استراتيجية الجهاد في الفكر العقائدي
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
ظهور السيف في صدر الاسلام الاول كوسيلة لنشر الدين اصبح شعارا عقائديا بين جمهور المسلمين وجعل من السيف منطقا ممنطقا بالعقيدة بشكل ملفت للنظر .
الفتوحات الاسلامية اقامت دولة الاسلام في اكبر رقعة جغرافية مسكونة في الارض وعلا صيت تلك الدولة في نزعة نصر كبير تحققت تحت راية اسلامية وكانت بوسيلة السيف .
هذه الراصدة لتاريخ الاسلام والصفات الملتحقة بها مشهورة بين الناس شهرة كبرى ويتداولها الناس والخطباء ويتحدث عنها التاريخ بزهو كبير .. ولكن ... هل تلك الراصدة تتوائم مع العقيدة الاسلامية بحق ..؟
(لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:256)
مع هذا النص الشريف (لا إكراه في الدين) تقوم ثائرة في العقل عن مدى حقيقة السيف الاسلامي في نشر الدعوة الاسلامية وكيف يقوم الانضباط الفكري بين نقيضين فكريين الاول عقائدي (لا اكراه) والثاني قوة سيف واحتلال ارض ..؟
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)(البقرة: من الآية272)
في هذا النص الشريف يؤكد القرءان صلاحيات الرسالة المحمدية الشريفة في شخص المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام ان (ليس عليك هداهم) فكيف يكون السيف والغزو من اجل نشر الدين الاسلامي ..؟
(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56)
ومن هذا المنطلق العقائدي تزداد خطورة الثائرة الفكرية في القتل من اجل نشر الدين في الامصار .. فتكون نظرية السيف الاسلامي في قناة ضيقة في العقل تحتاج الى وسعة بيان .
(أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً)(الرعد: من الآية31)
(وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(البقرة: من الآية213)
(لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (النور:46)
الاسلام هو وعاء الهداية وهو السراط المستقيم بنص قرءاني دستوري واضح
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الاِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)
فاذا كانت تلك هي استراتيجية عقائدية فاين يكون السيف الاسلامي من تلك الاستراتيجية وكيف يكون الاحتقان الفكري في بدر واحد والاحزاب وفتح مكة .؟؟
اذن هي ازمة فكرية وان لم يعالجها الاولون فلن تكون ازمة مجمدة لا حراك فيها ولا ننتظر ان نناقش السابقين ليجيبوا على مثل تلك التساؤلات لانهم عاشوا ايامهم ونحن نعيش اياما غيرها ولم تكن لتلك الازمة الفكرية في حياتهم حضورا وليس لها مؤثرات سلبية وان وجدت فهي تكاد تهمل والسبب يعود الى حاضرنا نحن وفيه صراع حضاري بين الاسلام وحضارات اخرى وفكر يتجدد في مناهضة اسلامية تصف المسلمين بالقتلة .. !!
المسلمون يحتاجون الى استراتيجية عقائدية حق لتكون دستورا يزرعه الاباء في الابناء لمعرفة الواجب الاسلامي الملقى على المسلم ومعرفة الواجب التبليغي الذي يتصدى له الفكر الاسلامي للرد على الهجمات العدوانية على الاسلام واهله ..
تلك الاستراتيجية العقائدية مفقودة مما دفع بالمسلمين الى التشرذم الفكري في جماعات جعلت من السيف منطقا جهاديا وواجبا شرعيا فكان القتل يقع في قلب استراتيجية عقائدية معلنة اعلنت نفسها من خلال تفجيرات ومداهمات تحمل هوية عقائدية اسلامية تتغنى بفتوحات الاسلام مثل (امارة افغانستان الاسلامية) واميرها امير المؤمنين وغيرها في قاموس الحدث المعاصر كثير ... فان كان ماقاموا به هو الحق فوجب علينا الجهاد معهم بالمال وبالنفس واذا كان تنظيرهم الجهادي خارج الاستراتيجية الاسلامية الحق فان واجب الاباء تحصين الابناء من نشاط لا تصادق عليه العقيدة ..!!
غياب المنهج الجهادي المرتبط باستراتيجية عقائدية مستحلبة من دستور ليس فيه عوج (القرءان) لن يكون موصوفة اجهاض بل حافز ترشيدي يرشد الفكر الاسلامي في البحث عن ناصية رشاد للعقل المسلم مع موضوعية الجهاد
من هذا المنطلق الفكري تقوم حاجة تنظيرية في صلاحيات السيف الاسلامي وبيد من تكون وكيف تكون واذا بقيت صلاحيات السيف العقائدي مشاعة بين المسلمين فان المسلمون سيكونون سيافين قتلة وفق احدث هجمة عدائية للاسلام ويكون الاسلام خطرا على المسلمين انفسهم ولن يكون رحمة لهم كما حصل للتجمعات الاسلامية في اوربا ابان سعير الحرب الثقافية على الاسلام قبيل احتلال افغانستان وبعدها .
ولا ننسى ولا نتناسى ان صلاحيات الجهاد ان بقيت بيد المسلمين دون قيد او شرط فان تلك الصلاحيات مرشحة للقتال المذهبي اكثر ما تكون مرشحة للجهاد ضد اعداء الاسلام وهذا ما يحصل في بعض بقاع الارض في ديار المسلمين انفسهم وبالتالي فا صلاحيات الجهاد تقع في قلب استراتيجية مفقودة
من يمتلك ناصية الامر الجهادي في زمن حرج من زمننا ...؟ كل طلاب المناصب يمنحون انفسهم تلك الصلاحية لان جماعات اخرى كانت قد منحت نفسها ذلك الحق ... !!
