سر العقل في موسى
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
ورد اسم موسى في القرءان اكثر من 130 مرة وذلك العد هو عدد استفزازي يستفز العقل الباحث في المعالجة القرءانية للفظ (موسى) ...
نؤكد ما روجنا له سابقا ان الاسم في القرءان لا يحمل مسمى شخصي في التاريخ بل يمثل الصفة الغالبة فهي في التاريخ صادقة مثل نبي الله موسى عليه السلام وهي في القرءان صفة غالبة ترتبط بمنظومة التكوين في الصفات الغالبة التي جعل الله فيها سنته في الخلق ...
الفطرة العربية التي ترتبط بالقرءان مع (اللسان العربي المبين) تؤتي ثمارا لا تقف عند حد تفسيري او روائي للفظ محدد في القرءان مثل لفظ (موسى) وتبقى معارف الانسان تتطور وفي كل زمن لها طور مشهود تظهر فيه صفات غالبة ما كانت ظاهرة بالامس مثل الجاذبية والمايكروبات وغيرها ...
في الفطرة العربية نجد لفظ (الوسواس) وهو لفظ مركب من (وس + وس) فيكون (وسوس) وهو مسطور في اقرءان
(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) (الناس:5)
الناس يعرفون الوسواس انها محادثة بين شخص وشخص او بين مستمع ومحدث يريد اقناع سامعه ... ومنها وسوسة الشيطان
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) (طـه:120)
اذن هنلك طرفان في فعل الوسوسة .. شيطان وآدمي ... او متحدث وسامع بين الناس
ولكن القرءان اشار الى مفصل اخر في فعل الوسوسة في النفس ذاتها دون طرف اخر
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (قّ:16)
نفس الانسان توسوس ولكنها ليست طرفا واحدا بل هي طرفان (تبادلية) كما روجنا لذلك في موضوع (الفرق بين العقل والنفس) تحت الرابط التالي
الفرق بين العقل والنفس
ففيها ايجاب وفيها قبول وكلاهما يتبادلان الحديث ومنه يكون فعل الوسواس فهو (وس + وس) .
عندما يشغل الانسان (وس) واحد (غير تبادلي) فذلك يعني ان اللفظ في البناء العربي سيكون (وسى) فيكون تشغيله بدلالة حرف الميم مثل :
سر ...سرى ... مسرى ...جر ... جرى .. مجرى ..رس ... رسا .. مرسى ...ول ... ولى .. مولى ..وس .. وسا ... موسى
تلك هي معالجة فطرية عربية في لسان عربي مبين ... بل مبين جدا يغنينا عن معاجم العرب لان لساننا عربي منه يؤخذ المعجم ولا نأخذ نحن منه ... أي ان معاجم اللغة يصنعها اللسان العربي فهي لا تصنع للعربي لسانه
موسى هو مشغل (الوس) في معالجة غريبة (غراب) يبعثه الله في عقل الادمي (ابن ءأدم) ليواري سوأة اخاه الذي قتله (اوقف فاعليته فتوقفت فاعلية اخرى) فاصبح الآدمي المقتول هم الذين لا يعرفون كيف يكون (موسى) وضاع القرءان في اروع مفصل من مفاصله يوم تصورنا ان (موسى) شخصية تاريخية فقط لان قابيل قتلنا .. اوقف فاعلية اللسان العربي فينا فتوقف فهم القرءان (قتل) .. وها هو الله يبعث (غراب) غريب ليدفن السوء في المقتول (نحن) لنفهم القرءان ..
ذلك يتناغم ويتطابق مع ما جاء في موسومتنا (اغرب من الغراب) تحت الرابط التالي
أغرب من الغراب
الموس في مقاصدنا هو تلك الآلة التي تفصل الشيء عن مستقره فالموس للقطع ... وموسى يقطع العقل ... يفصل بين الايجاب والقبول في النفس فيكون موسى هو وعاء المساس العقلي ... حضور في العقل ايجاب ينتظر القبول ... موس يقطع الايجاب والقبول في النفس فيدرك موسى ما يحل في عقله من ارادة الهية (علم) أي ان موسى يترك الايجاب لربه ومنه يصدر القبول فقط
(وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) (طـه:41)
ذلك هو موسى صنعه الله لنفسه فيحل في وعاء المساس العقلي (موسى) فيكون موسى في (قبول) دائم ويكون الله هو المتكلم في وعاء المساس العقلي (موسى) وهو (ايجاب)
( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)(النساء: من الآية164)
لن يكون ذلك التخريج غريبا ففي الفكر العقائدي
الله يهدي من يشاء .... وعاء المساس العقلي (موسى) هو (حيز الهداية)
وقل ربي زدني علما ..... وعاء المساس العقلي(موسى) هو (حيز استقبال العلم من الله)
رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .... وعاء المساس العقلي (موسى) هو (حيز استلام الايجاب الالهي حتى في القول)
وعاء المساس العقلي في نفوسنا (عمقا) يكلمه الله .. لا يحاور الله ... بل الله يكلم موسى تكليما (ايجاب الهي) في العقل
الدعاء بين يدي الله ..... ومنه
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186)
وليثورها متابعي الفاضل في عقله ... انا ادعوا الله فمن الذي يستجيب .. انا ام الله ..؟؟ اذا استجبت انا لدعائي فما هي الفائدة ..؟؟ اليس المنطق ان يستجيب ربي لدعائي ..؟ ولكن الله يقول (فليستجيبوا لي) فما هي الحكاية ... !! وكيف تتزن موزونة في العقل الثائر في
القرءان ..؟
الله هو صاحب الايجاب في وعاء المساس العقلي (موسى) فاستجابتنا لايجاب الله هو الايمان به (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) ... لعلهم يرشدون ..
فليستجيبوا لي هي لقبول ايجاب الله في موسى (وعاء المساس العقلي) ومثله في مقاصدنا العربية
فليستجمعوا لي المال ... من هو طالب جمع المال ... انه المتكلم وليس جامعي المال ... جامعوا المال (قبلوا) جمع المال فقام القبول من ايجاب المتكلم
فليستكملوا امري ... من هو طالب الكمال ... هو انا المتكلم فقيامهم باستكمال الامر هو (قبول) بالامر
فليستجيبوا لي ... أي ليقبلوا ايجابي الذي يحل في عقلهم (لغرض) ان يؤمنوا بي
تحت تلك الشروط يقول ربك ... فاني قريب (اجيب) دعوة الداع اذا دعان ..
اذن هي معادلة في العقل ان اقبل ايجاب ربي في وعاء المساس العقلي (موسى) فيتحصل الايمان ... فيكون الدعاء مستجابا ...
ذلك هو موسى ولنا ولكم اثارة في (هارون) باذن الله ... وما هي الا تذكرة فمن شاء ذكر ومن شاء هجر
الحاج عبود الخالدي
تعليق