ربيع العقل .. متى يكون ..؟
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
كل فرد يعتز بعقله يبحث دائما عن وسيلة لتحفيز عقله ليجعل منه وعاءا مرموقا يمثل نجاحا شخصيا يسعى له الانسان دائما .
احتضان المعرفة في العقل وسيلة شائعة بين الناس من اجل تحفيز العقل الشخصي لغرض التألق في المنجزات العقلانية ويسعى طالب المعرفة دائما لزيادة مخزونه المعرفي ليكون عقله في ربيع دائم ..
نظم التكوين التي سطرها الخالق في قرءانه الباقي في الارض تشير الى فاعلية عقلية ذات مصدرية اخرى مختلفة عما تعارف عليه الناس .
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (الكهف:10)
ذلك مفصل تكويني يعلنه الله في القرءان تحت مثل فتية الكهف يدل دلالة عقلانية ان هنلك تهيئة لرشاد العقل تؤتى من الله ..
(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً) (الاسراء:80)
ذلك مفصل اخر من مفاصل التكوين التي تضع قدرات الانسان في وعاء اخر غير الوعاء المكتسب في حياتنا فكل شيء في نشاطنا نكتسبه بالجد والاجتهاد بما فيه ربيع العقل ورجاحته وتألقه .. لكن القرءان يصف رابط تكويني في سلطنة الهية ترفع من الانسان الى مقامات النصر (نصيرا) ...
المسلمون جميعا يعرفون تلك الحقائق من خلال منهج الترويج الخطابي الساري بين الناس الا انهم يفقدون المنهجية التي تحبو الى مسك الماسكة التي تجعل من تلك المرابط الالهية فعالية مرئية يمكن مراقبة نتائجها عند كل شخص .
في هذه الاثارة القرءانية سيكون الفرد قادرا على احتواء العلم الغيبي الذي نشرته الشريعة السمحاء وتحويله الى علم تجريبي تؤتى نتائجه من خلاله الكيفية التي تقيم اليقين في عقل المتفكر .
(رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8)
اذن هنلك هدي الهي يعترضه زيغ في القلوب يؤدي الى وقف الرابطة بين الانسان والوهاب وهو الله ..
جعل العقل في ربيع دائم باستخدام مماسك علوم قرءانية جهد فكري (تفكر) يرسم بين ايدينا الوسيلة في فهم القطب الايسر للعقل وهو يحتاج الى مراجعة لأدراجنا المنشور في دوحة الثقافة الاسلامية تحت عنوان (قطبا العقل)
قــطـبـا الـعـقــل
الهبة الالهية التي وهبها الله للصالحين من عباده وحرمها على غيرهم المنبثقة من (بيت الله الحرام) وهو الفيض العقلي الايسر (الجاريات يسرا) وهو الحامل للوقار (الحاملات وقرا) تجعل العقل في ربيع وتألق ...
المعرفة المكتسبة قد تحقق نجاحا في دائرة ضيقة قد يراها حامل المعرفة ولكنها حتما ستكون واجهة براقة لواقع سيء يغرق به من لايمتلك الهبة الالهية ..
اذن الوسيلة متحصلة بتحسين مستقطبات فيض اليسار لزيادته كما ونوعا لكي يكون العقل في ربيع دائم ...
اكتساب المعرفة سوف ينضبط انضباطا رفيعا عندما يمتلك العاقل رصيدا فعالا من فيض القطب الايسر للعقل
اكتساب المعرفة مع كافة الحاجات الانسانية التي يحتاجها الفرد ليومه وغده وكامل مستقبله تؤتى من فيض يمين (القطب الايمن للعقل) ولكنها لا تسري مسرى الكمال في عقل حاملها ما لم يمتلك العاقل فيض اليسار .. (الذين يعملون الصالحات) هم الموصوفون في القرءان بصلاح عملهم من خلال ترابط تكويني في عقولهم .
لو ان شخصا تائه في صحراء قاحلة وكان من ضمن حاجته هو الماء .. تلك الحاجة تؤتى من فيض اليمين للعقل وهو في صحراء لا يعرف اين يكون اقرب مصدر للماء والخيارات بين يديه 360 درجة من الاتجاه وهو لا يدري بموجب أي درجة اتجاه يسير ليدرك الماء .. ان كان حائزا لفيض اليسار فان كلمة (بسم الله والله اكبر) تكفي ليكون فيض اليمين في خدمته ويحدد له وجهته الصحيحة بيقين لا يعرف هو مصدريته ولكنه يجده بعد ان يدرك مصدر الماء انه الحق وانه قد اختار درجة محددة من اصل 360 درجة عند تحديد وجهته لاقرب مصدر للماء ... فيض اليسار عند وجوده في العقل يقوم بعملية التقويم لفيض اليمين ويجعله في خدمة العاقل الصالح في عمله .. عندما يقرأ القرءان ينهمر فيض اليسار كالنهر فيكون (يهدي للتي هي اقوم) ..
