رزق ناس على ناس والكل على الله
بيان الحق عندما تتوائم الظنون
فطر الناس تربويا على ان الرزق له اسباب يمارسها بشر وقد روج الفكر العقائدي ان للرزق اسباب في حيازة البشر فانطلقت مقولة بين الناس ان (رزق ناس على ناس والكل على الله) مما جعل الناس على الظن يتفقون ونسوا ان حساب الرزق يقع حصرا بيد الله وان ذلك الحساب في الرزق هو الذي يرتبط باسباب الرزق التي تصور الناس فيما ابتنوا من ظنون ان اسباب الرزق قد تكون في ايدي بشرية ومنها يقوم مبدأ باطل ان (رزق ناس على ناس) ...
(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (البقرة:212)
الفكر العقائدي روج لـ (بغير حساب) على ان الحساب منفي عن الرزق ويمكن ان تستخدم تلك الضابطة الفكرية (انعدام الحساب في الرزق) في مجاهيل الناس لنظم الرزق فتكون ظاهرة في مدركاتهم انها بغير حساب الا ان الله سبحانه يؤكد في منظومة الرزق ان هنلك (تقدير) والتقدير فيه حساب محسوب
(اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ) (الرعد:26)
قالوا في(ويقدر) وكانه (تقتير) في قلة الرزق ولا يجد العقل رابطا بين (ويقدر) وقلة الرزق بل (ويقدر) بينة بيان في مقدرة الله على توافقية ارزاق العباد جميعا وعدم نقصها وعدم تغييرها حين تتغير احوال الناس فهي رزق إلهي (بغير حساب) وليس قتور إلهي لانه مرتبط بمنظومة خلق لا تجعل وعاء الرزق الإلهي خاضعا لمتغيرات محاسبية وتلك الراشدة من نص شريف
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الأِنْفَاقِ وَكَانَ الأِنْسَانُ قَتُوراً) (الاسراء:100)
فحين تم تفسير (ويقدر) على انه تقتير وقلة في الرزق انما هو تهمة باطلة موجهة لله سبحانه فقلة الرزق ليست في صفة الهية وان كان في الرزق مفاضلة بين العباد الا انه لا يمثل القلة (تقتير)
(وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (النحل:71)
احد اقطاب الوطنية (العظام) قام بحساب الرزق في خطاب منبري قومي فقال في خطابه ما معناه (ان قيادتنا ملزمة بتوفير 40 مليون رغيف عيش فقط لافطار الصباح في جمهوريتنا ..!!) بعد ذلك القول ببضعة اسابيع ما استطاع ذلك البطل القومي ان يرزق نفسه فمات في ازمة صحية حادة ..!!
اثيرت في اوساط المتحضرين منذ بداياتهم الفكرية حسابات جدوى الارض في نظرية سميت باسم قائلها (نظرية مالتوس في التزايد السكاني) حيث وضع معادلات في المتوالية الهندسية للتكاثر السكاني في مساحة ارض محسوبة تودي من حيث النتيجة الى ضياع جدوى الارض ويضمحل الرزق الا ان مالتوس مات وكانت البشرية لا تزيد على مليار وربع المليار من البشر واليوم يقال ان البشرية عبرت سقف العشر مليارات انسان وكل البشر له رزق الله لان الله يرزق بغير حساب فخابت حسابات مالتوس ومن زمر في مزماره الخائب
متغيرات الحساب البشري سواء كان سكاني او كان في شحة مياه او أي حسابات اخرى لا تخضع لمنظومة الرزق الإلهي فالله سبحانه يرزق جميع المخلوقات الا ان المخلوقات تسيء استخدام ارزاقها فتحصل او حصلت مجاعات في كثير من الحقب الزمنية وكثير من الاقاليم ولعل تدبر مثل رؤيا عزيز مصر في سبع بقرات عجاف يأكلهن سبع سمان كانت برنامجا إلهيا معلنا في كيفية احتواء الرزق الإلهي حين يفصل المثل القرءاني كيفية بناء منظومة الخزن الغذائي الكوني
(قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ) (يوسف:47)
الا ان الانسان يتصور ان الارزاق المترابطة بين بني البشر خاضعة لرابط بشري متحكم فقامت حضارة براقة مبنية على الملكية الفردية اردفتها اقتصاديات اممية في الكيانات الاشتراكية او ملكية الدولة الحديثة لمفردات ادوات الانتاج مثل ملكية الارض والانهر والبحيرات وكامل مصادر المياه والشوارع والغابات والمراعي وربما سيأتي يوما عاصفا من ايام الحضارة ستمتلك فيه الدولة الحديثة الرياح لتكون الريح مملوكة للدولة ايضا ...!!
الصراع البشري من اجل وسعة (الحيازة) وهي نفسها (شجرة الخلد وملك لا يفنى) ناتج من وسوسة نشاط بشري يريد ان يحوز كل شيء فاضطرب الناس في (مرابطهم) من اجل نشاط لا يعبر سقف حاجات الانسان الاساسية فاصبح التلاعب بمنظومة الرزق الالهي خطيرا بين الناس فكثر البغاء ونشط العدوان بين البشر من اجل زيادة الحيازة الشخصية ففقد الانسان سكينته
العودة الى نظم الخلق ليس قرار جماعي يستوجب ان يتخذه الناس جميعا بمؤمنهم وكافرهم وغنيهم وفقيرهم بل هو قرار (فردي) يمارسه الفرد كيفما تكون صفته ليحصل على سكينة المسعى منفردا من مؤثرات دنيا هائجة مائجة من اجل مزيدا من الدراهم ..!! يوسف عليه السلام اصبح اميرا على مصر حين تنزه عن حيازة المال
(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف:55)
سليمان عليه السلام كان ذا ملك ما أوتي مثله غيره وما كان طالبا لحيازة المال من قومه ومن معه بل كان مطلبه من الله بصفته الرازق الوهاب
(قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (صّ:35)
وما كان رزق الله بمخزون بل هو رزق في حاجة المرزوق فمن اراد زرق الله الوفير زاد من حاجاته في دنياه ولن تكون الخزائن الا متعبة دنيوية لا تغني حاجات خازنها غير فساد يومه
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) (الطور:37)
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الأِنْفَاقِ وَكَانَ الأِنْسَانُ قَتُوراً) (الاسراء:100)
الانسان قتور في الانفاق لتأمين حاجاته وحاجات الانسان لن تكون شخصية فردية كما يتصور الناس بل هي حاجات تكاملية حتى ولو كان صاحب الحاجة بدويا او مزارعا او في مدينة كبيرة او قرية صغيرة وتلك هي من فطرة الانسان المفطور على العيش الجماعي ..
رزق الله سبحانه شامل عام ولا يتخصص في مرابط بشرية مفتعلة كما يفتعلها الناس ولا مصداقية في شعار (رزق ناس على ناس) ذلك لان مرابط الرزق مرابط إلهية وتر وما قيل في اسباب الرزق فهي منظومة إلهية محض وليس للبشر فيها دور سوى الصراع من اجل الحيازة ... من المؤكد ان رغبة الانسان في توسيع حيازته خوفا من الفاقة الا ان من يقوم بتأمين الغد في منظومة الهية فعالة في نشاطه فانه من (المؤمنين) الذي وصفهم الله وصفا غاية في الطمأنينة
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97)
فالعمل الصالح ليس في صوم او صلاة حصرا بل هو في انضباط الشخص في تفعيل المنظومة الالهية حتى في شربة ماء فيكون (وهو مؤمن) حيث يقوم الشخص في عمله الصالح بتأمين مستقبله في منظومة الله التي لن تتخلى عن من يقوم بتفعيلها بشكل منضبط فيكون مؤمنا أي (مؤمن عليه) فيحيى حياة طيبة بنص قرءاني شريف ولن يكون لـ (الفاقة) وجودا في حياته .. الناس يتبارون في الغنى ويتبارون في مخارجهم من دائرة الفقر وينشطون في ما حرم الله وما لا يرضاه لعباده من اجل (تأمين) يومهم الآتي الا ان ذلك ظن فاسد يخرج الساعي الى رزق مفتعل يفتعل الساعي مرابطه ويتصور انه انما يحسن صنعا في مسعى يومي من اجل (الرفعة) وليس من اجل (تأمين الحاجات) فيكون الحلال والحرام في الرزق انما هو افتراء على الله فالحلال والحرام ليس في الرزق فقط بل في كل ناشطة حتى حين يسير الانسان على رصيف في شارع عام فان كان الانسان مرتكبا للمحارم في مجمل نشاطه ويبحث عن الحلال والحرام في الرزق انما يفتري على الله لان رزق الله بغير حساب والحلال والحرام يقع في نشاط الانسان وليس في رزق الله المأتي فمن كان حائزا للمال في حرام فهو ليس برزق لان النشاط الذي تسبب بتلك الحيازة كان محرما ..!!
