سلام عليكم أجمعين ورحمة ربي وبركاته وبعد
"ملك اليمين" هو
كل ما يمكن أن يقع عليه فعل النكاح من قبل الرجل
، فيمكن للرجال أن ينكح ما طاب له من النساء مثنى وثلاث ورباع (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)،
كما يمكنه أن ينكح مما ملكت أيماننا (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ).
وبالتالي لا يمكن (نحن نظن) أن تكون المحارم من ملك اليمين حتى لو كنّ على غير دينك. فلا أستطيع كمؤمن – مثلًا- أن أتخذ ملك يمين من محارمي حتى لو كن على ملّة الكفر. وذلك لأن ملك اليمين يمكن أن يقع عليها فعل النكاح.
كما لا يمكن أن يكون ملك اليمين من الأطفال، لأن الأطفال لا يقع عليهم (عليهن) فعل النكاح. قال تعالى:
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
- ملك اليمين للرجال مرتبط بالخوف من أن نعول
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)
- ملك اليمين من النساء يمكن أن يطبن لنا نفسًا عن شيء،
وفي هذه الحالة لا حرج أن نأكله هنيئًا مريئًا.
ولو تدبرنا قوله تعالى في الآيات الكريمة التالية:
لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (50)
لوجدنا بأنه - كما للرجال ملك يمين-
فللنساء "ملك اليمين" أيضًا (وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ)
- ملك اليمين إذاً ليس خاصًا مقتصرًا على الرجال، بل للنساء أيضا
- نكاح ملك اليمين من النساء يتطلب الإنفاق من المال، فهو ليس سفاحًا، وإنما نكاح مدفوع الأجر، مرخص من قبل الأهل
- القوامة للرجال على النساء المنكوحات كزوجات فقط
- ليس للرجال قوامة) على ما ملكت أيمانهم لأنهم متساوون في الرزق معهن.
- إذا كان الرجل ذا قدرة مادية على النكاح من غير ملك اليمين، فهذا هو الأولى. والشارع الكريم قد حث الرجال على الاستعفاف حتى يغنيهم الله من فضله، ليتمكنوا بعدئذ من نكاح الزوجات بدلًا من نكاح ملك اليمين.
- إذا لم يكن الرجل ذا قدرة مادية على نكاح الزوجات (من غير ملك اليمين)
، فإن نكاح ملك اليمين يصبح متاحا له.
- نكاح ملك اليمين مبني على
عدم الاستطاعة المالية للرجل على نكاح غيرهن (أي من غير ملك اليمين).
- يكون نكاح ملك اليمين بالمكاتبة.
- ملك اليمين لسن أزواج (زوجات)، والأزواج (الزوجات) لسن ملك يمين.
- يستطيع الرجل أن ينكح ملك اليمين مع غيرها من النساء
- لا تستطيع المرأة نكاح ملك اليمين مع غيره من الأزواج
- تستطيع المرأة أن تبدي ما ظهر من زينتها لما ملكت يمينها كما تبديه لبعولتهن وآبائهن وأبنائهن، الخ.
أو للأطفال أو غير أولي الإربة من الرجال.
- الأزواج شيء وملك اليمين شيء آخر:
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30)
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
السؤال: كيف يمكن ربط هذه العناصر جميعا بعضها ببعض، لفهم ماهية ملك اليمين؟
): نحن نقول بأن ملك اليمين هو
"الرجل العامل أو المرأة العاملة"، أو لنقل - بمفرداتنا الدارجة - الشخص الموظَّف (بالفتح).
الدليل
لو تدبرنا الآيتين الكريمتين التاليتين ابتداء:
فإننا سنجد أن هناك تميزًا واضحًا بين الزوج (الزوجة) من جهة وملك اليمين من جهة أخرى، وهما الفئتان اللتان يمكن أن يقع عليهن فعل النكاح:
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)
إن ما نود قوله هو جملة واحدة بسيطة جدًا، مفادها
أن الرجل قد يتخذ من النساء زوجة له وقد يتخذ منهن ملك يمين.
فالرجل غير مطالب بحفظ فرجه (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) على نوعين من النساء، وهن الأزواج أو ما ملكت أيمانهم (إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ).
السؤال: ما الفرق بين الزوجة من النساء (من جهة)
وملك اليمين من النساء (من جهة أخرى)؟
نحن نظن أن الزوجة هي الأنثى من النساء التي لا تعمل لتجلب دخلًا تستطيع من خلاله الاستقلال (أو لنقل الاستغناء) عن قوامة الرجل عليها بسببه،
فيكون مقرها هو بيتها فقط، ويكون الرجل هو من له القوامة عليها بسبب هذا التفضيل في الانفاق:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ ....
فللرجل إذا القوامة على النساء بما فضله الله بالرزق، وهو من ينفق من ماله عليها. فتتحصل له الأفضلية مادام قادرا على ذلك. فنساء النبي هن أزواجه، وليس ملك يمينه مادام أنه مطلوب منهن الاستقرار في البيوت:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
والإنفاق عليهن جميعًا تقع على عاتق الزوج مادام أنه طالب للقوامة على زوجاته جميعاً. وبالتالي،
فإن ملكيته البيت تعود أولًا للمرأة (الزوجة) قبل الرجل
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
لنصل إلى النتيجة المهمة التالية في أن قوامة الرجل على النساء تأتي من أفضليته، أي من تحمله مسئولية الإنفاق:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ .... (34)
وعليه أن يسكنها حيث سكن،
وعليه يقع واجب الإنفاق:
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)
ليكون السؤال المفاجئ الآن هو:
هل تستطيع أن تطلب من المرأة الموظفة (التي ارتبطت بعقد عمل) أن تجبرها على الاستقرار في بيتها؟
وبالمقابل: هل أنت مكلف بالإنفاق عليها كزوجة لك مادامت تعمل وتسكب من المال (سواء أكثر منك بكثير أو أقل منك بقليل)؟
السؤال: هل نتوقع أن الدين الذي ينظم حياة النساء في كل صغيرة وكبيرة قد غفل عن تنظيم العلاقة بين الرجل وامرأته العاملة في وظيفة، وملتزمة بعقد العمل كالتزامها بواجباتها البيتية (وربما أشد التزاما)؟
ما الذي يستدعي الرجل (طالب الزوجة) أن يتقبل فكرة التزام امرأته بعقد عمل ربما يكون في أغلب الأحيان على حساب واجباتها البيتية تجاهه شخصيا وتجاه بيته؟
متى يتقبل الرجل أن تكون امرأته عاملة (ملتزمة بشروط العمل الذي يحد من حريته في التصرف بزوجته كما يريد أو كما يحلو له)؟
متى تتقبل المرأة الخروج من بيتها (مهما كانت ظروفه) من أجل العمل وكسب المال؟
سيناريو محتمل:
تخيل أنك متزوج من امرأة عاملة في وظيفة ما، وعليها (حسب عقد العمل الموقعة عليه) أن تنفذ أوامر صاحب العمل المشغل لها، الذي يدفع لها أجرا مقابل هذا العمل،
تخيل أنك احتجت امرأتك لظرف اضطراري وهي لازالت في عملها، وذهبت لتستأذن لها من صاحب بالمغادرة، وكانت ردة صاحب العمل الرفض المطلق،
فما الذي تستطيع فعله حينئذ؟
هل تجد نفسك حينئذ صاحب الولاية التامة (القوامة) على امرأتك؟
ماذا لو منعك صاحب العمل حتى من فرصة دخول مؤسسته لطلب الإذن أصلا؟
هل تستطيع أن تجزم بأنك لا تخاف صاحب العمل كخوفك من نفسك:
ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)
دقق في هذه الآية الكريمة، ألا تجد بأنها تبين (كما نفهمها طبعا) وجود شركاء لك فيما ملكت يمينك؟
فمن هو شريكك فيما ملكت يمينك؟
وكيف تكون أنت وذلك الشريك سواء فيما ملكت يمينك؟
ولماذا تخافهم كخيفتك نفسك؟
وما هو سبب حصول الخيفة منهم؟ من يدري؟!!!!!
إن نكاح ملك اليمين مبني على أساس الشراكة،
فأنت لست الولي صاحب القوامة المطلقة (أو لنقل "المالك" الوحيد)، فهناك من يشاركك القوامة عليها، وأنتم في ذلك سواء، فكما هو مطلوب مما ملكت يمينك أن تطيع أمرك (كزوجة)، مطلوب منها أن تطيع أوامر من يدفع لها المال مقابل العمل (شريكك فيها).
