موسى والحوت
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
كثير من الامثال القرءانية تتجرد من العبرة في احداثها فتسقط تلك الورقة التي صاحبت منهج القرءان التي ترى ان المثل القرءاني في العبرة التي ينثرها ونستحضر في هذه الاثارة حكاية الحوت وفتى موسى الخالية تماما من اي رؤية للعبرة فيها مما يستفز العقل القاريء للقرءان في البحث العلمي الدقيق دون الاتكاء على العبرة المفترضة في الامثال القرءانية والتي تعالج بموجب سياقات مجتمعية غير منضبطة في العقل فتختلف العبرة من قاريء الى قاريء اخر دون محددات عقلانية واضحة ... فعندما تختفي العبرة الواضحة كما في هذا المثل يثور العقل ليمسك بالنص القرءاني دون التورط بالاراء الشخصية التي توقف فاعلية القرءان في منهج قيام سبب الذكرى منه ...
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) (الكهف:60)
(فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) (الكهف:61)
(فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ ءاتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً) (الكهف:62)
(قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) (الكهف:63)
(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى ءاثَارِهِمَا قَصَصاً) (الكهف:64)
(فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا ءاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف:65)
في هذه الايات الكريمات لا توجد بطاقة فكرية نرى فيها العبرة من المثل القرءاني فهي كالخرافة عند غير المسلمين فتكون حافزا يحفز العقل المسلم لمعالجة المثل ولا يمكن تحفيز العقل الا بربط المثل بما تم مسكه من مقاصد اللفظ القرءاني لربطه بواقع حياتي ينشط فينا لنعرف حقيقة قراءنية مفادها ان ما من شيء في القرءان الا وله مرابط حية تعيش في جيل قراءته .. فهو قرءان يربط العقل بحقيقة الخلق في كل زمن ...
موسى ... وعاء مساس العقل ... ولنا فيه ادراج (سر العقل في موسى) تحت الرابط التالي
سر العقل في موسى
فتى موسى هو من يتبادل معه الفاعلية (فتاه) وهو المستوى العقلي الخامس (هرون) وفي اللسان العربي المبين يكون (الفتى) هو الذي قد بدأ بالتفاعل العقلاني ونرى ذلك في الفتى عند الصبية (بناء الشخصية) تبدأ منذ زمن الفتوة وكذلك يردفنا اللسان العربي المبين في استخدامنا للفظ (الفتوى) وهي تبادلية عقلانية بين النشاط والفكر العقائدي فتكون الفتوى في لسان عربي مبين يذكرنا به القرءان مربوطا بالفطرة التي فطرنا الله عليها (تذكر) فيكون فتى موسى هو (مفتي موسى) فيكون عربيا (فتاه)
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) (الكهف:60)
موسى (العقل السادس) لا يبرح ويخبر فتاه (العقل الخامس) وهو هارون حيث يتوقف العقل (موسى) في الاشارة القرءانية (لا ابرح) .. ابرح في علم الحرف القرءاني (كينونة قبض وسيلة فائقة) فالضرب المبرح هو الضرب الذي يكون فائق الوسيلة ليقوم الالم تكوينيا في الجملة العصبية ... فموسى (المستوى السادس) يعلن لهارونه (فتاه) نفي قدرته على قبض الوسيلة التكوينية الفائقة (ابرح) حتى يتم بلوغ مجمع البحرين ... سنرى ما هو مجمع البحرين .. البلوغ هو (قبض ناقل ربط صفة متنحية) فعندما يبلغ المسافر المدينة يكون قد قبض ناقل يربطه بالمدينه .. موسى لا يقبض وسيلة فائقة (لا ابرح) حتى بلوغ (مجمع البحرين) أي حتى يقبض رابط فاعلية متنحية هي (مجمع البحرين)
البحر هو قابض للوسيلة الفائقة (علم الحرف القرءاني) فيكون مجمع البحرين أي مجمع وسيلتين فائقتين للقبض وبلوغهما هدف سعى له موسى (العقل السادس) وهو (ما كان يبغ) .. ويعلن لفتاه (العقل الخامس) ان عدم قبض (لا ابرح) تلك القابضتين المجتمعتين لوسيلتين فائقتين (مجمع البحرين) حيث سيكون بديلهما هو ان (امضي حقبا) وهو المضي بحقيبته وهو يحصل عند الموت والنوم ... يجتمع موسى وفتاه (هارون) عند الموت (في معالجة نثبتها في الموت حصرا لغرض عدم تشتيت البيان بين فعلي (النوم والموت) ويبقى (لا يبرح) حتى يقبض الوسيلتين الفائقتين حيث تبقى وسائل الميت في الدنيا تفعل فعلها في عرف سيء يزرعه او مال حرام يورثه لاولاده او مظلمة لاحد لا تزال قائمة حتى تجتمع وعندما تجتمع يكون قد بلغ المجمع وان لم تجتمع المقبوضات كأن تكون لها بقية لم تقبض لاستمرار فاعليتها يحملها بحقيبة (او امضي حقبا) ... ذلك عندما تستمر مؤثرات السوء التي يتركها الفرد وتبقى مستمرة فيمضي بها موسى (حقبا) وهي صفة الجمع في الحقيبة .... قيل في مثل هذه الصفة (البرزخ) او ما سمي بعذاب القبر في الفكر العقائدي .