لو عدنا الى الفتوحات وعلى رأسها فتح مكة لوجدنا ضائعة فينا موجودة هناك ..!! انها الاجماع في صلاحيات المجاهدين ... الاجماع الاسلامي على امر الجهاد هو الحق الذي منح المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام حق استخدام السيف وما دام الاجماع الاسلامي مفقود تبقى صلاحيات المسلمين في الجهاد مفقودة ..
ذلك هو العقل الملزم للعاقل ... من يحق له ان ينطق امرا بالسلاح باسم الاسلام الا من خلال الاجماع عليه .. ومن يملك الحق في ان ينصب نفسه صاحب قرار كما هو قرار المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام او كما هو القرار في العهد الراشد ..!! فهل يحق لفرد او افراد او جماعات ان ينصبوا انفسهم اوصياء من غير وصية ..!!
كل صيحة جهادية باسم المسلمين لا بد ان يصادق عليها المسلمون جميعا والا لا يمكن وصفها وصفا جهاديا باسم الاسلام ولتكن موصوفة بصفات اخرى غير اسلامية الهوية ...
ولكن ... وفي لكن سر كبير ...
الدفاع عن النفس يمتلك وسيلة جهادية في جماعة محددة وفي بقعة جغرافية محددة وتلك لا تحتاج الى تنظير اسلامي لانها ردة فعل اعتداء يقوم به المعتدي ولن تكون لها صفة اسلامية شاملة لكل المسلمين بل رد المعتدي والاعتداء عليه بمثل ما اعتدى علينا تمتلك عنوانا فرديا وجماعيا في بؤرة الاعتداء نفسها وبنفس منهجيتها .
(الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (البقرة:194)
وهذا الشرط اللازم في الحكم الشرعي لا يجيز اختطاف سائح او تفجير مبنى تحت حكم رد الاعتداء بل يقع في منهجية استفزاز العدو وبالتالي يتم الاستفزاز في وسط مجتمعي لم يكن معتديا اساسا بل ان الاعتداء قد حصل من منظومة اخرى يتوجب ان يكون رد الاعتداء في تلك المنظومة ذاتها ولن يكون في غيرها ...
واذا كان للعقل الاسلامي ان يكون معاصرا ويعيش يومياته المعاصرة بعيدا عن اناشيد الماضي وترانيمه التي ادت دورها الرائع في اهلها وهي اليوم لا تنفع مجتمعاتنا الاسلامية في شيء سوى في الهواجس النفسية المتعبة فقط ... يقوم العقل لينتفض قبل ان يبحث عن الوسيلة ليضع للجهاد استراتيجية حق في حقيقة قائمة وليس حق في حقيقة تاريخ سابق ...!!
الاعتداء الحقيقي الحق الذي تم توجيهه لاسلامنا ومجتمعنا الاسلامي هو الغزو الحضاري فالحضارة هي التي غزت الشعوب الاسلامية قبل غزو الارض واكثر المجاهدين الاصوليين شهرة عندما يخطب بالناس يذكرهم بالجهاد ترى بندقية مرصوفة على جانبه وهو يتحدث عن ماضي النصر الاسلامي والبندقية بين يديه تمثل شعار الغزو العلمي لصيقا به وعلى مرأى الناس ولكن الناس في غفوة من تلك الغازيات التي منحت العدو الهيمنة على اسلامنا والمسلمون ... ولا يمكن ان تكون صالحة في رد الاعتداء
من تلك الراصدة السهلة في العقل يضع المسلم في عقله استراتيجية الجهاد وفق نظم رد الاعتداء بمثله والبحث عن الوسيلة ... ولن يكون الضلال ... فالوسيلة يعرفها كل الناس (ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي ) فهل نحن بهما متمسكون ...؟؟
وفق استراتيجية رد العدوان بالعلم يقوم في العقل انضباط ملزم لا محيص عنه ان يكون :
كتاب الله ....بالعلم
وان تكون :
السنة ... بالعلم
ونبدأ بسنة المنسك لانها مادية بين ايدينا ... وضوء .. صلاة ... صوم ... حج ... ذبح ... وبتلك العلوم ندخل القرءان ليقوم العلم من القرءان .. فهل يبذل المسلمون جهدا لمعرفة كينونة مكة او كينونة الوضوء او الذبح ..!! انهم يعرفون ادق دقائق علوم الغزو الا علوم دينهم فهي لن تكون الا في مكتبة للتاريخ فقط اما في العقل فهي غير فعالة لانها تفعلت في زمنها وكانت في زمنها صالحة ليومها ولن تكون ليومنا ...
تلك استراتيجية جهادية خالية من السيف ولكنها هي القتل بعينه (وقف فاعلية لوقف فاعلية اخرى)
وقف فاعلية مصدرية العلم ولن يكون العلم من الغزاة ولن يكون من التاريخ بل هنا في يومنا نحن مسلمون نريد علما ...
لوقف فاعلية تدهور المسلمين والتي يطرد تدهورهم عاما بعد عام وجرح فوق جرح رغم جرح القدس المزمن ...
وهي تعني وقف الغزو الفكري وهو يؤدي الى وقف العدوان .. وهو القتل الحقيقي للهجمة التي يتعرض لها الاسلام والمسلمون ...
تلك استراتيجية جهاد فيها اجازة فردية ولا تحتاج الى اجماع اسلامي في استخدام السيف ..
انه القتل بلا دم
وتلك بارقة في امل يرتجى
وتلك بارقة في امل يرتجى
الحاج عبود الخالدي
تعليق