بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
تلقت ادارة المعهد من بعض( أعضاءه ) استفسارا خاصا أثاره بعض المتتبعين لأطروحات المعهد وزواره من مواقع ومنتديات اخرى ، نوجه نص الاستفسار لفضيلة شيخنا الجليل الحاج عبود الخالدي مشكورا ..جزاه الله عنا كل خير
نص السؤال :
بعد اطلاع على بعض أطروحات المعهد لاحظنا أنكم تعالجونها بطرق تفسيرية غير عادية !! ولا تمث لتفسيرات السلف بأي صلة ، نريد منكم التوضيح بالحجة والبرهان لتفسيراتكم هذه ، وتوضحوا للجميع انكم فسرتم القرآن بطريقة صحيحة عجز عنها المفسرون السابقون
وجزاكم الله عنا خيرا
.................................................. .
رد :فضيلة الحاج عبود الخالدي
(القرءان حجة) ولا حجة تعلو حجة القرءان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... من المؤكد ان المادة العلمية سواء كانت من قرءان او من غير القرءان تحتاج الى (حجة) ولكن هنلك ضابطة ايمانية عند المسلم تقول ان (القرءان حجة) ولا حجة تعلو حجة القرءان ... ورد لفظ (عقل) وتصريفاته في القرءان قرابة 50 مرة وهو (العقل) بصمة خلق تخص البشر فلولا (العقل) عند الانسان لما كانت الرسالات ولا الانبياء والرسل ولا التوراة والانجيل ولا ... القرءان ... !! فالقرءان للذين يعقلون ..!! ما نحن فيه لا يسمى (تفسير) فالتفسير مدرسة (تنظيمية) تفعلت عند السلف الصالح في ما غطى حاجاتهم من القرءان وكانت حاجات الاولين حاجات (تنظيمية) حصرا فهم لا يتعاملون مع تطبيقات علمية هائلة كما نحن اليوم الا ان الشؤون التنظيمية في بيع وشراء وزواج ومناسك وحقوق تكليفية جميعها هي قاسم مشترك بين الماضي والحاضر عدا التطبيقات العلمية فليس هنلك شراكة تطبيقية بين الماضي والحاضر ..!! ...
التفسير الذي شمل كثير من البيانات العلمية في الفكر الاسلامي التقليدي كان لاغراض الفضول العلمي وليس لسد حاجة في حاجات الاولين مثل (مثل ذو القرنين) و (انشقاق القمر) وغيرها كثير كثير ،ففي مثل ذو القرنين على سبيل المثال جاء في التفاسير ان ذو القرنين وجد ان الشمس تغرب في (بحيرة طبرية) واتضح بالعلم اليقيني ان الشمس لا تغرب بل نحن نغرب عنها بسبب دوران الارض حول نفسها ...
التفسير لا يفي حاجات يومنا فنحن كمسلمين في (ورطة علمية) كبيرة ولا ندري ولا يعلم احد هل ان التطبيقات العلمية المعاصرة (ترضي الله) ام (تغضبه) ولا نستطيع ان نوجه ذلك السؤال الى السلف الصالح رضي الله عنهم ولن يكون عدلا منا ان نحمل الاولين معالجات لم يكن لها اثر في حياتهم كما هي حياتنا المعاصرة ... اين نذهب ..؟؟ ونتسائل هل الافتاء غطى حاجات الناس ..؟؟ ام الافتاء في الممارسات العلمية خدعهم ..!!
ونأخذ مثلا بسيطا جدا وشعبيا مشهورا في تطبيقات علمية دوائية في (حبوب منع الحمل):
فقد افتى المفتون بجوازها وما اختلف منهم الا قلة قليلة لم يسمعها احد ..!!
النتيجة بعد 50 عام من استخدامها من قبل المسلمين بـ نهم وشراهة قال فيها (آلهتها) الذين خلقوها (صنعوها) انها سبب مباشر في (سرطان الثدي) عند النساء اللائي اكثرن من استخدامها ..!!