ذلك لن يكون تفسيرا للنص ولا يكون .. بل فهم للنص نفهمه اليوم في مربط للعقل بعد الموت ونستخدمه مرة اخرى عند النوم او الغيبوبة ونستخدم نفس القانون مرة اخرى مع حالة بقاء الجسد تحت الانعاش واجتماع موسى وفتاه في زمن غير زمن الفلك ونستخدمه مرة اخرى عند التأمل العميق او ما يسمونه الخروج من الجسد ... !! ويتألق (او امضي حقبا) في معالجة نفس القانون مع النوم تكوينيا .. فهو مفصل من مفاصل خارطة الخالق مثل الترانسستور الذي يحمل رقم نوعي محدد ليكون فعالا في مفاصل متعددة في دوائر مختلفة ..!! وءامل ان يتعامل معه المتابع الكريم بنفس الصفة بل هو تذكرة للتذكر والنص هو سبب التذكرة ولو يتابع معي كريم فاضل ان (حقبا) هي تذكرنا بـ (الحقيبة) التي نلملم بها حاجاتنا بحلالها وحرامها لان النص القرءاني بلسان عربي مبين ولا بد ان يكون له بيان به نتذكر ... عربية بسيطة بلا معجم او قاموس ... ذكرى ... فهم للنص .. معها فطرت الله التي فطر العقل عليها لتكون تحت عنوان (افلا تعقلون) ... انسيابية عقل من غير اراء شخصية او بطولة فكرية في بساطة عقل فطري بريء (ابراهيمي) يمتلك ترابطا في العقل بما قبله وبما يأتي بعده لانه يتصف بصفة اللاريب من وعاء يهدي للتي هي اقوم
(فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) (الكهف:61)
حوت ... في علم الحرف القرءاني هي (فاعلية فائقة ترتبط بحاوية) ونحن عندما نعلن النتاج دون تفاصيل انما نسعى لوضع النتاج في التطبيق ليكون بين يدي متابعنا الفاضل بشكل يمكن تفعيله في العقل ويكون اللسان العربي المبين في الفطرة العقلية خير ماسكة عقل ليكون القرءان في الفهم فوق التفسير ... فلفظ حوت هو من لفظ (حياة) وفيها لفظ الـ (حي) فتكون مفاهيمنا (حوت .. حياة) وتتألق في هذه السطور جوهرة قرءانية حيث ورد لفظ الحياة في القرءان رسما (الحيوة) ووضع الف قصيرة فوق الواو ولكن مثل تلك الاشارة (الف قصيرة) غير متوفرة للطباعة في الحاسب الالكتروني فهي في القرءان مرسومة رسما (حيوة) فالرسم القرءاني لكل الفاظ القرءان الغريبة تدخل فيها المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام بتثبيته ورسمه هو رغم اختلافها في سنن الكتابة ورغم انهم يقولون انه امي وتلك كانت مهمة رسالية غريبة الا انها مرتبطة بفاعلية مشهورة هي ان (الذكر محفوظ) رغم الزمن ورغم أي مستحدث يمر به القرءان عبر تاريخه الماضي واللاحق مثل انتشار وكثرة الطباعة الالكترونية حيث يبقى محفوظا الان في المصاحف التي طبعت بطريقة (الزانكوغراف) والتي تعتمد على تصوير المتن القرءاني المنسوخ يدويا ... وفي الزمن الاتي سيكون للحفظ الالهي وسيلة تولد في زمنها بامر الهي عندما يتعرض القرءان المنسوخ يدويا والمطبوع بصورته الى تلف او ضياع بتقادم الزمن حيث تتدخل الارادة الالهية لحفظه مع كل زمن ..
