معايير شياطانية يحفظها الله
تبصرة في قرءان من أجل كشف معايير صفة الشيطنة
(وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ) (الانبياء:82)
في النص الشريف إستفزاز عقلاني كبير وانقلاب فكري يخص الشياطين عندما يكونون في حفظ إلهي حيث يكون نوع من الشياطين أعوان نبي من أنبياء الله رغم ان صفة الشياطين مقدوحة على مساحة الخطاب القرءاني بمجمله
ورد لفظ الشيطان والشياطين في القرءان قرابة 100 مرة ولم يكن الفكر الاسلامي موفقا في فهم حقيقة الشيطان على طول مساحة الفقه من ربيعه الاول في منتصف القرن الثاني الهجري لغاية القرن الخامس عشر الهجري الذي نحن فيه فقد اختلطت مفاهيم ثلاثة في (الشيطان .. إبليس ... الجن) وكان خلطا ضبابيا شديدا مما يمنح أي قاريء للقرءان في الزمن المعاصر الحق في ان يعالج ضبابية الفكر الاسلامي بشكل مطلق وسبب اطلاق الحق وعدم تقييده مع ما ذهب اليه الفكر العقائدي التقليدي هو لغرض وضع معايير حقيقية يتم فيها تعيير الصفة الشيطانية وهذا ما لم يتصدى له فكر السابقين رغم وفرة شروحاته في خليط من تعاويذ من مخلوق الجان او الفعل الإبليسي مع السحر وربطها بصفة الشيطنة من خلال وضع اللعنة الإبليسية والشيطانية في فكر واحد فضاعت الحقيقة القرءانية وسط سلال من الاراء الفقهية والتخريجات الفكرية والنتيجة ... ضباب فكري !! .. ننصح بالمرور على ادراجنا (الشيطان)
الشيطان من يكون
http://www.islamicforumarab.com/vb/t145/
سنن الخلق خـُلقتْ فعـّالة تكوينيا (كن فيكون) تحت إدارة إلهية تفعيلية مستمرة لان الله لا تأخذه سنة ولا نوم وعندها يظهر عقلا أن لا يحق للعباد بصفتهم كمخلوقين وهم جزء من كن فيكون ان يتدخلوا بتلك النظم ويغيروا فاعليتها وان يتدخلوا في فاعليتها فهي (شيطنة) فالشيطنة هي خروج على سنن الخلق قد نجدها واضحة عند صانع الخمر عندما يقوم بتغيير مرابط سنن التعفن والتخمر لتستمر الدورة الحياتية كما سميت (دورة النايتروجين في الطبيعة) فيقوم صانع الخمر بمنع الاوكسجين عن الوعاء الخمائري ليحصل على (الميثانول) قبل ان يتأكسد ليشكل مركبات الخلات والاسترات لغرض منفعي خاص به الا انه (ضار) فصانع الخمر هو زارع صفة الشيطنة عند شاربيه ...!!
الشيطنة هي فعل (نافذ) ينفذ في سنن الخلق فيعيث فيها فسادا سواء كان متعمدا او غافلا فبمجرد دخول النشاط الانساني لاجراء تغيير او فاعليات في منظومة التكوين فان حيودا اي (فسادا) لا بد ان يحصل وان لم ينضبط في معيار الضرر ومنعه من النفاذ فان الفساد فيه سيكون مستشري فتختل منظومة التكوين في منفعتها وتنقلب الى الضرر سواء تعمد الانسان ذلك او لم يتعمد لان الانسان يمتلك مصدرين للتغذية العقلانية (وهديناه النجدين) فناشطة عقل ايمن (مادي) وناشطة عقل ايسر (صلاح) فمن شطن الجاريات يسرا والحاملات وقرا في عقله فقد شطن تيار عقله التكويني وصار شيطان فصار عابثا مقدوحا ومتضررا لانه نشط في عمل تخريبي في منظومة (كن فيكون) التي قام الله بتفعيلها .
