المعرفة والشيطان
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
لقد اثخن العلم المادي دراساته المختبرية لاجساد المخلوقات والعناصر الكونية وتعرف على نظمها وطرق ترابطها وكيفية التعامل معها سواء في الفيزياء او البايوفيزياء او في البايولوجيا الحياتية التي فتحت قاموسا علميا لا يمكن اغلاقه .
السؤال الكبير بل الكبير جدا هل يمكن ان تكون المادة منضبطة في كل كيانها ونتاجها والعقل غير منضبط في كيانه ونتاجاته المعرفية ..
الحيوانات لها سلوكية منضبطة وتصرفات محبوكة حبكا عالي الدقة .. وعقل الانسان منفلت النظام خصوصا في الجهد المعرفي .
فلاسفة وفقهاء واراء واراء لا تنتهي ... الفارق بين الانسان والحيوان فارق هائل نرصد نتاجاته فلن تستطيع الابقار وان اجتمعت ان تحضر لنفسها وجبة غذاء واحدة فقط , والانسان ذلك الكائن العجيب يمتلك عقلا كبيرا كبيرا الا انه مضطرب غير منضبط
هذا مؤمن بالله وذلك ملحد وهذا يعبد بقرة واخر يعبد صنما .. وهنا ظالم وهنلك مظلوم ... وعلوم تقنية ملأت حاجات الانسان وشغف بها انسان اليوم ولكن انسانية الانسان مهشمة محطمة لان معارف الانسان مختلفة المورد مختلفة الاهداف فضاعت الانسانية بين يدي الانسان نفسه بسبب نظم المعرفة المشتتة ...
ما ان اتحدت نظم المعرفة في الميدان العلمي المادي حتى ازدهرت الانسانية في التقنيات وقدمت بضعة اجيال تقدما علميا وتطبيقيا لم تستطع الاف الاجيال السابقة من تحقيقه فما حصل خلال قرنين من الزمن يفوق كل قرون الانسان الماضية باكملها والعجلة تدور لان نظم المعرفة في العلم موحدة ..
وهل يبقى الانسان المعاصر القادر على استعمار الارض بكامل خلقها لمصلحته عاجز عن تنظيم نظم المعرفة في اطار موحد لينجو من فايروسات وسرطانات تهدد جسده !!! واحتباس حراري وتصحر وشحة مياه تهدد كيان الانسان في موطنه !!!
كيف تتوحد المعرفة اذن ... وكيف يستطيع الانسان ان يكتشف النظم المعرفية كما اكتشف النظم الفيزيائية والحياتية وعرف قوة حبكها .. !!
ذلك هو القرءان الذي اطلق البيان في عداء الشيطان للانسان في احلى واجمل بيان لانضباط المعرفة
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة:168)
استعمار الارض اجازه الخالق (كلوا مما في الارض حلالا طيبا) ولكن ربنا بين لنا ان اتباع خطوات صفة معادية لنا هو الشيطان
وقد زاد الله وصفا لصفة اتباع خطوات الشيطان
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يّـس:60)
في هذا المنطلق الفكري يبين الله الذي خلقنا ان الشيطان عدو وله خطوات تنفيذية وانه يخترق العقل الانساني فيكون معبودا وتلك هي متاهات المعرفة التي غرق بها الانسان
اثبات ذلك لا يحتاج الى جهد بل هو من بداهات عقل لا يزال فطريا فبالقدر الذي نرى فيه انضباط المادة والحياة لا بد ان يكون للعقل انضباط مماثل لانه يمثل الشق الثاني من الخلق ...
الانسان (عقل + جسد) ... الجسد منضبط بقانون ... فهل العقل بلا قانون ... اذن لاضطرب الجسد ... تلك ضابطة تنضبط في عقل الباحث عن الحقيقة ولا مناص...
في معالجة فكرية لمفهوم الشيطان تحت رابط
الشيطان .. من يكون ..؟؟
وجدنا ان الشيطان هو الخروج عن سنن الخلق او الخروج على سنن الخلق
الخروج عن سنن الخلق في النشاط المعرفي هو في اتباع خطوات الشيطان لان المعرفة الخارجة عن النظم انما تضع الخارجين في ساحات يتصرفون بها بما يخالف سنن الخلق وتلك (خطوات) ...