حوت .. حيوت .. وهي الحياة في حيز .. فتكون الحوت هي حيوة بلا حيز وهي نظم الخلق فهي الحياة قبل ان تكون في حيز فعال وهي الاخرة بعد الموت عندما يفتقد الحيز المادي
عندما يبلغ موسى وفتاه مجمعهما يكونا قد نسيا حوتهما ... أي تم اختزال حياتهما فالنسيان هو اختزال للعقل كما جاء في ادراج لنا (وما ننسخ من اية او ننسها) ... نسيان حوتهما يكون في مجمعهما ويكون في النوم والموت والغيبوبة .. فيكون قد اتخذ حوتهما في البحر سربا ... (نعالج هنا الموت فقط لضرورة حجم المقام) ... ان الحوت اتخذ سبيله في بحر واحد وليس بحران وهي خاتمة الحياة الدنيا سيكون للجسد دورة حياة جديدة وتفسخ وباقي الاعمال التي قام بها الفرد من حرام وتصرفات شيطانية او اعراف سيئة .. اصبحت ... حوت .. وليس .. حياة .. بلا حيز .. في بحر الدنيا ... سربا ... ساربة .. كالسرب .. سراب ... لانها في بحر واحد وليس بحران ...
(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) (طـه:55)
وهو الجزء المختزل (المنسي) من العقل وهو الحوت المختزل من (موسى وفتاه) .. نسيا حوتهما ... فيذهب الحوت في البحر الواحد اما موسى وهارون فلهم حياة اخرى (الاخرة) في البحر الاخر ... سرب تعني (قبض غلبة وسيله) فيتم قبض حوتهما في البحر وهو في القصد في لفظ بحر الذي يعني (القابض للوسيلة الفائقة) فالبحر يقبض الحوت المختزلة من جسد ومال واثر من كتاب سيء او زرعة حقد او نبتة سوء تركها (موسى وهارون) حيث يتفسخ الجسد وتوزع الاموال ويورث كل شيء ولن يبق غير الباقيات الصالحات ولها وعاء اخر ... وفاعلية السوء فيما ترك موسى وهارون (العقل الخامس والسادس) ... منها .. خلقناكم .. وفيها نعيدكم ... ولكن هنلك امرا خطيرا جاء في (ومنها نخرجكم تارة اخرى) وفي تلك ضابطة علم سيأتي مقامها ان اذن ربنا بذلك ... فهنلك عودة يعود فيها (ءال موسى وءال هارون) في تابوت تحمله الملائكة ... وهي في تارة اخرى .. وهنلك ايضا الافعال التي يقوم المؤمنون بها في عالم الغيب والشهادة فيما يخص شؤون المؤمنين على الارض وهي (نعيدكم تارة اخرى)
(فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً) (الكهف:62)
هذه الاية تخص الموت النهائي الحتمي حصرا ولن يكون للنوم والغيبوبة فيها فاعلية حيث يتم تجاوز مجمع البحرين (جاوزا) ... وهو يشمل ايضا تسوية الحوت التي اختزلت من موسى وهارون وهي تعني نهاية عذاب القبر (البرزخ) حيث تكون اثار (موسى وفتاه) قد انهت نتائجها (جاوزا)
عندما يتم تجاوز البحر الذي اختزل فيه الحوت سربا يقول موسى (العقل السادس) لهارونه (العقل الخامس) ءاتنا غدائنا ... لقد لقينا من (سفرنا هذا) ونعيد متابعنا الفاضل الى ادراج لنا تحت عنوان (العقل مرسل) وهو تحت الرابط التالي
العقل .. مرسل
الـ نصب ... هو قابض تبادلي لفاعليه متنحيه (علوم الحرف القرءاني) ... وهو نفسه النصب التذكاري الذي نعرفه في حياتنا المعاصرة حيث يربطنا لنا النصب تبادليه تذكاريه لـ وسيلة فاعلية متعلقة بموضوعية النصب وهي وسيلة فعل متنحيتبادليه ولكنها متنحية عن النصب مثل (نصب الحرية) في امريكا فهو يعلن للناس نبأ اعدام مجموعة من العمال ففاعلية الاعدام ووسيلته متنحية (مقبوضة) ومثل نصب الحرية في بغداد وما اشبه اليوم بالبارحة ... والوضوح يتألق في نصب اشخاص معروفين في التاريخ حيث تكون وسائل فاعليتهم هي فاعليات متنحية منقولة للقبض من خلال (النصب) مثل نصب الفارابي وابو نؤاس او رمسيس الثاني وغيرهم فنصبهم تبادلي مع فاعلياتهم وهي متنحية في التاريخ
تلك هي وصف حال حق بعد الموت وسفرة الحياة حيث تكون الفاعليات قد تنحت في زمنها ويبقى القبض فهي منقولة نقلا تبادليا الى (نصب) وهي في الحياة الآخرة حتما ..
