الانسان اسم في التكوين
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
يتكرر لفظ الانسان في القرءان ويتداوله الناس وهو يدل دلالة قاطعة على المخلوق البشري حصرا دون غيره ... نحن وابائنا ندرك ان لفظ الانسان يدل على صورة الآدمي الذي نعرفه فكل بشر هو انسان ...
العلم القرءاني لا يتعامل مع هذا المدرك لان الاسم في القرءان دائما يمثل الصفة الغالبة في الخلق ... دلالة الاسم على صورة المخلوق وشكله تلك من مقاصدنا ولن تكون ثابتة لانها تعتمد على متفقات كلامية فعندما يسمي الابوان ابنهما محمود او وليد او أي اسم فان الاسم يرتبط بشكل ذلك الابن ولا يعني بالضرورة ان محمود محمودا بل ربما يكون سيء الصيت ولكن اسمه محمود فاسمه لن يكون صفة تكوينية .. اما النهج القرءاني فهو من الله دون ان يتفق الله مع احد على تسمية الاسماء لتكون الاسماء مرتبطة بشكل الشيء او صورته النهائية .. تلك ضابطة علمية منهجية على طاولة البحث القرءاني وتشمل كافة مساحة القرءان ..
من ذلك نستطيع ان نستدرج اسم (انسان) على طاولة البحث لمعرفة تكوينته التي جعل الله بيانها في اللفظ القرءاني (اسم) ..
في اللسان العربي المبين نجد ان لفظ انسان في صفة المثنى (انس + انس) ويساوي انسان شأنه شأن .. سر + سر .. يساوي سران . .. ام + ام يساوي امان ...
ورد اسم انس في القرءان
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً) (الجـن:5)
العرب يعتقدون ان لفظ (انس) هو جمع لفظ انسان ولكننا لا نجد في العربية الفطرية جمعا يشبهه ..!!
عندما نقول ... امل .. املان .. ذلك يعني مثنى امل ولا يعني جمع امل فجمع امل هو (امال) ... ولا يمكن ان يكون لفظ (امل) هو لفظ جمع بل هو لفظ يدل على الفرادى ..
ادب هو لفظ ثلاثي ايضا يدل على الفرادى ولا يمكن ان يكون لفظ (أدب) هو جمع للفظ (ادبان) فلفظ (ادبان) يدل على مقامين للأدب
ورد لفظ جمع انس في القرءان (أناس) في النص التالي
( قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ )(البقرة: من الآية60)
نحن يجب ان نتفكر في زمننا ولا بد ان تكون عقولنا معنا ولا نستخدم معاجم العرب وتاريخ الفاظ العرب او تصريفات العرب لان ما بين ايدينا (لسان عربي مبين) يحمل بيانه معه بما فطر الله فينا منهج البناء العربي !!
الله خلق فينا قدرة النطق وابراز البيان ولن يكون لمؤرخ عربي شراكة مع الله فيما خلق فينا وفي تلك عبرة لمن يعتبر ..
انس + انس = انسان ... هو اسم في التكوين ولا يمكن لعقل الحكيم ان يتنازل عن عقله لاننا بحاجة ماسة للخروج من ازمة حقيقية بيننا وبين القرءان ... قرءان لا نفهمه ..!! وهو بلسان عربي مبين .. وتلك ازمة انسان ...
سنرى فعل الانس في القرءان
(فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)(القصص:29)
انس موسى .. ذلك فعل .. واضح مبين في العقل .. ذلك فعل الانس كان قد رسم لنا ربنا مسربنا في مسك البيان من المتن الشريف وليس من غيره ...
