السبح والتسبيح في ثقافة الدين
من أجل تطبيقات دينية معاصرة
دأب المسلمون على ممارسة منسك التسبيح من خلال ترديد (سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله اكبر) او الاكتفاء بذكر (سبحان الله) بتكرار عددي واشهر الاعداد هي (99) مرة بعدد اسماء الله الحسنى وقد ابتكروا وسيلة العداد من خلال (مسبحة) تحوي 99 حبة صغيرة الحجم كروية الشكل من سيراميك مثقوب يجمعها خيط رابط او من حبات الفاصوليا او من حبيبات اللوبياء المقلاة بالزيت لمنحها صلادة وسلاسة تقليبها بين الاصابع بعد ان تثقب كل حبة لتكون في خيط وبمجملها تسمى (مسبحة) لانها تشغل عداد التسبيح (سبحان الله) لـ 99 مرة في كل (ذكرى وتسبيح) خصوصا بعد الصلاة او في منسك الاعتكاف ... تلك السنة كانت مختلفة عن النصارى واليهود فهم يستخدمون عداد من الحصى الصغيرة لا يجمعها خيط رابط بل توضع في جيب الاسقف ومع كل ترنيمة يسحب القس حصية ليضعها في جيبه الاخر الا ان المسلمين طوروا (المسبحة) ...!!
هل يمكن ان يكون التسبيح على شكل انشودة كلامية يرددها العابد لينال رضا الله ...؟؟ العقل المؤمن قد يقبلها كسنة تربوية للعابد تزيد من فاعلية وجدان العابد خضوعا لله في أوامره وعبادته الا ان العقل المعاصر سوف يستهجن تلك المنهجية الكلامية في العبادة وهي تكاد تضمحل في زمن التلفزيون فالناس بهرتهم التطبيقات العلمية فابتعدوا عن الروحانيات يضاف اليه ان وجدان العابد يدرك ان الله سبحانه يعتمد (الاعمال) الصالحة ولم يخبرنا القرءان ان الكلام الصالح لوحده عبادة مرضية عند الله ... فهل التسبيح لفظا يقترن بعمل صالح يخص حالة تعبدية ..؟؟ هذا ما نأمل تثويره في هذه التذكرة
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) (الأعلى:1)
عندما يقرأ حامل القرءان النص الشريف اعلاه يبادر الى قول (سبحان الله) ويكون قد نفذ امرا الهيا في التسبيح من خلال ذكر الاسم الشريف (الله) وتلك الفاعلية في النطق (سبحان الله) تنطلق مع أي تعظيم لذكر الله فكل قول يظهر فيه الاسم الشريف تلتحق به عبارة (سبحانه) فيقول القائل في ذكر (الله سبحانه وتعالى) تعظيما وتفخيما لذكر الاسم الشريف .
تدبر النص لا بد ان يقع في واحة (اللسان العربي المبين) ذلك لان الخطاب القرءاني منصهر في اللسان العربي والذي يتصف بصفة (المبين) بموجب إخبار الهي مفروض على حامل القرءان ومن تلك الراشدة التي رشدت في القرءان بشكل واضح يقوم التدبر في تثوير لفظ (اسم) ... فما هو الاسم في اللسان العربي المبين .. ؟
اسم في علم الحرف القرءاني يعني (مشغل تكويني غالب) وهو ما نلمسه باسمائنا الشخصية فهي تلتصق بالولادة ولا يمكن ان يولد انسان ما لم يرتبط به (اسم) يكون ذا رابط (تكويني) بالوليد يكون (غالبا) ونرى غلبته حين نرى ان كل الاسماء والصفات التي يتصف بها الانسان تفقد فاعلياتها الغالبة الا ان اسمه يبقى فعالا فتختفي اسماء الدلع وتختفي الصفات التي يتصف بها الانسان في مسار حياته ويطغى اسمه فيكون الاسم كما وصفناه في منشوراتنا بان الاسم يعني (الصفة الغالبة) فان كان الشخص بخيل الصفة الا ان اسمه (كريم) فيبقى اسمه غالبا باعتبارها صفة (غالبة) أي (فعالة) فاسمه (كريم) يغلب صفته (بخيل) ... عندما تغلب الشهرة وتتحول الى كنية فتكون صفتها (الاغلب) فتغلب الاسم وتتحول الكنية او الشهرة الى (اسم) لانها الصفة الاكثر غبلة كما في اسم الرسول عليه افضل الصلاة والسلام حيث غلبت شهرته اسمه وكما هو حال عمه (ابا طالب) الذي اختفى اسمه فحل محله اسم ابي طالب لغلبته على ما قبله من مسمى ... تلك كانت معالجة فطرية تدعم تخريجات علم الحرف القرءاني التي تقدمت على مرابط فطرتنا الناطقه .