لغرض اطفاء استفزازنا العقلي المفتعل في مناورة تستبصر الحق في القرءان وتقرأ مفاصل خارطة الخلق عسى ان نستذكر وندرك وظيفة لفظ الشيطنة في فطرة عربية ناطقة عندما يكون نفاذ الفعل في (شوط) فنقول الشوط الاول والثاني فالشوط هو فعل نافذ مرتبط باشواط نافذة من اجل نفاذية فعل مادي فمثلا حين يتصدع الطعام في وعاء الطبخ بحرارة فوق معدلها نقول (شاط الطعام) وحين ينفعل احد الغاضبين يقال له (شاط فلان) فالشيطنة فعل نافذ (شياط) في حيز صفته انه تبادلي المنفعة فيكون (شيطان) فلو لم يكن (الخمر) في رغبات الخمار ليشربه وينتشي به لما قام الخمار بحجب الاوكسجين عن وعاء التخمير فصفة الشيطنة انها تبادلية ناقلة تنقل الفاعلية النافذة من منفعة تكوينية لمنفعة مفتعلة اخرى خارج قاموس المنافع التي وضعها الله فيحصل الفساد الشيطاني لان المنفعة التي يرتجيها من هو على خطوات الشيطان ترتد عليه فتتحول المنفعة المرجوة الى ضرر محقق .
الشيطان صفة في المخلوق كما رسخنا ذلك في اثارات سابقة وليس مخلوق مجسم او شفاف كالشبح كما ساد في الفكر الاسلامي وتلك الصفة الشيطانية مقدوحة عموما في مجمل الخطاب القرءاني لانها عشوائية غير منظبطة مع مسارب سنن التكوين في (كن فيكون) اما ما جاء استثناءا هو في نوع من الشياطين الغواصين وصفوا (ومن الشياطين) وليس كلهم وهم مرتبطين مع صفات مثل سليمان الذي يمتلك ادوات تنفيذية لصفته السليمانية فكانوا في حفظ إلهي بموجب نظم نستطيع ان نتبصر بها ونعرف معايير (نافذية النشاط) غير الضارة والتي حفظها الله في قوانينه ولها بيان مبين من خلال تلاوة في آيات نظم الخلق ومعرفة الفعل النافذ للمخلوق الذي يدخل على نظم الخلق في اتجاه (مخترق) لمنظومة التكوين الا انه في إجازة حفظ إلهية (وكنا لهم حافظين) في منظومة الله الفعالة في الخلق ونرى نفاذية فعل انساني تسجل خرق لسنن الخلق في استخدام ادوات تحمل صفة (شيطنة) الا انها مؤمنة من العدوان الذي يتصف به الشيطان (عدو مبين) فهي غير مقدوحة الوصف ... لمن يعشق الحقيقة ويرغب في حيازتها ننصح بالمرور في الروابط التالية :
صفات شيطانية 1
الشيطان والانسان والنسيان
المعرفة والشيطان
الأزيز .. صفة شيطانية
المشروبات الغازية فيها مس شيطاني
ذلك الاستثناء في مقدوحات ادوات الفعل الشيطاني هي ليست الوحيدة في فطرة الدين فالقتل مقدوح جدا فمن قتل عمدا كأنه قتل الناس جميعا الا ان القتل غير مقدوح في الدفاع عن الدين والمال والعرض ودفع العدوان عموما .. ايذاء النفس والبدن فعل مقدوح الا ان الجهاد في سبيل الله وما يحمله من مخاطر على الجسد قتلا او جرحا هو فعل صالح غير طالح ... الجوع عمدا هو شيطنة مقدوحة الا في الصيام فالصيام (فعل نافذ) مخترق لسنن الخلق الا انه محفوظ في منظومة التكوين (موزون) وسكينة المطبخ التي يستخدمها الانسان عدوة له قد تجرحه او تقتله الا ان الصفة السليمانية حين تقوم بتأمين عدوانها تكون اداة صالحة
من تلك الرجرجة الفكرية التي لا يراد لها حل اشكالية فكرية او لابراز عيوب قديمة في الفكر بل لغرض جهادي في الحصول على نتاج فكري يتصف بصفة التطبيق الميداني ويتمتع بصفة الولادة العلمية التي يمكن ان يكون لها تطبيقات ميدان خطره نستطيع من خلالها ان نقوم بتعيير الانشطة البشرية (النافذة) وادواتها الفعالة خصوصا في وفرتها الحضارية الخانقة والمدمرة لنظم الخلق ... نسعى لغرض قيام برنامج علمي قرءاني يتمكن المسلمون بمذكراته بناء منظومة اسلامية فعـّالة من استخدام ميزان تعيير سليم في جعل الانشطة البشرية النافذة حضاريا موصوفة بصفة (سلام) اي (أمينة) ولا تمس نظم الخلق او تغير فاعليتها نحو السوء فتكون في منظومة ضارة عقابية الصفة (اسفل سافلين) بل يمكن ان يحصل الانسان على غلة واسعة (موزونة) من خلال نشاطة (الامين) الذي لا يتصف بالصفة التبادلية (الضارة) عندما تقوم الشيطنة بتخريب سنن الخلق فينعكس على صلاحية منفعته الشخصية .