ولا شك أن إقرارك (كزوج) بتلك الشراكة مبني على الحاجة في طلب المال الذي تجنيه لك تلك المرأة، لتكونوا فيه سواء:
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (71)
دقق في هذه الآية الكريمة جيدا. ألا تجد بأن تفضيلك في الرزق ينتهي في حالة ملك اليمين،
ألا تصبح أنت في شراكة المال
سواء مع ما ملكت يمينك، مادامت أنها تعمل وتجني من المال ربما بمقدار ما تجني أنت أو ربما أكثر أو أقل؟
هل أنت قادر على رد هذا الرزق؟
فما الذي دفعك أصلا إلى نكاح ملك اليمين (مادام أن لك فيه شركاء)؟
دقق في الآية الكريمة التالية:
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)
ألا تجد أن نكاح ملك اليمين مبني على الخوف من أن تعول؟
فما معنى ألا " أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ " أصلا؟
دقق في الآية الكريمة التالية:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)
ألا تجد أن العيلة هي انعدام الغنى؟
هل من كان غنيا يخاف العيلة؟
فمن الذي يخاف العيلة أصلا؟
أليس هو الذي لا يكون من الأغنياء؟
ألا تجد أن مفردة العائلة (الدارجة على ألسنة العامة من الناس) مشتقة من هذه الألفاظ (عَيْلَةً، تَعُولُواْ)؟ فما الذي يمكن أن يعول؟ أليس هو من يجد أن نفقات عائلته تفوق قدراته المادية المتاحة؟
لماذا أمرنا الله بالاقتصار على نكاح واحدة من النساء فقط أو ما ملكت أيماننا؟
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)
ألا نجد أن نكاح الواحدة فقط من النساء قد جمعت مع نكاح ما ملكت الأيمان؟
ألا نجد أن الجمع بينهما مبرر بتقليل العيلة (أي تخفيف أعباء نفقات العائلة)؟
ألا نجد أن من ينكح واحدة من النساء تقل نفقات اعالته كثيرا عمن ينكح أكثر من واحدة؟
كيف يمكن أن تخفف أعباء العيلة عند نكاح ملك اليمين؟
ألا تجد أن نكاح ملك اليمين يخفف كذلك من أعباء العيلة كما لو أنك نكحت واحدة من النساء فقط (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)؟
نحن نظن بأن من يقدم على نكاح ملك اليمين يكون دافعه تقليل العيلة (ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)، لأن الرجل لا يكون له في هذه الحالة أفضلية على من نكحها مما ملك يمينه، لأنه ببساطة ليس مكلفا بالقوامة (الإنفاق) مادام أن ملك يمينه تجني المال من العمل وتستطيع أن تتشاركه سواء مع ناكحها:
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (71)
فالذين فضلوا (وهم الرجال) لا يردون رزقهم على ما ملكت أيمانهم، ولكنهم يتقبلون هذا المال ليكون دخلا ينفق على العائلة ككل. فالتفضيل للرجال ينتهي إذا ما انتهت قدرتهم على القوامة التامة
تلخيص :
إذا كان الرجل هو المعيل الوحيد لعائلته، فله حق القوامة على نسائه جميعا. وعليه واجب الإنفاق عليهن جميعا.
أما إذا تقبل أن تقوم احدى نسائه بالعمل من أجل جلب المال ليسانده في إعالته، فإن قوامته عليها "تتبخر"، ليحل محلها التشارك في المسئولية المالية على حساب القوامة الفعلية له.
ما الذي أرشدنا إليه الشارع الحكيم فيما يخص نكاح ملك اليمين؟
ج/ الله قد أرشدنا إلى الاستعفاف عند النكاح حتى حصول الغنى (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)؟ لكن،
ماذا لو أراد هذا الشخص (الرجل) ألا يستعفف حتى يجد الغنى وأراد النكاح مع خيفته العيلة (عدم قدرته على الإنفاق)؟
ألا نجد بأن هؤلاء هم ممن يبتغون الكتاب مما ملكت الأيمان (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)؟
ألا نجد أن نكاحهن يكون مبني على المكاتبة (فَكَاتِبُوهُمْ)؟
علينا أن نميز إذا بين نوعين من النكاح.
أما النوع الأول
فهو النكاح الذي يكون الرجل قادرا بنفسه على تحمل اعبائه، فهو نكاح المستطيع:
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ...
وأما النوع الثاني
فهو النكاح الذي يكون الرجل غير مستطيع على تحمل أعبائه المالية، فهو نكاح غير المستطيع. وهؤلاء هم من يبتغون الكتاب:
... وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ ايمانكم فكاتبوهم (
أن نكاح المرأة كزوجة يتم بالنكاح العادي (الذي لا مكاتبة فيه) إذا كان الرجل قادرا على تحمل أعبائه بنفسه، ويكون له بذلك حق القوامة على نسائه التي نكحهن بهذه الطريقة:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
أما نكاح النساء كـ "ملك اليمين" فيتم بالمكاتبة فقط.
وفي هذه الحالة تنتهي أفضلية الرجل، فلا قوامة له على ملك يمينه لأنه غير مكلف بتحمل المسئولية المالية بنفسه فقط:
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يجدون
لماذا يتم نكاح الزوجة (غير الموظفة) في حالة غنى الرجل وتحمله بنفسه عبء الأفضلية بـالإنفاق على زوجته؟
ولماذا – بالمقابل- يتم نكاح ملك اليمين بـ "المكاتبة"؟
لا شك عندنا أن الشرع الحنيف هو الشرع الذي ينظم حياة الناس بطريقة تحد من حصول المشاكل حتى بعد حين. ولا شك أن مشاكل النكاح من أكثر القضايا العالقة التي يجب حلها جميعا (متى وقعت) بأقل الخسائر الممكنة وأكبر فائدة مرجوة تعود على جميع الأطراف، بطريقة سليمة ينتفي فيها تسلط طرف على (أو ظلم لـ) طرف آخر. فهناك حقوق وهناك واجبات لكل طرف، وعلى الطرف الآخر أن يقدر يحترم هذه الحقوق وأن يقدر تلك الواجبات في جميع الأحوال وتحت جميع الظروف، فلا يحاول مع تقلب الزمان وتغير الأحوال أن يغلّب مصلحته الشخصية (أو رأيه الفردي) بطريقة تؤدي إلى هضم حقوق الطرف الآخر. فحتى أعقد المشاكل في قضايا النكاح (كتسوية الطلاق مثلا) يجب أن يتم عن تراض بين الطرفين وتشاور منهما: كما في سورة البقرة
كيف يمكن الحد من وقوع مشاكل النكاح ابتداء؟
كيف يمكن حل تلك المشاكل (إن وقعت) ؟
ج/ ذلك لا يمكن أن يتم إلا بالمكاتبة..
وكيف ذلك؟
ج/ لا شك عندنا من القول – ابتداء- بأن النكاح مبني على أن تكون القوامة للرجل، ومصدر هذه القوامة هي – كما أسلفنا- أفضلية (أو لنقل مسئولية) الرجل بالإنفاق. فالله فضل الرجال على النساء بالإنفاق (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ). ومادام الرجل مستعدا قادرا على أن يتحمل هذه المسئولية، فلا أحد يشاركه في زوجته. فهو صاحب القرار الأول والأخير بكل ما يتعلق بشئون زوجته وبيته. فحتى والد المرأة أو أخيها ليس له الحق في أن يكون صاحب الولاية على المرأة مادام أن زوجها يتحمل هذا العبء بكل جدارة واستحقاق.
لكن، ما الذي يمكن أن يحصل لو أن هذا الرجل قد أقدم على نكاح من هي من النساء ووجد بأنها موظفة، موقعة على عقد عمل مع صاحب العمل الذي يدفع لها أجرا مقابل قيامها بهذا العمل، هل يصبح هو الشخص الوحيد صاحب الولاية على امرأته تلك؟
في هذه الحالة على الرجل (الناكح) أن يتخذ قراره في واحدة من أمرين اثنين لا ثالث لهما: إما أن يرفض ذلك (أن تكون امرأته عاملة) ليتحمل هو بنفسه مسئولية الإنفاق (وبالتالي القوامة) على زوجته
أو أن يرضخ لذلك (أن يتقبل عمل امرأته) لكن يصبح حينها مضطرا لأن يتنازل عن ولايته المطلقة عليها ليشاركه في ذلك غيره، ألا وهو صاحب العمل.
ولا شك أن الذي يلجأ من الرجال إلى الخيار الآخر هو شخص يحتاج ما تجلبه زوجته له من مال في نهاية المطاف نتيجة عملها ذاك. فالعملية ليس أكثر من تبادل للأولويات.
فإذا كانت أولويتك الأولى هي الولاية المطلقة على زوجتك (مثلي)، فعليك أن تتنازل عن رغبتك في المال الذي قد تجلبه لك امرأتك من عمل ما.
أما إذا كانت أولويتك الأولى هي كسب المال خوفا من العيلة (مثل جارنا)، فعليك أن تتنازل عن حقك الكامل في ولايتك عليها وأن تتقبل مشاركة غيرك فيها.
فالأمر في نهاية المطاف ليس أكثر من تبادل مصالح.
مثال شخصي: ربما دارت رحى المعركة الكلامية طاحنة بين من يؤيد عمل المرأة مقابل من يعارضه. وجلب كل طرف حجته التي قد تدعم موقفه.
ليكون السؤال الحتمي هو: ألا نجد في الشرع الحكيم ما يرشدنا إلى حل هذه المعضلة التي أصبحت من سمات المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية. فلربما نجد أن رحى المعركة قد حسمت في بلاد الغرب لصالح عمل المرأة، بينما لا تزال رحى المعركة دائرة في بلاد الإسلام على وجه التحديد
. فنجد الفكر السلفي المتشدد يرفض حتى فكرة خروج المرأة من بيتها لأي سبب دون محرم، بينما نجد الفكر غير السلفي يتقبل الفكرة، وربما يطبقها على أرض الواقع. فهل إلى خروج من تلك المعركة من سبيل يرضي الجميع (بمن فيهم النساء أنفسهن)؟
نرى بأن عمل المرأة، والتزامها بشروط عقد العمل، وبالتالي اختلاطها بالرجال في مجال العمل، أمرا لا مفر منه، لأسباب لا داع أن نعرج عليها الآن.
