الجنس في ثقافة الدين
من أجل رسم حدود الثقافة الجنسية في الدين
تحت عنوان (ثقافة الجنس في الدين) استعرت حمى ثقافية قاسية تمادت في كثير من الانشطة الثقافية في كشف أدب الفراش الشرعي على طاولة مفتضحة يخجل منها وجدان المؤمنين وغرائز العقل الرصين في وجوب بقاء تلك الناشطة في حصن لا يخترق لغرض الغيرة الغرائزية على العورات الانسانية ومنع الفضول العقلي المتطفل في ولوج تلك الساحة المشهورة عقلا المستورة فطرة .. فهي متصفة بصفة فطرية انها في مساحة نشاط واضحة لدى الجميع ولكن الفطرة تمنع تداولها وقارا واستحياءا ... وهي ليست الصفة الوحيدة التي يعرفها جميع البشر ويحتجب الناس في قضائها فمثلها عملية التغوط ومثلها عملية التعري التام ومثلها في العقل كثير من الامر المعروف الا انه مستور .. ننصح بمراجعة ادراجنا (عندما يتغوط العقل)
تحت ناصية (ثقافة دينية) تم التلاعب بحدود الفطرة الانسانية واختراق لهيبة الدين في كثير من الانشطة الفقهية في زمننا المعاصر وكذلك في ربيع مدرسة الفقه حيث ظهرت بعض الروايات والفتاوى المحيرة في موضوعيتها جدا والتي كانت سببا في طعن الدين من قبل مأجورين استخدموا الاحاديث التي لا يمكن قبولها عقلا ليكون مثل كتاب (الآيات الشيطانية) لكاتبها المأجور سليمان رشدي والتي احدثت ازعاجا وجدانيا كبيرا في المجتمع الاسلامي المعاصر في ثمانينات القرن الماضي وفيما حملت مدرسة الفقه حديثا رواية تقول ان (النبي كان يدور على نسائه في ساعة من نهار ...!!) فيكون العجب العجاب من ذلك النص وما علاقته بالدين ..؟؟ وكيف يخترق الدين تلك الخصوصية ..؟؟ فاصبحت مثل تلك الروايات مصدرا للتهجم على زوجات الرسول عليه افضل الصلاة والسلام وعلى الرسول نفسه في صناعة الصور الكارتونية او بانتاج افلام رخيصة تمس المقدسات والرموز الاسلامية النسوية او صدور كتب قاسية على الاسلام في نفس الموضوعية استخدمت فيها المادة التاريخية الاسلامية مصدرا للهجوم فيكون المسلمون بايديهم قد صنعوا رماحا طويله تطعن الاسلام ...
ثقافة الجنس لا وجود لها في القاموس الثقافي ذلك لان الانشطة الغرائزية لا تدخل في واحة الثقافات لانها نظم تكوينية نافذة بقيادة عقلية واعية منحها الله للناس واي تدخل بدعاوى ثقافية لا بد ان تكون سببا في تخريب سنن الخلق الفطرية كما يؤدي الى كسر حاجز الوقار الذي يتمتع به عقل الانسان السوي ورصانته المتميزة على بقية المخلوقات في الارض ولغرض تسليط ضوء فكري نأخذ حالة غرائزية معروفة مثل النوم لتكون ناظورا فكريا فالنوم (مثلا) هو نشاط غرائزي ولا يمكن ان يكون محلا للثقافات وحين يخضع للفطرة فان الليل سكنا للنوم ويذكرنا القرءان ان الليل سفينة عبادة فكانت الثقافات قد تلاعبت بمواقيته فأخرجت الناس من سنن الغريزة التي فطرها الله في البشرية ففقدت الصفة التكوينية في مواقيت النوم وحل محلها المجون الليلي بديلا عن العبادات الليلية عندما تعرض النوم بمواقيته ساحة الثقافات فتمزقت الغريزة والفطرة التي فطر عليها الانسان من قبل خالقه فاصبحت مواقيت النوم تخضع للثقافات الضارة فاضافة للمجون والفسوق كانت الانشطة الصناعة الليلية لزيادة زمن النشاط الصناعي وكأن النهار لا يكفي طمع المستثمرين والرغبة في التسارع نحو الغنى والعلياء في خارجة واضحة على السنن الحق فقامت ثقافة النوم على هامش مواقيته فقط اما كينونته فبقيت سرا غرائزيا لغاية اليوم وحافة من حافات العلم رغم جبروت العلم ..!! ومثلها ثقافة الجنس التي لا يمكن ان يكون لها وجود في واحة ثقافية فهي وعاء فطري ينتقل مع لقاء الذكر والانثى ويتفعل بموجب نظم عقلانية مودعة في العقل الانساني او الحيواني او النباتي ولا يمكن ان تكون محلا للثقافات وان احتار احد الناس في امر الجنس فالله هو القائل
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم:30)
الا ان المسلمين هجروا ذلك الامر الالهي وتعرضوا لما لا يستوجب التعرض له في قيام بدعة ثقافة الجنس الدينية رغم ان الله قد احكم بيانه في الغريزة الفطرية اما ما استوجب التذكير به جاء موجزا كافيا لقيام الذكرى في الامتناع عن الجنس في المحيض كما شملت النصوص عمومية النشاط الجنسي وسقف ما يعلن منه ومن مستلزماته الاجمالية في نص واضح للذين يعقلون