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) (يونس:59)
القوانين الوضعية (قانون الدولة الحديثة) وضع منظومة فعالة تعلو فوق منظومة الله في الحلال والحرام حيث يتدخل القانون المستنسخ من دول غربية في وضع موصوفات الحلال والحرام في تداول الاموال بين الناس مثل الفوائد البنكية ورسوم الكمارك والضرائب ورسم الطابع والشهر العقاري ومن ذلك الخليط التنظيمي (الرسمي) الذي علا علوا فوق منظومة الله اصبح الرزق في زمننا يؤتى من شريك لله امتلك مساحة تشريعية اوسع من مساحة الله التنظيمية مما جعل الرزق في الزمن الحضاري من إله الوطن كشريك اكبر من الله وسقط شعار المسلمين اليومي (الله اكبر) لان اكثر الناس يكبرون إله الرزق الوطني بكبر يفوق كبر الله وانحسر الله كبيرا في الخلق فقط وتم الحجر على (كبر الله) في ملكوت كل شيء ..!!
الخروج من ذلك العنق الضيق لا يعني ان كل انسان يجب ان يكون فقيه في الدين ليتخلص من فساد الظنون بل على المسلمين ان يوسعوا دائرة اسلامهم خارج محاريب الصلاة وفي كل ناشطة تنشط في يومنا المعاصر حيث يستوجب تعييرها مع منظومة الخلق الالهي حصرا .. مساعي الناس في تنشيط الرزق وفق منظومة بشرية صنعتها الدولة الحديثة انما هو خروج على المنظومة الالهية وذلك يحتاج الى توبة واستغفار وعودة الى منظومة الله والفرار اليه ... المسلمون في زماننا هم ابناء اوطانهم وقد استولى على نشاطهم القانون النافذ وفقد المسلمون حيوتهم في منظومة الخلق خصوصا في الرزق فاصبحت مشاعر الناس ان الوطن هو الرزاق ..!!
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) (نوح:10)
(يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) (نوح:11)
(وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح:12)
تلك تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا
الحاج عبود الخالدي
(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (البقرة:212)
الفكر العقائدي روج لـ (بغير حساب) على ان الحساب منفي عن الرزق ويمكن ان تستخدم تلك الضابطة الفكرية (انعدام الحساب في الرزق) في مجاهيل الناس لنظم الرزق فتكون ظاهرة في مدركاتهم انها بغير حساب الا ان الله سبحانه يؤكد في منظومة الرزق ان هنلك (تقدير) والتقدير فيه حساب محسوب
(اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ) (الرعد:26)
قالوا في(ويقدر) وكانه (تقتير) في قلة الرزق ولا يجد العقل رابطا بين (ويقدر) وقلة الرزق بل (ويقدر) بينة بيان في مقدرة الله على توافقية ارزاق العباد جميعا وعدم نقصها وعدم تغييرها حين تتغير احوال الناس فهي رزق إلهي (بغير حساب) وليس قتور إلهي لانه مرتبط بمنظومة خلق لا تجعل وعاء الرزق الإلهي خاضعا لمتغيرات محاسبية وتلك الراشدة من نص شريف
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الأِنْفَاقِ وَكَانَ الأِنْسَانُ قَتُوراً) (الاسراء:100)
فحين تم تفسير (ويقدر) على انه تقتير وقلة في الرزق انما هو تهمة باطلة موجهة لله سبحانه فقلة الرزق ليست في صفة الهية وان كان في الرزق مفاضلة بين العباد الا انه لا يمثل القلة (تقتير)
(وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (النحل:71)
احد اقطاب الوطنية (العظام) قام بحساب الرزق في خطاب منبري قومي فقال في خطابه ما معناه (ان قيادتنا ملزمة بتوفير 40 مليون رغيف عيش فقط لافطار الصباح في جمهوريتنا ..!!) بعد ذلك القول ببضعة اسابيع ما استطاع ذلك البطل القومي ان يرزق نفسه فمات في ازمة صحية حادة ..!!