لكن يجب التنبيه على أن هذا الخروج للمرأة من أجل العمل يجب أن يكون مرخصا من قبل الرجل.
وكيف يمكن للرجل أن يرخص عمل نسائه؟
ج/ هذا ممكن شريطة أن يتنازل الرجل عن قوامته على امرأته العاملة،
وذلك لأنها ملتزمة بشروط عقد العمل الذي وقعته مع صاحب العمل، مقابل المال الذي تجنيه، وتتشارك به مع بعلها للإنفاق عليهما منه، فهما فيه سواء. فمن غير الممكن أن تستمر قوامة الرجل على امرأته العاملة مادامت أنها ملتزمة بعقد عمل يملي عليها الالتزام بواجباتها في العمل. فقوامة الرجل المطلقة تتعارض تماما مع التزام امرأته بشروط عقد عملها. فهي (ككائن بشري) لا تستطيع تنفيذ أمر الطرفين في آن واحد. فلا يجب أن نضع المرأة العاملة بين مطرقة بعلها وسندان صاحب العمل، فهذا مما يشق عليها فعله. فعلى الزوج أن يكون مطلعا على شروط العقد الذي أبرمته من يريدها ملك يمين له، وعليه أن يعرف حدود ولايته على امرأته في ذلك.
فمسألة عمل المرأة لا يجب أن تكون في ضمن سياق إقرار أو انكار، فهذا حق لها هي الشخص الوحيد المخول بقبوله أو رفضه. فإن هي آثرت ألا تعمل فله ذلك، وإن هي آثرت أن تعمل فلها ذلك. لكن على من يريد أن ينكح العاملة منهن أن يكون مقرا بذلك عند كتابة العقد، فلا ينكص على عقبيه بعد ذلك.
والقضية لا علاقة لها بالنسبة للرجل بمشروعية عمل المرأة، ولكن هي قرار فردي منه، على نحو أن يتقبل ذلك أو لا يتقبله بناء على أوليته في المفاضلة بين المال الذي تجنيه امرأته العاملة أو قوامته المطلقة على امرأته. فمن أراد المال فعليه أن يتنازل عن القوامة المطلقة، ومن أراد القوامة المطلقة، فعليه أن يتنازل عن الرغبة في الحصول على المال الذي قد تجنيه له امرأته العاملة.
قرار شخصي: فأنا على سبيل المثال لا أعارض أن تكون امرأتي عاملة، لكني أفضل أن تكون قوامتي عليها مطلقة. لذا، عندما يطرح موضوع عمل امرأتي، تجدني غير مشجع لها على ذلك، لأني أفضل ألا يشاركني أحد فيها. فأنا شخصيا لا أتحمل أن أجد زوجتي تتلقى أوامر وطلبات من شخص غيري حتى لو كان أبوها أو أخوها أو ربما ابنها (ابني). لذا، أجد الرغبة عندي أكثر ألا تعمل بوظيفة مشروطة بعقد عمل يحد من حرية تصرفي معها. ويجب ألا ينظر إلى أن موقفي يقع في باب كره العمل للمرأة، وهو ليس رغبة في الحد من حريتها الشخصية، ولكن تجنبا لأن يشاركني أحد من الناس في قوامتي المطلقة على زوجتي.
فربما لا أطيق أنا شخصيا أن أطلب من شخص آخر (كائن من كان) أن يأذن لزوجتي بأن تنصرف من العمل معي في ساعة من نهار.
نتيجة مهمة جدا: عليك أيها الرجل أن ترتب أولياتك فيما يتعلق بقوامتك المطلقة على زوجتك أو جني المال من عمل ما ملكت يمينك.
السؤال: ما معنى ملك اليمين؟
ج/ نحن نظن بأن ملك اليمين من النساء (وليس الأزواج) هن اللاتي وقع عليه ن فعل النكاح بالمكاتبة:
... وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ
السؤال: لماذا يتم عقد النكاح على هؤلاء بطريقة المكاتبة وليس بالنكاح العادي؟
ج/ لأن ذلك العقد هو عبارة عن عملية اتفاق مسبق يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات مسبقا، درء لوقوع المشاكل لاحقا. .
وهكذا. وبكلمات بسيطة جدا نحن نردد القاعدة المعروفة في كل قضاء محترم: "العقد شريعة المتعاقدين". فعلى المتعاقدين أن يلتزموا جميعا التزاما تماما بشروط العقد المكتوب الذي وقع عليه الطرفان. والمسئولية الجزائية تقع على الفور على كل من أخلّ بشروط العقد من الطرفين.
السؤال: ما علاقة هذا بنكاح ملك اليمين؟
ج/عندما لم يستعفف الناكح حتى يغنيه الله من فضله، لينكح زوجة له يكون له القوامة التامة عليها، وتعجل في طلب النكاح بالرغم من عيلته، وآثر أن يبحث على من تجلب له بعض المال ليسد حاجته (لخوفه أن يعول)، فإن عقد نكاحه يكون على ما ملكت اليمين:
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسطوا.... فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)
وعليه أن يلتزم (لا بل ويحترم) شروط عقد النكاح (المكاتبة):
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَ...(33)
الذي يجب أن ينص على احترامه وقبوله بعقد العمل الذي أبرمته مخطوبته (مع صاحب العمل) قبل أن ينكحها. فعليه أن يفهم بأن هذه المرأة ليست حرة تماما، جاهزة لأمره في كل وقت وحين، متى شاء وكيفما شاء،
فعليه أن يكون مدركا تماما منذ لحظة عقد نكاحه عليها بأن حريتها مقيدة بشروط عقد عملها، وعليه أن يتقبل مشاركة غيره لها في تنفيذ الأوامر الصادرة لها من صاحب العمل. فعليك أن تتقبل فكرة أن يمنعك صاحب العمل من الوصول إلى امرأتك (ما ملكت يمينك) في أوقات العمل الرسمي، و
عليك أن تتقبل فكرة أن يرفض صاحب العمل أن يرسلها معك (أو إليك) في يوم العمل إن كان يري صاحب العمل أن ذلك من ضرورات العمل التي تقوم بها امرأتك مقابل الأجر الذي تتقاضاه من ذلك العمل،
وعليك أن تتقبل أن تكون شريكا (وليس متفردا) في حرية امرأتك مادام أنك آثرت أن تجلب لك المال الذي تشاركك إياه في نهاية اليوم أو الشهر أو العام.
السؤال: إذا كان هذا ما يتوجب على الرجل أن يقرّ به لامرأته المملوكة (كملك يمين وليس كزوجة) أيضا من غيره، فماذا له؟
نقول /عليك أيتها المرأة المملوكة لناكحك ولصاحب العمل معا أن تقدّري ذلك، وأن تعي متطلبات ذلك العقد المكتوب (عقد المكاتبة) وتبعاته، ليس فقط معنويا وإنما ماديا أيضا، فتنازل ناكحك عن ولايته الكاملة عليك (القوامة) لا يكون بالمجان،
فالمال الذي تجلبينه من ذلك العمل هو على حسابه كما هو على حساب بيتك، لذا فأنتم جميعا في ذلك المال شركاء بالتساوي:
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (71)
ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)
فذلك المال ليس فضلا ولا منّة منك على ناكحك، ولكن لناكحك بالمكاتبة حق فيه يساوي حقك فيه.
فلا تمنّي على الرجل (الناكح مكاتبة) بذلك المال ويكأنه فضل منك عليه، بل له حق فيه جراء تنازله عن حقه فيكِ أنت شخصيا.
السؤال: كيف يدرئ عقد المكاتبة وقوع المشاكل لاحقا؟
تخيلات / لا شك أن هناك من الرجال من يقومون بالضغط على نسائهم (المنكوحات كملك يمين) بترك العمل بعد الزواج بالمكاتبة، متعذرين بحاجة البيت للمرأة، أو ربما لانتفاء حاجته للمال (الذي كانت تجلبه امرأته من عملها) بعد حين من الزمن. ولا شك أن بعض النساء يرفضن ذلك، وقد يصل الخلاف بين الطرفين حول هذه الجزئية إلى نتائج كارثية على طبيعة العلاقة بينهما، ربما تصل إلى حد الطلاق. وهنا قد يظن كل طرف أنه على حق، فالرجل يتعذر بحاجة بيته، والمرأة تتحجج بأهمية العمل بالنسبة لها، فإلى صالح مَنْ يجب أن يكون قر ار الحكم (القاضي) بينهما؟
تخيلات 2/ ربما نجد أن أحدا من الرجال قد آثر أن ينكح من هي من ملك اليمين (الموظَّفة) خوفا من العيلة لأنه ليس غنيا لينكح زوجة له بدلا من ملك يمين، ثم ما هي إلا سنوات (قليلة أو كثيرة) حتى تتحسن ظروفه المادية، وعندها يقوم بالضغط على امرأته (المملوكة) لترك العمل، وربما يبدي استعداده لأن يدفع لها كل ما تدفعه الشركة أو المؤسسة التي تعمل بها امرأته، ليكون السؤال الآن: ماذا لو رفضت المرأة مثل هذا العرض؟ فإلى صالح مَنْ يجب أن يكون قرار الحكم (القاضي) بينهما؟
تخيلات ٣/ ماذا لو وافقت ملك اليمين أن ينكحها رجل، ثم ما لبثت أن رفضت أن تدفع لناكحها شيئا من المال الذي تجنيه من العمل؟ فإلى صالح مَنْ يجب أن يكون قرار الحكم (القاضي) بينهما؟
نحن نظن بأن الإجابة على كل تلك المشاكل المتوقعة (محتملة الحدوث) تكمن في مفردة واحدة فقط، إنها الكتاب (أو المكاتبة)، أي التوقيع على الشروط الملزمة للطرفين لحظة إبرام عقد المكاتبة بينهما.
