موسى وفرعون وهامان هذا الزمان
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
ورد اسم موسى قرابة 135 مرة في القرءان وورد اسم فرعون قرابة 75 مرة في القرءان وبتكرار اللفظ يستفز عقل الباحث ليتسائل عن مدى اهمية الطرح القرءاني المترادف بين موسى وفرعون وبهذه الوفرة ومن ورائها حكمة القرءان الحكيم ...
صفة القرءان التذكيرية (ص والقرءان ذي الذكر) تبقى مهيمنة على العقل الباحث وتبرز اهمية موسى وفرعون في كثافة الطرح القرءاني ويبحث القاريء عن مرابط بين نشاطنا المعاصر ومفاصل الذكر في قرءان خصصه الله ان يكون اخر كتاب سماوي يتلقاه البشر بشكل عام ..
عندما يكون فرعون طاغية في التاريخ وعندما يكون موسى نبيا في التاريخ فان ربط مثليهما بزمن معاصر لا يؤتى من خلال صفاتهما التاريخية بل يجب ان يتجرد فرعون من صفته التاريخية كذلك موسى ويتم التعامل فقط مع القانون الالهي الذي ظهر في التاريخ ويظهر في ازمنة مختلفة اخرى وتلك هي .. هي .. صفات المثل في حياتنا العامة عندما ننقل حكاية عن والي او عن ملك فتنقلب حكايته الى مرابط عقلانية مع يوم معاصر .
في ادراج لنا تحت عنوان (موسى وهارون) قلنا ان موسى هو (وعاء المساس العقلي) وهو لا يتقاطع في الفهم مع موسى النبي عليه السلام ولكنه يترابط مع قانون الهي في (وعاء المساس العقلي) وهو موجود في كل ءادمي وان كان صفة غالبة في نبوة النبي موسى عليه السلام ولكنه وعاء مساس عقلاني موجود تكوينيا في كل عقل بشري وقلنا ان وعاء المساس العقلي يقع في المستوى العقلي السادس وهو كليم الله فالله يكلمه تكليما وتلك اثارة ستكون في مقام لاحق .. كما اوجزنا شيئا عن فرعون تحت عنوان (نحن وفرعون) وذكرنا ان فرعون هو مجموعة فروع متحدة ضمن نظام يتفعل بجامعيته حصرا ولا يتفعل بصفته فرع فرع ...
ذلك مستحلب من قرءان الله ولسانه العربي المبين ولن يكون رأيا فكريا واللفظ العربي القرءاني هو الذي يذكرنا بذلك فنرى لفظ (فرعون) خالي من حرف الالف التي تشير الى تفعيل الصفة مثل (رسامون .. نجارون .. صباغون) حيث يكون جمع نجار بفاعليته فكل الرسامون من رسام واحد والرسام الواحد فعّال في الرسم وان بقي وحده ... الفرع لا يعمل كفرع بصفته التكوينية فالفرع يتفعل ضمن مركزه الفعال ولا يمكن ان يكون للفرع فاعلية مستقلة وبالتالي لا يمكن للسان العربي المبين ان ينطق بالفطرة (فراعون) بل يكون اللفظ (فرعون) ومثله لفظ (ميتون) فالموت فاعلية في (مات) وانتهت بكينونتها فيكون جمعها ميتون كما ورد في القرءان (انك ميت وانهم ميتون ـ الزمر)
فرعون الطاغية في التاريخ نحى نفس المنحى فكان هو و (هامان) و (السحرة) يمثلون فروع فرعون في المثل القرءاني الذي تحدث عن مثل موسى وفرعون
وعندما نكون في زمن معاصر نرى قانون فرعون في البرنامج الالهي في فروع الحضارة التي تمتلك الهيمنة والعلياء
(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص:4)
ذلك هو فرعون هذا الزمان وفروعه المنتشرة في الارض (علوا) .. جعل اهل الارض (شيعا) وما اكثره لفظا حكيما نراه بشكل فائق البيان .. يذبح الابناء (يستقطب عقولهم) فالذبح استقطاب عقل كما جاء في ادراج لنا تحت عنوان (ذبح اسماعيل) حيث يستقطب فرعون ابناء الناس جميعا في مدارس تبدأ من رياض الاطفال لغاية اعلى شهادة علمية وغيرها لن تكون (علمية معترف بها) ويستحي نساء الارض في ابراز انوثتهن كما بيناه في ادراج لنا تحت عنوان (استحياء النساء) وادراج تحت عنوان (البرج) .
من واصفات تكوينة موسى وهارون تقوم ترابطية علم في صفات تكوينية وضعها الله في برنامج محكم تمثل قانون برنامج الله في البشرية ولا يمكن ان تكون تصرفات البشر خارج وعاء تكويني أي انها لا تتصف بصفة تتكيف تلقائيا (كيفي) لان ذلك التصور يكون طعنا في ثابتة ايمانية مطلقة ان (الله اكبر) وهو الخالق وهو المهيمن ..
ليس من السهل كسر سقف فكري مستقر في خصوصية موسى في نبوته وخصوصية فرعون في فرعون مصر .. ولكن من الصعب ان يبقى القرءان في ماضيه ونحن في زماننا حيارى نبحث عن حل مكين ..!! ولا بد ان يكون القرءان فعّالا في زمن الحاجة اليه .