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (البقرة:187)
هن لباس لكم وانتم لباس لهن ... انها تكفي لتغطية كافة مساحة النشاط الجنسي فالرجل لباس للمرأة والانثى لباس للرجل ولا تحتاج الى حضور فقهي بل الى (عقل) النص بشكل مباشر من القرءان فتكون انوثة المرأة للرجل وذكورية الرجل للمرأة ولا تفاصيل غيرها لان التفاصيل في وعاء غرائزي فطري مليء حد الثمالة والاشباع بيانا وتفصيلا ..!! فاي ثقافة تلك التي ترفع الغطاء عن ذلك المعروف المستور ... قد يتسائل سائل عن أي محرمات او ممنوعات في تلك الساحة الجنسية فيكون القرءان المتصف بصفة تصريف كل مثل فيه جواب للسائل (والان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) وكتاب الله لنا في المباشرة للمرأة هو كتاب مكتوب في فطرة خلق يقينية التفصيل ويدعم ذلك نص قرءاني
(وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222)
فأتوهن من حيث أمركم الله .... وعند عقلانية النص الشريف فان احدا من المسلمين لا يتوقع ان يقوم الله خطيبا في مكة او المدينة ليأمر الناس في حيثية اتيان الفراش الشرعي (من حيث) ...!! ولكن يكفي ان يكون أمر الله واضح في الغريزة الفطرية الواضحة جدا في عقل الأدميين دون ان يقوم احد بتعريف الاخر بما هو مخصص لاشباع تلك الغريزة (لباس) ولكن عدم فهم امر الله (عقله) لا يستوجب ان يقوم الناس بصناعة قول يلصق بالله عنوة تحت ناصية ما قيل في امر الله الى المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام او اصحابه ومثل ذلك التقول يتسبب في تشويه مفصل من مفاصل الاسلام ويتحول الى سلاح بيد اعداء الاسلام .. ولغرض عقل النص (اعمال العقل) نفترض فرضا كلاميا لغرض المناورة الفكرية لتفعيل العقل نقول اذا كان الامر الالهي مثلا هو (واشربوا الماء من حيث امركم الله) فهل يتصور احد من الناس ان ذلك الامر سيكون خفيا وغير معروف ..؟؟ وهل غير الفم حيثية (من حيث) يتم منها شرب الماء ..؟؟ ولكن غياب العقل في القرءان كان ولا يزال ازمة في الدين فاصبح كل شيء في القرءان ضبابي بين الناس ورسخ بين الناس ان لا بد للتاريخ ان يرفع تلك الضبابية المفتعلة حيث تكون القلوب مؤصدة في القرءان
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرءانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)
المسلمون اليوم يتثقفون بثقافة من خارج الدين ويقولون انها ثقافة دينية وهي لا يمكن ان تكون ثقافة اساسية مرتبطة بنفاذية سنن التكوين ومنها الثقافة الجنسية ويحاولون ان يتقمصوا ثقافة الماجنين ويلصقوها بالدين وكأن الله سبحانه لم يتم دينه للناس الا من خلال ثقافة لا تستحي من وقار العقل الأءدمي فتنتشر في ملتقيات الكلام ثقافة ما انزل الله بها من سلطان لان سلطانها في ساحة مستورة في غريزة فطرية مودعة في عقل البشر الذين يختلفون عن الحيوان اختلافا جوهريا حيث غرائز الحيوان الجنسية تنحسر في الانجاب والتناسل في حين غرائز الانسان الجنسية تتسع على مساحة حياته الناشطة اجمالا ..!!
اخراج الجنس من الثقافة الدينية يعني قيام ثقافة اللاثقافة في الغرائز المستورة والنافذة تلقائيا ومنها عقلانية الجنس ومنها الممارسة الجنسية لان الغرائز الفطرية تملأ تلك الانشطة وتغنيها حاجاتها ولا حكمة في كشفها وتقليبها الا لاغراض هدم الدين ولكن الناس تستهويهم الممنوعات وتكتنف اهتماماتهم حضارة الاخرين التي تحمل صفات قابلة للإنتشار وكأنها عدوى مرضية وحين نرى رصانة ثقافة المؤمنين ونريد لها ان تقيم معيار ثقافي ومنها لا يمكن الرقص على انغام ثقافة الباطل والبهتان ولا نستبعد في ثقافة معاصرة غير منضبطة ان نرى يوما سيأتي لتقوم فيه ثقافة التنفس في الدين او ثقافة الانشطة الهرمونية في الدين ..!! حتى نثخن ثقافة الدين بما لا تحتمل الحمل ذلك لان الدين قيم من خلال نظمه النافذة .
تلك سطور تذكيرية لا تمتلك صفة اقناع الآخر بل تمتلك صفة التذكير فقط
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
الحاج عبود الخالدي
تعليق