أنفاق مدينة مكة والمنافقين
من أجل ان يكون الله خارج فاعلية التأرجح بين الشك
واليقين
واليقين
من الثابت ان مسارب الحيود الايماني تنمو في حارة الشك عند الأءدمي وعندما يتفعل الشك في العقل يقوم الحيود في الايمان بالخالق واوامره وتضعف طاعة الله وتهن طاعة رسوله ... عندما يعلن الملحدون هويتهم الالحادية فانهم سيكونون في منأى عن الخديعة فلا ينخدع بهم احد من الناس او المجتمع الذي يأويهم لانهم يعلنون الحادهم (كفرهم) ... اثارتنا هذه تخص ذوي العقول التي لا تعلن الالحاد الا انها ملحدة ذلك لان الله بصفاته الشريفة غير مستقر في عقول بعض العقائديين فهي تتقلب بين الشك واليقين وتخفي صفات الكفر فيهم فهم يخادعون الله والله خادعهم ولكن وجودهم في المجتمع يحمل خطورة كبيرة تضر كثيرا بالتجمعات الاسلامية وتنهش بجسد الوحدة الاسلامية
القرءان اطلق عليهم اسم المنافقين ومفرده (منافق) وجذر اللفظ (نفق ... نفوق .. نفاق .. منافق .. أنفق .. نفقة ... ينفق .. ينفقون .. منافقون) وهذا الرتل اللغوي في النطق يمثل خارطة اللسان العربي المبين في لفظ (نفق) حيث سنرى بيانه في سطور هذه الاثارة العقلانية التذكيرية
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (النساء:143)
القرءان تحدث عن المنافقين كثيرا وحمل النص الشريف عنهم صفة الإخبار والإعلام عن حقيقة ما جرى في زمن نزول الوحي وقد رسخ تاريخ القرءان تلك الصفة حتى ظن حملة القرءان انهم غير مشمولين ببيانات النفاق الورادة في النصوص القرءانية لانها تخص حقبة زمنية ظهر فيها النفاق وكأنه خاص بتلك الحقبة فقط فتحول الفهم الى ان تلك النصوص تخص بيان حالهم دون ان يكون للمثل القرءاني صفة تفعيلية لمعرفة تكوينة النفاق من خلال امثال القرءان لان الامثال القرءانية هي منهج خطاب الهي لغرض التفكر والتعقل (صناعة المادة العقلية) والتي تبقى فعالة ما دام الاسلام قائما والقرءان قائما وبرنامج الانسان قائما ايضا لان القرءان هو اخر كتاب سماوي ولن يكون بعده كتاب منزل اخر فهو لا بد ان يغطي متطلبات كل الحقب الزمنية ولا بد ان يغطي كافة التطورات التي تصاحب برنامج الانسان في هذا الكوكب ...
(وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)
ومن تلك الاجازة القرءانية تقوم واجبات عقلانية تفرض نفسها في زمن الحاجة اليها لقيام معيار عقلاني يفرز المنافقون الذين يتسربون في البنية المجتمعية الاسلامية فهم لا يعلنون كفرهم لانهم يتصفون بصفة (النفاق) وهو كما سنرى ان الله في عقولهم يتقلب بين الشك واليقين فهم (مذبذبين) وتلك الذبذبة تقيم علما يمكن ان يكون ذلك العلم مدخلا لفهم المثل الشريف أي (نعقل) المثل القرءاني من خلاله لان النص يدعونا للعلم بصفات المثل قبل التفكر به (وما يعقلها الا العالمون) ... فهم صفة الذبذبة يقع في فهم التذبذب بين الشك واليقين ... القرءان يمنحنا معيار عقلاني نستطيع من خلاله ان نقوم بتعيير عقول المنافقين عندما يكونون في وضع خاص بينه القرءان ووضع صفته بشكل مبين
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) (آل عمران:167)
مؤشر المعيار العقلاني الذي يضعه القرءان يعمل بوضوح عندما يكونون للكفر اقرب من الايمان وهو دستور علمي يكشف درجة حرارة المنافق عندما يراد منه القتال في سبيل الله او الدفع في سبيل الله وبالتالي سوف يقترب المنافق من حضيض ذبذبة الكفر فينكشف امره في تلك النقطة وذلك يعني انه لا ينكشف في اوج ذبذبة الايمان لانه مثل المؤمن يصلي وربما تراه خاشعا يرائي من حوله لانه في صلاة
(وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (لأنفال:35)
فصلاتهم تصدية لمواقفهم العقلانية ومكاء ولفظ مكاء من لفظ (مك .. مكة) فتكون الصلاة الكاذبة لامتصاص عقلانية من حوله انه واحد من المؤمنين ..!! من ذلك فان المنافق لا يعرف الا من خلال اقترابه من الكفر وقد أكد النص القرءاني ان معرفتهم تقوم من خلال صفاتهم الغالبة (سيماهم) او من خلال (لحن القول) وهو تأكيد لرقابتهم عند الاقتراب من الكفر ويحصل افتضاحهم من خلال مشيئة الهية
(وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) (محمد:30)
عندما يعرض عليهم القتال يقتربون من الكفر فيتفعل المؤشر الفاضح الذي يفضحهم ولكن القتال الذي نعرفه بالسيف غير متوفر كل حين فكيف نفهم المطلب الالهي المسطور في النص ...؟؟ سبق وان روجنا ان لفظ (القتل) لا يعني القتل الميكانيكي الذي نعرفه حصرا بل ذكرنا بتذكرة بينة كيف تكون مقاصد الله في لفظ (القتل) فهو (وقف فاعلية لوقف فاعلية اخرى) ومنها قتل العدو حيث نوقف فاعلية جسده (تمزيق جسده) لوقف فاعلية عدوانه علينا ومثلها قتل الحيوانات المؤذية فنقتلها ليس لحاجتنا في اجسادها بل نوقف اجسادها لوقف الايذاء الذي يصدر منها وبالتالي فالصيد لا يسمى قتلا لان الصياد يستفيد من جسد الصيد وهو هدفه اما قاتل الحشرات لا يقال له صياد الحشرات ... تلك فطرة لسان عربي مبين
من تلك المقاصد الاولية في العقل فان المنافق يكشف عقلانيته عندما يطلب منه وقف فاعلية معينة لوقف فاعلية اخرى والهدف هو في سبيل الله فانه سينكشف فلو ان احد المنافقين له دين في ذمة مؤمن معسر واراد مقاضاته لحبسه او لبيع منزله فان طلبنا منه وقف الاجراء والتريث بسداد الدين في سبيل الله لان المدين مؤمن ويحتاج الى ميسرة فانه سوف لن يوقف فاعليته (مقاضاته) لوقف ايذاء المؤمن لهدف هو في سبيل الله (تعالوا قاتلوا في سبيل الله) فالمنافقون لا يفعلون ذلك وبالتالي يظهر اللادين في عقله ونراه بسيماهم (صفتهم الغالبة) لانهم اقرب للكفر ... وتظهر صفة غالبة اخرى في لحن القول عندهم فيقول مثلا استرداد الدين يرضي الله فتراه يشطب من قراره ان المطلوب منه قتل وسيلته في المقاضاة في سبيل الله ايضا ولو قلت له أخرج من حيازتك مالا في سبيل الله أي (وقف حيازة المال) وادفعها لوجه الله سيكون للكفر اقرب ولن يوقف حيازته للمال (أو ادفعوا) ... ذلك مثل للتوضيح ولكنها كثيرة كثيرة في المنافقين فهي في السياسة او الهجرة او التعامل بالشبهات وتظهر عندما يتقدم فقير لخطبة ابنته فلا يقاتل في سبيل الله بل يرفض ان يزوج ابنته للفقير وهو يحمل صفة المؤمنين وكل تلك هي فاعليات لو طلبت من المنافق وقفها مثل وقف الهجرة لوقف ضياع الدين او العرض في الهجرة او وقف التعامل بالشبهات لوقف انتشار الشبهات بين الناس وكأنها عرف اسلامي مثل القروض الربوية او وقف النشاط السياسي لوقف تفعيل شراكة الوطن مع الله فتراه لن يشارك في القتال وينأى (قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُم) أي انهم ينفون صفة القتال في سبيل الله عن تلك الصفات فالهجرة الى ديار الكفر والدعارة عندهم لا تعني ضياع الدين والعرض (لا قتال فيها) والتعامل بالشبهات افتى به فلان وفلان (لا نعلم قتالا فيها) والعمل بالسياسة من اجل الناس ومستقبلهم (لا نعلم قتالا فيها) ... هنا يبرز المؤشر في المعيار القرءاني (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ) وهذا النص يؤكد ان الايمان موجود عندهم الا انهم الاقرب للكفر ..!! فهم منافقين ... فما هو نفق ونفاق ...
نفق ... في علم الحرف القرءاني هو (رابط فاعليه متنحية تبادلي النقل تبادلي الفعل)
نفق ميدان التحرير (مثلا) هو رابط لفاعلية متنحية (تحت الارض) يربط عملية نقل .. يتبادل الفاعلية لفعلين (ذهاب واياب) وسبحان ربنا كيف حفظ لنا الذكر في لفظ (الانفاق) ذو البناء العربي المبين فهي استخدامات عربية معاصرة ما كان لها وجود في السابق وذلك دليل ان الله يعلمنا النطق العربي وليس النطق من علوم مكتسبة ..!! كما يتصور الناس جميعا ... مدينة مكة الان مليئة بالانفاق كما كانت مليئة بالمنافقين (سبحان الله) وهنلك من يسمي مكة بمدينة الانفاق فما ان تخرج من نفق حتى تدخل نفقا اخر ..!! انفاق معاصرة ما كان لمثلها وجود قبل المكننة ...