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ و.... (33)
لوجدنا بأن الذي كان غنيا، ينكح زوجة وليس ملك يمين، وله حق القوامة عليها بالإنفاق. لكن الذي لم يستعفف حتى يغنيه الله من فضله، وتعجّل النكاح بالرغم من عدم قدراته على القوامة التامة، فهو إذا ممن يبتغون الكتاب (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ)، فيكون نكاحه مما ملكت الأيمان (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، وعليه إذا أن يوقع عقد المكاتبة (فَكَاتِبُوهُمْ)، فيكون الاتفاق المسبق بينهما يسطّر شروط المكاتبة جميعا حول القضايا في عقد المكاتبة (الكتاب). وعلى الطرفين الالتزام الحرفي بتلك الشروط، ولا يمكن التنازل عن (أو تغيير أي) جزئية فيه إلا عن تراض وتشاور منهما.
ولو دققنا في الآية الكريمة التالية:
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ .... (61)
لوجدنا فيها ما يمكن أن تطير له الألباب خاصة في قوله تعالى (وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ)،
ليكون السؤال هو: هل هناك داع أن ينفي الله الحرج أن نأكل من بيوتنا؟
أليس من الطبيعي أن يأكل الشخص من بيته؟ هل نحتاج إلى رخصة في ذلك؟
ومن أين يمكن أن نأكل إن لم نأكل من بيوتنا؟
هل ترى في ذلك معلومة ذات فائدة مرجوة أصلا؟!
ج/ لو دققنا في الآيات الكريمة على مساحة النص القرآني الخاصة بالبيوت،
لوجدنا بأن ملكية البيت تعود بالأصل إلى المرأة وليس للرجل:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)
فحتى عند حصول الطلاق، فالبيت للمرأة، ولا يجب إخراجها من بيتها.
وها هي امرأة العزيز تراود يوسف في بيتها (وليس بيت بعلها):
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
والله طلب من نساء النبي أن يقرن في بيوتهن:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُر ِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
وكانت آيات الله تتلى في بيوتهن:
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)
لماذا هو بيتها (وليس بيت بعلها أو زوجها)؟
ج/ لأنهن غير عاملات، لا يكسبن المال من أجل الإنفاق. فالرجل في هذه البيوت هو صاحب القوامة التامة، والزوجة فيه معتمدة بالكلية على زوجها في الإنفاق على ذلك البيت.
ومادام أن الرجل مستعد للإنفاق على بيت زوجته، فهي التي تملك ذلك البيت بما استحل من فرجها. فالرجل يكون عنده القدرة في الاستقلال المادي، فيستطيع أن يتخذ بيتا غير هذا البيت. أما الزوجة فهي غير قادرة على الاستقلال المادي، فلا تستطيع أن تتخذ لنفسها بيتا غير هذا البيت. فهو بيتها ومقرها الوحيد، لذا لا يجب أن تخرج منه حتى لو حصل الطلاق بينهما.
أما في حالة نكاح ملك اليمين،
يصبح البيت مشاركة بين الطرفين، وقد لا تكون عند الرجل القدرة على الاستقلال المادي واتخاذ بيت غير هذا البيت. فيصبح البيت له كما هو لامرأته.
وهنا يوجهنا الشارع العزيز في كتابه الكريم (كما نفهمه طبعا) بأنه ليس علينا جناح أن نأكل من بيوتنا (ما دمنا لا نستطيع اتخاذ بيتا غيره):
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ ..... (61)
فلا حرج إذا على الرجل أن يأكل من بيته الذي ينفق عليه من ماله ومال ملك يمينه بالتشارك أو أن ينفق عليه من مال ملك يمينه بالكلّية. فحتى لو كانت المرأة المنكوحة بالمكاتبة (ملك اليمين) هي المعيل الوحيد للبيت ماديا (bread winner)، فلا جناح على ناكحها أن يأكل من بيته. فعقد المكاتبة بينهما مبني على أن تستمر المرأة بالعمل وجني المال، ليكون الجميع متشاركين فيه سواء:
ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)
فالمال الذي تجنيه المرأة العاملة (ملك اليمين) هو مال يتشاركه الرجل مع المرأة سواء (فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء). فلا جناح على الرجل إذا أن يأكل من بيته في هذه الحالة.
مخلص
- البيت مكان إقامة
- البيت ملك للزوجة (والزوج طارئ عليه)، يستطيع أن يتخذ بيتا غيره لقدرته المالية على ذلك
- البيت ملك للرجل إذا كان ناكحا ملك يمين، فلا يستطيع أن يتخذ بيتا غيره لعدم قدرته المالية على ذلك
- لا جناح على الرجل أن يأكل من بيته حتى وإن كان معتمدا بالكلية على ما تنفقه فيه امرأته (ملك يمينه) مما تجنيه من العمل
. ليكون السؤال المحوري هل أباح الإسلام استرقاق الناس وسبي نسائهم واستعباد أطفالهم؟
ج/ كلا وألف كلا. نحن نظن أن هذا سلوك نفاه القرآن الكريم، لأنه ببساطة لم يكن إلا من شرع فرعون وأمثالهم:
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي اسرائيل
ج/ نحن نعتقد جازمين ) بأنه لم يمكن ليستعبد المستضعفين من الناس إلا من كان على شريعة فرعون ودينه.
وقد كان تعبيد فرعون ومن تبعه للمستضعفين من بني إسرائيل على أن يستضعف الناس، فيذبح ابناءهم ويستحي نساءهم
ولا شك أن الله سيمنّ على المستضعفين في الأرض ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين
إن الدين لا يمكن أن يشرعن استعباد العباد، ولا يمكن أن يقبل بتقتيل الأبناء واستحياء النساء إلا إن كان كدين فرعون ومن دار في فلكه.
لماذا لم يأت نص صريح في كتاب الله على تحريم ذلك بصريح اللفظ؟
ج/لأن ذلك لم يكن أصلا موجودا حتى في الجاهلية الأولى. فهذا السلوك لم يكن سلوكا لأي أمة على الأرض حتى يأتي تحريم لها في كتاب الله.
ألم يكن أهل مكة يستعبدون البشر؟
ج/كلا
وكيف ذلك؟ فما قصة بلال وعمار بن ياسر وأمثالهم؟ ألم يكونوا عبيدا لسادة قريش (كما تذكر الروايات التاريخية)؟
ج/ كلا وألف كلا. إن هؤلاء لم يكونوا عبيدا بالمعنى الدارج في أذهان الناس الآن (كما روج له التراث الديني)، ولكنهم كانوا "ملك يمين"، بالمعنى الحقيقي للعبارة كما فصلها كتاب الله الكريم.
وما الفرق بين العبيد (بالمعنى الدارج) وملك اليمين (بالمعنى الذي تحاول أن تروج له)؟
ج/ أن "ملك اليمين" ليس أكثر من نظام العمل المشغل للسوق.
وكيف ذلك؟
لما كان المجتمع الجاهلي ليس مجتمع دولة، ولما كان أي مجتمع يحتاج إلى عمال يقومون بتنفيذ العمل لصاحبه مقابل أجر مادي يدفعه صاحب العمل لهذا العامل، كان لابد من عملية المكاتبة (أي ابرام عقود العمل). فصاحب العمل هو الذي يدفع من ماله لمن يقوم له بالعمل، لذا كان لابد من عملية تنظيمية تحدد حقوق كل طرف وواجباته الموكلة إليه حسب بنود العقد المبرم بين الطرفين، حتى لا يحصل الخلاف بينهما، وحتى يفض الخلاف إن حصل لاحقا. فكان نظام ملك اليمين.
فحتى الدولة الحديثة تنظّم سوق العمل بين صاحب العمل (أرباب العمل) والمشتغلين فيه بنظام مكتوب، على شكل عقود واضحة البنود يتفق عليها الطرفان. فنحن الآن (كموظفين) ملك يمين للمؤسسة أو الشركة أو الدولة التي نعمل فيها. والعلاقة بين العامل ورب العمل يحكمه الاتفاق المسبق الموقع في عقد العمل.
لذا، لما كان بعض أهل مكة من الأثرياء بحاجة إلى اليد العاملة التي تشغل لهم مصالحهم مقابل أجر مادي يدفعه صاحب العمل لذاك العامل. كانت العلاقة بين صاحب العمل (الموظِف) والعامل (الموظَّف) تنظمها عقود مبرمة بين الطرفين.
فيشار في ذلك العقد إلى أن الطرف الأول (صاحب العمل) هو رب (رب العمل) ويشار إلى الطرف الثاني ملك يمين. فهذا يوسف نفسه يطلب من صاحبه السجن أن يذكره عند ربه:
فهو ربه ليس لأنه يعبده، ولكن لأنه يعمل عنده، فهو الذي يسقي ربه خمرا. وانظر –يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)
صاحب العمل هو الطرف الأول
في عقد العمل يُشار إليه برب العمل
العامل هو الطرف الثاني
في عقد العمل يُشار إليه بملك اليمين
وعليه نفهم طبيعة العلاقة في الجاهلية والإسلام...
