ضياء يأتي من إله آخر غير الله
من أجل قرءان يقرأ في زمن الحاجة له
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) (القصص:71)
في النص الشريف تثويرة عقل تذكيرية لم يكن لها حضور تذكيري قبل عصر النهضة حين انتشرت المصابيح الكهربائية التي أتتنا بضياء وفير في ليالينا وفي نهارنا ايضا مما يجعل معادلة الفكر تميل شيئا ما حين نرى تساؤل النص (مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ) فيكون الميل الفكري في ضياء مأتي من مصابيح كهربائية حولت ظلام المدن والمساكن الى مساحات مضيئة حسب حاجة الانسان اليها وقتما يشاء واينما يشاء ... ولغرض الهداية الى التي هي اقوم تقوم هذه الذكرى التي تؤكد ضرورة تحرر حملة القرءان من الفهم التاريخي للنصوص وبين يدينا تذكرة ما كان لها ان تقوم في الزمن الماضي فالضياء لم يكن مأتيا عندهم وما كان يمارسونه من انارة في ليلهم بواسطة الشموع والمشاعل كان محدود للغاية ولا يقدر عليه الا اغنيائهم وبشكل محدود ايضا اما اليوم في زمن مصابيح الكهرباء فان الضياء مأتي من إله آخر غير الله ...
من خلال معالجة الميل الفكري يظهر بين يدي الباحث عن الحق والحقيقة ان الميل في الوجه التنفيذي لنشاط الانسان (شيطنة) فالنص القرءاني يؤكد
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً)(يونس: من الآية5)
فأي ضوء من غير الله هو خروج عن سنن الخلق وهي شيطنة مؤكدة يدفع الانسان ثمنا غاليا في تفعيلها وإن كان على غفلة من أمره والله يذكرنا بصيغة غريبة في نص القرءان (مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) فما علاقة السمع بالنص الشريف ... !!!
الخطاب القرءاني بصيغته التساؤلية المبنية على فرض (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) وهو فرض لحالة افتراضية يضعها الخطاب القرءاني الذي يخاطب عقل بشري يحمل القرءان يقابله فرض اخر
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (القصص:72)
فرضان فيهما رؤيا ففي سرمدية الليل (افلا تسمعون) وفي فرض سرمدية النهار (أفلا تبصرون) ... (سمع وبصر) يؤكدان حيازة الاية التي يريد الله بيانها في القرءان المبين باياته ..
الفرض يؤكد أن الليل ضرورة خلق فإن افترضنا سرمدية النهار فاننا نحتاج الليل .... وإن افترضنا سرمدية الليل نحتاج الى نهار ولكن الله بين ان ضياء النهار لا بديل له في الليل (من إله غير الله يأتيكم بضياء) وان حاكمية الضياء في النهار في سنة خلق ويمكن الابصار بها (افلا تبصرون) وقد ابصرنا ضرورة ضوء الشمس في عملية التركيب الضوئي للنباتات وما فيها من اية كبرى لمعادلة غاز الاوكسجين وهو ابصار معاصر يؤكد أن القرءان يخاطب حملته في زمنهم ... في ضياء الليل حين أتى العلم بضياء في ليل حضارتنا (مصابيح الكهرباء) يكون تفعيل الآية (أفلا تسمعون) ... انا من الناس سمعت ان نصف البشرية مصابة بضغط الدم والسكري وسمعت ان اكثر من 12 مليون امريكي من اصل 150 مليون اصيبوا بالسرطان عام 2007 ونسمع عن فايروسات متكاثرة وإن كانت كاذبة في التهويل الاعلامي الا ان الامراض التي لا سبب لها كثرة تتكاثر وكل تلك الامراض لا سبب علمي لها ومختبرات الارض وهمم العلماء تناطح جدار المجهول على مدار الساعة وكل ذلك مسموع (افلا تسمعون) لنعرف ان ضياء مصابيح الكهرباء خروج على سنن الخلق .
الاسراف في استخدام الانارة الليلية والنهارية معا الان يصل حد الافراط وبالتأكيد فان زيادة التعرض الى ضياء المصابيح ليلا ونهارا يرينا التزايد المستمر في الاصابة بالسكري حتى نرى من الاستثناءات ان بعض الناس لا يعانون السكري بعد الاربعينات من اعمارهم ...