نفق الطير او نفق الحيوان وهو يعني موته ... فعل (نفق) يعني (مات) يعني (حاوية مشغل لفاعلية متنحية) وليس (رابط فاعلية متنحية) لان فعل النفوق هو من مشغل تسبب في الموت ... الحيوان عندما ينفق (يموت) سيكون قد ارتبط بفاعلية تبادلية النقل تتبادل الفاعلية وهو عندما يكون سمادا للنبات حيث تنتقل مكونات الحيوان النافق الى النبات نقل تبادلي من خلال تفسخ الحيوان (تحلل) وهو (ذهاب) فيذهب الى النبات ويدخل في مكونات غلته فيعود الينا (اياب) فهو نقل تبادلي ذو فاعلية تبادلية ايضا غذاء للنبات وغذاء للبشر والحيوان ويعود مرة اخرى سمادا للارض (ذهاب واياب) ... عندما ينفق الحيوان (يموت) يصدر رائحة يكرهها الانسان مما تجبره على دفنه ويختار الناس مدافن الحيوانات النافقة قريبة من الاشجار ..!! تلك سنة خلق يمارسها الانسان طوعا من اجل السماد او كرها من اجل الخلاص من رائحة الحيوان النافق .. لذلك نجد فطرة العقل الناطق لا تقول للذبيحة صفة النفوق فهي حصرا في موت الحيوان فلا يؤكل بل يذهب نفقا في الارض ... !!
نفاق ... هو تفعيل للفاعلية التبادلية مثل (رسم) فيتفعل فيكون (رسام) حيث دل حرف الالف في اللفظ ان فاعلية الرسم تفعلت في رسام فيكون صفة (نفق) تتفعل في نفاق وهو في تفعيل تبادلية الفاعلية فالنفق تبادليته تتفعل بصفته كالرسم اما قيام الرسام بالرسم يعني تفعيل فاعلية الرسم فالذهاب في النفق لغرض الذهاب حصرا والاياب في النفق هو لغرض الاياب فالنفق يحمل صفة تبادل فاعلية الذهاب والاياب اما الذي يستخدم تلك الفاعلية لتفعيلها فيكون النفق نفاق حيث يكون (الذهاب والاياب) هدف المنافق (مذبذب) وهو الذي قام بتشغيل (النفاق) فيكون (منافق) فتتفعل صفة النقل التبادلي (ذهاب واياب) وهي صفة معروفة في المنافقين بيننا فالمنافق (يذهب) لزيد من الناس ويحشوه كلاما لغرض تثويره ومن ثم يقوم المنافق بسماع ما يسمع من زيد كردة فعل و (يعود) لعمر ويخبره بما قال زيد وعندما يرد عمر بكلام منه كردة فعل ياخذها المنافق لـ (يذهب) الى زيد مرة اخرى فيستخدم النفق في نفاق فيكون (منافق) ..!!
الانفاق في سبيل الله يقع في نفس المقاصد بشكل يقيني فالمنفق في سبيل الله يشغل النفق (ينفق) وليس النفاق وبالتالي سوف يقوم بتبخير امواله ومن ثم تتكثف يوم الحاجة اليها (قمطرير) يسترجع قطرات المطر ونرى ضرورة مراجعة ادراجنا (قطمير ... قمطرير) تحت الرابط التالي :
قطمير .. قــمـطـريـر
فالذي ينفق امواله في سبيل الله انما يقوم بربط امواله بفاعلية متنحية (سبيل الله) يتبادل من خلالها النقل اي (تعود اليه) ويتبادل الفاعلية ايضا في (فاعلية قربه لربه) و (فاعلية قرب ربه منه) وهو فعل القربى والقربان لله سبحانه بالصدقات وهي ينفق الاموال لانه استخدم النفق في المقاصد التكوينية للذهاب والاياب فالاموال التي ذهبت تعود ..!! وهو يقترب من ربه بما ينفق من ماله وربه يقترب منه لانه ينفق من ماله ونحن في اروع ما يمسكه اللسان العربي المبين عندما يتحدى العقل الذي يتصور ان النطق من صناعة بشر ... كيف اتفق البشر على مثل هذا الاتفاق حتى تكون مكة مدينة الانفاق ..!! انها اية تتكلم ... ناطقة ... تنطق ... فهي بلد المنافقين الذين نافقوا كثيرا يوم نزل القرءان فيهم حتى هجرهم المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وعاد اليهم فاتحا و (طلقهم) فقال لاهل مكة انتم (الطلقاء) فجعلها الفكر الاسلامي التقليدي صفة حسنة فيهم فما هي بحسنة فالطليق هو متحلل الروابط ومثله المرأة المطلقة فطلاقها دليل تحلل الرابطة الزوجية وكان اهل مكة (طلقاء) الرسول وعلى المسلمين ان يعرفوا حقائق اليوم ليفهموا حقائق الماضي بناظور معاصر لتقوم ثقافة فكرية اسلامية غير مشوبة بالريب ..!!
مكة مدينة الانفاق في زمن معاصر بمكننة معاصرة ونحن نقرأ النفاق في نفق وينقل لنا بعضا من تراث الفكر الاسلامي روايات في كراهة السكن الدائم في مكة ...!!
رغم انها تذكرة قاسية الا ان لقساوتها منفعة ترتجى
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
الحاج عبود الخالدي
تعليق