بكة من بكى
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
ليس من السهل ان تطرح علوم مكة الكبرى كمنشورات متفرقة الا ان الغاية تنحسر في اثارة العقول تجاه تلك العلوم لتقوم في حاضرة المسلمين رغبة في احتظان العلوم العقائدية بعيدا عن عبادة اللفظ القرءاني والتغني به والسجود والركوع للفظ مجرد من المعنى التكويني له فالله قد سطر في القرءان الفاظا تكمن تحتها مقاصده الشريفة وعلى المسلمين الوصول الى تلك المقاصد لمعرفة حقيقة القرءان ووظيفته التكوينية في حملة العقيدة بعيدا عن عبادة الالفاظ والدوران حولها لغويا وعربيا وتاريخيا دون مساس مقاصد الله فيها
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران:96)
لا يخلو النص من غرابة لغوية في (للذي) ولم يأتي النص كما اعتاد الناس (الذي ببكة) بل (للذي) وهو لفظ نادر الاستخدام في السنة الناس ..!!
ذو .. ذا .. ذي .. الذي .. للذي ... وهو لفظ يستخدم للاشارة الى صفة مثل (ذو القرنين) و (ذا النون) و (ذي ظفر) ...
الذي ... هو ان ذي معرفة في العقل وذلك يعني في عربية العقل ان الصفة معرفة في العقل فنقول (الشخص الذي رأيته في السوق) فتلك دلالة معرفة صفة الرجل في العقل ...
لذي ... تعني في عربية العقل المبين ان الصفة منقوله لموصوف اخر مثلها نقول (ان السلطة لذي النفوذ) أي ان هنلك صفة للسلطة تنتقل لصفة النفوذ ومثلها نقول ( تعطى الصدقة لذي الحاجة) فتكون صفة الصدقة منقولة لصفة الحاجة اليها ...
للذي ... في فطرة العقل العربي تقوم نقلتان للصفة وليس نقلة واحدة كما في (لذي) وذلك حبو عقلاني عربي على اللفظ لمعرفة المقاصد بدلالة تكرار حرف اللام ..
اذن هنلك صفة (اول بيت) للناس (ان اول بيت وضع للناس) وهذه الصفة تحمل صفة (الاول) فيها صفتان منقولتان (للذي) ... ببكة ... فما هي المقاصد الشريفة في بكة ..؟؟ ولماذا (ببكة) وليس (بكة) ...
لفظ بكة في بناء عربي فطري هو (بك .. بكى .. بكاء .. بكيا .. بكة .. )
من فطرة اللسان العربي المبين نمسك بالقصد فنقول (ايها الشرطي بك نستعين على السارق) ... لفظ (بك) حمل قصد معرف بصفتين .. الاولى ... صفة الشرطة ... الثانية .. صفة السارق ... وهنا تقوم في العقل ان لفظ (بك) ربط بين صفتان واحدة في الحيازة واخرى في كينونة المربوط (الشرطي) ... ننتقل الى النص القرءاني لنراقب دقة هذا الترشيد
(وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) (المؤمنون:97)
لفظ (بك) في النص الشريف ربطت بين صفتان .. الاولى ... صفة الرب في قدرته ... الثانية ... همزات الشياطين ...
اذن العقل لا بد ان ينثني امام نتاج علمي في لسان عربي مبين ان (بك) هي رابط قابض لماسكة بين صفتان ... صفة ممسكة في حيازة المتكلم وصفة ممسكة في حيازة اخرى ... كأن تكون عند الرب في قوته التكوينية او ممسكة عند الشرطي وفي سلطانه على السارق .
عندما يكون اللفظ (بكي) وهو من بكاء حيث يكون البكاء رابط لصفتين ايضا ... الاولى ... الصفة القاسية التي تعرض لها الشخص كموت عزيز او ظلم شديد او عاطفة شديدة ... والثانية ... هي التغيرات البايوفيزيائية في وجه وصوت الباكي ... التغير الكبير في سحنات وجه الباكي ... والنحيب بالصوت ... والدموع ... كل تلك هي تغيرات فيزيائية وبايوفيزيائية تساهم فيها مجموعة من اعضاء جسد الباكي ...
التاء في اخر اللفظ دليل (حاوية) او (وعاء) الصفة وهو من لسان عربي مبين ايضا فنقول (سفر .. سفرة ... شرب ... شربة ... صر ... صرة ... ساقي .. ساقية ... ) التاء دليل وجود حاوية احتوت الصفة في وعاء كالساقية والشربة و الصرة ...
بك ... بكة ... فتكون (بكة) هي حاوية (بك) ولما كانت (بك) رابطة فتكون (بكة) حاوية الربط لصفتان الاولى منها ... (اول بيت) ... الثانية ... (للناس) وتظهر ثنائية حرف اللام في (للناس) لتأكيد نقلتان للصفة في (ناس) كما هي نقلتان للصفة في (للذي) بدلالة حرفي اللام الدال على نقل الصفة كما نقول (لك) او (له) فحرف اللام دليل نقل الصفه ...
تلك الحاوية لم تكن (بكة) فقط بل هي (ببكة) وذلك يعني ان تلك الحاوية فيها قابضتان للصفة ... وهما (الكعبة وبيت الله الحرام) جمعهما الله في (ببكة) حيث يتضح البيان الالهي في ان الكعبة كعبة وبيت الله الحرام كينونة اخرى
(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ)(المائدة: من الآية97)
للذي ... قلنا فيها نقلتان للصفة ... ببكة .. رابطان للقبض ... للناس نقلتان ايضا .. النتيجة تكون (مباركا) و (هدى) للعالمين وللعالمين صفتان منقولتان ايضا بدلالة حرفي اللام ... وهما عالمان صوري ولاصوري (مادي ولا مادي) .. أي ان الاثر الذي تحدثه مكة في الناس له مسربان الاول في (العقل) الثاني في (نشاط المسلم المادي) وهما عالمان والله ربهما ... وببكة يتم نقل الصفات نقلتان وربطهما بقابضان يقبضان
(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج:33)
ننصح بالاطلاع على موضوع منشور (قطبا العقل) تحت الرابط
قــطـبـا الـعـقــل
تلك اثارات (مجرد اثارات) في علوم مكة نطرحها للتذكير عسى ان تتلقفها عقول تبحث عن العلم العقائدي
الحاج عبود الخالدي
تعليق