حرج الصدر وكتاب الله
من أجل قرءان يتلى في يوم معاصر
(كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (لأعراف:2)
في هذه الاثارة التذكيرية يرد لفظ (الكتاب) بصفته المنزلة ولم يرد لفظ القرءان حيث جاء مع القرءان وصف آخر
(طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرءانَ لِتَشْقَى) (طـه:2)
النص القرءاني يذكرنا من خلال نصوصه المذكرة أن
الكتاب : منع الحرج منه بعد نزوله (فلا يكن في صدرك حرج)
القرءان : نفي الشقاء من نزوله (لتشقى)
في هذه البؤرة التذكيرية يمنح النص الشريف عقل حامل القرءان فرصة التفريق التكوينية بين الكتاب والقرءان لغرض فهم البرنامج الرسالي بشكل مباشر من القرءان بصفته دستور اسلامي لا يرقى اليه الريب فهو (لا ريب فيه)
الكتاب هو البرنامج التنفيذي لمنظومة الخلق الاجمالية كما روجنا له في ادراج تحت عنوان (الكتاب والقرءان والذكر) ... القرءان يمثل خارطة المصمم الخالق لتلك النظم ... بين القرءان والكتاب ترابط حتمي مباشر من خلال كل نقطة من نقاط التنفيذ مثله مثل خرائط المهندسين التي تصاحب نشاطهم في كل مفصل من مفاصل التنفيذ .. ننصح بمراجعة ادراجنا
الكتاب والقرءان والذكر
عندما تتفعل الذاكرة في النص نرى في حياتنا اليومية شقاء المهندس عندما تلقى عليه خرائط تصميمية هائلة ويراد منه احتواء مضامينها فيحصل الشقاء والله سبحانه يرفع الشقاء عن المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام كما يرفع الشقاء عن كل حامل للقرءان وفيه أن تلك النظم لن تكون للاحتواء الموضوعي الاجمالي بل هي لغرض الأنذار به ليكون للتذكير (لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) ففي مثلنا مع شقاء المهندس يذكرنا النص أن ايها المهندسون هنا خزانة الخرائط (قرءان) تنذركم أن تعملوا بموجبها ونظم الخلق لن تكون كيفية التنفيذ بما تشتهي عقولكم (انذار) ... فهي ذكرى للعارفين بها (المؤمنون) لان القرءان يؤكد ان الذكرى لا تنفع غير المؤمنين
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
وعندما يبدأ تنفيذ البرنامج الالهي المسطور في القرءان يكون (الكتاب) فان الحرج في الصدر قد يقوم لان الناس لا يطبقون سنن الخلق .. ينافقون ... يكذبون .. يقولون اسلمنا ولم يؤمنوا ... مردوا على الشقاق ... والله يرفع الحرج من خلال تكوينة نافذية نظم الخلق وفيه تذكير يشرح تلك الصفات التي تقيم الحرج في الصدر من الكتاب التنفيذي فيكون البرنامج بيد الله ايضا في جانبه المحرج للصدر .
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
ففي هذا النص الشريف يؤكد البرنامج الالهي (الكتاب) ان الخرائط التصميمية للخلق (قرءان) لن تكون سائبة الحيازة لكل اصناف الناس فهي حصرا للذين آمنوا شرط ان يكونوا من المطهرين فعملية تأهيل التقوى وتأهيل المغفرة بيد الله (هو اهل التقوى وأهل المغفرة) وقد وضع في خارطة التصميم شروط التأهيل .
(إِنَّهُ لَقُرءانٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79)
عملية التذكر العقلاني تقع في الجانب التنفيذي (كتاب) ولن تكون في الجانب التصميمي (قرءان) ... بمجرد قيام عملية التذكر بالقرءان يقوم الكتاب التنفيذي وعند عدم التذكر (وما يذكرون) يقوم الكتاب التنفيذي ايضا ومن ذلك التخريج الفكري التذكيري يتضح لنا كيف يكون (قرءان) في (كتاب) مكنون ومن تلك الاثارة العميقة في النص الشريف يتضح أن
عملية التذكر + عملية اللاذكر (ما يذكرون) كلاهما في وعاء الكتاب التنفيذي ومسيطر عليها من قبل الله بشكل مباشر وبنصوص داعمة كبرى داعمة للعقل
(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (البقرة:213)
الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ وهو نص تأكيدي يؤكد صفة نفاذية الكتاب فهو (ليحكم بين الناس) ولن يكون (ليحتكموا به) فهو المتحكم بالناس وبمباشرة الهية من خلال وسعة كرسيه الشامل لكل السماوات والارض
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:258)
فالله يهدي في اخر الاية 213 من البقرة ... والله لا يهدي في الاية 258 من البقرة ... الوصفان هما فعلان من مصدر واحد هو الله ولكل منهما شروط مسطورة في خارطة الخالق قرءان تتحول الى وعاء التنفيذ (كتاب) فيكون القرءان في الكتاب ببداهة عقل ... ذلك في وعاء التنفيذ (كتاب) وهو يرتبط مع (وما يذكرون) ومع (الذكرى تنفع المؤمنين) مع الشروط التصميمية التي ينثرها القرءان في نصوصه فيكون القرءان بصفته خارطة تصميمية يهدي للتي اقوم فهو ذو ذكر عظيم وعندما يهدي الله عباده فيذكرون بامره فيرتفع عن حامل القرءان حرج الصدر والشقاء وعندما يرتفع الحرج والشقاء تهدأ النفس ويختفي التطرف عند حامل القرءان فيتذكر أن (لله الامر جميعا) وإن يذكر ... فهو في توفيق ربه .. اذا تصور العقل البشري أنه قادر على هدي الظالمين او الضالين فذلك يعني ان القرءان لم يذكره وهو انما يرسم خارطة للخلق من عنده ولم يقر بخارطة الخالق المسطورة في القرءان
(أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى) (عبس:4)
الحاج عبود الخالدي
تعليق