"ملك اليمين" هو
كل ما يمكن أن يقع عليه فعل النكاح من قبل الرجل
، فيمكن للرجال أن ينكح ما طاب له من النساء مثنى وثلاث ورباع (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)،
كما يمكنه أن ينكح مما ملكت أيماننا (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ).
وبالتالي لا يمكن (نحن نظن) أن تكون المحارم من ملك اليمين حتى لو كنّ على غير دينك. فلا أستطيع كمؤمن – مثلًا- أن أتخذ ملك يمين من محارمي حتى لو كن على ملّة الكفر. وذلك لأن ملك اليمين يمكن أن يقع عليها فعل النكاح.
كما لا يمكن أن يكون ملك اليمين من الأطفال، لأن الأطفال لا يقع عليهم (عليهن) فعل النكاح. قال تعالى:
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
- ملك اليمين للرجال مرتبط بالخوف من أن نعول
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)
- ملك اليمين من النساء يمكن أن يطبن لنا نفسًا عن شيء،
وفي هذه الحالة لا حرج أن نأكله هنيئًا مريئًا.
ولو تدبرنا قوله تعالى في الآيات الكريمة التالية:
لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (50)
لوجدنا بأنه - كما للرجال ملك يمين-
فللنساء "ملك اليمين" أيضًا (وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ)
- ملك اليمين إذاً ليس خاصًا مقتصرًا على الرجال، بل للنساء أيضا
- نكاح ملك اليمين من النساء يتطلب الإنفاق من المال، فهو ليس سفاحًا، وإنما نكاح مدفوع الأجر، مرخص من قبل الأهل
- القوامة للرجال على النساء المنكوحات كزوجات فقط
- ليس للرجال قوامة) على ما ملكت أيمانهم لأنهم متساوون في الرزق معهن.
- إذا كان الرجل ذا قدرة مادية على النكاح من غير ملك اليمين، فهذا هو الأولى. والشارع الكريم قد حث الرجال على الاستعفاف حتى يغنيهم الله من فضله، ليتمكنوا بعدئذ من نكاح الزوجات بدلًا من نكاح ملك اليمين.
- إذا لم يكن الرجل ذا قدرة مادية على نكاح الزوجات (من غير ملك اليمين)
، فإن نكاح ملك اليمين يصبح متاحا له.
- نكاح ملك اليمين مبني على
عدم الاستطاعة المالية للرجل على نكاح غيرهن (أي من غير ملك اليمين).
- يكون نكاح ملك اليمين بالمكاتبة.
- ملك اليمين لسن أزواج (زوجات)، والأزواج (الزوجات) لسن ملك يمين.
- يستطيع الرجل أن ينكح ملك اليمين مع غيرها من النساء
- لا تستطيع المرأة نكاح ملك اليمين مع غيره من الأزواج
- تستطيع المرأة أن تبدي ما ظهر من زينتها لما ملكت يمينها كما تبديه لبعولتهن وآبائهن وأبنائهن، الخ.
أو للأطفال أو غير أولي الإربة من الرجال.
- الأزواج شيء وملك اليمين شيء آخر:
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30)
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
السؤال: كيف يمكن ربط هذه العناصر جميعا بعضها ببعض، لفهم ماهية ملك اليمين؟
): نحن نقول بأن ملك اليمين هو
"الرجل العامل أو المرأة العاملة"، أو لنقل - بمفرداتنا الدارجة - الشخص الموظَّف (بالفتح).
الدليل
لو تدبرنا الآيتين الكريمتين التاليتين ابتداء:
فإننا سنجد أن هناك تميزًا واضحًا بين الزوج (الزوجة) من جهة وملك اليمين من جهة أخرى، وهما الفئتان اللتان يمكن أن يقع عليهن فعل النكاح:
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)
إن ما نود قوله هو جملة واحدة بسيطة جدًا، مفادها
أن الرجل قد يتخذ من النساء زوجة له وقد يتخذ منهن ملك يمين.
فالرجل غير مطالب بحفظ فرجه (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) على نوعين من النساء، وهن الأزواج أو ما ملكت أيمانهم (إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ).
السؤال: ما الفرق بين الزوجة من النساء (من جهة)
وملك اليمين من النساء (من جهة أخرى)؟
نحن نظن أن الزوجة هي الأنثى من النساء التي لا تعمل لتجلب دخلًا تستطيع من خلاله الاستقلال (أو لنقل الاستغناء) عن قوامة الرجل عليها بسببه،
فيكون مقرها هو بيتها فقط، ويكون الرجل هو من له القوامة عليها بسبب هذا التفضيل في الانفاق:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ ....
فللرجل إذا القوامة على النساء بما فضله الله بالرزق، وهو من ينفق من ماله عليها. فتتحصل له الأفضلية مادام قادرا على ذلك. فنساء النبي هن أزواجه، وليس ملك يمينه مادام أنه مطلوب منهن الاستقرار في البيوت:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
والإنفاق عليهن جميعًا تقع على عاتق الزوج مادام أنه طالب للقوامة على زوجاته جميعاً. وبالتالي،
فإن ملكيته البيت تعود أولًا للمرأة (الزوجة) قبل الرجل
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
لنصل إلى النتيجة المهمة التالية في أن قوامة الرجل على النساء تأتي من أفضليته، أي من تحمله مسئولية الإنفاق:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ .... (34)
وعليه أن يسكنها حيث سكن،
وعليه يقع واجب الإنفاق:
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)
ليكون السؤال المفاجئ الآن هو:
هل تستطيع أن تطلب من المرأة الموظفة (التي ارتبطت بعقد عمل) أن تجبرها على الاستقرار في بيتها؟
وبالمقابل: هل أنت مكلف بالإنفاق عليها كزوجة لك مادامت تعمل وتسكب من المال (سواء أكثر منك بكثير أو أقل منك بقليل)؟
السؤال: هل نتوقع أن الدين الذي ينظم حياة النساء في كل صغيرة وكبيرة قد غفل عن تنظيم العلاقة بين الرجل وامرأته العاملة في وظيفة، وملتزمة بعقد العمل كالتزامها بواجباتها البيتية (وربما أشد التزاما)؟
ما الذي يستدعي الرجل (طالب الزوجة) أن يتقبل فكرة التزام امرأته بعقد عمل ربما يكون في أغلب الأحيان على حساب واجباتها البيتية تجاهه شخصيا وتجاه بيته؟
متى يتقبل الرجل أن تكون امرأته عاملة (ملتزمة بشروط العمل الذي يحد من حريته في التصرف بزوجته كما يريد أو كما يحلو له)؟
متى تتقبل المرأة الخروج من بيتها (مهما كانت ظروفه) من أجل العمل وكسب المال؟
سيناريو محتمل:
تخيل أنك متزوج من امرأة عاملة في وظيفة ما، وعليها (حسب عقد العمل الموقعة عليه) أن تنفذ أوامر صاحب العمل المشغل لها، الذي يدفع لها أجرا مقابل هذا العمل،
تخيل أنك احتجت امرأتك لظرف اضطراري وهي لازالت في عملها، وذهبت لتستأذن لها من صاحب بالمغادرة، وكانت ردة صاحب العمل الرفض المطلق،
فما الذي تستطيع فعله حينئذ؟
هل تجد نفسك حينئذ صاحب الولاية التامة (القوامة) على امرأتك؟
ماذا لو منعك صاحب العمل حتى من فرصة دخول مؤسسته لطلب الإذن أصلا؟
هل تستطيع أن تجزم بأنك لا تخاف صاحب العمل كخوفك من نفسك:
ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)
دقق في هذه الآية الكريمة، ألا تجد بأنها تبين (كما نفهمها طبعا) وجود شركاء لك فيما ملكت يمينك؟
فمن هو شريكك فيما ملكت يمينك؟
وكيف تكون أنت وذلك الشريك سواء فيما ملكت يمينك؟
ولماذا تخافهم كخيفتك نفسك؟
وما هو سبب حصول الخيفة منهم؟ من يدري؟!!!!!
إن نكاح ملك اليمين مبني على أساس الشراكة،
فأنت لست الولي صاحب القوامة المطلقة (أو لنقل "المالك" الوحيد)، فهناك من يشاركك القوامة عليها، وأنتم في ذلك سواء، فكما هو مطلوب مما ملكت يمينك أن تطيع أمرك (كزوجة)، مطلوب منها أن تطيع أوامر من يدفع لها المال مقابل العمل (شريكك فيها).
