النشأة الاولى .. في نظم
التكوين ..!!
التكوين ..!!
من اجل معرفة نظم التكوين
دأب العقل الانساني منذ بدايات تاريخية عميقة يتسائل عن النشأة الاولى ويبحث عن حقائق التكوين في البديء ولا يزال الجهد البشري مستمرا وذهبت البحوث مذاهب شتى سواء في التاريخ او في زمننا المعاصر وقد تصدى لتلك المهمة فرق علمية كبيرة على مر عدة اجيال من زمن النهضة وشملت البحوث جانبين من الجهد المختبري في الفحوصات الاشعاعية للكاربون العضوي لمعرفة اعمار المخلوقات القديمة من خلال بقايا عظامها والجانب الاخر اهتم بالبحث الميداني في المواقع الاثرية والبحث عن المتحجرات والمستدلات العلمية التي قد تفتح افاق معرفية تحل كثيرا من الالغاز العلمية والكونية الا ان مسارب العلماء سواء في التاريخ او المعاصرين خرجت من النظم الدستورية التي ثبتها الله في خارطته الاجمالية في القرءان مما دفع عقول العلماء السابقين والمعاصرين الى الخروج شبه التام من منظومة الخلق وبدأت تصوراتهم تأخذ الطابع الخيالي في الفيزياء والكيمياء وفي نشأة المخلوقات كما كانت نظرية داروين او كما قال احد الفيزيائيين ان ذرة الهليوم في الشمس تحت ضغط عالي وحرارة عالية تتحول الى ذرة هايدروجين بعد مليون سنه من التفاعل ..!! كما لوحظ التخبط المعرفي واضحا عند معالجات كثير من الظواهر المستحدثة كالفايروسات وامراض السرطان وعجزت المؤسسات العلمية من تحديد تاريخ ظهورها ووجودها باليقين وحل الظن بديلا عن اليقين في كثير من التقولات التي لا تمتلك ناصية علمية رصينة ..!! الله سبحانه اصدر اجازته للبشر لرؤية نظم التكوين في (النشأة الاولى) الا ان مسار المعرفة الذي رسمه الله مختلف تماما عن مسار السابقين والمعاصرين بشكل يذهل العقل الحامل للقرءان
(قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت:20)
عندما تكون الاجازة الالهية في عملية (نظر) للكيفية التي يبدأ بها الخلق فذلك يعني ان بديء الخلق قائم فينا لان الله سبحانه وتعالى لم يعلمنا انه توقف عن الخلق حتى تموت عقولنا في الزمن الماضي لنبحث عن بدء الخلق في بطن التاريخ بل هو هنا (سيروا في الارض فانظروا) وهنا ما كان داروين الا ضالا وما كان الباحثين عن انسان (النياردرتال) الا ضالين وما كان القائل بصناعة ذرة الهايدروجين من اصل ذرة الهليوم في الشمس خلال مليون سنه انما هو الضلال القاسي على العقل البشري ولعل الدراسات الفلكية التي تتحدث عن ملايين من السنين الضوئية لحسابات مسافات خرافية تمتلك مساحات ضالة كبيرة لان العلماء انفسهم يؤكدون ان الفوتون الضوئي هو جسيم مادي وانه يخضع الى الجذب من المجرات والدوران حولها ما شاء الله من دورات لينفلت ونراه بنواظيرنا كما انهم افتضروا مسار الفوتون المستقيم في حين ان الكون باكمله احدب الشكل ولا يمكن ان يكون أي مسار على شكل مستقيم وتلك هي مستقراتهم الفكرية العلمية فكيف يكون الضوء مستقيما في حساباتهم ولم لا يكون حلزوني الدوران كما هي النشأة الاولى في (الدنا والرنا) وهو الحامض النووي الذي يدور بصفته الحلزونية والتي تمثل سنة خلق حركية في نشأة الخلق الحركي لان سنة الله لا تتبدل ولا تتحول ..!! واذا اراد العقل البشري ان ينظر الى سنة تكوين ءادم فلماذا لا يكون الجنين في رحم امه هو نشأة تكوين نقرأ من خلالها النظم الكونية عندما نحتاج (النشأة الاولى)
الامساك بالنشأة الاولى تمثل حاجة من حاجات العقل البشري في مساحة تكوينية خطيرة خفية على عقول الناس بمختلف معارفهم والقرءان هو الذي يذكرنا بها ولا يوجد غير القرءان مصدرا للتعرف عليها بعد ان ثبت عجز العقل البشري ليتعرف عرفانيا على النشأة الاولى الا ان القرءان يقول غير ذلك في نص مهم من نصوص النشأة الاولى
