ثقافة الدين وعنصر الزمن
من أجل بيان مجسات مراكب الغفلة والضلال
لكل ممارسه ثقافة تدركها الفطرة حتى عند شرب الماء حيث يختلف الناس في ثقافة شرب الماء بدءا من آنيته وطريقة ابتلاعه وكميات الشرب وطرق التبريد و سيل لا حصر له من المختلف في ثقافة شرب الماء ولعل الأزياء أوضح صورة فطرية نراها في ثقافة الملبس فكيف يكون (لباس الدين) !!
هذه المذكرة سوف تبتعد عن المختلف المذهبي او العرقي أو الوطني وتبقى السطور تحاور الفطرة العقلية التي فطرها الله في الانسان بما يختلف عن كل مخلوقاته التي غرز فيها الغريزة كما في الحيوان او التي احكم في خلقها الحراك العضوي (الخلوي) واحكم خلق المادة مقيدة بقوانين الفيزياء والكيمياء والفاعليات العضوية عموما وكان الانسان عارفا بالكثير من ذلك الخلق بما منحه الله من فطرة عقلية حتى قال فيه الله ما لم يقوله في غيره من خلقه
{ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } (سورة العلق 5)
كل البشر يعرفون ان الله خالقهم بما فيهم الملحدون او القائلين بالصدفة او القائلين لا شأن لنا بمن خلقنا او عابدي الاوثان ولكن مسمياتهم للخالق تختلف عن حملة الدين السماوي خصوصا الإسلام القائلين بحصر الخلق بيد الله
من عرف الله باي شكل من اشكال المعرفة عرف صفاته وعرف قدراته ولكن لا يعرف كيف يعبده وهنا يقع الانسان في خانقة (الغفلة) و (الضلال)
المسلمون الاولون تفردوا بخطاب ديني واسع اختص بالعبادات بشكل واضح جدا في (زمن) كان كل شيء طبيعي وكان الانسان ساجدا لله في طبيعة ما خلق ولا مزيد ولا انحراف الا في ممارسات محدودة مثلما صنعوا الخمر بدل الخل وشربوه ففقدوا عقولهم (سكارى)
الازمة قامت في زمن الحضارة حيث تدخل المتحضرون بانسيابية مفروضة في تغيير سنن الله ومخلوقاته في (المأكل والمشرب والملبس والمسكن) وغيرها مثل السفر وإصدار القوانين المخالفة لسنن الله واحكام الإسلام عموما مثل المصارف الربوية والسلطوية الوطنية وملكية الدولة لأرض الله وغيرها
من ذلك يتضح ان (عنصر الزمن) قام بتغيير (ثقافة الدين) والناس مجبرة ان تعيش زمنها فلا يستطيع المسافر بين مدينتين في حاضرة الحضارة الا ان يستخدم وسائل النقل الحديث ولن يجد ركوبة من الابل او الخيل والبغال والحمير ليسافر على ظهورها ! ولن يجد نظاما فعالا يخدم دلالة الطريق او تقديم خدمات المبيت وطعام لركوبته وان حصل على الركوبة فهي أداة سفر غير فعاله لتلك الأسباب
{ أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } (سورة هود 26)
ثقافة العبادة استمرت على نظام صفات محددة في الصوم والصلاة والحج وقول الصدق والصدقات وطهارة المأكل والملبس من النجاسات الا ان ثقافة النجاسات غير معروفة في زمننا الحديث فـ الاكل والشرب والملبس والسكن تعرض للغزو بالنظم الحضارية فالنجاسة ليست حصرا في الخبث والدم وغيره من الشوائب بل النجاسات تشمل كل ما هو (ضار) في طبيعة خلق الانسان والحيوان والنبات رفع المسلمون شعارا كبيرا متداولا بينهم تحت عنوان (من استعان بغير الله ذل) فهل المريض يستعين بالله حقا وهو يتناول ادوية كيميائية ؟! .. هل من يطفأ ضمأه بعلبة عصير غازية فيها مركبات غير عضوية يكون قد استعان بالله في مشربه وهل من يرتدي البسة بلاستيكية (بوليمرات) يكون قد استعان بالله وقد ترك خامة الملبس التي خلقها الله
{ وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } (سورة النحل 80)
هل هي ءاية معطله عبر عنصر الزمن ؟ هل نستطيع ان نمحو الاية 80 من سورة النحل أعلاه لان موصوفات الاية اسقطها (زمن الحضارة) !!