الله رب العالمين ... الرحمان ... (عالم + عالم) يناظرهما (رحم + رحم) فالعالمان (مادي ولا مادي) والرحمين (رحم مادي ورحم لا مادي) وتلك علوم مستقاة من خارطة خلق (قرءان) ولكن العلم وجهود العلماء محشورة فقط في (عالم مادي) ويرى العلماء الرحم المادي من خلال رصدهم للكون والمجرات نزولا عند عناصر المادة نزولا الى الذرة نزولا الى مكونات الذرة نزولا الى لبنات تكوينية في رصد هالة الميزونات ..!! الرحم اللامادي مهجور (غير معروف) وبالتالي يفقد العلماء هيمنتهم العلمية في مقود العالم المادي لضياع نظيره العقلاني اللامادي فكان شهير قولهم أن (العقل بلا جواب) فاصبحوا في طغيان خطير ونحن لهم طائعون ونسير على نهجهم في غفلة من امرنا ولا نستطيع استخدام المعيار الذي يعير خارجات البشر والعلم معا على سنن الخلق (الشيطنة) فلا يزال الشيطان في رواسخنا هو مخلوق مجهول (ضبابي) فاصبحنا طائعون لآلهة غير الله وقد ملئت منازلنا ومكاتبنا بضياء مأتي من غير الله ..!! فاصبحنا لا نسمع ولا نبصر رغم وجود (جيل وسط) عاش في الامس المتواضع (بدايات انتشار الحضارة) وهو يعيش اليوم ... الذاكرة تسعفنا حين نتذكر منازلنا قبل نصف قرن فانها لم تكن مضاءة كما هي اضاءة اليوم فقد حصل افراط في استخدام المصابيح الكهربائية مع اطراد زيادة الامراض العصرية في مجتمعاتنا ... فمن هو في اعمارنا (امة وسط) يرى ماضي الناس القريب ويرى حاضرهم ويستطيع ان يوفر مستلزمات الرؤيا (الابصار) ومستلزمات السمع ليكون للتذكرة القرءانية حضور ايجابي في يوميات الناس ...
الفوتون الصادر من الشمس (ضوء النهار) يلزم المسلم الصلاة منسكيا في خمس اوقات ... ذلك يؤكد ان الصلاة لها مؤثرات وقائية من فوتونات الشمس وذلك مؤكد بيقين قرءاني يربط الصلاة بضياء الشمس من بيان الخيط الابيض من الاسود لغاية غسق الليل... فهل الفوتونات الصناعية كمصابيح الكهرباء مطابقة لفوتونات الشمس ...!! حين عرف الانسان نشأتها من المصباح الكهربائي (رحم مادي) فهل يعرف الانسان نشأتها العقلانية (رحم عقلاني) ... العقل بلا جواب ... ولا احد يعرف من اي رحم عقلاني صدرت تلك الفوتونات الصناعية وعندما يكون السكري وضغط الدم امراض عقلانية فخلية السرطان خلية مجنونة وامتناع تصريف السكر من الدم وعلاقته بالعقل وارتفاع ضغط الدم عند الازمات النفسية جميعا هي منشآت نشأت في رحم عقلاني غير معروف ... الشمس كينونة عقل (مسخرة) لنا بنص شريف
(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (النحل:12)
فكيف يعقلون وهم القائلون أن (العقل بلا جواب) ... فوتون الشمس مختلف عن الفوتون الصناعي من مصباح الكهرباء وهي ضابطة عقل يمكن الامساك بها بدون حاجة الى لجان علمية وفرق من العلماء ومختبرات فحص وتواقيع رسمية فهي من معالجات عقل يعقل القرءان ... تلك كافية لقيام فكر مستقل يرى في القرءان حلولا لواحدة من اكبر الخارجات على السنن في ضياء صناعي منتشر ... الحلول لا تعني العودة الى ظلام الليل بل تعني نظم معالجة المخاطر التي تسببها الخارجات على النظم وفيها اجازة قرءانية في مثل ايوب عليه السلام حين مسه الشيطان بنصب وعذاب ...
القرءان يمنحنا فرصة الذكرى في فارقة النشيء (رحم العقل) بين الليل والنهار في نص تذكيري
(إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) (المزمل:6)
النشيء في الارحام يقينا ... فيكون نشيء رحم العقل لكل شيء في الكون في العالم المادي والعالم اللامادي ولعل اوضح فارقة بين نشيء الليل ونشيء النهار هو مخلوق النبات والعلماء يعرفون الكثير الا انهم ينشطون بلا هدي ولا يعرفون ان الله قد انزل القرءان وفيه تصريف لكل مثل ... اجروا العلماء تجربة على شخص متطوع عاش ستة اشهر في كابينة علمية في اعمق مناجم افريقيا وتم عزله تماما عن العالم الخارجي فلوحظ انه عاش يومياته بموجب منظومة الليل والنهار فهو ينام في الليل ويصحو في النهار رغم انه لا يمتلك ساعة ولا تاريخ ولا يعرف أي شيء فوق سطح المنجم الذي عاش في باطنه ..!!
(لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يّـس:40)
الليل لا يسبق النهار في النشيء فكل ما ينشأ في رحم المادة والعقل في النهار يستكمل في الليل فان خرج الانسان بعلومه وتقنياته على تلك المنظومة الثابتة في الخلق فهو شيطان والمتضرر من تلك المنهجية مصاب بمس الشيطان فيكون مثله مثل ايوب عليه السلام حين مسه الشيطان بنصب وعذاب ... والقرءان يرسم نظم المعالجة كما جعل الصلاة المنسكية مع ضياء الشمس في مواقيت يومية فهي (كتاب موقوت) واذا رسخ لدينا ان الكتاب هو دائرة التنفيذ لمنظومة الخلق عرفنا ان الصلاة (وعاء تنفيذي موقوت) أي كتاب موقوت مع ضياء الشمس .
لانمتلك قدرة على اقناع الاخر .. ولا نمتلك الحق في اقناع الآخر ... بل نمتلك حق التذكرة فالتذكير سنة نبوية شريفة يستن بها كل مسلم قال الشهادتين
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
الحاج عبود الخالدي
تعليق