ولا شك أن إقرارك (كزوج) بتلك الشراكة مبني على الحاجة في طلب المال الذي تجنيه لك تلك المرأة، لتكونوا فيه سواء:
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (71)
دقق في هذه الآية الكريمة جيدا. ألا تجد بأن تفضيلك في الرزق ينتهي في حالة ملك اليمين،
ألا تصبح أنت في شراكة المال
سواء مع ما ملكت يمينك، مادامت أنها تعمل وتجني من المال ربما بمقدار ما تجني أنت أو ربما أكثر أو أقل؟
هل أنت قادر على رد هذا الرزق؟
فما الذي دفعك أصلا إلى نكاح ملك اليمين (مادام أن لك فيه شركاء)؟
دقق في الآية الكريمة التالية:
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)
ألا تجد أن نكاح ملك اليمين مبني على الخوف من أن تعول؟
فما معنى ألا " أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ " أصلا؟
دقق في الآية الكريمة التالية:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)
ألا تجد أن العيلة هي انعدام الغنى؟
هل من كان غنيا يخاف العيلة؟
فمن الذي يخاف العيلة أصلا؟
أليس هو الذي لا يكون من الأغنياء؟
ألا تجد أن مفردة العائلة (الدارجة على ألسنة العامة من الناس) مشتقة من هذه الألفاظ (عَيْلَةً، تَعُولُواْ)؟ فما الذي يمكن أن يعول؟ أليس هو من يجد أن نفقات عائلته تفوق قدراته المادية المتاحة؟
لماذا أمرنا الله بالاقتصار على نكاح واحدة من النساء فقط أو ما ملكت أيماننا؟
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)
ألا نجد أن نكاح الواحدة فقط من النساء قد جمعت مع نكاح ما ملكت الأيمان؟
ألا نجد أن الجمع بينهما مبرر بتقليل العيلة (أي تخفيف أعباء نفقات العائلة)؟
ألا نجد أن من ينكح واحدة من النساء تقل نفقات اعالته كثيرا عمن ينكح أكثر من واحدة؟
كيف يمكن أن تخفف أعباء العيلة عند نكاح ملك اليمين؟
ألا تجد أن نكاح ملك اليمين يخفف كذلك من أعباء العيلة كما لو أنك نكحت واحدة من النساء فقط (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)؟
نحن نظن بأن من يقدم على نكاح ملك اليمين يكون دافعه تقليل العيلة (ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)، لأن الرجل لا يكون له في هذه الحالة أفضلية على من نكحها مما ملك يمينه، لأنه ببساطة ليس مكلفا بالقوامة (الإنفاق) مادام أن ملك يمينه تجني المال من العمل وتستطيع أن تتشاركه سواء مع ناكحها:
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (71)
فالذين فضلوا (وهم الرجال) لا يردون رزقهم على ما ملكت أيمانهم، ولكنهم يتقبلون هذا المال ليكون دخلا ينفق على العائلة ككل. فالتفضيل للرجال ينتهي إذا ما انتهت قدرتهم على القوامة التامة
تلخيص :
إذا كان الرجل هو المعيل الوحيد لعائلته، فله حق القوامة على نسائه جميعا. وعليه واجب الإنفاق عليهن جميعا.
أما إذا تقبل أن تقوم احدى نسائه بالعمل من أجل جلب المال ليسانده في إعالته، فإن قوامته عليها "تتبخر"، ليحل محلها التشارك في المسئولية المالية على حساب القوامة الفعلية له.
ما الذي أرشدنا إليه الشارع الحكيم فيما يخص نكاح ملك اليمين؟
ج/ الله قد أرشدنا إلى الاستعفاف عند النكاح حتى حصول الغنى (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)؟ لكن،
ماذا لو أراد هذا الشخص (الرجل) ألا يستعفف حتى يجد الغنى وأراد النكاح مع خيفته العيلة (عدم قدرته على الإنفاق)؟
ألا نجد بأن هؤلاء هم ممن يبتغون الكتاب مما ملكت الأيمان (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)؟
ألا نجد أن نكاحهن يكون مبني على المكاتبة (فَكَاتِبُوهُمْ)؟
علينا أن نميز إذا بين نوعين من النكاح.
أما النوع الأول
فهو النكاح الذي يكون الرجل قادرا بنفسه على تحمل اعبائه، فهو نكاح المستطيع:
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ...
وأما النوع الثاني
فهو النكاح الذي يكون الرجل غير مستطيع على تحمل أعبائه المالية، فهو نكاح غير المستطيع. وهؤلاء هم من يبتغون الكتاب:
... وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ ايمانكم فكاتبوهم (
أن نكاح المرأة كزوجة يتم بالنكاح العادي (الذي لا مكاتبة فيه) إذا كان الرجل قادرا على تحمل أعبائه بنفسه، ويكون له بذلك حق القوامة على نسائه التي نكحهن بهذه الطريقة:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
أما نكاح النساء كـ "ملك اليمين" فيتم بالمكاتبة فقط.
وفي هذه الحالة تنتهي أفضلية الرجل، فلا قوامة له على ملك يمينه لأنه غير مكلف بتحمل المسئولية المالية بنفسه فقط:
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يجدون
لماذا يتم نكاح الزوجة (غير الموظفة) في حالة غنى الرجل وتحمله بنفسه عبء الأفضلية بـالإنفاق على زوجته؟
ولماذا – بالمقابل- يتم نكاح ملك اليمين بـ "المكاتبة"؟
لا شك عندنا أن الشرع الحنيف هو الشرع الذي ينظم حياة الناس بطريقة تحد من حصول المشاكل حتى بعد حين. ولا شك أن مشاكل النكاح من أكثر القضايا العالقة التي يجب حلها جميعا (متى وقعت) بأقل الخسائر الممكنة وأكبر فائدة مرجوة تعود على جميع الأطراف، بطريقة سليمة ينتفي فيها تسلط طرف على (أو ظلم لـ) طرف آخر. فهناك حقوق وهناك واجبات لكل طرف، وعلى الطرف الآخر أن يقدر يحترم هذه الحقوق وأن يقدر تلك الواجبات في جميع الأحوال وتحت جميع الظروف، فلا يحاول مع تقلب الزمان وتغير الأحوال أن يغلّب مصلحته الشخصية (أو رأيه الفردي) بطريقة تؤدي إلى هضم حقوق الطرف الآخر. فحتى أعقد المشاكل في قضايا النكاح (كتسوية الطلاق مثلا) يجب أن يتم عن تراض بين الطرفين وتشاور منهما: كما في سورة البقرة
كيف يمكن الحد من وقوع مشاكل النكاح ابتداء؟
كيف يمكن حل تلك المشاكل (إن وقعت) ؟
ج/ ذلك لا يمكن أن يتم إلا بالمكاتبة..
وكيف ذلك؟
ج/ لا شك عندنا من القول – ابتداء- بأن النكاح مبني على أن تكون القوامة للرجل، ومصدر هذه القوامة هي – كما أسلفنا- أفضلية (أو لنقل مسئولية) الرجل بالإنفاق. فالله فضل الرجال على النساء بالإنفاق (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ). ومادام الرجل مستعدا قادرا على أن يتحمل هذه المسئولية، فلا أحد يشاركه في زوجته. فهو صاحب القرار الأول والأخير بكل ما يتعلق بشئون زوجته وبيته. فحتى والد المرأة أو أخيها ليس له الحق في أن يكون صاحب الولاية على المرأة مادام أن زوجها يتحمل هذا العبء بكل جدارة واستحقاق.
لكن، ما الذي يمكن أن يحصل لو أن هذا الرجل قد أقدم على نكاح من هي من النساء ووجد بأنها موظفة، موقعة على عقد عمل مع صاحب العمل الذي يدفع لها أجرا مقابل قيامها بهذا العمل، هل يصبح هو الشخص الوحيد صاحب الولاية على امرأته تلك؟
في هذه الحالة على الرجل (الناكح) أن يتخذ قراره في واحدة من أمرين اثنين لا ثالث لهما: إما أن يرفض ذلك (أن تكون امرأته عاملة) ليتحمل هو بنفسه مسئولية الإنفاق (وبالتالي القوامة) على زوجته
أو أن يرضخ لذلك (أن يتقبل عمل امرأته) لكن يصبح حينها مضطرا لأن يتنازل عن ولايته المطلقة عليها ليشاركه في ذلك غيره، ألا وهو صاحب العمل.
ولا شك أن الذي يلجأ من الرجال إلى الخيار الآخر هو شخص يحتاج ما تجلبه زوجته له من مال في نهاية المطاف نتيجة عملها ذاك. فالعملية ليس أكثر من تبادل للأولويات.
فإذا كانت أولويتك الأولى هي الولاية المطلقة على زوجتك (مثلي)، فعليك أن تتنازل عن رغبتك في المال الذي قد تجلبه لك امرأتك من عمل ما.
أما إذا كانت أولويتك الأولى هي كسب المال خوفا من العيلة (مثل جارنا)، فعليك أن تتنازل عن حقك الكامل في ولايتك عليها وأن تتقبل مشاركة غيرك فيها.
فالأمر في نهاية المطاف ليس أكثر من تبادل مصالح.
مثال شخصي: ربما دارت رحى المعركة الكلامية طاحنة بين من يؤيد عمل المرأة مقابل من يعارضه. وجلب كل طرف حجته التي قد تدعم موقفه.
ليكون السؤال الحتمي هو: ألا نجد في الشرع الحكيم ما يرشدنا إلى حل هذه المعضلة التي أصبحت من سمات المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية. فلربما نجد أن رحى المعركة قد حسمت في بلاد الغرب لصالح عمل المرأة، بينما لا تزال رحى المعركة دائرة في بلاد الإسلام على وجه التحديد
. فنجد الفكر السلفي المتشدد يرفض حتى فكرة خروج المرأة من بيتها لأي سبب دون محرم، بينما نجد الفكر غير السلفي يتقبل الفكرة، وربما يطبقها على أرض الواقع. فهل إلى خروج من تلك المعركة من سبيل يرضي الجميع (بمن فيهم النساء أنفسهن)؟
نرى بأن عمل المرأة، والتزامها بشروط عقد العمل، وبالتالي اختلاطها بالرجال في مجال العمل، أمرا لا مفر منه، لأسباب لا داع أن نعرج عليها الآن.