اثيرت في اوساط المتحضرين منذ بداياتهم الفكرية حسابات جدوى الارض في نظرية سميت باسم قائلها (نظرية مالتوس في التزايد السكاني) حيث وضع معادلات في المتوالية الهندسية للتكاثر السكاني في مساحة ارض محسوبة تودي من حيث النتيجة الى ضياع جدوى الارض ويضمحل الرزق الا ان مالتوس مات وكانت البشرية لا تزيد على مليار وربع المليار من البشر واليوم يقال ان البشرية عبرت سقف العشر مليارات انسان وكل البشر له رزق الله لان الله يرزق بغير حساب فخابت حسابات مالتوس ومن زمر في مزماره الخائب
متغيرات الحساب البشري سواء كان سكاني او كان في شحة مياه او أي حسابات اخرى لا تخضع لمنظومة الرزق الإلهي فالله سبحانه يرزق جميع المخلوقات الا ان المخلوقات تسيء استخدام ارزاقها فتحصل او حصلت مجاعات في كثير من الحقب الزمنية وكثير من الاقاليم ولعل تدبر مثل رؤيا عزيز مصر في سبع بقرات عجاف يأكلهن سبع سمان كانت برنامجا إلهيا معلنا في كيفية احتواء الرزق الإلهي حين يفصل المثل القرءاني كيفية بناء منظومة الخزن الغذائي الكوني
(قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ) (يوسف:47)
الا ان الانسان يتصور ان الارزاق المترابطة بين بني البشر خاضعة لرابط بشري متحكم فقامت حضارة براقة مبنية على الملكية الفردية اردفتها اقتصاديات اممية في الكيانات الاشتراكية او ملكية الدولة الحديثة لمفردات ادوات الانتاج مثل ملكية الارض والانهر والبحيرات وكامل مصادر المياه والشوارع والغابات والمراعي وربما سيأتي يوما عاصفا من ايام الحضارة ستمتلك فيه الدولة الحديثة الرياح لتكون الريح مملوكة للدولة ايضا ...!!
الصراع البشري من اجل وسعة (الحيازة) وهي نفسها (شجرة الخلد وملك لا يفنى) ناتج من وسوسة نشاط بشري يريد ان يحوز كل شيء فاضطرب الناس في (مرابطهم) من اجل نشاط لا يعبر سقف حاجات الانسان الاساسية فاصبح التلاعب بمنظومة الرزق الالهي خطيرا بين الناس فكثر البغاء ونشط العدوان بين البشر من اجل زيادة الحيازة الشخصية ففقد الانسان سكينته
العودة الى نظم الخلق ليس قرار جماعي يستوجب ان يتخذه الناس جميعا بمؤمنهم وكافرهم وغنيهم وفقيرهم بل هو قرار (فردي) يمارسه الفرد كيفما تكون صفته ليحصل على سكينة المسعى منفردا من مؤثرات دنيا هائجة مائجة من اجل مزيدا من الدراهم ..!! يوسف عليه السلام اصبح اميرا على مصر حين تنزه عن حيازة المال
(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف:55)
سليمان عليه السلام كان ذا ملك ما أوتي مثله غيره وما كان طالبا لحيازة المال من قومه ومن معه بل كان مطلبه من الله بصفته الرازق الوهاب
(قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (صّ:35)
وما كان رزق الله بمخزون بل هو رزق في حاجة المرزوق فمن اراد زرق الله الوفير زاد من حاجاته في دنياه ولن تكون الخزائن الا متعبة دنيوية لا تغني حاجات خازنها غير فساد يومه
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) (الطور:37)
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الأِنْفَاقِ وَكَانَ الأِنْسَانُ قَتُوراً) (الاسراء:100)
الانسان قتور في الانفاق لتأمين حاجاته وحاجات الانسان لن تكون شخصية فردية كما يتصور الناس بل هي حاجات تكاملية حتى ولو كان صاحب الحاجة بدويا او مزارعا او في مدينة كبيرة او قرية صغيرة وتلك هي من فطرة الانسان المفطور على العيش الجماعي ..