كل لفظ ورد في (موسى) هو وعاء مساس العقل ويستطيع كل مكلف يقرأ القرءان ان يطبق النصوص في ذلك
كل محاورة بين موسى وفرعون هي محاورة بين العقل ومنظومة فرعون ويستطيع كل قاريء للقرءان ان يجري تطبيقات فيها واهم ما نستحضره هنا هو في تطبيقات هامان الفرعونية
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ) (غافر:37)
هامان هو لفظ من (هام + هام) ويساوي (هامان) فهي الهيمنة وهما العلم والدولة وهما متلازمان كينونة فلا علم بلا رسميات (دولة) ولا دولة بلا (علم) رسمي فترى المواطن الذي يبني دارا او يصنع سلعة او ليكون طبيبا او ليسوق غذاءا او يصنع ثوبا وحتى ميكانيكي السيارات يكون خاضعا للعلم والدولة وهي حصرا سلطوية الدولة المشتركة في العلم والرسميات وسلطوية الدولة تنبع من (علمية) ما يقوم به الناشط في نشاطه فالرسمية (دولة) تنبع من علمية النشاط .. وتدور الكفة فتكون العلمية رسمية فتوقيع العلم يجب ان يكون من هيكل الدولة نفسها فلا احد يعترف بطبيب لا تصادق الدولة على شهادته ولو كان شيخ علوم الطب كلها ..!!
(مهيمن + مهيمن) .. من فطرة عربية بسيطة تساوي (مهيمنان) وباطلاقهما في الربط تكون (هامان مهيمنان) ...
فرعون القائل يا هامان (دولة وعلم) ابن لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب .. والقرءان بحكمته البالغة حصر نوعية الصرح في الطين وهي (المادة) والعلوم مادية كما نعلم بيقين كبير
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) (القصص:38)
ذلك الصرح من طين ... باحثا عن الاسباب ... اسباب السماوات والارض .. وهل منظمة ناسا وبحوث الفضاء صرح من عقائد او من مادة (طين) ..؟ وهل تجربة الانفجار الكبير في سويسرا من عقائد لامادية او من مادة (طين) ...؟ ونرى يقينا كيف يذكرنا القرءان وبدونه لن يكون لمثل هذه الذكرى مقام في العقل ..!! وقل ربنا اجعلنا من الذين يعقلون القرءان وقل ربنا زدنا علما..
الحاج عبود الخالدي
صروح العلم المادية كلها وتقنياتها الآلية العملاقة (ما من اله غيري) وذلك فرعون وذلك قوله وان (موسى) وعاء المساس العقلي (لاظنه كذاب) وتهمة الكذب لموسى معلنة بشكل اوضح من الشمس والقرءان يذكرنا بها ... فالعقل في القرءان (وعاء) فيه (مساس عقل) ولكن العلم يقول غير ذلك ان العقل صنيع العاقل ... ويقولها باعلى صوت مسموع فالعلم عند اهل العلم يصنعه المتعلم الساعي للعلم والاوسمة والشهادات هي دليل ذلك الصوت الكبير الذي يطلقه فرعون في كل وسط في اكاديمياته وفي الاعلام العلمي فالعقل مصنوع من قبل الانسان ومساس العقل في الخلق (موسى) هو كذاب وان القول ليس فصل لان فرعون حيران في العقل ويقول فيه (العقل بلا جواب) وبالتالي قال العلماء ان مساس العقل ليس الهيا في الخلق بل هو بويفيزياء جسدية فان كان وعاء مساس تكويني (اظنه كاذبا) وفرعون لم يقطع امرا ولن يقطع بموجب القانون الالهي المسطور في القرءان وذلك يعني ان الباحث القرءاني يستطيع ان يتعرف على منهجية فرعون المستقبلية من خلال قراءة القانون الالهي في القرءان
(وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ)
وتباب اليد في (تبت يدا ابي لهب وتب) والتباب في طرح اولي غير موسع (حاوية قبض تفعل مقبوض) وهو يعني دائرة مغلقة لا نفاذ منها فكل قابضة يفعلها العلم ليقبض شيئا علميا يتم قبضها تكوينيا وتضيع المعرفة ومنها (العقل بلا جواب) وكأنه مثل الاجرام السوداء في الكون تمتص كل شيء حتى الاشعة فاصبحت سوداء لا ترى وذلك هو وصف القرءان للعلوم الفرعونية المعاصرة في (تباب) واكثر الاوصاف وضوحا هي في تجربة الاستنساخ الحيواني والبشري وتجربة الانفجار الكبير في سويسرا وعلوم العقل عموما فكل قابضة سيرها العلم لقبض العلم قبضت في منظومة التكوين الالهي ...
موسى (وعاء مساس العقل) عندما يتفعل تفعيلا تكوينيا (رساليا) ويحل فيه الفيض القدسي كما حصل مع النبي موسى عليه السلام وكما قد يحصل في زماننا عند بعض المؤمنين حيث يكون المساس العقلاني طاهرا فان موسى العقل سوف لن يكون حريصا على تقويم فرعون واصلاحه او هداية ملأ فرعون لانه يعلم انه في مصير مرسوم بالفشل بل يهتم في انقاذ بني اسرائيل (المصلون) الذين يتضررون من هيمنة فرعون العلمية والرسمية وذبح الابناء واستحياء النساء ومهمة وعاء المساس العقلي في انقاذ بني اسرائيل لها برنامج كبير يستطيع كل من نفعت معه هذه الذكرى ان يستدرجه الى هارونه من وعاء مساس عقله (موساه) ويقرأ القرءان سيجد ذلك البرنامج ويتعرف على عصا موسى ... ولنا مع عصى موسى مقام لاحق . ونتيجة الحال سيكون ايمان السحرة (العلماء) وغرق فرعون وجنوده وللغرق علم كبير سيكون في ملاحق قادمة باذن الله
موضوعية الطرح قاسية على واقع الحال ولكن الذكرى ان حلت في العقل وتذكر قاريء القرءان مرابط القرءان بواقع معاصر فان ازمة العقل تنتهي ويمتلك المؤمن نورا لا يمتلكه غير المؤمنين
الحاج عبود الخالدي
تعليق