لكن يجب التنبيه على أن هذا الخروج للمرأة من أجل العمل يجب أن يكون مرخصا من قبل الرجل.
وكيف يمكن للرجل أن يرخص عمل نسائه؟
ج/ هذا ممكن شريطة أن يتنازل الرجل عن قوامته على امرأته العاملة،
وذلك لأنها ملتزمة بشروط عقد العمل الذي وقعته مع صاحب العمل، مقابل المال الذي تجنيه، وتتشارك به مع بعلها للإنفاق عليهما منه، فهما فيه سواء. فمن غير الممكن أن تستمر قوامة الرجل على امرأته العاملة مادامت أنها ملتزمة بعقد عمل يملي عليها الالتزام بواجباتها في العمل. فقوامة الرجل المطلقة تتعارض تماما مع التزام امرأته بشروط عقد عملها. فهي (ككائن بشري) لا تستطيع تنفيذ أمر الطرفين في آن واحد. فلا يجب أن نضع المرأة العاملة بين مطرقة بعلها وسندان صاحب العمل، فهذا مما يشق عليها فعله. فعلى الزوج أن يكون مطلعا على شروط العقد الذي أبرمته من يريدها ملك يمين له، وعليه أن يعرف حدود ولايته على امرأته في ذلك.
فمسألة عمل المرأة لا يجب أن تكون في ضمن سياق إقرار أو انكار، فهذا حق لها هي الشخص الوحيد المخول بقبوله أو رفضه. فإن هي آثرت ألا تعمل فله ذلك، وإن هي آثرت أن تعمل فلها ذلك. لكن على من يريد أن ينكح العاملة منهن أن يكون مقرا بذلك عند كتابة العقد، فلا ينكص على عقبيه بعد ذلك.
والقضية لا علاقة لها بالنسبة للرجل بمشروعية عمل المرأة، ولكن هي قرار فردي منه، على نحو أن يتقبل ذلك أو لا يتقبله بناء على أوليته في المفاضلة بين المال الذي تجنيه امرأته العاملة أو قوامته المطلقة على امرأته. فمن أراد المال فعليه أن يتنازل عن القوامة المطلقة، ومن أراد القوامة المطلقة، فعليه أن يتنازل عن الرغبة في الحصول على المال الذي قد تجنيه له امرأته العاملة.
قرار شخصي: فأنا على سبيل المثال لا أعارض أن تكون امرأتي عاملة، لكني أفضل أن تكون قوامتي عليها مطلقة. لذا، عندما يطرح موضوع عمل امرأتي، تجدني غير مشجع لها على ذلك، لأني أفضل ألا يشاركني أحد فيها. فأنا شخصيا لا أتحمل أن أجد زوجتي تتلقى أوامر وطلبات من شخص غيري حتى لو كان أبوها أو أخوها أو ربما ابنها (ابني). لذا، أجد الرغبة عندي أكثر ألا تعمل بوظيفة مشروطة بعقد عمل يحد من حرية تصرفي معها. ويجب ألا ينظر إلى أن موقفي يقع في باب كره العمل للمرأة، وهو ليس رغبة في الحد من حريتها الشخصية، ولكن تجنبا لأن يشاركني أحد من الناس في قوامتي المطلقة على زوجتي.
فربما لا أطيق أنا شخصيا أن أطلب من شخص آخر (كائن من كان) أن يأذن لزوجتي بأن تنصرف من العمل معي في ساعة من نهار.
نتيجة مهمة جدا: عليك أيها الرجل أن ترتب أولياتك فيما يتعلق بقوامتك المطلقة على زوجتك أو جني المال من عمل ما ملكت يمينك.
السؤال: ما معنى ملك اليمين؟
ج/ نحن نظن بأن ملك اليمين من النساء (وليس الأزواج) هن اللاتي وقع عليه ن فعل النكاح بالمكاتبة:
... وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ
السؤال: لماذا يتم عقد النكاح على هؤلاء بطريقة المكاتبة وليس بالنكاح العادي؟
ج/ لأن ذلك العقد هو عبارة عن عملية اتفاق مسبق يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات مسبقا، درء لوقوع المشاكل لاحقا. .
وهكذا. وبكلمات بسيطة جدا نحن نردد القاعدة المعروفة في كل قضاء محترم: "العقد شريعة المتعاقدين". فعلى المتعاقدين أن يلتزموا جميعا التزاما تماما بشروط العقد المكتوب الذي وقع عليه الطرفان. والمسئولية الجزائية تقع على الفور على كل من أخلّ بشروط العقد من الطرفين.
السؤال: ما علاقة هذا بنكاح ملك اليمين؟
ج/عندما لم يستعفف الناكح حتى يغنيه الله من فضله، لينكح زوجة له يكون له القوامة التامة عليها، وتعجل في طلب النكاح بالرغم من عيلته، وآثر أن يبحث على من تجلب له بعض المال ليسد حاجته (لخوفه أن يعول)، فإن عقد نكاحه يكون على ما ملكت اليمين:
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسطوا.... فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)
وعليه أن يلتزم (لا بل ويحترم) شروط عقد النكاح (المكاتبة):
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَ...(33)
الذي يجب أن ينص على احترامه وقبوله بعقد العمل الذي أبرمته مخطوبته (مع صاحب العمل) قبل أن ينكحها. فعليه أن يفهم بأن هذه المرأة ليست حرة تماما، جاهزة لأمره في كل وقت وحين، متى شاء وكيفما شاء،
فعليه أن يكون مدركا تماما منذ لحظة عقد نكاحه عليها بأن حريتها مقيدة بشروط عقد عملها، وعليه أن يتقبل مشاركة غيره لها في تنفيذ الأوامر الصادرة لها من صاحب العمل. فعليك أن تتقبل فكرة أن يمنعك صاحب العمل من الوصول إلى امرأتك (ما ملكت يمينك) في أوقات العمل الرسمي، و
عليك أن تتقبل فكرة أن يرفض صاحب العمل أن يرسلها معك (أو إليك) في يوم العمل إن كان يري صاحب العمل أن ذلك من ضرورات العمل التي تقوم بها امرأتك مقابل الأجر الذي تتقاضاه من ذلك العمل،
وعليك أن تتقبل أن تكون شريكا (وليس متفردا) في حرية امرأتك مادام أنك آثرت أن تجلب لك المال الذي تشاركك إياه في نهاية اليوم أو الشهر أو العام.
السؤال: إذا كان هذا ما يتوجب على الرجل أن يقرّ به لامرأته المملوكة (كملك يمين وليس كزوجة) أيضا من غيره، فماذا له؟
نقول /عليك أيتها المرأة المملوكة لناكحك ولصاحب العمل معا أن تقدّري ذلك، وأن تعي متطلبات ذلك العقد المكتوب (عقد المكاتبة) وتبعاته، ليس فقط معنويا وإنما ماديا أيضا، فتنازل ناكحك عن ولايته الكاملة عليك (القوامة) لا يكون بالمجان،
فالمال الذي تجلبينه من ذلك العمل هو على حسابه كما هو على حساب بيتك، لذا فأنتم جميعا في ذلك المال شركاء بالتساوي:
وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (71)
ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)
فذلك المال ليس فضلا ولا منّة منك على ناكحك، ولكن لناكحك بالمكاتبة حق فيه يساوي حقك فيه.
فلا تمنّي على الرجل (الناكح مكاتبة) بذلك المال ويكأنه فضل منك عليه، بل له حق فيه جراء تنازله عن حقه فيكِ أنت شخصيا.
السؤال: كيف يدرئ عقد المكاتبة وقوع المشاكل لاحقا؟
تخيلات / لا شك أن هناك من الرجال من يقومون بالضغط على نسائهم (المنكوحات كملك يمين) بترك العمل بعد الزواج بالمكاتبة، متعذرين بحاجة البيت للمرأة، أو ربما لانتفاء حاجته للمال (الذي كانت تجلبه امرأته من عملها) بعد حين من الزمن. ولا شك أن بعض النساء يرفضن ذلك، وقد يصل الخلاف بين الطرفين حول هذه الجزئية إلى نتائج كارثية على طبيعة العلاقة بينهما، ربما تصل إلى حد الطلاق. وهنا قد يظن كل طرف أنه على حق، فالرجل يتعذر بحاجة بيته، والمرأة تتحجج بأهمية العمل بالنسبة لها، فإلى صالح مَنْ يجب أن يكون قر ار الحكم (القاضي) بينهما؟
تخيلات 2/ ربما نجد أن أحدا من الرجال قد آثر أن ينكح من هي من ملك اليمين (الموظَّفة) خوفا من العيلة لأنه ليس غنيا لينكح زوجة له بدلا من ملك يمين، ثم ما هي إلا سنوات (قليلة أو كثيرة) حتى تتحسن ظروفه المادية، وعندها يقوم بالضغط على امرأته (المملوكة) لترك العمل، وربما يبدي استعداده لأن يدفع لها كل ما تدفعه الشركة أو المؤسسة التي تعمل بها امرأته، ليكون السؤال الآن: ماذا لو رفضت المرأة مثل هذا العرض؟ فإلى صالح مَنْ يجب أن يكون قرار الحكم (القاضي) بينهما؟
تخيلات ٣/ ماذا لو وافقت ملك اليمين أن ينكحها رجل، ثم ما لبثت أن رفضت أن تدفع لناكحها شيئا من المال الذي تجنيه من العمل؟ فإلى صالح مَنْ يجب أن يكون قرار الحكم (القاضي) بينهما؟
نحن نظن بأن الإجابة على كل تلك المشاكل المتوقعة (محتملة الحدوث) تكمن في مفردة واحدة فقط، إنها الكتاب (أو المكاتبة)، أي التوقيع على الشروط الملزمة للطرفين لحظة إبرام عقد المكاتبة بينهما.