مثل هذه الصفة الرفيعة لقيام التبصرة يستطيع الجهد العلمي لعلماء القرءان تفعيل تبصره وتذكره قرءانية ان يقيموا معايير تقوم بوزن الانشطة الحضارية وتفرز الصالح وغير الصالح من خلال معرفة الشيطنة المحفوظة من قبل الله والشيطنة المقدوحة في القرءان .
العلم القرءاني سيكون فعال جدا من خلال تلك التذكرة حيث يصف لنا القرءان فعل الشيطنة وادواتها في دائرة السوء لتعمل عمل المعيار الذي يفصل بين الصالح وغير الصالح ويقيم ثقافة تطبيقية بين يدي المسلمين ليعرفوا معايير كل جديد من خلال صفات قرءانية وصفت الشيطنة بالسوء الا (الغواصون) الذين يغوصون ثم يخرجون من الغوص في وصف تذكيري رائع على ان يعود كل شيء الى طبيعته بعد انتهاء الغوص ( وكنا لهم حافظين) وفي تلك الواصفة البالغة الحكمة يكون النشاط النافذ في سنن الخلق (الغوص) متعادل في نقطتين
(الاولى) قبل تشغيل نافذية الفعل و (الثانية) بعد وقف تشغيل الفعل النافذ وهو تذكير في وظيفة لفظ (الغوص) في سنن الخلق اجمالا ومنه الغوص في البحر كمثل مرئي واضح فيكون ذلك معيار وحيد في تعيير صلاح النشاط التبادلي عندما تكون الشيطنة فيها اجازة ربانية (وكنا لهم حافظين) وهو معيار مطلق يمكن ان يتفعل في كل ناشطة مبتكرة يقودها الانسان ويمتلك صفة (تشغيلها ووقفها) ويستخدم ادواتها بوعي علمي يتم تعييره بين نتائج الوقف والتشغيل للفعل النافذ (الشيطنة) .
ذلك معيار وحيد في عملية بناء الناشطة المطلوب تفعيلها بوعي الناشط فكانت المثل الوحيد المستثنى في القرءان من السوء في الفعل الشيطاني
بقية الامثلة التي وردت في القرءان في قدح الفعل الشيطاني هي لقيامة معايير رقابية لافعال شيطانية قائمة (سابحة في نظم الخلق) بسوء فعلها في تلك النظم فهي (قائمة) وليست (ستقوم) فهي لا تمتلك نقطة بديء فصناعة الخمر قائمة في عمق الزمن ونشاط السارق قائم في كل زمن والزنا قائم بصفته في كل زمن ونرى وضوح ذلك في مثلين شريفين
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الحج:52)
لو استبصرنا النص وتدبرنا مقاصد الله لوجدنا ان الشيطان هنا يكون قد (ألقى) في امنية النبي والرسول ...!! أي ان الرسول او النبي لم يفعل الشيطنة كما في الغوص بل ان الشيطان كان نافذ فقام بالالقاء في امنية الرسول ...!!
(وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ) (الانبياء:82)
ونرى في هذا المثل الشريف موقفا مختلفا وهو ليس فعل شيطاني مسبق بل موصوف في (ومن الشياطين) وليس الشياطين الفاعلين لانشطة مسبقة بل شيطنة يتم اعدادها من (نقطة تشغيل) وهي (يغوصون ويعملون) ويمتلكون ادوات شيطانية وهنا عمل وكل عمل لا بد ان ينتهي (نقطة توقف) ونهاية العمل في فطرة عقل محسوبة الابعاد وهي معروفة في العلم المعاصر وتقنياته تحت صفة (مدة الصلاحية) فلا يوجد فاعلية اداة ابدية في ناشطة نافذة كمصباح او جهاز تلفون ... من هنا يقوم المعيار الحافظ للفعل النافذ لتقوم حضارة تقنية محسوبة في وعاء نظم الخلق وليس في حساب ربحية منتج او مستثمر ..!! او ناشطة نافذة مبنية على غفلة علم وعلماء لا يقرأون خارطة الخلق فيعبثون بكل شيء على ضلال بعيد ..!!
المثل الاول ... معيار تصحيح وهو يواجه كل نشاط شيطاني قائم بصفته فالسرقة صفة قائمة وان لم يكن هنلك سارق اليوم فسوف يكون غدا او بعده لان صفة السرقة هي نزعة عدوانية السارق على حيازة الغير فهي (صفة شيطانية نافذة)
{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } (سورة فاطر 6)
فهي عدوانية قائمة ما دام هنلك تجمع بشري حتى وان كان الوصف يخص صناعة موصوفة كصناعة الموجة الكهرومغناطيسية فهي شيطنة قائمة كصفة تمتلك نفاذية تخريبية لخطوط الفيض المغناطيسي الطبيعية ومثلها كثير كثير هي صفات شيطانية انطلقت من حضارة مزدحمة بكل جديد تحتاج الى معايير وميزان يزن بالقسط
المثل الثاني ... معيار بناء صحيح وليس معيار تصحيح وهو الاخطر والاروع بعد ان يكون المعيار الاول قد صنع قاموسا متخما بالسوء من فعل الشيطنة المتكاثرة التي ملأت دنيا الحضارة حيث تتكشف متغيرات نظم التكوين من الفعل الشيطاني فيكون المعيار الحق هو البناء الصحيح من خلال المعيار الثاني وليس الاول ومعيار البناء هو معيار واحد في توازن بين كفتي (تشغيل النشاط ووقفه) بشكل موزون فيكون الميزان
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد:25)
ذلك لان الله خلق كل شيء موزون ويستوجب على الناشط في منظومة خلق الله بفاعلية نافذة تبادلية المنفعة (شيطنة مجازة) ان يحافظ على ميزان النظم عند بديء النشاط وعند نهايته وهو التأمين والامان من عدوانية ادوات الشيطان
(وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) (الحجر:19)
والنبات لا يعني مخلوق النبات بل يشمل نظم الخلق من ماء الارض (بايولوجيا)
(وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً) (نوح:17)
مائة موقع في القرءان ورد لفظ (الشيطان) فيه وهو لفظ له وظيفة (نقل مقاصد الله) في رسالته الموجهة للبشرية عبر رسول من البشر اسمه محمد عليه افضل الصلاة والسلام انزل عليه القرءان (خارطة خلق) ومن تلك الوظائف اللفظية للفظ شيطان في وسعة خارطة الخلق (قرءان) نقرأ معايير السوء في حضارتنا ومن ثم نستخدم المعيار الثاني ليكون المتشيطن من الشياطين صحبة ادواته الشيطانية موصوف بصفة (وكنا له حافظين)
نستخلص من كل تلك الرجرجة الفكرية القاسية ان صفة الشيطان الواردة في القرءان تمنحنا القدرة على بناء معيار (الضرر المتحصل من المنفعة) التبادلية فيكون منه معياران (الاول) هو معيار تصحيح (الثاني) هو معيار بناء (تأمين الشيطان من خلال تأمين ادواته) ويكون المعياران صنوان لا يفترقان مع ميزان قسط فمن يستخدمهما يكون (مقسط) والله يحب المقسطين وفي حب الله فوز عظيم
تلك تذكرة في قرءان
ذلك تدبر لنص قرءاني
فيه تبصرة عقل
(تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (قّ:8)
الحاج عبود الخالدي
تعليق