وهو محل العلم والمعرفة
وما من ملك الا وله عدو
وما من مملكة الا ويتربص بها أعداؤها
وللقلب عدو قديم لدود ذو مكر وكيد وحيلة
هذا العدو هو (( الشيطان ))
وقد أخبرنا الله تعالى بذلك في قوله
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} فاطر 6
وخطورة هذا العدو تكمن في أننا لا نراه
حيث يقول الحق تبارك وتعالى :
{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} الاعراف 27
وهكذا شاءت أرادة الله تعالى أن يختبرنا بعدو لا نراه
ولكننا بفضل الله تعالى عرفنا مسالكه واساليبه
وكيفية تاثيره على القلوب
أذ يقول الحق تعالى
{ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} الأعراف 17
اي أنه يأتي من أربعة اتجاهات فقط من بين ستة للأنسان
فلم يأت ذكر الفوق والتحت
وعليه كان للأنسان اتجاهان لا سلطان للشيطان عليهما
أما الجهه العليا (الفوق) فهو صلة العبد بربه من خلال
العبادة والذكر والدعاء
وربنا تعالى يقول
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } فاطر 10
ولذلك كانت النيه سرا بين العبد وربه
لا يطلع عليها ملك فيكتبها ولا شيطان فيفسدها
فاذا حافظ الانسان على صدق نيته وطيب كلامه
وحسن عبادته تمسك بالعروة الوثقى التي لا أنفصام لها
واما الجهه السفلى (التحت) فهو طريق نظر العبد الى
نفسه ومنشئه ومرجعه
فيعلم أنه خلق من التراب
والى التراب يعود وأن كل ما فوق التراب تراب
مصداقا لقوله عز وجل
{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}طه 55
فأن ادام الانسان النظر الى ما تحت قدميه
هان في عينيه
كل ما كان يعظمه من زخارف الدنيا وغرورها
ووسوسة لا تثمر ما لم تجد لها عونا من الشهوات
فبقدر ما تخرج الشهوات عن حد الاعتدال
يزيد تسلط الشيطان على القلب
وكلما ضعفت الشهوات سيطر
عليها القلب وأنصرف الشيطان بمجرد الاستعاذة
ويشير القرآن الى الحالة الأولى بقوله عز وجل
{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ
أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ }المجادلة 19
ويشير الى الحالة الثانية بقوله تعالى
وبقوله تعالى:
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً}الاسراء 65
أذ معنى ذلك ان الانسان أذا اتجه للتقوى والعباده وسيطر على شهواته
فلا سلطان للشيطان عليه ولا يملك الا الوسوسه التي
لا تخرج عن كونها خواطر سوء لا تجد لها صدى في القلب
فينصرف خاسئا بالاستعاذة
اما أذا ترك لشهواته العنان فقد السيطرة عليها
واصبحت عونا للشيطان عليه وساوسه صدى في قلبه
فمال اليها وأنساق وراءها وأصبح ممن
قال الله تعالى
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}الحشر 19
وقد لا يتراجع القلب وتسيطر عليه جنوده من الشهوات
فيقوى العزم وتستقر النيه على الاتيان بالفعل
فيأمر القلب جنود القدرة
وهي الجوارح فتتلبس بالفعل ويقع المحظور
وهذا الترتيب الذي ذكرناه بدءا بألخاطر ثم القبول فالرضا
فالعزم والنيه ثم الفعل جاء به القرآن في قول الحق تبارك وتعالى
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } الانعام112
{وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ}الانعام 113
فالايه تصور مختلف المراحل
مبتدئة بالخاطر ( الوسوسة) الذي يوحي به الشيطان
ومنتهية باقتراف الفعل.
تعليق