الســـكـــيـــنـــة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
السكينة في مفاهيم الناس تنحى نحو الاستقرار النفسي والهدوء العقلاني ..
ولكنها في القرءان تاخذ قالبا فكريا يكون الاساس للوصف اعلاه أي ان الفهم القرءاني لمقاصد الله يعبر سقف فهمنا للسكينة الى سبب السكينة وكينونتها
من نتاج قرءاني نطرحه كنتاج دون تفصيل وهو بسبب نكرره باستمرار يفيد ان ما بين ايدينا يحتاج الى سلالم في البيان لا يمكن ان تؤتى من عاليها فنضطر لذكر النتاج دون التفاصيل ونناور بالنتاج في تطبيقات فكرية ليكون ذو بيان رصين بين المتابعين ، فتكون السكينة في القصد الالهي :
(فاعلية حاوية حيازة ماسكة الحاجات)
أي ان هنلك حاوية تتفعل في حيز يمسك الانسان من خلالها بحاجاته ..
نحاول تجربة ذلك القصد في مفاصل متعددة من مقاصدنا لقبوله من حيث النتيجة التطبيقية
الزوجة سكن الرجل (لتسكنوا اليها) فهي حاوية فعالة يمسك الرجل من خلالها حاجاته .. وهي في الفراش الشرعي .. الانجاب .. الصاحبة انيس .. وحاجات كثيرة تكون فيها الزوجة حاوية فعالة للمسك بالحاجات .
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (الفتح:4)
انزل في قلوبهم حاوية عقلانية فعاله ليمسكوا حاجاتهم من خلالها .. تلك هي عقلانية الطمأنينة وعدم الخوف !!
بيان الانزال في القصد القرءاني يحتاج الى اثارات منفصله كذلك القلب والقلوب تحتاج الى ثارة منفصلة
(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18)
نزول السكينة في صفة عقلانية ايضا لانها بعد بيعة والبيعة صفة عقلانية فهم حصلوا على حاوية عقلانية امسكوا من خلالها بحاجاتهم
ذلك يمنحنا مفتاح علمي يربط بين الرسول عليه افضل الصلاة والسلام وآله (المسلمون) وتلك البيعة تعني ولاية الرسول عليهم وفيها حاوية (سكينة) تطمئن لها النفوس التي بايعت وتك من اسرار الشهادة برسالة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وذكر اسمه (اللهم صل على محمد وآل محمد) وهي ركن في صلاة المصلي فان اهملها بطلت صلاته وفي تلك مفاتيح علم عقلانية تضع للعقل روابط تكوينية كما هي روابط المادة التكوينية في الماء وغيره من العناصر ..
(وَقُلْنَا يَا ءادَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:35)
واضحة في السكن فيكون المسكن هو الجنة وهو الحيز الذي يمسك به ءادم وزوجه حاجاتهم
مساكننا ايضا تنحى نفس المنحى ففي المسكن سكن (ليس عقلاني) وفيها نمسك بحاجاتنا في الراحة والاغتسال والنوم والزواج والانجاب وتربية الاولاد ففي المسكن ماسكة تلك الحاجات وغيرها
( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ )(البقرة: من الآية61)
كما في السكن يكون مسكن فيكون مسك الحاجات فيه وليس في غيره لانه مشغل صفة السكينة (مسك الحاجات)
الميم جاءت لتعلن ان السكن تم تشغيله في المسكن وليس في العقل
المسكنة والمسكين بدخول الميم عليها تفيد ان مشغلا قام بتشغيل السكينة ولن تكون السكينة من كينونة التشغيل
نرى حرف الميم في اثارة عربية عقلانية بسيطة :
الحركة معروفة القصد ... المحرك هو مشغل الحركة .. فالميم تشير في القصد الى المشغل وهو متنحي عن جنس الحركة وليس جزء منها
مثله مثل مشغل الماكنة لن يكون جزء من الماكنة بل متنحي عن تكوينتها فالماكنة شغل وباضافة الميم يكون مشغل .. الميم مشغل كينوني متنحي عن جنس الشغل ... تلك هي في القصد العربي الفطري العميق وهو يتطابق مع القصد الالهي في القرءان (لسان عربي مبين) ومع الفطرة .. فهي في اللسان العربي صفتها مبين !! ونطرح بيانها بدون أي معجم او أي قاموس فالمسكنة هي سكن اضيف لها ميم وتاء فعرفنا الميم وبقي التاء فهي حاوية الصفة
ففي عربية بسيطة .. سقى .. سقاية .. هي حاوية السقي .. مشى .. مشية .. هي حاوية المشي .. رمى .. رمية .. هي حاوية الرمي .. صر .. صرة هي حاوية فعل الصر .. فتكون المسكنة هي في القصد الشريف ان ماسكة الحاجات لها مشغل يشغلها ليس من جنسها .. ذلك المسكين بصفته الذي لا يستطيع مسك حاجاته فيقوم شخص اخر (مشغل) يشغل السكن فيه فيكون مسكين ... مثلها المسكنة التي ضربها الله على بني اسرائيل فاصبحوا غير قادرين على مسك حاجاتهم ويحتاجون الى مشغل من غير جنسهم ليعطيهم حاجاتهم فهم في مسكنة !! وما اشبه حالنا بهذا الوصف ..!!
نفس المنحى في مفهوم المسكن (المنزل) حيث السكينة في البناء المادي وليس في العقل فالمسكن يكون مشغل السكينة للفرد ومن لا مسكن له فهو مسكين لان مشغل السكينة في حيز اخر ... يشغل سكينته
السكّينة التي نستخدمها في تقطيع اللحمة في المطبخ هي من عربية فطرية تتطابق مع ما هو مسطور من فهم .. السكّينة .. هي حاوية في حيز فعالة في مسك حاجاتنا .. فنقطع بفاعليتها اللحم وغيره لنمسك بحاجتنا بفاعليتها .. ستكون حاجاتنا في القطع المقطعة بواسطة السكينة ..
(وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الأنعام:13)
وله (الله) ما تم مسكه من حاجات في الليل والنهار .. من كل المخلوقات ولا يوجد من شريك لله في ذلك وهو مفصل مهم في خارطة الخالق ان يقرأ بالفهم يقوم منه علم كبير ..
ان امسك الانسان من اوكسجين في النهار قذفه ثاني اوكسيد الكاربون (شهيق وزفير) .. ذلك هو حاجة للانسان (سكن ) .. تلك حاجة في ملك الله جرت في النهار ... لانه ملك الله فان ما قذفه الانسان من ثاني اوكسيد الكاربون كان حاجة في النهار للنبات فهي تحتاج لثاني اوكسيد الكاربون فالنبات يمسكها (سكن) ... وعندما يمسك النبات حاجته في النهار من ثاني اوكسيد الكاربون يخرجه اوكسجين
وهو في ملك الله ايضا .. تلك هي تبادلية حاجات بين المخلوقات تكون ملكا لله بلا شريك يعلن شراكته مثل المؤسسات والكيانات والاوطان وكثير من الناس !! في تلك الراصدة لنقطة من نقاط خارطة الخالق نقرأ كثيرا من العلم يعلو فوق علوم العصر
(فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (الأنعام:96)
جعل ربك الليل وعاءا لمسك الحاجات .. الشمس .. رابط علمي مع السكن وحاجة الانسان في كينونة الليل .. تلك ايضا نقطة في خارطة الخالق تحتها مرابط علم غاية في الاتقان والرفعة
سيكون ذلك في اثارة قادمة فما كانت هذه ولن تكون ما بعدها الا اثارة تذكير تذكر من شاء الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق