هل أتاك حديث (( اليس)) ..!!
أليس .. انها واحدة من الكلمات التي تحفل بالدلالات المختلفة والوظائف المتعددة ، فهي اسم وفعل وحرف ، وهي صفة مدح وصفة ذم في آن واحد .
وهي كلمة بسيطة ومركبة أيضا ، وهي من الآضداد ، اذ تحمل معنى الوجود كما تحمل معنى العدم .
اما (( ليس )) الاسم معناها : لزم البت والمكث فيه دون الخروج منه نوهي لذلك إثبات لا نفي .
والليس : الشدة ، تقول (( ابل لِيس على الحوض )) اذا قامت عليه فلم تبرحه .وتقول : (( رجل أَلْيس )) وتعني بها الرجل الذي لا يبرح بيته ، وقد اطلق الاعراب هذه الصفة على الديوث الذي لا يغار ، والكلمة في الحالين ذم ، لكنها تعني المدح أيضا : (( فا لليَّس ْ معناها الشجاعة ، والصفة منها (( أَلْيَس )) بمعنى شجاع . وفلان (( أليس )) تعني حسن الخلق ! واذا عدنا الى قاعدة ( تصاقب الالفاظ لتصاقب المعاني ) التي قال بها ابن جني وجدنا ان (( الَّلْيس )) و (( الليث )) متقاربتان لفظا فلا اختلاف بينهما الا في الحرف الاخير في كليهما . وهما في الوقت نفسه متقاربتان في المعنى . بل متحدتان ، فالليس والليث تعنيان الشدة والقوة ، أو الشديد القوي ، وقد سمي الآسد ليثاً لشدته وقوة بأسه .
والََّيَس ـ محركة ـ الشجاعة والشدة كما جاء في تاج العروس .وهو أَلْيسَ ، أي شجاع بيّن الشجاعة ، من قوم لِيْسٍِ ، أي من قوم يتصفون بالشجاعة ,
وقد ورد في معاجم اللغة قول العرب للشجاع : هو (( أَهْيَس أَلْيَس )) ، ولقد كان في الآصل (( أَهْوَس أَلْوَس )) ، فلما ازدوج الكلام قلبوا الواو ياء فقالوا : أَهْيَس .
وقد تستعمل للذم فيقصدون بـ (( الآَهْيَس )) الكثير الاكل ، و بـ (( الآَلْيَس)) القُعَدَة )) الذي لا يبرح بيته .
واما سيبويه فقال في الكتاب : (( ليس )) للنفي ، فهي كلمة ينفى بها في الحال ، وهي فعل ولكنه ناقص . وقد قيل في أصله انه على وزن ( فَعِلَ) كفرح ، سكنت ياؤه استثقالا .
وقال ابن سيده : أصلها ليست (( بكسر الياء )) فسكنت استثقالا ، ولم تقلب الياء ايضا لانها لا تتصرف ، فليس لها مستقبل ولا اسم فاعل ولا مصدر ولا اشتقاق . ولما لم تتصرف تصرف أخواتها جعلت بمنزلة ما ليس بالفعل نحو : ليت . وقد استدل على انها فعل ـ على الرغم انها لا تتصرف تصرف الافعال ـ من قبولها بعض لوازم الفعل مثل قولهم : لست ولستما ولستم ، فان اضافة الضمائر المتصلة من خصائص الافعال .
توقف الازهري عند مسالة تصريفها فقال : وقد صرفوا (( ليس )) تصريف الفعل الماضي ، فثنوا وجمعوا وانثوا فقالوا ( ليس ،ليسوا ، ليسا ، وليست المرأة ولسن )) , ولم يصرفوها في المستقبل .قالوا لست أفعل ، ولسنا نفعل . ولقد جعلتها العرب من عوامل الافعال نحو كان واخواتها ، حيث ترفع الاسم وتنصب الخبر ، الا ان ( الباء ) تدخل في خبرها دون اخواتها .
تقول : ليس الرجل بمستبق اخاه اللئيم ، فالياء لتعدية الفعل وتاكيد النفي ، كما جاء في اللسان .
ولك لا تدخل عليها الباء لان المؤكد يمكن الاستغناء عنه ن ولان الآفعال ما يتعدى بحرف جر مرة ، وبغير حرف جر مرة أخرى كقولك : اشتقتك واشتقت اليك .
ومن خصائص (( ليس )) الا يجوز تقديم خبرها عليها كما جاز في اخواتها . يصح ان تقول : ( محسنا كان زيد ) ،ولا يصح أن تقول ( محسنا ليس زيد ) .
قيل في اصل (( ليس )) انها تتكون من : ( لا أَيْس ) طرحت الهمزة وألصقت اللام بالياء . وهذا ما قاله الخليل والقراء . ولقد عزز القراء مذهبه بقوله : والدليل على ذلك قولهم ( أي العرب ) : أئتني به من حيث ( أيس وليس ) ، أي من حيث هو ولا هو . وكذلك قولهم : ( جيء بهم من ايس وليس ) .
وقد عقب الدكتور ابراهيم السامرائي على هذا التفسير بقوله : ربما كان معنى ( الايس ) معروفا عند الفلاسفة ، فقد استعملها الكندي الفيلسوف في ( الرسالة الاولى ) في مصطلح (( الآيسْيِة ّ )) وهي الوجود ضد (( اللَّيْسيّة )) هي العدم . ومن طبيعة تكوينها من (( لا )) و (( أيس )) نعرف ان ليس مركبة لا بسيطة . وهي على ذلك ليست فعلا . لكنها حين ركبت هذا التركيب المتداخل اشبهت الفعل في قبول لوازمه .
وليس حرف استثناء ، وقد قال ذالك ابن سيدة وغيره . تقول : ( اتى القوم ليس زيدا ) أي ليس الاتي زيدا . ولك ان تقول : ( جاءني القوم ليسك ) وتقديره الا انت . يقول ابن منظور : والعرب تستثني بليس فتقول : (( قام القوم ليس اخاك وليس اخويك )) ، ( وقام النسوة ليس هندا ) ، ( وقام القوم ليسي وليسني وليس اياي ) ، الا ان المضمر احسن ، وبذلك قال الكسائي أيضا .) انتهى . ( كتبه الدكتور حسن عباس )
بعد هذه النزهة الممتعة في مختلف دلالات لفظ ( ليس ) .. ابتداءا كونها من اصل : ( لا أَيْس ) ... الى قولهم في ((( الآيسْيِة ّ )) ،(( اللَّيْسيّة )) ، و ( أيس وليس ) ، و ( ليسك ) ، (( الآَهْيَس )) و ((( الآَلْيَس)) ، و (( ابل لِيس على الحوض )).. الخ .
نقف ... منبهرين لنسال ... كيف اشتق لفظ ( ابليس ) من ( أب .. ليس )
ونقرا والعديد من الآيات القرءانية التي حضر بها هذا اللفظ ( ليس ) بشكل عجيب
يقول الحق تعالى (واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاه ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا ان الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا )النساء :101
( اليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد)
الزمر :36
(ليسوا سواء من اهل الكتاب امه قائمه يتلون ايات الله اناء الليل وهم يسجدون )آل عمران : 113 )
هي دوحة مفتوحة للتدبر .. في لفظ ( ليس ) ... وآيات الله ..
شكرا لانصاتكم
سلام عليكم
تعليق