لو اردنا ان نترك النصوص القرءانية فالعقل الفطري يدرك ان الألبسة غير الطبيعية ضارة بالاتسان بشكل مرئي عند الذين يمتلكون تحسسا جلديا ومرئي أيضا عند من يمتلك ملكة الارتياح من الملبس الطبيعي ويشكل عقله إحساس نسميها بصيرة عقلية يدرك من خلالها سوء ما يلبس وقد جاء في القرءان نص يوضح تلك البصيرة
{ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } (سورة القيامة 14 - 15)
عنصر الزمن الذي يحيا به الانسان يربطه بـ (ثقافة الدين) المتغير على غفلة من اهل الدين فلكل زمن اعراف دينيه مختلفه عن الجيل الذي سبقه سواء كان ذلك الاختلاف في فترات زمنية قبل الحضارة او بعد قيام الحضارة وحتى في زمن الحضارة القائم الان تعرض المجتمع المؤمن الى نقلات ثقافية تزيد من الطعنات الموجهة لثقافة الدين الأمين سطورنا لا تطالب بثقافة الدين كما في ماضيه والاعتزال عن الحضارة بكل مفاصلها لأن ذلك غير ممكن وقد يكون في بعض المفاصل الحضارية مستحيل ولكن من يثقف نفسه بثقافة دينية واعية فان الله له الحمد (لا حدود له) ولكل سنة من السنن تقع خارج سنن الخلق المعروفة !يوجد لها مخرج وتأمين عدا بعض السنن الحديثة التي لا يمكن تأمينها مثل الادوية الكيميائة والملابس غير الطبيعية وفطرة العقل تدرك أن للأدوية بديلا ءامنا وهو (العشب) والالبسة الطبيعية متوفرة مع التنازل عن شيء من الاناقة في بعضها او بذلك الجهد في كويها بـ المكوات المعروفة وهنا رابط تذكيري يذكرنا بإمكانية استخدام الشيطان وفق منهج تثقيفي عبادي أمين مبني على تذكرة قرءانية مجيدة
معايير شيطانية يحفظها الله
ثقافة الدين المتغيره عبر قفزات زمنيه في عنصر الزمن لا تحتاج الى معلم او خبير او جهد تدريبي بل تحتاج الى (فطرة سليمة) يقوم حامل العقل بتأمين سلامتها لانه (مسلم) لانها وعاء تنزيل الالهام الإلهي وهي مصدر كوني رباني يستوجب (الشكر) لله فيكون (شاكرا) وليس (كفورا)
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } (سورة الإِنْسان 3)
ذلك يتم من خلال فطرة العاقل فان احسن حدود فطرته فيكون سبيله هديا من الله (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل) وهو ذو صفة موجبة ومن يسيء لفطرته فيكون مهديا من الله أيضا ليكون (كفورا)
من ذلك الحراك الفكري الفطري يتضح ان ثقافة الدين (التدين) التي سطرت في كتب الاولين غير قادرة على تأمين فطرة بشرية تواكب المتغيرات عبر (شريط الزمن) وما يؤكد ذلك الرشاد هو نص قرءاني مبين
{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } (سورة الروم 30)
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .... نؤكد أن سطورنا أعلاه لا تمتلك قدرة لتغيير وصف الاكثرية التي لا تعلم لتكون أقلية ولكن حكم الله في من يرى ءاية الهية مبينة عليه ان لا يكتم بيانها وإن كتمها يلعنه الله ويلعنه اللاعنون الذين هم بحاجة لبيانها
الحاج عبود الخالدي