انشراح الصدر وسيلة مرتجاة...
نشعر بانشراح الصدر فطرة.. ويكون في ذروته في المجال العاطفي. معنى انشراح الصدر موصوف بـ (( عسر و يسر )) في حاوية شعور واحدة .. فمثلا نشعر فيه من خلال الترابط العاطفي بنمطه العائلي أو الاجتماعي وعندما تكون العاطفة صادقة المعنى ستكون بصفة دوامها مهما كانت ظروفها (عسرها ويسرها) .. ومثال مصري في وصف علاقة عاطفية حميمة بين شخصين "يقول" ( زي السمن على العسل!) وآخر لوصف علاقة أسرية ذات أواصر وثيقة (عمر الظفر ما يتخلى عن اللحم!). ولعل الأم الحنونة تضع لمعنى الانشراح الصادق حقيقة مادية عندما تودع بنتها في بدله زفافها ولا تميز فرحها من حزنها وتسيل دموعها فرحا (فنقول دموع الفرح).
أما العاطفة المتباينة تكون هاوية ولا تتصف بالانشراح فشأنها شأن النفاق، فلن يكون له دوام وآخره الهلاك والتخلي في وقت الضيق.
{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (48) سورة الأنفال
و حيث أن دواعي النفاق قد كثرت في الظرف المعاصر من خلال الوسائل الصوتية والمرئية (فحدث بلا حرج!!.) من أساليب درامية دجالة قد مزقت معنى الانشراح الأسمى.. مسلسلات .. أفلام .. أغاني أو أساليب لهوية لم تقدم ولن تؤخر كمباراة لكرة القدم بين أحجار مدربة لحماية اسم الوطن الكروي!!!، ومن مجال آخر ليالي فحشاء و خمر وموبقات.. أعوذ بالرحمن منها وآسف لطرحها هنا والغاية هو لطرح المراصد لنتاج الانشراح الزائف والزائل. انشراح منافق يدعونا للعصيان بأساليب شيطانية غائرة فاسقة فتاكة بالأنفس.
لم تستطع الوسائل الدجالة أن تمس الوصف الأمثل للانشراح الروحي فقد تباينت له وعبثت في معانيه وما استطاعت ولن تستطيع أن تجعل منه مثالا بمعناه الحيوي.
حيث لم تستطع تلك الوسائل من جمع وصفين في ظرف واحد زمنيا كان أو مكانيا .. فمثلا (حزن وفرح) في وقت واحد يختلفان. فتباين الانشراح المصطنع ليكون بوصف (عسر ثم يسر – ضيق ثم انتعاش أو انتعاش ثم هلاك) ، ونراه في الدراما بشكل واضح.
بذلك نستطيع أن نصف الانشراح الزائف بأنه إما أن يكون:
* منافق لا يحتمل العسر واليسر في حاوية واحدة.. أو
* هو ذلك الانشراح الناتج من انتقال زماني أو مكاني من شعور عسر إلى شعور يسر أو العكس .
بذلك يظل الانشراح الصادق بوصفه (عسر ويسر ) في ظرف واحد أسمى من الانشراح الصنيع. ذلك ما نلمسه متاعا حقيقيا في خوف واطمئنان في وقت واحد حين نتلقى كلمة أو خطاب عقائدي تتلذذ له الروح والبدن سوية مرتعشة ولو للحظة سماعه. ونلمسه بوصفه الأسمى في ظرف الوفاة وظرف الجهاد في سبيل الله لنيل الشهادة (( خوف و اطمئنان )).. هذا الانشراح الأمثل الذي لن تستطع كل وسائل الدجل مجتمعة على العبث فيه بإرادة ربانية فهو فطرة فطرها الله علينا. وهو يبقى فطرة خافتة في الإنسان المعتدل تبرز لديه في ظروف محددة تجتمع فيها صفتين في آن واحد (عسر ويسر) .. (خوف واطمئنان) في ظرف واحد.
الخشوع وصفه متناغما مع وصف الانشراح ولكن لا يعلوه درجة.. فالخشوع للوسائل الدجالة من خلال التفات عقلي بليغ وموعد بدني رفيع لموعد فيلم أو مسلسل ودعوة للخشوع لأحداثهما كي ينشرح الصدر دجلا زائفا زائلا و لا يسمو بالإنسان المعتدل ولديه موعدا في الصلاة والدعوة للخشوع فيها لنيل الابتعاد عن تلك الفحشاء والمنكر، وحيث إن شهر الصيام موعدا لمنسك رباني فقد أسهبت تلك الوسائل في وضع مواعيد زائلة كي تشرح صدر الصائم زيفا والرب يدعوه للصيام كي يشرح صدره بدوام.. ولكن حسرة وندم يومئذ يتبرأ الدجال من زيفه و أصبح التابع للذيذه وزينته في هلاك بين يدي الدائم.
و بينما انشراح الصدر الرباني وسيلة مرتجاة للخشوع الروحي والبدني والعقلي الدائم، ووصفه القرءان خير وصف ((الانشراح يقتلع الوزر الذي أثقل ظهر الإنسان فإنه عسير ويسير مجتمعين وإن مع العسر يسر يبقيان مجتمعان لا يفترقان بتأكيد قرءاني.
فانشراح الصدر الأسمى وسيلة مرتجاة لصراط مستقيم.
تعليق