كل الناس يتصورون ان الذين امنوا يعملون الصالحات .. أي ان العمل الصالح قد نتج من سلطانهم .. بل نتج من ايمانهم .. فهموا امنوا اولا ... صلح عملهم .. وليس العكس ...
ذلك هو الله الوهاب .. وهب الناس كل شيء .. ولكن الناس تصوروا انهم مستقلون بعقولهم وتصوروا ان شخصيتهم هي التي تقود العقل فشطح العقل في منزلقات اتعبت الانسان كثيرا .. اكثر مخلوق ارتاح من تعب الانسان هو الحيوان .. فالحيوانات في زماننا في دلال فهي تأكل احسن مأكل وتدفأ في الشتاء وتبرد في الصيف وتحت رعاية طبية مباشرة .. والانسان هو التعوب الدؤوب الذي اتحد ليله بنهاره ففقد سكينة السبات ... لانه يتصور ان شخصنة العقل هي المقود .. نسي الله فانساه نفسه ...
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (الحشر:19)
بين رعونة العقل المؤذية .. ووقار العقل النافع ... هي فاعلية فيض اليسار في قطب العقل الايسر
يتفعل فيض اليسار بانضباط الصلاة المنسكية .. وذكر الله في كل ناشطة ينشط بها الانسان (بسم الله والله اكبر)
(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طـه:14)
ولكن اغلب الناس متذبذبون في فيض يسارهم (فيض متقطع) وفي ذلك ضياع لربيع العقل وعنفوان تألقه .. قد لا يحضر احدهم فيض اليسار الا في محراب صلاته فقط وحين يغادر محرابه ينقطع عنه فيض اليسار حتى صلاة آتية فيكون فيض يساره متذبذب غير منساب في استقرارية تكوينية ..
(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:102)
الجهد المبذول من كثير من الناس لتتألق عقولهم جهد كبير وضخم ... ولكن في الهبة الالهية فان الجهد الذي يبذل من اجل استقطاب وفرة من الفيض الايسر لا يزيد عن (بسم الله والله اكبر) ... وهذه التسمية المباركة لا تكون عند كثير من الناس في نشاطهم اليومي بل اختصرت في منسك الذبح فقط واذا عرفنا ان الذبح استقطاب عقل الذبيحة عرفنا ان (بسم الله والله اكبر) تستقطب كل عقل وهنا نحتاج لمراجعة ادراجنا (ذبح اسماعيل) لنعرف شيئا من كينونة الذبح
ذبح اسماعيل ..!!
يتضح من سطورنا الحذرة جدا والموجزة جدا ان الذبح في التكوين يحتاجه العاقل في تنشيط فيض اليسار ليتألق العقل
عندما يكون الحاج في مناسك الحج فان تكوينة الذبح ستكون في الهدي (ذبيحة) اما كينونة الذبح تسري مع كل نشاط يومي وعلى مدار الساعة وهو لا يحتاج الى ذبيحة بل يكفي ان يقول الناشط (بسم الله والله اكبر) .. وفي احسن فاعلية لتلك الوسيلة ان تكون وجهة الناشط شطر المسجد الحرام ...
في تلك السنة المنسكية البسيطة ينشط فيض اليسار للعقل فيكون العقل في ربيع دائم
عندما بذل الانسان جهدا تقنيا ليرى قطبي المادة الشمالي والجنوبي فان جهازه التقني كان من جنس القطبين وهي المادة نفسها .
في نفس الراصدة اذا اراد الانسان ان يرى قطبي العقل فان الجهاز التقني الذي يريه فاعلية القطبين يجب ان يكون من جنس العقل نفسه .. ولا يوجد جهاز تقني للقياس اكثر من عقل الانسان نفسه ليرى قطبا العقل في ميدان تجريبي ... والتجربة لا تؤتى في سويعات لتقرأ النتائج بل تحتاج الى زمن تكويني هو اربعة اشهر وعشرة ايام وهو وعاء زمني قصير ليرى الانسان عقله كجهاز للفحص ويرى قطبا العقل كيف يكونان .
عندما يزيد المؤمن فيض يساره فان عمله يصلح تكوينيا (تلقائيا) لان فيض اليمين طاغي طغيانا تكوينيا وفيض اليسار محرم على الطغاة .
فمن نسى الله انساه الله نفسه وغرق في فيض يمين لا صلاح فيه
الحاج عبود الخالدي