ربك ... في علم الحرف القرءاني (ماسكة وسيلة قبض) وهي في الفطرة لو قلنا (طبيبك) فهو يعني ماسكة تمسك التطبيب من خلال (طبيبك) وبما ان الله خالق كل شيء فان (ربك) تكون (ماسكة وسيلة قبض الحاجات ) وهي حاجات خلقها الله فلا شيء في الوجود الا وان يكون الله خالقه فتكون الربوبية الالهية ممثلة بماسكات الوسيلة القابضة لكل شخص فاصبح الخطاب (ربك) لان الحاجات حين تقبض تقبض فرادى ولكل فرد حاجته من نظم الخلق الاجمالي ... ننصح بمراجعة ادراجنا الذي يفرق بين (الماسكة والوسيلة) في عنوان (لفظ كفر في اللسان العربي المبين) في قسم علوم اللغة
لفظ (كفر) في اللسان العربي المبين
كما ننصح بمراجعة ادراجنا (الرب والربا) في دوحة الثقافة الاسلامية
الرب .. والربا ...!
تدبر النصوص القرءانية يمنح قاريء القرءان فرصة التعرف على المقاصد الالهية الشريفة التي يحتاج اليها المسلم في ثقافته الاسلامية التي تنقلب الى تطبيقات يومية تلتصق في نشاطه اليومي فيكون الملسم مسلما سالما من أي تصدعات تخدش العلاقة بينه وبين خالقه من خلال تصدع الماسكات التي تمثل وسيلة الله في الخلق اي ان علاقة العبد بربه تخضع الى حسن او سوء استخدام (عجينة الحياة) التي خلقها الله ووصفها بصفة (صراط الله المستقيم) ونرى في النص (الاستقامة) بين مفهومي الله والرب
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الاحقاف:13)
وهنا ربط يقوم بالقول الرابط فالقول هو رابط يربط مقاصد القائل بعقلانية السامع فهو (رابط) بين مفهوم الله ومفهوم الرب في الذين يقولون (يربطون) الرب بالله حين يكون لكل حاجة من حاجاتهم قناعة ان تلك الحاجات والاموال والشمس والقمر والسنن هي من خلق الله وان الانسان في مجمل نشاطاته انما يحوز مخلوقات خلقها الله وخدمات خلقها الله فالعبد العارف لتلك المرابط انما هو (يسبح) في مخلوقات ونظم الهية التكوين والهية الادارة ايضا ... حب الام لوليدها هو خلق الهي وانفاق الاب على وليده هو خلق الهي وان النطق هو خلق الهي وان المعرفة وان عرفنا اياها معلم الا انها نظم الهية وكل نشاط وكل حاجه وكل نظرة وكل شربة ماء انما هي خلق الهي وصفه الله (الاعلى) فهل صفة الاعلى في الله تمتاز بواصفة العلو الجغرافي ام ان صفة العلوية فيه صفة غير جغرافية ...؟؟ .. ذلك يعني هل ان صفة اعلى هي ضديد لصفة اسفل او تحت ..؟؟ .. الله ملأ اركان كل شيء وهو في استراليا الان (مثلا) واستراليا هي تحتنا وليس فوقنا لانها في النصف الجنوبي من الكرة الارضية فكيف يكون الله علويا وهو تحتنا في ناظور (الاسفل والاعلى) الجغرافي ..؟ ... الناس جميعا يتصورون ان الله في السماء (اعلى) حتى انهم يصفون كل امر الهي بانه امر سماوي (علوي) ونقرأ القرءان
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:115)