ءاتنا غدائنا ... الغداء هو (صفة متنحية منقلبة السريان كينونة) وهي من علم الحرف القرءاني ومنها في الفطرة العربية (غداً) حيث يكون غدا هو عبارة عن صفة متنحية (لم تأتي بعد) منقلبة السريان من هذا اليوم لتكون (غدا) ومنها لفظ الغداء الذي يأتي تكوينيا من خلال حوي الغلة (حوي الرزق) حيث صفة الحوي متنحية من قبل فينقلب سريانها تكوينيا لان الغلة هي للتغذية بشكل تكويني في (غداء) ...
يكون غدائنا هو تلك الصفات التي تنحت في الحوت (الحيوة) المختزلة فهي الغلة وقد انقلب سريانها ... ومن يأتي بها ... فتى موسى وهو هارون ... لانه هو الذي فعلها وهو الذي عاش حياته وكان موسى معه (وعاء المساس العقلي) في سفرة الدنيا ... فهو فتاه .. فتى موسى .. أي انه (مفتي موسى) ...
(وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) (القصص:34)
لقد لقينا .. التقينا بالنصب .. فلكل انسان نصب له يلتقيه عند الموت ...!!!!! فيه فاعلياته التي تنحت في دنياه ... !!! ففي سفرة الدنيا تم بناء النصب وتم اللقاء به عند الموت ... (لقينا ... نصبا)
هو فتى موسى في ذلك المثل العصيب على العقل ... الفالق للعقل ... ففيه ذكرى وليس كل ذكرى .. لانها مفاتيح علم عقل لا تؤتى الا من كتاب الله .. ونحن نتكلم في ارباع الكلام ليس اكثر ... فهي مجرد اثارات للتذكير .. اما العلم فيها فهو الاوسع نطاقا والاكثر شمولا ...
(قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) (الكهف:63)
الـ صخرة ... هي (حاوية فاعلية متنحيه لـوسيلة احتواء فاعليه ) وذلك من علم الحرف القرءاني ايضا.. وهو في التطبيق الصخرة التي نعرفها ... فالصخر هو حاوية .. الحاوية تلك فيها فاعلية احتواء (صلادة) تكوين وسيلة ... فنستخدم الصخر في كثير من الاستخدامات لانها وسيلة وان لم يكن صخر لما كان وسيله في البناء فلو تحول الصخر الى مسحوق فيكون قد فقد وسيلته ... ذلك هو الصخر المادي اما الصخر غير المادي فهو موصوفات نتداولها مثل (ثورة كالصخر) .. و (عناد كالصخر) ... والوطن صخرة يتحطم عليها طمع الطامعين ... لان الصخر فيه وسيلة احتواء ماسكة فاي طمع بالوطن تحتويه صخرة الوطن وان لم تحتويه فان صخرة الوطن تتهشم كما تهشمت صخرة الوطن في فلسطين والعراق ...
الايواء لموسى وفتاه كان الى صخرة .. تلك حاكمية الخلق تتهشم عليها ارادة الانسان .. فكان ان خرج الانسان من ماله وعزه ورفاقه فقد احتوت الصخرة كل ماسكات وسيلته عند الموت (الايواء الى الصخرة) ...
نسيان الحوت عالجناه وهو في اختزال الحياة من (موسى وهارون) وذهاب الجسد ونشاط الدنيا ... وهنا مفتاح علم قرءاني يترابط مع معالجاتنا للشيطان بصفته فاعليات شيطانية خارجة عن سنن الخلق فمن اوى الى صخرته (حاويته لماسكات وسيلته) بعد ان اختزلت حياته يقول فيها العقل (موسى) ان الافعال الشيطانية اختزلت كثيرا من متاعي وما كان سبب الاختزال الا الصفات الخارجة من سنن الخلق (الشيطان) فالشيطان انساني (الحوت) أي اختزل مني الحياة وذهب ما تم اختزاله مني في البحر (القابض) وهنا (عجبا) وليس (سربا) حيث يكون هو (نتاج احتواء ماسكة قبض) حيث ذهبت تلك الماسكة ادراج الرياح ولم اتخذها وسيلة لمقامي هذا فقد افقدتني الصخرة تلك ماسكات وسيلتي .... فالافعال الشيطانية التي يرتكبها موسى وهارون في الدنيا لم تذهب في الحوت ان كانت اعمال صالحة لانها ستبقى محفوظة له اما ما تم نسيانه بسبب الشيطان أي اختزاله ذهب مع الحوت ولم يبق مع الباقيات الصالحات ...