الاول : ان اتيكم من النار بخبر ... وتلك ماسكة لا صورية (لا مادية) فالخبر هو صفة لا مادية لا صورية
الثاني : اتيكم من النار بجذوة ... وتلك ماسكة صورية (مادية)
انهما : فعل + فعل = فعلان ..وهي تتطابق مع .. انس + انس = انسان
الفعل .. هو انس وهو عند موسى ... النتيجة تكون (خبر ـ لا صوره + جذوة من نار ـ صوره)
انها صفة الانسان تظهر في اسمه التكويني والقرءان محبوك حبكا لا يدانيه حبك حكيم مثله .. انه فرقان مفرق علينا ان نجمع بيانه من متفرقات فرقانه ...
تلك الصفة (انسان) لا تتوفر في بقية المخلوقات فاصبح الانسان فريدا بصفته انسان فعرفه الناس بشكله ولم يعرفوه بتكوينته بعد
الحيوان لا يدرك اللاصورة ...
اقام العالم الجراح (بافلوف) نظريته في العقل وهي الاقوى بين النظريات ولكنها لم تدوم طويلا فقد تهاوت وهي في ربيعها في ستينات القرن الماضي وهي نظرية ترجمتها العربية (نظرية دواعي الاستجابة) وقد بنى تلك النظرية على تجاربه على الكلاب
عمل (العالم الجراح بافلوف) فتحة صناعية من قناة السائل اللعابي وبدأ يراقب كمية اللعاب التي تفرزها الكلاب عند الاستشعار بالطعام فوجد ان الكلاب تفرز لعابا عندما تشم رائحة الطعام .. عودها على تقديم الطعام من خلال معاونين له يلبسون ثيابا خاصة .. سال لعاب الكلاب بمجرد ان شاهدت الكلاب اولئك الرجال بثيابهم .. استبدل وسيلة التحفيز العقلي برنين جرس ومرة اخرى بضوء اخضر ومرة بصورة طعام .. وفي كل استدراك لعقلانية الكلاب كانت هنلك استجابة يقرأ بافلوف تلك الاستجابة من خلال استدرار السائل اللعابي .
ما جعل بافلوف ان يؤمن بنظريته ان الانسان ايضا يسيل لعابه مع الطعام وباي محفز يتحفر العقل (دواعي استجابة) وبذلك جعل تلك النظرية اساسا علميا الا انها فشلت وحوربت من تلاميذه ...
سبب فشلها وفشل امثالها انها انحسرت في الوعاء المادي ونسي بافلوف ومن سار في دروب المادة ان (الانسان) يمتلك مدركان واحد مادي وثان لا مادي ولو انه جرب على نفسه لسيتذكر فاكهة حامضية الطعم كالليمون مثلا فان لعابه سوف يسيل ايضا لانه يدرك الاسم (الصفة الغالبة) ولا يحتاج الى تجاربه المادية على الكلاب ولكنه لم يدرك ان عقل الانسان له مدركان احدهما مادي والثاني لامادي ..
الكلاب تعرف مدربها .. ولكنها لا تعرف من يكون مالكها .. ولا تعرف انها في ارض (تسمى) المانيا .. ولكن الانسان يعرف من هو مديره في العمل (ربط عقلاني غير مادي) ويعرف انه في ارض اسمها العراق او الصين ..
ذلك لانه (انس + انس) فهو الوحيد بين الخلق يعرف الاسماء (الصفات الغالبة)
(وَعَلَّمَ ءادَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة)
ذلك هو التفريق في الانسان .. انه يدرك الصفات الغالبة وهي في عالمين (صوري ولا صوري )
والله هو المصور وانس واحد من انسان يدرك الصورة
(هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحشر:24)
والعالم الثاني هو اللاصورة
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة)
والله رب العالمين .. عالم الصورة وعالم اللاصورة .. عالم المادة وعالم اللامادة
والانسان يدركهما دونا من مخلوقات الله سبحانه
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)
ذلك هو الانسان في التكوين نستدرج من اسمه مضامين علم قرءاني يعلوا فوق علوم الاعلمين
انها تذكرة .. تثويرة عقل لمن شاء ان يثور عقله في القرءان
الحاج عبود الخالدي
تعليق