رزق الله سبحانه شامل عام ولا يتخصص في مرابط بشرية مفتعلة كما يفتعلها الناس ولا مصداقية في شعار (رزق ناس على ناس) ذلك لان مرابط الرزق مرابط إلهية وتر وما قيل في اسباب الرزق فهي منظومة إلهية محض وليس للبشر فيها دور سوى الصراع من اجل الحيازة ... من المؤكد ان رغبة الانسان في توسيع حيازته خوفا من الفاقة الا ان من يقوم بتأمين الغد في منظومة الهية فعالة في نشاطه فانه من (المؤمنين) الذي وصفهم الله وصفا غاية في الطمأنينة
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97)
فالعمل الصالح ليس في صوم او صلاة حصرا بل هو في انضباط الشخص في تفعيل المنظومة الالهية حتى في شربة ماء فيكون (وهو مؤمن) حيث يقوم الشخص في عمله الصالح بتأمين مستقبله في منظومة الله التي لن تتخلى عن من يقوم بتفعيلها بشكل منضبط فيكون مؤمنا أي (مؤمن عليه) فيحيى حياة طيبة بنص قرءاني شريف ولن يكون لـ (الفاقة) وجودا في حياته .. الناس يتبارون في الغنى ويتبارون في مخارجهم من دائرة الفقر وينشطون في ما حرم الله وما لا يرضاه لعباده من اجل (تأمين) يومهم الآتي الا ان ذلك ظن فاسد يخرج الساعي الى رزق مفتعل يفتعل الساعي مرابطه ويتصور انه انما يحسن صنعا في مسعى يومي من اجل (الرفعة) وليس من اجل (تأمين الحاجات) فيكون الحلال والحرام في الرزق انما هو افتراء على الله فالحلال والحرام ليس في الرزق فقط بل في كل ناشطة حتى حين يسير الانسان على رصيف في شارع عام فان كان الانسان مرتكبا للمحارم في مجمل نشاطه ويبحث عن الحلال والحرام في الرزق انما يفتري على الله لان رزق الله بغير حساب والحلال والحرام يقع في نشاط الانسان وليس في رزق الله المأتي فمن كان حائزا للمال في حرام فهو ليس برزق لان النشاط الذي تسبب بتلك الحيازة كان محرما ..!!
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) (يونس:59)
القوانين الوضعية (قانون الدولة الحديثة) وضع منظومة فعالة تعلو فوق منظومة الله في الحلال والحرام حيث يتدخل القانون المستنسخ من دول غربية في وضع موصوفات الحلال والحرام في تداول الاموال بين الناس مثل الفوائد البنكية ورسوم الكمارك والضرائب ورسم الطابع والشهر العقاري ومن ذلك الخليط التنظيمي (الرسمي) الذي علا علوا فوق منظومة الله اصبح الرزق في زمننا يؤتى من شريك لله امتلك مساحة تشريعية اوسع من مساحة الله التنظيمية مما جعل الرزق في الزمن الحضاري من إله الوطن كشريك اكبر من الله وسقط شعار المسلمين اليومي (الله اكبر) لان اكثر الناس يكبرون إله الرزق الوطني بكبر يفوق كبر الله وانحسر الله كبيرا في الخلق فقط وتم الحجر على (كبر الله) في ملكوت كل شيء ..!!
الخروج من ذلك العنق الضيق لا يعني ان كل انسان يجب ان يكون فقيه في الدين ليتخلص من فساد الظنون بل على المسلمين ان يوسعوا دائرة اسلامهم خارج محاريب الصلاة وفي كل ناشطة تنشط في يومنا المعاصر حيث يستوجب تعييرها مع منظومة الخلق الالهي حصرا .. مساعي الناس في تنشيط الرزق وفق منظومة بشرية صنعتها الدولة الحديثة انما هو خروج على المنظومة الالهية وذلك يحتاج الى توبة واستغفار وعودة الى منظومة الله والفرار اليه ... المسلمون في زماننا هم ابناء اوطانهم وقد استولى على نشاطهم القانون النافذ وفقد المسلمون حيوتهم في منظومة الخلق خصوصا في الرزق فاصبحت مشاعر الناس ان الوطن هو الرزاق ..!!
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) (نوح:10)
(يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) (نوح:11)
(وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح:12)
تلك تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا
تعليق