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ) (الواقعة:62)
ومن يجزم ان البشر عرفوا النشأة الاولى وهؤلاء العلماء هم لا يزالون يبحثون ولم يتوصلوا بعد الى حقائق بديء الخلق (نشأة التكوين الاولى) الا انهم علموا (النشأة الاولى) فالعلم اتاح المعرفة لكل شيء في الخلية وفي نواتها وفاعلياتها الداخلية والمعرفة دخلت تكوينة الذرة وجسيماتها الصغيرة وكل تلك البيانات هي نشأة تكوين اولى وصلت الى معارف البشر مستأصلة في العنوان غنية المضمون فالعنوان هو المفقود والمضمون قائم وهو الضلال البعيد الذي يعاني منه علماء العصر الحالي في احلك ظلمة عقل رغم حجم التطورات المذهل ... ولا يزال الضلال العقلي يقطع العقل البشري ويمنع العقل البشري من الولوج الى اعمق نقطة في النشأة الاولى وقد نجد (فلولا تذكرون) التي حملها النص تفتح بوابة العقل (ذكرى) فنرى مجهولية القوى المغناطيسية في العلم والتي ورائها يقوم علم عظيم لا يمكن ان يقرأ الا حين يركع العلماء (خصوصا الماديون) للقرءان وحين يركعون يستمرون بمسربهم (النظر) الى النشأة الاولى
معارف الانسان وصلت الى علم النشأة الاولى باضطراب علمي كبير ومن تلك المضطربات الفكرية الكبيرة ذلك الظلام الفايروسي الخطير وتلك الجنون الخلوية السرطانية فاصبحت نشأة التكوين الاولى هي حاجة من حاجات الانسان المعاصر كما إن مصير الانسانية في خطر فالقرءان يشير ويذكر ان أي نشيء يقوم الانسان به يمتلك (نشأة اخرى) ولو تذكرنا سنتذكر ان الاحتباس الحراري هو (نشأة اخرى) تتعلق بـ (النشأة الاولى)
(وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى) (لنجم:47)
حيث نرى ونمسك بنظم الخلق بعد العبث فيها من خلال ما ذكره رب العزة فالمرابط التي ربطها العلم الحديث في استخدام الحقول المغناطيسية الصناعية وفي استخدام الوقود الاحفوري تعتبر في التذكرة في العقل البشري بموصوفاتها (علمتم النشأة الاولى) حيث تم انشاء تلك المرابط من قبل الانسان بصفة (نشأة اولى) فكانت (النشأة الاخرى) من الله بموجب نص قرءاني وعندما ينوي حامل القرءان تفعيل الذكرى من قرءان سيجد نصوص كثيرة تدعم ما استذكر ونقرأ
(وَلَوْ أَنَّ قُرءاناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (الرعد:31)
فالنشأة الاخرى تظهر في الوعد الالهي المرتبط بناموس الهي في الخلق (تصيبهم بما صنعوا قارعة) والنص مرشح كثيرا لتذكير اجيالنا التي تعاصر عصر الصناعة فالحقول المغناطيسية الصناعية صنعت كنشأة اولى لم تكن قبل والوقود النفطي (الاحفوري) صنع صنعا وحرقه نشأة اولى ولم يكن في ايدي الناس مسبقا بل مرابط تلك الصناعة سجلت حضورا في الفكر الحامل للقرءان انها (نشأة اولى) تعلمها الناس ( ولقد علمتم النشأة الاولى)
النص القرءاني دستور شامل وعام وكأنه قطعة ترانسستور تعمل في خارطة الخلق في مفاصل متعددة وليس مفصل واحد فالمقاومة ذات الرقم (س) قد تجدها في جهاز تلفون ومرة في جهاز تلفزيون ومرة في جهاز لفحص ملوحة الماء واخرى في جهاز لتخطيط نبضات القلب ... ومنها نتذكر ان السارق انما يمارس نشاطا ينشيء (نشأة اولى) في حيازة المال فيكون الله (عليه النشأة الاخرى) فالسارق حين انشأ ما هو خارج سنن الخلق في الحيازة كان قد انشأ نشأة اولى تستوجب نشأة اخرى في عقابه وعقوبته وهنا يقوم ترابط تكويني بين نصين طلب الله ان يكونا في مسرب واحد رابط (قل سيروا في الارض فانظروا كيف ...!!)
(قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت:20)
(قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (النمل:69)
وعندما يشتري شخص ما مالا حلالا انما ينشيء حيازة تكوينية حلال (نشأة اولى) ايضا ويليها نشأة اخرى من الله في تمتع الحائز الحسن والخير في حيازته الحلال ونسمي الفائدة في المال الحلال انه (مبارك) وهو استدلال فطري نمسك به النشأة الاولى وندرك النشأة الاخرى من الله ونفس الرصد نراه عندما يسرق السارق يبدأ خلق جديد في مرابط تكوينية (حيازة المسروق خارج سنن الخلق) وهو (حرام) ومن خلال حيازة المال المسروق الحرام خارج سنن الخلق سنرى حيازة المال في سنن الخلق فيكون النظر الى بدء الخلق ..!! في السرقة والنشاة الاخرى في مصير السارق والمسروق (عقوبته) وفي تلك ناصية علوم كبرى لو عرف حملة القرءان مدى قيمتها ومدى حجمها فلن تحلو لهم علوم غيرها وسوف لن يتسكع اولادنا على عتبات علوم الكافرين ..!! تلك الراشدة التذكيرية تعني ان السارق يمكن ان يكون محلا للدرس والتعلم لأننا علمنا نشأة السرقة الاولى ونبقى نبحث ما هو على الله في النشأة الاخرى فيقوم العلم التكويني لنظم الخلق ... اذا كان رصد السارق امر صعب فالناس يعلمون نشأة كل شيء بين ايديهم وايدي المقربين اليهم فهذا كان يشرب الخمر (انشأ نشأة اولى) ونراقب (النشأة الاخرى) فيه فيقوم العلم ... وهذه كانت متبرجة وجعلت من زينتها برجا للناظرين فهي انشأت (نشأة اولى) وقد علمنا تلك النشأة فنرتقب ونراقب (النشأة الاخرى) من عند الله
في تلك المسارب والانشطة التي تسعى لعلوم الله سنعرف (بديء الخلق) وهو الخلق المستمر وهو سوف يبرز اعمق اعماق سنن التكوين فنعلم ونرى ما نريد ان نراه في بديء الخلق في كل شيء وسوف لن ننتظر مليون سنه لنرى ذرة الهيدروجين فلو عرفنا سنن التكوين سنعرف ان خلق ذرة الهيدروجين هو خلق مستمر ولن يكون الله كما هو الفقه البوذي او الزرادشتي القائل ( ان الله خلق الخلق واناب النار او بوذا لرعايته وهو مشغول في خلق اخر...!!) ... عندما نريد ان نعرف بديء الخلق في التاريخ كما هم الباحثين عن المتحجرات وانسان (النيارندرتال) او الذين يصفون خلق ءأدم عليه السلام كما هي الاساطير العتيقة انما يمارسون فكر يؤكد الافكار البوذية وامثالها في ان الله قد غادر خلقه او ان الله مجرد رقيب وهو سيحاسب الناس في موعد اسمه (يوم القيامة) اما الان فهو في اجازة من الخلق ... بل قل سيروا في الارض فانظروا كيف بديء الخلق ...!! وفي تلك ذكرى لا بد ان نتذكرها ان كنا مؤمنين بالله حاملين للقرءان بالحق نتلوه بالحق الا ان الله يقول
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
ولو شاء الله لهدى الناس اجمعين
وما هي الا تذكرة ... تنفع المؤمنين ... طوبى لمن يتذكر ... ودعوة بالهداية لمن تستعصي عليه الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق