هل العلم المادي عقيدة ..؟
من اجل حوار عقائدي معاصر
من المؤكد ان العلوم المعاصرة احتلت المساحة الاوسع من عقول البشر واصبح العقل البشري في كل بقاع الارض (مؤمنا) بالعلم المادي و (خاضعا) له الى حدود غير مرئية خصوصا بعد التسارع التقني الذي حصل في الربع الاخير من القرن الماضي ولعل وصف (الايمان البشري) بصفة (الايمان) يمتلك مقومات فكرية تفرض نفسها على عقل المتفكر في الايمان المطلق
الايمان العقائدي انحسر فكريا بمفهوم الخالق ولكن في حقيقته التفاعلية في الفكر ينطلق من قاعدة عقلانية عند البشر هو في (الامن) من القوة ... الامن من القوة الاكبر هي فطرة بشرية في العقل والانسان عندما يبحث عن الخالق ويخضع له انما ينساق الى فطرته بصفته حائز القوة الاكبر ودليل العقل هنا هو انه (الخالق) وقيامه بخلق الكون ومخلوقاته فيكون بداهة هو ذو القوة الاكبر وعلى الانسان ان يتقي تلك القوة فيكون من (المتقين) ...
نفس الصفات العقلانية وبنفس التفاعلية في العقل تحول الايمان الى قوة العلم المادي واصبح الانسان يخشى المادة بصفتها قوة لها مؤثر في جسده وفي مجمل نشاطه فيسارع الى العلم المادي لقضاء حوائجه واصبح الايمان بالله لا يعني الامن من القوة العظمى بل مصطلح عرفان الله (الاعتراف) العقلاني بالله كخالق وهنا تبرز اهمية مراقبة التحولات العقلية التي أقلمت العقل البشري على الخضوع للعلم المادي سواء كانت الاقلمة للنشاط الاستثماري للفرد او المخاوف التي يخشاها الانسان من مخالفة المادة العلمية فنرى ان تعاليم الاطباء اكثر قبولا بل الحاسمة بالقبول ازاء الارشادات العقائدية واصبح الانسان اكثر طاعة للعلماء الماديين اكثر من طاعاته العقائدية ..!!
العقيدة الرائجة والنافذة في زمن العلم المادي اصبحت في حياض المادة العلمية وكأن الايمان بالله مجرد ارشيف عقلي يأتي بعد ان يـُشبع الانسان عقيدته العلمية وفي مجمل نشاطه الخاص والعام .
عندما يكون الله هو القوة العظمى التي يستوجب تقواها (الإتقاء منها) فيكون (الايمان) ولكن اصبح وامسى بديله المادي المعاصر هو ان (المادة) هي صاحبة القوة العظمى المؤثرة في حياة الانسان فيستوجب توقيها فتكون التقوى في المورد العلمي وارشادات الماديين وتسقط التقوى في المورد الديني ونرى ذلك ونلمسه في يقين مطلق بين الناس في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ومسكنهم حتى في زيجاتهم وانجابهم او في زراعتهم واختياراتهم الشخصية في الانجاب وقد وصلت وقاحة العقل الانساني الى استنساخ البشر نتيجة للامعان المتزايد بالايمان العلمي المادي وذلك يعبر سقف العقيدة في العقل الى مشاركة الخالق في جزء مهم من اختصاصه فتكون القوة العظمى للعلم المادي موازية او مساوية لقوة الله العظمى ... من تلك الرجرجة الفكرية الحادة يتسائل العقل ... ما الفرق بين عبـّاد الاصنام وعبـّاد العلوم المادية ..؟؟ كلاهما يخضع لقوة عظمى ... فيأتمن في التقوى منها ... فيكون الايمان بها ... ويبقى الله وقوته العظمى في ارشيف عقل غير فعـّال ..!!
عندما يكون الانسان ذو عقل يتفعل فيتفكر وفطرته تأمين النفس من القوة العظمى فيرى المادة قبل اللامادة فينحاز بفطرته نحو تأمين ذاته من قوة المادة وينسى ان العقل (اللامادة) هي قبل المادة وذلك النسيان يحتاج الى تذكرة وذكرى .
عندما تكون البقرة هي القوة العظمى في بعض الديانات فان استهجان عقيدتهم تطفو على عقل كثير من الموحدين الا ان انغماس الموحدين بالعلم المادي وخضوعهم المفرط له يجعل دائرة الاستهجان عالقة بهم وهو لا يشعرون ... ولو يتذكر معي من يتذكر علوم الطب وكيف خضع لها الناس خضوع العابدين رغم ان علماء الطب لن يستطيعوا وما استطاعوا ان يأمنوا او (يؤمـّنوا) انفسهم من امراض عصفت باجسادهم فهم كما هم كهنة الاصنام يدعون الناس للنجاة بالخضوع لاصنامهم وهم لا نجاة لهم ..!!
تلك اثارة تذكرة عسى ان يتذكر عقل الانسان حقيقة ما يجري في العقل البشري ... عسى ان تنفع الذكرى ويعود البشر الى القوة العظمى (شديد القوى) ... فيتقون ..
الحاج عبود الخالدي
تعليق