التطبيق الميداني لتلك الصفات الخارجة عن سنن الخلق هي عبادة الشيطان
ذكرنا في موضوع (المشروبات الغازية فيها مس شيطاني) وهي تحت رابط
لمشروبات الغازية فيها مس شيطاني
ان اضافة نسبة عالية من ثاني اوكسيد الكربون في المشروبات الغازية هو صفة شيطانية لانه خروج على سنن الخلق في ثبات نسبة ثاني اوكسيد الكربون كونيا
البنود المعرفية التي سمحت للانسان بالتلاعب بسنن الخلق في الشرب هي انما عبادة شيطانية اتبعت لان مصنعي تلك المشروبات تحركوا وفق نظم معرفية عبرت سقف الطبيعة التكوينية
شاربوا المشروبات الغازية والمتمسكون بها بصفاتها التي يتصورون انها نافعة هم الذين يتبعون خطوات الشيطان ...
من يتمسح بالصنم ويتقرب اليه بالسجود والقرابين انما هو مؤمن بصفات ذلك الصنم النافعة له والتي يتصورها انها ستنفعه في رزق او لد او
حاجة ..
النظم المعرفية التي صنعت المشروب الغازي تنحى نفس المنحى ويتصور القائمون عليها ان ذلك الشراب يمتلك صفات نافعة ينتفع بها الناس فيكون صناع المشروبات الغازية عبدة الشيطان .. المنظرين لصناعة المشروبات الغازية عباد للشيطان وليس لعلب المشروب الغازي مثله مثل عابد الصنم هو انما يعبد صفات الصنم وليس صخرة جامدة !!
اذن تكون النظم المعرفية مخرومة غير متزنة ما لم تتزن في ميزان يتصف بصفة القدرة على الوزن الدقيق .
بما ان العقل غير معروف ولا يرضى ان يظهر تحت عدسة المجهر او على شاشة اجهزة الفحص والقياس فان الانسانية تضطر يوما للبحث عن خارطة المصمم الذي صمم العقل (الخالق)
عندما يستعصي تصليح جهاز الكتروني مثل التلفزيون يبدأ المصلح بالبحث عن خارطة الجهاز التي رسمها المصمم فتراه يقلب ثنايا الجهاز واركانه الداخلية بشكل فطري عسى ان يرى خارطة المصمم قد الصقت في جانب من جوانب الجهاز الداخلية .. وحين لا يعثر على الخارطة فانه يبحث عن وكيل الشركة المنتجة ليطالبها بالخارطة .. تلك فطرة انسانية مع كل مجهول يعتري الانسان في مفاصل يومياته وحاجاته .. حتى ذلك الذي يربط دولابا في منزله يبحث عن خارطة ربط الدولاب .. حتى في بعض حلويات الاطفال التي تخفي بداخلها لعبة طفل مفككة فان المنتج يلحق بتلك اللعبة خارطة ربط اللعبة .. تلك هي فطرة (معرفية) يدركها الانسان بعقله ولكن الانسان ما اكفره !!
الم يأن الاوان ان يبحث العلماء عن خارطة الخالق ... انها في القرءان والشيطان مفصل مهم من تلك المفاصل فهو المعول الذي يحطم النظم المعرفية ويضع الانسان في ضلالة متواصلة (خطوات) في مسلسل مهلك للانسان كما نراه ونسمع عنه في زمن تقني يعلن عن كارثة قريبة ...
لقد ورد لفظ الشيطان قرابة 70 مرة في القرءان وهو لا يزال مجهول في الفكر العقائدي ومهمل في الفكر الفلسفي او العلمي .. انه مفصل من مفاصل تكوينة العقل ... فهل من مدكر
انها اثارات تذكيرية لا ترقى للثابتة الراسخة في العلم لان الراسخة العلمية تقوم في عقل المتابع الكريم ولن تقوم على صفحات الكترونية ... انها ذكرى لمن شاء ان يذكر وليتعظ موعظة في لعبة طفل مفككة !!
الحاج عبود الخالدي
تعليق