فكيف تكون علوية الله ..؟؟ وهل النفط المستخرج من تحت الارض بالاف الامتار عمقا هو من صنع غير الهي ولن نرى وجه الله فيه ..؟؟ انها تثويرات عقل (تفكر) أي انها فاعلية عقل النص القرءاني والقرءان يكثر بطلب التفكر و(لعلهم) يتفكرون ولو عرفنا (لعلهم) الواردة في القرءان مقرونة بالتفكر لوجدنا ان اللفظ (لعلهم) لا يعني التمني فالله لا يتمنى وهو القدير على كل شيء ومثلها حين يكون لفظ (لعل) يعني الاحتمالية في معارفنا الا ان الله سبحانه منزه عن الاحتمالية فيما يريد بل يقول للشيء (كن فيكون) الا ان تدبر القرءان بقلوب غير مقفلة في تبصرة تقيم ذكرى ومنها يكون الفهم ان لفظ (لعلهم) يعني حيازة (العلة) فمثلها حين نقول (لشربهم) تعني (ليحوزوا شربهم) وعندما نقول (لمأكلهم) يعني (لحيازة المأكل) وحين نقول (لعلمهم) يعني (لحيازة العلم) فتكون (لعلهم) يعني (لحيازة العلة في تفكرهم) فيكون (لعلهم يتفكرون) في فهم تدبري مستبصر في القرءان (ليحوزوا العلة بالتفكر) ... اذن سيكون لفظ (أعلى) هو (مشغل عل) وهو مشغل العلة في حاجات الناس كلها ... حنين الام على اولادها (علة تربوية) فطرها الله في البشر ذلك لان الانسان الصغير لا يمتلك قدرة تأمين حاجاته فيقوم الابوين بحنان على صغيرهما في تربيته واطعامه وتنظيفه وتدفئته حتى يتمكن من حاجاته من خلال ابويه وتلك (علة) تربوية فيكون الله (مشغل العلة) فهو (أعلى) والعلة واسعة بحيث تشمل تلك العلة ان الكبار جميعا يعطفون على الصغير فطريا والفطرة فطرها الله في خلقه ..!!
الانسان بمجمل انشطته وحاجاته وتفكره العقلاني وعلاقاته بالناس والنبات والحيوان والارض بما فيها انما (يسبح) في (ماسكات وسيلة قبض) وهي اسم اي (صفة غالبة) ترتبط بصفة العلة (الاعلى) فيكون رصد تلك الاية (حيز فعال) في
سبح اسم ربك الاعلى
سبح + مشغل تكوين فاعلة + ماسكة وسيلة قبض + العلة
فاذا ربطنا عقولنا ان (ربنا الله) فان الاستقامة ستكون في السبح ... فما هو السبح ... السبح في علم الحرف القرءاني هو (فائقية غالبة القبض) ونرى ذلك بوضوح فطري في عملية السبح في الماء فان لم يقوم السابح بفاعلية فائقة ليقبض الهواء فانه يموت غرقا ..!! عملية قبض الهواء تلزم السابح ان يكون مرتبطا بـ (العلة) عندما يكون في الماء لان وجوده في الماء يرتبط بـ (قوانين فيزيائية) تتعلق بعلة الاجسام الطافية والمغمورة وبما ان قبض الهواء عند السابح هي عملية تحتاج الى فائقية فعل ليكون جسمه طافيا بموجب علل اختلاف (الكثافة) بين جسم السابح والماء ونرى تلك الصفة بوضوح فطري كبير في (البحر الميت) في المملكة الاردنية حيث تختفي (العلة) فلا يحتاج الانسان الى عملية (السبح) في البحر الميت ونرى في شاشات التلفزيون في الدعاية السياحية للبحر الميت اناس في البحر لا يسبحون وشاهدنا احدهم (مثلا) كان مستلقيا في ماء البحر وهو يمسك صحيفة يومية بيديه ولا يسبح لانه لا يحتاج الى فائقية فعل قابض فهو يقبض الهواء دون غرق لان كثافة البحر الميت اكثر من كثافة جسم الانسان (علة) ...