رغم صعوبة المعالجة الا ان تلك المفاهيم مسطورة في الفكر العقائدي حيث نرى في العقيدة الحياة الثانية (الاخرة) وان ما في الدنيا هو متاع لها (باقيات صالحات) اما (صخرتها) فقد قبضت ماسكات وسيلته وان ما ذهب في ( الحوت) تم قبضه فالله هو الوارث للارض وما عليها وان من نسي شيئا (اختزل منه) لا يستطيع استذكاره هناك (اعادته) أي ما اختزل لا يمكن استرجاعه فليس له الذكرى ...
(وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الأِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى) (الفجر:23)
فلا يسترجع الانسان شيئا من حوته والباقيات الصالحات هي خير عند ربك والصخرة قد افقدت الانسان قدرته على مسك وسيلته فاصبح بلا ماسكات وسيله فتكون وسيلته هي (الباقيات الصالحات) ان كان صالحا .. وان كان غير صالح فقد خسر الحوت وأوى الى صخرة ففقد صفته في الانتاج لانه عديم الوسيلة وماسكتها
(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى ءاثَارِهِمَا قَصَصاً) (الكهف:64)
نبغ .. وهو من بغاء ... وهو فعل مقدوح في معارفنا ولكنه في موقع اخر للاستخدام (نبغ) هو (المراد) الذي يريده الانسان وهو لفظ مستخدم بكثرة في العربية في شرق العرب وجزيرة العرب (نبغي) تساوي (نريد) وليس البغاء (لسان عربي مبين) .. الـ بغي هو (حيازة قابض حيز متنحي) اما (نبغ) فهو بلا حيز لانه في زمن الموت فحيازة الافعال وماكسبها تكون قد تنحت بالموت وذلك الرشاد من علم الحرف القرءاني فتكون القاضبة المتنحية في حيازة المريد في الدنيا فيكون المريد يريد قبض شيئا متنحي عنه فيكون (يبغي) ويطلقونها في اللهجة المحلية (يبي) وهي فيما يريد ... البغي في البغاء هو حيازة قابض فاعلية متنحية عن اعراف الناس ودينهم فالباغية المومس انما تقبض حيز الدعاره متنحية عن مجتمعها ودينها والفئة الباغية انما تقبض حيازه متنحية عن الاتفاق (فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي) فيكون البغي هو قبض حيازه متنحية عن شروط الصلح أي انها حيازه لا توجد في شروط الصلح ..!! في هذا المقام يتم التعامل مع الفطرة العربية فيظهر اللسان العربي المبين في وضوح وبيان مبين ويكون النتاج الوارد من علم الحرف القرءاني كما نذكره دائما دون تفصيل نتاج غير عقيم كالتفسير بل يكون وسيلة للفهم ويمكن تطبيقه حتى في لفظ (ببغاء) وهو نوع من الطيور يردد ما يسمعه من كلام فالكلام فاعلية تنحت من المتكلم (خرجت منه) فيقبضها ذلك الطير فيضاف اليها (بـ) وهي تدل على القبض تضاف الى بغاء فيكون ببغاء لان الكلام هو تكويني فتظهر الهمزة في لفظ ببغاء وذلك يعني ان الببغاء لا تنشيء الكلام بل تقبضه وهو متنحي عنها في قبضه اولا واقباضه للسامعين ثانيا فهو في لسان عربي فطري مبين (ببغاء) .. تلك نسوقها لتأكيد دقة ورصانة الفضاء الفكري الذي نتحرك فيه ... (ذلك ما كنا نبغ) فهو ذلك ما كنا نريده برغبتنا ... البغاء والباغية والباغي والبغي ويبغي وبغداد و (ما كنا نبغ) في (قبض حيازات متنحية) ولسان عربي مبين مفقود بيننا ولو ربطنا ذلك بلفظ (البغل) لوجدنا حقيقة عربة العربية فالبغل هو من (نشاط قابض لـ حيازه متنحية) فهو حقيقة من حيازه متنحية من تزاوج حمار وحصان فهو البغل القابض لتلك الفاعلية المتنحية في سنة الخلق ان تتزاوج فصيلتان مختلفتان لتنجب مخلوقا لا يشبه ابويه ولا يستطيع الانجاب لانه بغل فقد قبضت فاعليته فهو لا ينقلها لجيل بعده ...