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:191)
هل يحق لاحد ان يحجر على عقول حملة القرءان ويمنعهم من (التفكر في خلق الله) ..!!
واين نذهب بهذه الاية قرابة عشرين اية مثلها مسطورة في القرءان تدعو حامل القرءان للتفكر ..!!
وهل نكون مشمولين بالنص الشريف
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرءانَ مَهْجُوراً) (الفرقان:30)
وهل يمكن ان نحسم تساؤل في تلك الاية
(كيف يكون القرءان ـ متخذ ـ وهو مهجور ..!!)
الحجر على العقل العقائدي هي سنة من سنن اليهود والنصارى في (كهنوت) مفتعل افتعلوه بحيث وجب ان يكون (السر الالهي) بيد القساوسة والكرادلة وسالكي طرق الدين الكنسي حصرا ولا يحق للمسيحي او اليهودي ان يتطفل على ذلك السر الكهنوتي عندهم واذا ما (تطاول) المسيحي و (تجرأ) وسأل سؤالا في سر من اسرار العقيدة انما يزجر زجرا شديدا ويتهم بغضب الرب عليه ويطرد من الكنيسة بصفته شيطان ...!! هل يمكن ان نمسي او نصبح مثلهم ..!!
المسلمون اليوم في أمس الحاجة لهدي القرءان فيهم
التفسير فعال في شؤون التنظيم ... المعالجة العلمية المستحلبة من القرءان لا تتدخل بالشؤون التنظيمية التي اقرها السلف الصالح فالجهد المبذول في الاعجاز العلمي لا يتقاطع مع التفسير ولا يأخذ منه لان (الوعاء التفسيري) لا يتعامل مع المادة العلمية فالحقيقة في النظرية التفسيرية تؤتى من (الخبر الصادق) اما الحقيقة العلمية فهي تؤتى من (ممارسة تطبيقية) (يشهدها) (العقل البشري) المؤمن بالقرءان فيكون مصدر (الذكرى العلمية) من قرءان يقرأ في زمن العلم ولا يمكن ان يقرأ في زمن الاولين ومن مصدرية تفسيرية
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرءانُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (المائدة:101)
فالتفسير كمنهج عقائدي ومن خلال (ثابت الحقيقة) الفعال في مدرسة التفسير وهو (الخبر الصادق) استند حصرا الى البيان في (تبد لكم) في زمن محدد سطره القرءان (حين ينزل القرءان) وحين (نتدبر القرءان) في النص الشريف المطروح نجد ان الله يخبرنا (عفا الله عنها) وهي تلك التي (بدت لكم حين ينزل القرءان) ... ذلك المسرب (التفكري) الذي تطالبون فيه بالحجة هو تدبر النصوص الشريفة في ما ثبت من حقائق علمية هي من خلق الله وهي بيان مما كتبه الله في نظم الخلق لها تذكرة في القرءان فيكون المنهج هو (وليد حاجات مسلمي اليوم) ولن يكون مولودا في رحم مذهبي تاريخي او رحم سياسي او رحم (جمعي) يجمع الناس في انتفاضة عصيان او انقلاب على مستقرات يراد تهشيمها بل هو من (رحم الحاجة للقرءان) فان قامت المادة العلمية في القرءان كما في الادراج المنشور (البشرية في خطر) فانها لا تقوض مدرسة التفسير بل (لا تحمل مدرسة التفسير ما لا يحتمله الاولون من بيانات علمية) ...
لا يحق لنا ان نقوض او نحارب ممارسات نظم (النسيج) التي مارسها اجدادنا ولكن لا يمكننا ان نستخدم نفس وسيلتهم في صناعة النسيج ...فلو بعثهم الله فينا فسوف لن يطلبوا منا ان نقوض وسيلتنا في صناعة الانسجة المعاصرة لنعود الى وسيلتهم في التاريخ ...!! ولو طلبوا منا ذلك فسوف يفقدون احترامنا لهم ونطلب منهم العودة الى ماضيهم ولا شأن لهم بما نصنع من نسيج في حاضرنا ...
سلام عليكم
تعليق