الذين قالوا ربنا الله ثم (سبحوا) بـ (اسم) ربهم (الاعلى) انما استقاموا (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) فالسبح باسم ربنا ليس نشيدا عقائديا بل في تطابق مع سنن خلقها الله في المأكل والمشرب والملبس والجنس والسكن و .. و .. و . . و ... و علل كثيرة تربط انشطة الناس وحاجاتهم يغرق فيها الانسان ان لم يستخدم (الغلبة الفائقة القبض) أي (سبح) وبالتالي فان الموعودين باللاخوف واللاحزن هم السابحين (فاعلين فائقي القبض لـ علل التكوين)
ندعو اخوتنا المتابعين اعادة الاطلاع على مسلسل (اليوم اكملت لكم دينكم) حيث سيكون لمفاهيم الحرمات في المأكل معنى (السباحة باسم الرب الاعلى) حيث تكون القابضات للماسكة في المأكل مبنية على علل تكوينية وان لم يسبح الانسان في تلك النظم فانه يغرق في بحر نظم الخلق عندما لا يطابق عللها في نشاطه كما هو الغارق في البحر ... !!
تلك ذكرى لمن يريد ان يعرف ان ربه الله (الاعلى) فيستقيم وتلك هي ذكرى التسبيح وذلك لايعني وقف التسبيح الكلامي لانه ينفع في تربية عقائدية ايمانية الا ان التسبيح الكلامي المتعدد (سبحان الله .. سبحان الله) لا يوقف مرض السرطان في جسد من يأكل ميتة الاغذية الكيميائية ذلك لان المسبح قولا انما خالف (علة المأكل) ولم (يعظم حرمات الله) فلا ينفعه ترديد كلمة سبحان الله لو قرئها في اليوم مليون مليون مره ولو قضى الليل والنهار يسبح بلسانه ليشفى ذلك لان المريض انما خرج عن صراط ربه فمرض وصراط الله معلول برب اعلى والخروج عليه لا ينفع فيه تسبيح كلامي ولا ينفع فيه دعاء
(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (الحج:30)
التعظيم للحرمات لا يعني تفخيمها فالتفخيم ليس بشيء في (سبح) بل لفظ (عظيم) يعني (استكمال نتاج حيازة) فالملك العظيم هو الملك الذي يستكمل نتاج حيازته لعرش السلطنة والطبيب العظيم هو الذي يستكمل نتاج حيازته لعلوم الطب ومثله القائد العظيم الذي يستكمل حيازة صفة القيادة ... تعظيم حرمات الله يعني (احتواء مستكملات وسيلة حيازة الحرمات) .. حيازة الحرمات فيها (سبح) السبح بـ (اسم) الله (الأعلى) فمن يعظم حرمات الله انما مسك وسيلة علة المحرمات وعندما يمسك بوسيلة المحرمات في سرطان او سكري فأنه سيسبح أي سيهجر المحرمات وهو يعني توافقية مع (العلة) التي بموجبها قام التحريم وهو (سبح اسم ربك الاعلى) ... نرى تلك الصفة في من يريد ان يعبر نهرا فهو يعرف ان عبور النهر فيه خطر الغرق والموت غرقا (علة) فهو اما ان يرفض العبور ويبحث عن معبر مادي كزورق او جسر واما ان (يسبح) وفي كلا الحالتين يكون قد (هجر) ضرر معلول بالسوء ..
(إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً) (الانسان:29)
الحاج عبود الخالدي
تعليق