فكان الارتداد ... فيما كانا يبغيان (يريدان) ... فكانت الاثار عند الارتداد هو (قصصا) .. والـ قص هو (رابط متنحي لفاعلية متنحية) وهو من علم الحرف القرءاني ايضا وهو في فعل (المقص) الذي (يشغل ربط متنحي لفاعلية حيازه متنحية) فقص القماش هو غير موجود في كينونة القماش لان القماش نربطه برابط (فاعلية وسيله متنحية) غير موجوده فيه قبل تشغيل المقص لان تشغيل المقص متنحي لحين قيام الحاجة لقص القماش اما اذا لم تكن حاجة قائمة فالقماش لا يقص أي متنحي ... فنقوم بقص القماش برابط متنحي عن القماش (مقص) وذلك الرابط المتنحي عندما يحضر قد يكون صناعة ثوب او كيس او لضماد فهو متنحي غير موجود قبل عملية القص وصناعة القماش .. ووسيلة الفاعلية ايضا متنحية فالثوب غير موجود ولا الكيس ولا (قصاصة) الضماد .. فيكون الفعل (قص) ومشغله (مقص) ونتاجه (قصاصة) ومنه (قصة) وهي الرواية (القصة) حيث الرابط متنحي فالحدث غير موجود وانما متنحي في الماضي وهو الرابط القصصي .. كذلك الفاعلية غير موجودة فهي حدث في الماضي فكانت في فطرة اللسان العربي المبين (قصة) ومشغلها لن يكون (مقص) لان الرابط ووسيلة الفاعلية تكون قد قصت من قبل فمشغل القصة هو (قصصي او قاص ) فيقول (قصصت عليك) او (نقصص عليكم) ومنها قصصا التي وردت في مثل موسى وفتاه ... فكان موسى وهارون (موسى وفتاه) ما كان عندهم من (بغ) وما شائت مطالبهم أي (ما ارادوا) قد تحول الى (اثار) قصصية وبعدها تحولت الى (اثار) وصخرتهما احتوت ماسكات وسيلتهما ففقدا القدرة على عمل شيء جديد ينفعهما بعد الموت (مجمع البحرين) وفيه نص قرءاني يؤكد هذا المسرب
(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (الكهف:49)
(ووجدوا ما عملوا حاضرا) وهو (ذلك ما كنا نبغ) وقد (ارتدا) يعني (وجدا) اثارهما قصصا .. وسبحان الله فيما ابدع من حكمة بيان ..!!
نذكر متابعينا الافاضل ان (موسى وهارون) هما في نفس الصفات في (انسان) وهما (انس + انس) كما فصلنا ذلك في ادراجات سابقة
(فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا ءاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف:65)
تلك انتقالة علم الى ما يجري في عالم اخر غير عالمنا الذي نعرفه ويشرح بالتفصيل موضوعية غريبة عجيبة تجري في تواصلية بين زمن العقل وزمن الفلك في تفصيل حماية المؤمنين ومنظومة حمايتهم في عالم الغيب والشهادة .
ذلك يحتاج الى سلالم اكثر تقدما وسيكون لها موضوع لاحق فهي وحدها تحتاج الى بيانات مسبقة غير متوفرة الان في مسلسل مدونات علوم الله المثلى التي نطرحها على مكث وهي تمتلك تسلسلية موضوعية مقصودة لتكون اكثر فاعلية في عملية التذكير ويستطيع المتابع الجاد الذي امتلك ناصية التفكر من اجل البيان العلمي ان يحبو على البيان بنفس المنهجية التي استخدمت في منشوراتنا ولا يحتاج لاكثر من عربية فطرية بسيطة وعقل مع قرءان ... وشرطها البراءة من أي مترسبات فكرية غيرها ...
انها مجرد اشارات تكون سبب للتذكر فالقرءان مخصص للذكر والله يحفظه فهو فعّال مع متبرهم يواجه القرءان لوحده بلا مستقرات عقلية مكتسبة ..
الحاج عبود الخالدي
تعليق