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ و.... (33)
لوجدنا بأن الذي كان غنيا، ينكح زوجة وليس ملك يمين، وله حق القوامة عليها بالإنفاق. لكن الذي لم يستعفف حتى يغنيه الله من فضله، وتعجّل النكاح بالرغم من عدم قدراته على القوامة التامة، فهو إذا ممن يبتغون الكتاب (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ)، فيكون نكاحه مما ملكت الأيمان (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، وعليه إذا أن يوقع عقد المكاتبة (فَكَاتِبُوهُمْ)، فيكون الاتفاق المسبق بينهما يسطّر شروط المكاتبة جميعا حول القضايا في عقد المكاتبة (الكتاب). وعلى الطرفين الالتزام الحرفي بتلك الشروط، ولا يمكن التنازل عن (أو تغيير أي) جزئية فيه إلا عن تراض وتشاور منهما.
ولو دققنا في الآية الكريمة التالية:
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ .... (61)
لوجدنا فيها ما يمكن أن تطير له الألباب خاصة في قوله تعالى (وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ)،
ليكون السؤال هو: هل هناك داع أن ينفي الله الحرج أن نأكل من بيوتنا؟
أليس من الطبيعي أن يأكل الشخص من بيته؟ هل نحتاج إلى رخصة في ذلك؟
ومن أين يمكن أن نأكل إن لم نأكل من بيوتنا؟
هل ترى في ذلك معلومة ذات فائدة مرجوة أصلا؟!
ج/ لو دققنا في الآيات الكريمة على مساحة النص القرآني الخاصة بالبيوت،
لوجدنا بأن ملكية البيت تعود بالأصل إلى المرأة وليس للرجل:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)
فحتى عند حصول الطلاق، فالبيت للمرأة، ولا يجب إخراجها من بيتها.
وها هي امرأة العزيز تراود يوسف في بيتها (وليس بيت بعلها):
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
والله طلب من نساء النبي أن يقرن في بيوتهن:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُر ِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
وكانت آيات الله تتلى في بيوتهن:
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)
لماذا هو بيتها (وليس بيت بعلها أو زوجها)؟
ج/ لأنهن غير عاملات، لا يكسبن المال من أجل الإنفاق. فالرجل في هذه البيوت هو صاحب القوامة التامة، والزوجة فيه معتمدة بالكلية على زوجها في الإنفاق على ذلك البيت.
ومادام أن الرجل مستعد للإنفاق على بيت زوجته، فهي التي تملك ذلك البيت بما استحل من فرجها. فالرجل يكون عنده القدرة في الاستقلال المادي، فيستطيع أن يتخذ بيتا غير هذا البيت. أما الزوجة فهي غير قادرة على الاستقلال المادي، فلا تستطيع أن تتخذ لنفسها بيتا غير هذا البيت. فهو بيتها ومقرها الوحيد، لذا لا يجب أن تخرج منه حتى لو حصل الطلاق بينهما.
أما في حالة نكاح ملك اليمين،
يصبح البيت مشاركة بين الطرفين، وقد لا تكون عند الرجل القدرة على الاستقلال المادي واتخاذ بيت غير هذا البيت. فيصبح البيت له كما هو لامرأته.
وهنا يوجهنا الشارع العزيز في كتابه الكريم (كما نفهمه طبعا) بأنه ليس علينا جناح أن نأكل من بيوتنا (ما دمنا لا نستطيع اتخاذ بيتا غيره):
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ ..... (61)
فلا حرج إذا على الرجل أن يأكل من بيته الذي ينفق عليه من ماله ومال ملك يمينه بالتشارك أو أن ينفق عليه من مال ملك يمينه بالكلّية. فحتى لو كانت المرأة المنكوحة بالمكاتبة (ملك اليمين) هي المعيل الوحيد للبيت ماديا (bread winner)، فلا جناح على ناكحها أن يأكل من بيته. فعقد المكاتبة بينهما مبني على أن تستمر المرأة بالعمل وجني المال، ليكون الجميع متشاركين فيه سواء:
ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)
فالمال الذي تجنيه المرأة العاملة (ملك اليمين) هو مال يتشاركه الرجل مع المرأة سواء (فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء). فلا جناح على الرجل إذا أن يأكل من بيته في هذه الحالة.
مخلص
- البيت مكان إقامة
- البيت ملك للزوجة (والزوج طارئ عليه)، يستطيع أن يتخذ بيتا غيره لقدرته المالية على ذلك
- البيت ملك للرجل إذا كان ناكحا ملك يمين، فلا يستطيع أن يتخذ بيتا غيره لعدم قدرته المالية على ذلك
- لا جناح على الرجل أن يأكل من بيته حتى وإن كان معتمدا بالكلية على ما تنفقه فيه امرأته (ملك يمينه) مما تجنيه من العمل
. ليكون السؤال المحوري هل أباح الإسلام استرقاق الناس وسبي نسائهم واستعباد أطفالهم؟
ج/ كلا وألف كلا. نحن نظن أن هذا سلوك نفاه القرآن الكريم، لأنه ببساطة لم يكن إلا من شرع فرعون وأمثالهم:
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي اسرائيل
ج/ نحن نعتقد جازمين ) بأنه لم يمكن ليستعبد المستضعفين من الناس إلا من كان على شريعة فرعون ودينه.
وقد كان تعبيد فرعون ومن تبعه للمستضعفين من بني إسرائيل على أن يستضعف الناس، فيذبح ابناءهم ويستحي نساءهم
ولا شك أن الله سيمنّ على المستضعفين في الأرض ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين
إن الدين لا يمكن أن يشرعن استعباد العباد، ولا يمكن أن يقبل بتقتيل الأبناء واستحياء النساء إلا إن كان كدين فرعون ومن دار في فلكه.
لماذا لم يأت نص صريح في كتاب الله على تحريم ذلك بصريح اللفظ؟
ج/لأن ذلك لم يكن أصلا موجودا حتى في الجاهلية الأولى. فهذا السلوك لم يكن سلوكا لأي أمة على الأرض حتى يأتي تحريم لها في كتاب الله.
ألم يكن أهل مكة يستعبدون البشر؟
ج/كلا
وكيف ذلك؟ فما قصة بلال وعمار بن ياسر وأمثالهم؟ ألم يكونوا عبيدا لسادة قريش (كما تذكر الروايات التاريخية)؟
ج/ كلا وألف كلا. إن هؤلاء لم يكونوا عبيدا بالمعنى الدارج في أذهان الناس الآن (كما روج له التراث الديني)، ولكنهم كانوا "ملك يمين"، بالمعنى الحقيقي للعبارة كما فصلها كتاب الله الكريم.
وما الفرق بين العبيد (بالمعنى الدارج) وملك اليمين (بالمعنى الذي تحاول أن تروج له)؟
ج/ أن "ملك اليمين" ليس أكثر من نظام العمل المشغل للسوق.
وكيف ذلك؟
لما كان المجتمع الجاهلي ليس مجتمع دولة، ولما كان أي مجتمع يحتاج إلى عمال يقومون بتنفيذ العمل لصاحبه مقابل أجر مادي يدفعه صاحب العمل لهذا العامل، كان لابد من عملية المكاتبة (أي ابرام عقود العمل). فصاحب العمل هو الذي يدفع من ماله لمن يقوم له بالعمل، لذا كان لابد من عملية تنظيمية تحدد حقوق كل طرف وواجباته الموكلة إليه حسب بنود العقد المبرم بين الطرفين، حتى لا يحصل الخلاف بينهما، وحتى يفض الخلاف إن حصل لاحقا. فكان نظام ملك اليمين.
فحتى الدولة الحديثة تنظّم سوق العمل بين صاحب العمل (أرباب العمل) والمشتغلين فيه بنظام مكتوب، على شكل عقود واضحة البنود يتفق عليها الطرفان. فنحن الآن (كموظفين) ملك يمين للمؤسسة أو الشركة أو الدولة التي نعمل فيها. والعلاقة بين العامل ورب العمل يحكمه الاتفاق المسبق الموقع في عقد العمل.
لذا، لما كان بعض أهل مكة من الأثرياء بحاجة إلى اليد العاملة التي تشغل لهم مصالحهم مقابل أجر مادي يدفعه صاحب العمل لذاك العامل. كانت العلاقة بين صاحب العمل (الموظِف) والعامل (الموظَّف) تنظمها عقود مبرمة بين الطرفين.
فيشار في ذلك العقد إلى أن الطرف الأول (صاحب العمل) هو رب (رب العمل) ويشار إلى الطرف الثاني ملك يمين. فهذا يوسف نفسه يطلب من صاحبه السجن أن يذكره عند ربه:
فهو ربه ليس لأنه يعبده، ولكن لأنه يعمل عنده، فهو الذي يسقي ربه خمرا. وانظر –يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)
صاحب العمل هو الطرف الأول
في عقد العمل يُشار إليه برب العمل
العامل هو الطرف الثاني
في عقد العمل يُشار إليه بملك اليمين
وعليه نفهم طبيعة العلاقة في الجاهلية والإسلام...
تعليق