التشهير بها وحملات الاعتقالات ومصادرة اموالهم المتواضعة صعودا الى عمليلت قاسية انسانيا مثل عمليات اعدام حشد التجار في سويعة من نهار كما شهد الربع الاخير من القرن الماضي قوانين اعدام الناشطين في القطاع الخاص تحت عنوان في فقه قانون ابلق (تخريب الاقتصاد الوطني في زمن الحرب) وراح ضحية ذلك القانون مئات من الضحايا من الناشطين في القطاع الخاص وبموجب خطة تدمير وسيلة الامة في توفير حاجاتها من خلال جهود ابنائها كما هي شعوب الارض ...!! الجهد الاعلامي تركزت فيه مهمة تحويل المسببات الخفية الى مسببات مرئية مفتعلة تقدم الى الجمهور الغافل الذي يؤمن بها نتيجة تمزيق النسيج المجتمعي القاسية واكثر الانسجة المجتمعية الممزقة كان في برامجية مختصة في تمزيق (النسيج الفكري العراقي) الذي يمثل (قيادة اللحمة المجتمعية) وحين تستعيد الذاكرة مفاصل قساوة مفصل من مفاصل برامجية التمزيق الفكري لشعب العراق فانها تعيد بالذاكرة الى منصب لـ (وزير التعليم العالي) دام زمن استوزاره لبضع سنين والذي لم يكن يمتلك شهادة جامعية اولية بل يمتلك ماضي شوارعي رخيص الى حدود قصوى (فهلوي شوارع) ..!! وزيرا للتعليم العالي ..!! فكيف ستكون لحمة النسيج الفكري في العراق في مثل تلك المنهجية ...!!
خمسين عاما من النهج الاعلامي الذي مزق لحمة العراقيين في نسيجهم الفكري فهاجم شخصية المستثمر في ءأدميته والتي أدت الى قيام حالة مزقت لحمة الشعب بين المنتج من جهة وعنصر العمل والمستهلك من الجهة الاخرى من خلال زراعة كره مجتمعية عند الناس لكل ذي مال ظاهر فاصبح الناس يخفون اموالهم في استثمارات غير مرئية خارج الحدود العراقية او حسر الطموح الاستثماري عندهم وعدم توسيعه وتطويره بسبب شدة الهجمة وصعوبة الانتاج من خلال سوء عنصر العمل مع تفاقم ازمة الاغنياء مجتمعيا وسط مجتمعهم ولزمن طويل فظهر اوج السوء في فترة ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق حيث كان كل ذي مال مستهدف للقتل او السلب او الاختطاف مقابل فدية قاسية نتيجة انتفاخ كبير في بالونة الاحتقان ضد الاغنياء مما أدى الى تفريغ الساحة العراقية من كل صنوف الاستثمار الصناعي والزراعي الا ما هو شراذم استثمارية لا تمتلك عناصر ديمموتها او تطورها واصبح الدخل القومي لشعب العراق مقتربا من درجة الصفر واصبح الاتكاء المطلق على الانفاق الحكومي الذي يعتمد على النفط بشكل شبه تام حيث توقف الانتاج الحكومي الصناعي والزراعي والسياحي والخدمي بشكل خطير وفق خطة تدميرية بيد حكام ديمقراطيون ...!!.
عندما يبحث عشاق الحقيقة عن (أم الحكومة) المرضعة التي ارضعت تلك الصفات وعلى مساحة زمن طويل سيجد خيوط فكرية تمسك بمعالم حكومة الارض الخفية التي تتحكم في حكومات الارض كلها وتغذيها برضاعة مسمومة تنفث سموما طويلة الأجل والتي ادت في مثل شعب العراق الى ضياع وسيلة شعب العراق في توفير طعامه وملبسه وحاجاته فهو قد فقد مستقرات نشاط ريادي في وسيلة نهوضه الطبيعية كما هي شعوب الارض الا وهو نشاط القطاع الخاص الذي يعتبر عمود النهوض المجتمعي المعاصر ... الكره المبرمج المتحصل بين المنتج والمستهلك في العراق ادى الى انطفاء جذوة الانتاج في اليد العراقية وفقدت الامة العراقية امومتها فهي تأكل ما لا تزرع وتلبس ما لا تصنع فاصبح الموت هو حصيلة تلك الصفة التي ملأت ساحة النشاط الانتاجي فالموت المرئي في الشوارع العراقية الدامية هو موت الاجساد العراقية لكن الحقيقة المرة كان في الموت الذي سبقه وهو موت (اليد العراقية المنتجة) فلم يبق الخياط ليمارس مهنته في الخياطة ولا النجار ولا الحداد فاصبحت جماهير الناس لا تمتلك الا اليد الوظيفية وفتات متهريء من الحرفية الزراعية والمهنية التي لا تسد عشر معشار حاجات الامة ...!! جرى ذلك في بلد كان الرائد في الصناعات الحضارية فهو الاول في الانتاج الصناعي المعاصر الا ان الايادي الخبيثة فعلت فعلها وتوائمت معها استجابة جماهير قاسية الغفلة حين أستعر الكره بين المنتج والمستهلك في برامجية خفية حملت من السموم قساوة مميتة أماتت اليد المنتجة لغرض استقطابها لتكون فعالة في (واقع حال) الى يد مسلحة في وسط مجتمعي مليء حد الانتفاخ الانفجاري بالكراهية بين اطيافة وتلك هي واحدة من قصة الحرب الاهلية العراقية ...!!
شعب يكره المنتج فاصبح شعبا
يأكل ما لا يزرع ويلبس ما لا يصنع
الحاج عبود الخالدي
تعليق